أيمكن أن تكون رايتشل قد سقطت من عينه بسبب ما حدث في الحديقة؟
وإن كان الطرف الآخر هو أبي، فلن أستطيع فعل شيء.
ارتجفت شفتا إدوين قليلًا.
قال الإمبراطور: «…أنت دائمًا مرتعب.»
فرفع إدوين رأسه على عجل. كان الإمبراطور يحدّق فيه بعينٍ فاحصة.
«مِمَّ تخاف إلى هذا الحد؟»
ممّ أخاف؟
اهتزّت حدقتا الفتى. كان الأمير الصغير يخشى كلَّ شيء في هذا القصر الإمبراطوري.
هذا مكانٌ يمكن أن تفقد فيه كلَّ شيء حتى لو لم تفعل شيئًا.
بل إن إدوين فقدَ ذات يومٍ مَن كان يعني له كلَّ شيء.
قال الإمبراطور: «أتخاف القرينة الثانية؟»
فارتعشت كتفا إدوين قليلًا.
«أم تخافني أنا، الذي يغضّ الطرف مع علمه بكل شيء؟»
ارتجفت أهدابه المنخفضة. سيكون كذبًا لو قال إنه لا يخاف. كان أبوه إمبراطور البلاد، لكن بسبب لا مبالاته ظلّ إدوين يعاني دائمًا.
قال الإمبراطور وهو يدير كأسًا مذهّبًا بين أصابعه: «لعلك تعرف، لقد صرتُ إمبراطورًا بعد أن قتلتُ إخوتي.»
«لم يعترف لي أحد، لكني كنتُ مؤمنًا بأنني وحدي قادرٌ على قيادة هذه البلاد.»
اسودّت عيناه عمقًا وقال بصوتٍ كالجليد: «لا أندم إلى الآن على ما فعلتُه في ذلك اليوم. إخوتي لم يكونوا سوى دوابّ تعتمد على دمها الإمبراطوري. إن جلبوا الضرر للإمبراطورية قطعتُهم ولو كانوا من دمي. هذا كل ما فعلتُه آنذاك.»
ثم أردف بحزمٍ يوحي بأنه لن يتردد في إعادته: «وعلى العكس، إن نفع أحدٌ الإمبراطورية، فحتى لو كنتُ قد نبذتُه من قبل، أستطيع إعادة النظر فيه.»
شهق الأمير الصغير خلسةً، والتقت نظراتُ الأب والابن في الهواء.
«هذا كل ما عندي لك.» قالها الإمبراطور بعد أن أمعن النظر طويلًا في عينيه، ثم نهض من مقعده.
«غدًا ستكون هناك مائدة إفطار. عليك أن تحضر.»
«مائدة إفطار؟ لكن أنا…»
كانت موائد الإفطار لقاءاتٍ غيرَ منتظمة لأفراد السلالة المباشرة. مجرد إفطارٍ مشترك، لكن إدوين لم يحضر مثلها منذ سنوات.
قاطعه الإمبراطور بحزم: «إنها أوامرٌ إمبراطورية. وليس من اللائق أن تتغيب دائمًا عن مائدة العائلة. لن أكرر كلامي.»
«…نعم، يا أبي.»
أخفض إدوين رأسه بعمق، ثم تدارك نفسه واستجمع آخر قطرةٍ من شجاعته وناداه:
«أ-أبي!»
«ماذا هناك؟»
«م-ماذا عن إميليا…؟»
لم تحظَ إميليا بلقاءٍ صحيحٍ مع أبيها ولو مرة. أراد إدوين أن يغتنم هذه الفرصة ليعرّف أباه بأخته الصغرى الوحيدة.
«إميليا؟» عقد الإمبراطور حاجبيه قليلًا، كأنه لا يستحضرها.
«آه، تقصد أختك.»
لا يقول “ابنتي”، بل “أختك”. يا لها من عبارةٍ باردة. عضّ إدوين شفته وحدّق في الإمبراطور.
قال الإمبراطور: «أليست صغيرةً على حضور الإفطار؟»
«آه… ن-نعم.»
«إذًا نلتقي صباح الغد.»
وغادر المكتب دون تردد. لمح الدوق الواقف بالخارج إدوين من خلال فتحة الباب، ثم تبِع الإمبراطور.
«…هاه؟»
جلس إدوين حائرًا وحده في المكتب. ما الذي حدث للتوّ؟
إذًا، أبي بنفسه أمرني بحضور مائدة الإفطار…
اتسعت عيناه فجأةً، وقفز واقفًا واندفع إلى الخارج.
«يا صاحب السمو، هل سارت محادثتكم مع جلالته—صاحبَ السمو؟»
«يا صاحب السمو! إلى أين؟ ألن تُتمّ تدريبك؟»
ناداه فرسانُ ساحة التدريب، لكنه خرج من مقرّ الفرسان دون أن يلتفت. كان على وجهه انفعالٌ لا يوصف.
قلتُ مطمئنةً: «لا تُكثر من القلق.»
ومع ذلك لم يبدُ على إدوين أنه ازداد إشراقًا. كان قد عاد إلى القصر أمس شاحبًا وسردَ حديثه مع الإمبراطور، وخلاصته أنه ينبغي أن يحضر إفطار اليوم.
قالت كاثرين—وهي تصلّح ثيابه بدلًا عني لأني سيئةٌ في إلباسه—مازحةً: «نعم، لا تقلق. بالتأكيد جلالته لن يلتهمك حيًّا.» لكن مواساتها لم تُجدِ.
قال إدوين بوجهٍ مبلّلٍ بالقلق وهو ينظر إليّ: «ماذا لو سألني لماذا جئت؟ ألا تستطيعين القدوم معي؟»
قلت: «سمعتُ أن الخدم غير مسموحٍ لهم بحضور المأدبة. لن أكون ذات نفع.»
«لكن…» تمتم واهنًا: «لا أفهم لماذا يتصرف أبي هكذا فجأة.»
كنتُ أملك حدسًا واضحًا: بما أن إدوين—الذي لم يكن أحدٌ يتوقع منه شيئًا—صمد شهرًا في التدريب، فلا بد أن ذلك أثار اهتمامًا ما.
هتف الصبي فجأةً بعد أن كان واجمًا: «آه، صحيح يا رايتشل!»
التعليقات لهذا الفصل " 61"