بمجرد أن سمعت تلك الكلمة شعرت وكأن رائحة الدم刺ّت أنفي.
تجهمت ملامحي من قسوة الكلمة التي خرجت من فم الحكيم.
قالت:
ـ «ولِمَ تقول شيئًا مشؤومًا كهذا؟»
ابتسم سايج ابتسامة باردة:
ـ «مشؤوم؟ أنا فقط أقول الحقيقة.»
ـ «صاحب السمو إدوين يرغب فقط في أن يمتلك القوة التي تجعله لا يتأثر بالآخرين…»
قاطعني سايج فجأة بحدة:
ـ «يود أن يصبح قويًا فقط؟ إن كان كذلك فسوف يلتهمه إخوته الأمراء قبل أن يحقق شيئًا.»
أن تكون «نقيًا» تعني ألّا تُكسر.
لكن هل يستطيع إدوين، الذي لا يملك أي سند، أن يسعى وراء القوة «ببراءة»؟
قال سايج وهو يطوي ذراعيه ويرفع ذقنه:
ـ «لقد سمعت أنّ الإمبراطور لا يمنح دعمه الكامل إلا لمن يعتبره وريثه الشرعي. وإدوين مستبعد من تلك القائمة منذ زمن طويل.»
ثم sneered بازدراء:
ـ «إذن كيف تنوين أن تجعلي ذلك الصبي قويًا؟ هل ستجعلينه يزحف في حجرته كالبطة؟ أم ستلقّنينه فنون القتل مثلك؟»
تصلبت قبضتي.
ـ «أنا…»
لكنه تابع بسخرية:
ـ «لا أفهم لِمَ تلعبين دور المربية فجأة لأمير. إن كنت حقًا ترغبين في تحقيق أمنياته، فعليك أن تبني الأساس أولًا.»
كان محقًا.
إذا أردت أن أُربي الأمير بعيدًا عن التدخلات وأجعله قويًا، فعليّ أن أحظى بدعم الإمبراطور نفسه.
بمعنى آخر، يجب أن يلفت إدوين انتباه الإمبراطور.
ولن يتحقق ذلك إلا بخطوة تجعله يعترف به كأمير بالفعل.
‘لا خيار آخر إذن.’
رفعت حاجبي ونظرت إليه ببرود.
ـ «قلتَ أن عليّ أن أبني الأساس أولًا، صحيح؟»
ارتبك سايج قليلًا:
ـ «نـ.. نعم؟ هكذا قلت، أليس كذلك؟»
ـ «حتى لو لم تقل ذلك، فهذا ما كنت أنويه من البداية. لذلك احتفظ بنصائحك عديمة الجدوى لنفسك.»
ـ «نصائحي عديمة الجدوى، ها؟»
بدا عليه الاندهاش للحظة، لكنه سرعان ما عاد ليستفزني:
ـ «إذن ما خطتك؟ قولي. هل تظنين أن جلالة الإمبراطور سيقابل مربية لطفل تخلّى عنه؟»
ازداد غضبي مع كل كلمة.
ـ «أم أنك ستلجئين لطريقتك الخاصة؟ تلوحين بخنجر في الظلام في وجه الإمبراطور مثلًا؟»
في تلك اللحظة خطرت ببالي فكرة: ربما كان جلب هذا العجوز من قرية الطاعون خطأً فادحًا.
قلت بحزم:
ـ «قلت بنفسك إن الأمير بحاجة إلى معلم آخر.»
ـ «صحيح، لكن إن استطعتِ أن تجدي أحدًا أصلًا. أشك في أن يجرؤ أحد على تعليمه، خوفًا من بقية العائلة الملكية.»
نظرت إليه بعزم:
ـ «لا داعي للقلق. إن لم يكن هناك طريق، فسأصنع واحدًا بنفسي… كما فعلت حين أنقذتك.»
ارتعش سايج للحظة عند سماع كلماتي. ثم ضحك بتوتر وقال:
ـ «هـ.. هاهاها! يا فتاة، إن صرّيت أسنانك بهذا الشكل ستسقط جميعًا! حسنًا، بما أن حديثنا انتهى، أظن أن عليّ العودة لعملي. تذكرت أن عليّ تقليم الأشجار، هاها!»
هرب مسرعًا من المكتبة وهو يتجنب نظراتي.
أما أنا فبقيت واقفة للحظة طويلة، أعيد ترتيب عزيمتي.
‘إن لم يكن إلا لكسر كبرياء هذا العجوز، فسأفعلها.’
سأجعل من ذلك الصبي، إدوين، قويًا… مهما كلف الأمر.
في اليوم التالي، استغليت فترة فراغ في جدول إدوين وتوجهت إلى الجناح الفرعي.
قالت كاثرين وهي تعجن العجين في المطبخ بدهشة:
ـ «أليست مَن تتولى شؤون الوصيفات يجب ألا تقوم بأعمال المطبخ؟»
ابتسمت بخفة وأنا أجيبها:
ـ «لكن أصحاب السمو يعشقون طعامي لدرجة أني لا أستطيع التوقف حتى لو أردت.»
رفعت رأسها بفضول حين رأتني:
ـ «ما الذي جاء بكِ إلى الجناح في هذا الوقت يا مربية؟ هل طلبت صاحبة السمو إيميليا أن تلعبي معها مجددًا فهربتِ؟»
زفرت بضيق:
ـ «هل أبدو لك من النوع الذي يخاف من طفلة تحبو على أربع؟»
ـ «إذن هل تشاجرتِ مع البستاني مرة أخرى؟»
ـ «شجار؟ مجرد بستاني لا يمكن أن يكون ندًا للمربية.»
التقطت تفاحة من السلة وعضضت منها بهدوء.
نظرت إليّ كاثرين بحدة ثم تمتمت:
ـ «لا تكوني قاسية عليه. إنه رجل مسن يعمل طوال الوقت بلا راحة. يؤلمني قلبي وأنا أراه هكذا.»
ـ «إنه أكثر صلابة مما تظنين، فلا تقلقي.»
أصرت بجدية:
ـ «أحيانًا أظنك باردة، مربية. ألا تعلمين كم تكون أجساد الكبار ضعيفة؟ أي إصابة أو تعب بسيط قد يكون قاتلًا لهم.»
لم أجبها. فقط تابعت مضغ التفاحة وأنا أفكر في موتي المبكر… خيانة حبيبي، السكين المسموم في ظهري، والنيران التي ابتلعتني.
فجأة، اقتربت كاثرين مني بغضب:
ـ «مربية! أنتِ تتجاهلينني مجددًا! تدخل الكلمات من أذن وتخرج من الأخرى!»
كان وجهها ملطخًا بالدقيق حتى كاد يبدو وكأنها تعجن العجين بوجهها.
مسحت الطحين عن خدها وقلت ببرود:
ـ «اغسلي وجهك أولًا. لو أدخلتِه في الفرن بدل العجين، لخرجتِ بخبزة.»
شهقت:
ـ «ما هذه المزحة البشعة! ليست مضحكة إطلاقًا!»
ثم تنهدت وأكملت:
ـ «كنت على وشك غسل الستائر، سأغسل وجهي في الطريق.»
قلت لها ببساطة:
ـ «مررتُ فقط لأخبرك أنني سأخرج لبعض الوقت.»
ـ «هــه؟ ستغادرين القصر ثانية؟»
ـ «لا، ليس هذه المرة.»
ـ «إذن إلى أين ستذهبين؟»
رميت قلب التفاحة في السلة وابتسمت بخبث:
ـ «إلى فرسان غلوريا.»
تحت شمس الظهيرة، بدا مقر فرسان غلوريا مهيبًا.
الأعلام الحمراء المزينة بشعار الأسد الذهبي تتدلى من الأعمدة في كل مكان. كان المكان فخمًا ومشرقًا بشكل يفوق حتى قصر الأمير نفسه.
‘أي إهانة هذه للأسرة الإمبراطورية؟’
وأنا أراقب المبنى بيدين مطويتين على صدري، اقترب مني فارس عند البوابة.
قال بابتسامة:
ـ «يا لها من مفاجأة جميلة أن تزورنا شابة حسناء اليوم. هل جئتِ لرؤية أحد ما؟»
كدت أعض لساني من نبرة صوته المتملقة.
لم أعتد أن يكلمني فارس بأدب؛ إما أن يهجموا عليّ كالوحوش، أو يرتجفوا من الخوف.
تظاهرت بالهدوء وأجبته:
ـ «صحيح. جئتُ لأقابل القائد، دوق جيروم كراونر.»
ارتبك الفارس وسأل:
ـ «م-ماذا؟ إن سمحتِ، ما علاقتك بالقائد؟»
لم أُجب بما مضى، بل اكتفيت بالقول:
ـ «أنا مربية صاحب السمو الأمير الثالث، ريتشيل براون.»
اتسعت عيناه بدهشة أكبر.
لكني تابعت ببرود:
ـ «لديّ أمر لأناقشه مع القائد. أيمكنني الدخول؟»
قال بعد لحظة:
ـ «انتظري قليلًا. سأعود حالًا.»
وبعد دقائق عاد ليقودني إلى الداخل.
ما إن دخلت حتى استقبلتني حديقة غنّاء مغطاة بالورود الحمراء.
‘كما توقعت. شعار عائلة كراونر هو الوردة الحمراء.’
أحسست وكأنني أدخل قصرًا آخر داخل القصر الإمبراطوري.
قادني الفارس إلى غرفة استقبال فخمة، حيث كل الأثاث مصنوع من خشب الورد الفاخر، والستائر من حرير آشــا المستورد.
رفعت شفتاي باستياء، وسمعت خطوات تقترب.
‘ها هو ذا.’
انفتح الباب على مصراعيه، ودخل رجل بهيبة الوحش.
قال بصوت عميق:
ـ «إذن، لدينا ضيفة اليوم؟»
إنه جيروم كراونر.
قائد فرسان غلوريا، شقيق الإمبراطورة الوحيد، ورئيس بيت كراونر.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 48"