50
الفصل 50: قائد الفرسان، جيروم كراونر (3)
«مولاي، سأدخل الآن.»
ما إن غادرتُ مقرّ الفرسان حتى قصدتُ غرفة إدوين مباشرة.
كان جالسًا إلى مكتبه، وقد أجلس إميليا على ساقيه، ويكافح مع كتابٍ سميك.
«ماذا تفعل؟»
«هم؟ واجباتي. المعلّم قال يجب أن أحفظ كل شيء عن عائلات النبلاء في الإمبراطورية إلى الغد.»
هيئةُ إدوين وهو يتمتم بجدّ فوق المكتب كانت مختلفة عمّا رأيته أول مرة؛ لم تمر مدة طويلة، لكن ملامح الطفولة تراجعت قليلًا كأنه نضج فجأة.
«هل عليك حفظ الأسماء فقط؟»
«لا، وسماتها وأنسابها أيضًا.»
ماذا؟ ذلك العجوز “سيج”… هل ينوي تلقينه “فقه الإمبراطورية” كاملًا؟ ما نفع أن يعرف هذا الصغير كل عائلات النبلاء؟
بعد برهة رفع إدوين عينيه عن الكتاب أخيرًا.
«بالمناسبة، أين كنتِ؟ كاثرين قالت إنك خرجتِ.»
«عدتُ للتو من لقاء دوق جيروم كراونر.»
اتّسعت عينا إدوين وسقط القلم من يده على الفور.
«لـ… لقد قابلتِ السير جيروم؟»
«نعم.»
«حقًا قابلتِ السير جيروم؟ أين؟ كيف؟ ماذا قال؟ هل تحدثتما عني؟»
ما هذا… هل يعجبُه جيروم إلى هذه الدرجة؟ أول مرة أراه يلمع هكذا.
ومزعج قليلًا… أنا نفسي لا أرغب بالاحتكاك بذلك الرجل، وقد ذهبتُ إليه وجهًا لوجه لأجل هذا الصبي تحديدًا!
«مولاي… هل يعجبك السير جيروم؟»
«هم؟ بالطبع!»
رفع قبضة صغيرة في الهواء. «إنه رائع! أقوى فارس في الإمبراطورية!»
رائع؟ ذلك المتضخّم العضلات؟ لا أفهم.
«وهذا كل شيء؟»
«وأيضًا… هو مُنقِذ حياتي— أقصد حياتنا!»
«منقذ حياتكما؟»
«عندما كنتُ صغيرًا، أنقذنا السير كراونر.»
قبل أربع سنوات صيفًا، تعرّض موكب العائلة الإمبراطورية لهجوم برابرة أثناء توجهه إلى فيلا. وكانت عربة إدوين في مؤخرة الموكب، فأصبحت في موضعٍ خطِر.
«ظننتُ أني سأموت حينها. لم يكن هناك من يحمينا.»
«وأين الفرسان؟»
«ذهبوا جميعًا لحماية أبي والأميرين الأكبرين.»
اشتد القتال، فحملت إيما الرضيعةَ إميليا بيد، وإدوين بالأخرى، وقفزت من العربة. ولسوء الحظ صادفوا محاربًا بربريًا.
«كان على وجهه ندبة ضخمة على شكل صليب.»
وأغمض إدوين عينيه وهو في حضن مرضعته أمام حدّ فأسه… «لكن السير جيروم ظهر بضربة واحدة وصرعَه.»
الذي أنقذ الأمير الثالث المُهمَل كان أقوى فرسان الإمبراطورية، دوق جيروم كراونر.
«لذا فالسير جيروم بطلٌ بالنسبة لي. لكني لم أشكره كما ينبغي تلك المرة…»
بطلٌ… هاه. فتحتُ عينيّ قليلًا.
تمتمتُ بسخرية منخفضة: «قومٌ يُسمَّون جزارين رغم شقائهم، وآخرون أبطالًا—مع أن الأيدي في الحالتين مُلطّخةٌ بالدم.»
«هاه؟ ماذا قلتِ؟»
«لا شيء.» ثم تابعتُ بوجهٍ هادئ: «لم أكن أعلم أنه منقذك. لو علمتُ لقدّمتُ له مزيدًا من اللياقة.»
ندمتُ أني عرفتُ متأخرًا—وقلتها بصدق.
«هل حصل شيءٌ بينكِ وبين السير جيروم؟»
«أبدًا.»
هززتُ كتفي ببرود، فبدأ إدوين يعبث بأصابعه بتوتر: «فماذا دار بينكما؟»
«ناقشنا أمرًا يعود بالنفع عليكَ يا مولاي.»
«بالنفع عليّ؟»
أمالَ رأسه ببراءة لا تعرف دهاليز العالم. أمسكتُ كتفيه وابتسمتُ: «أتذكر وعدي لك؟ أن أجعلَك قادرًا على الاختيار كما تريد.»
أومأ بهدوء.
«سأبدأ الوفاءَ بذلك الوعد… الآن.»
رمشَ بدهشة عند «الآن».
«وعلى الطريق، ستنال فرصة شكرِ السير جيروم كما يليق.»
حتى مع ابتسامتي ذات المغزى، ظل الأمير البريء لا يفهم شيئًا.
«ذهبتِ إلى فرسان غلوريا؟»
كوخ صغير في زاوية ظليلة من قصر الأمير الثالث—منزل البستاني الجديد.
«هل فقدتِ عقلكِ؟»
غطّى سيج—البستاني ومعلم الأمير—فمه بكفّيه: «أنتِ مجنونة، أليس كذلك؟»
«شكرًا على الإطراء.»
«هذا ليس إطراء!» حدّق بي ثم ضحك يائسًا.
«جنونٌ محض. اقتحامٌ لمقر غلوريا بلا إذن، ثم طلبٌ سافرٌ من الدوق كراونر؟»
«لا أراه سافرًا. طلبتُ فقط السماحَ لمولاي إدوين بالانضمام لتدريب الفرسان قليلًا.»
«أتظنين جيروم كراونر شخصًا عاديًا؟ ماذا لو عرف هويتكِ الحقيقية؟»
«لم يعرف، إذن لا مشكلة.»
انعقد لسانه.
«هاه… إنها أنتِ فعلًا يا كايلا. التهور ذاته لكايلا آنجل.»
«قلتُ لك، ذلك الاسم ممنوع.»
«أاسمُكِ المهم الآن؟» شبك يديه أسفل ذقنه بجدية: «هل أنتِ مستعدة لعواقب ما فعلتِ؟»
«أيُّ عواقب؟ طلبتُ تمرينًا بدنيًا لفترة قصيرة لا أكثر.»
«لماذا أصلًا تفعلين هذا؟ ولماذا فرسان غلوريا بالذات؟»
«لأنهم الأشهر.»
«ولِمَ تقصدين الأشهر عن عمد!» ضرب الطاولة بذراعيه النحيلتين:
«خبرُ زيارة مربية الأمير الثالث لفرسان غلوريا وصل على الأرجح للقرينة الثانية. أنتِ تعلمين أنها تحمل ضغينة تجاه كراونر لأنه رفض أن يُعلِّم ابنَها السيف!»
«نعم، سمعت.»
«سمعتِ ومع ذلك هادئة؟»
«وما الذي يدعو للجزع؟»
«ألستِ تعرفين طبع القرينة الثانية؟ لن تسكت. ربما ترسل قتلة إلى قصر الأمير!»
أمسكَ رأسه صارخًا: «سيكتشفون وجودي! لم أفعل شيئًا بعد ولا أريد أن أموت!»
ألم يقل قبلًا لا يمانع الموت؟ اتضح أن لا أحد يريد الموت حقًا؛ كل من يقول «أريد أن أموت» كاذب.
فتحتُ فمي بهدوء: «لا تقلق كثيرًا.»
«كيف لا أقلق؟ عليكِ أن تقلقي أكثر—»
«أتظن الخبرَ وصل فقط إلى أذن القرينة الثانية؟»
حين ابتسمتُ مطمئنةً، تغيّر وجهه: «لا تقولي إنكِ…»
وأخيرًا التقط الفكرة: «تعمدتِ ذلك؟ لاستجلاب انتباه الإمبراطور؟»
يدّعي أنه حكيم عظيم… وبطيء الفهم. هزّ رأسه غير مصدّق.
«لماذا؟ أتريدين جرَّ إدوين إلى صراع الخلافة؟»
«لا. ليس تمامًا.»
«فلماذا إذًا—»
«لا أنوي دخول معركة العرش، لكن لا يعني ذلك أن أقف مكتوفة اليدين.»
«هاه؟»
«ألم تقل لي: ابنِي الأساس أولًا؟»
سكتَ سيج. «أليس لهذا السبب جعلته يحفظ تفاصيل عائلات النبلاء؟»
لم يجد ما يردّ به. تابعتُ وأنا أرفع كتفي: «كان عليّ أنا أيضًا أن أمهد الأرضية. مكاني منخفضٌ ولا أستطيع مقابلة جلالة الإمبراطور مباشرة… لذا سأجعله هو من يأتي إليّ.»
الإمبراطور كافيليوس الثالث—تذكرتُ ملفاته في المنظمة.
له لقبان: «الملك الصالح» الذي اعتلى العرش بعمر العشرين وقاد إمبراطورية واسعة، و«الفاسق» الذي سفك دماء إخوته لنيل التاج.
والقتلة الذين صفّوا الدم الإمبراطوري آنذاك… كانوا من منظمتنا. لذلك كان آخر من أرغب بالتورط معه.
لكن لأجل إدوين، أحتاج دعمه.
خبرُ زيارة مربية الأمير الثالث لقائد أقوى فرسان الإمبراطورية سيصل لا محالة إلى الإمبراطور—سواء أبلغه كراونر أو نمّام سواه.
وكما قال سيج، القرينة الثانية وغيرُها قد علموا بالفعل.
لا يهمّ.
ما يهمني هو: كيف سيتلقّى الإمبراطور هذا الأمر؟
هل سيمنح لابنه الأصغر فرصة؟
أم سيقصيه كعادته بلا رحمة؟
إن حكمَ عليه بالوهن وتجاهله، فسأريه العكس.
ما إن تُسنح الفرصة لإدوين كي يُظهر ما لديه… سيرى الإمبراطور الأميرَ الثالث بعينٍ أخرى.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
🎨 إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
📖 نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
Chapters
Comments
- 68 منذ 21 دقيقة
- 67 منذ 21 دقيقة
- 66 منذ 22 دقيقة
- 65 منذ 23 دقيقة
- 64 منذ 25 دقيقة
- 63 منذ 41 دقيقة
- 63 منذ ساعتين
- 62 منذ ساعتين
- 61 منذ ساعتين
- 61 منذ 3 ساعات
- 60 منذ 3 ساعات
- 59 منذ 3 ساعات
- 58 منذ 3 ساعات
- 57 منذ 3 ساعات
- 56 منذ 3 ساعات
- 55 منذ 3 ساعات
- 54 منذ 3 ساعات
- 53 منذ 4 ساعات
- 52 منذ 4 ساعات
- 51 منذ 4 ساعات
- 50 منذ يوم واحد
- 49 منذ يوم واحد
- 48 منذ يوم واحد
- 47 منذ يوم واحد
- 46 منذ يوم واحد
- 45 2025-09-03
- 44 2025-09-03
- 44 2025-09-03
- 42 2025-09-03
- 41 2025-09-03
- 40 2025-09-03
- 39 2025-09-03
- 38 2025-09-03
- 37 2025-09-03
- 36 2025-09-03
- 35 2025-09-03
- 34 2025-09-03
- 33 2025-09-03
- 32 2025-09-03
- 32 2025-09-03
- 31 2025-09-02
- 30 2025-09-02
- 29 2025-09-02
- 28 2025-09-02
- 27 2025-09-02
- 26 2025-09-02
- 26 2025-08-31
- 25 2025-08-31
- 24 2025-08-31
- 23 2025-08-31
- 22 2025-08-31
- 21 2025-08-31
- 20 2025-08-30
- 19 2025-08-30
- 18 2025-08-30
- 17 2025-08-30
- 16 2025-08-30
- 15 2025-08-30
- 14 2025-08-30
- 13 2025-08-30
- 12 2025-08-30
- 11 2025-08-30
- 10 2025-08-30
- 9 2025-08-30
- 8 2025-08-30
- 7 2025-08-30
- 6 2025-08-30
- 5 2025-08-30
- 4 2025-08-30
- 3 2025-08-30
- 2 2025-08-30
- 1 2025-08-30
- 0 2025-08-30
التعليقات لهذا الفصل " 50"