حدّقت إميليا فيه بعينين واسعتين، ثم لمحت اللحية الكثّة على ذقنه فأشرقت عيناها:
«سحابة!»
«أوه!»
تشبّثت بلحيته تهزّها: «كyaa! سحابة! سحابة!»
«سحابة؟! هذه جزء من جسدي أيتها الصغيرة! أفلتي!»
«ليا تريد أكل السحابة!»
«لااا! لا تضعيها في فمك!»
حاول أن يُنزلها، لكن قبضتها على لحيته كانت فولاذية.
«تبًّا، قبل أن أصلع ستقتلع لحيتي!»
«ههه! عالي عالي!»
«أيّ “عالي”! أفلتي يا جرو صغير!»
«ليا ليست جروًا!»
«حسنًا حسنًا! فهمت! فقط كُفّي عن الشد!»
وانتهى الأمر بساج يلعب معها ويرفعها ويخفضها، كجدّ طيّب مع حفيدةٍ شقية.
همست كاثرين بابتسامةٍ متكلّفة: «يا مربية… من يكون هذا المتشر… أقصد، هذا السيد؟»
قلت: «ألم أقل لك؟ سيكون معلّم صاحب السمو.»
قهقهت بتكلّف: «قلتِ ذلك فعلًا…» وكانت تراقبه وهو يطعم إميليا الحلوى لينجو من قبضتها، ثم انتفخت عِرقٌ في جبينها حين رآته ينهار على الأريكة وقد «انهزم» أمام الأميرة.
قالت متجهمة: «مهما نظرتُ إليه لا يبدو نبيلًا ولا رجل علم.»
قلت مطمئنة: «لا تنخدعي بالمظهر، إنه استثنائي حقًا.»
«استثنائي؟ بأي معنى؟»
حدّقت فيه بريبةٍ عميقة. ثم تمتمت: «ألم تتعرّضي للاحتيال؟ أعلم أن طبعك لا يسمح لكن…»
كدت أبوح لها بحقيقة العجوز ــ أنه الحكيم العظيم المختفي ــ ثم أمسكت لساني. لو تسبّب ذلك في متاعب لاحقًا… الأفضل ألّا أذكر أنه هو ذاته.
سألتني بنظرة مستفهمة: «ذلك السيد… ليس كما يبدو، أليس كذلك؟ هل هو شخصٌ عظيم لا أعرفه؟»
همستُ: «هل سمعتِ باسم الحكيم العظيم ساج رِل؟»
«طبعًا!»
شهرة ساج أوسع مما توقعت؛ حتى كاثرين، النبيلة الحدودية، تعرف الاسم. وإن كان سرّ اختراعه لعلاج داء الحراشف غير مُعلن، فمآثره الأخرى مشهودة.
سألت: «سمعتُ أنه اختفى فجأة. لماذا؟»
قلتُ مُشيرَةً إلى ساج بوقار: «هذا… قريبٌ بعيد للحكيم العظيم.»
«هاه؟ حقًّا؟!»
«حقًا.»
ثم أسررت لها: «ليس شائعًا، لكن أقارب الحكيم أيضًا كانوا يوصفون بالنوابغ، وهذا الرجل أحدهم.»
«أآه…؟» بدا عليها الارتباك، لكنها صدّقت. ثم عقدت حاجبيها:
«لكن لماذا يوافق شخصٌ بهذه العظمة على تعليم الأمير إدوين؟»
قلت باقتضاب: «هكذا آل الأمر.»
ثم شهقت:
«أليس الفيكونت رِل مجرمًا مطلوبًا في القارة؟»
«بلى، لكن بما أنه مُعلنٌ مفقود، فالملاحقة فعليًا توقفت.»
«مع ذلك… لا يصح. حتى لو لم يكن الحكيم نفسه، فاستضافة قريبٍ لمتهمٍ بالخيانة الكبرى…»
نظرت إليّ بخوف: «كيف وجدتِ قريب الحكيم أصلًا؟ قيل إن أحدًا على القارة لا يعرف مكانه ولا مكان عائلته…»
«لديّ صِلات شخصية جدًا.»
«أ-أرى…» بدت مقتنعة على مضض، لكن القلق لم يفارق عينيها.
«يا مربية، ما زلت قلقة. هل يصحّ أن يبقى هذا الرجل هنا؟ أشعر أن الأمر غير سليم.»
قلتُ بنبرة منخفضة: «الحق أنّ الحكيم العظيم كان صديقًا مقرّبًا لوالدَيّ بالتبنّي.»
«حقًا؟!»
«ومن خلالهما أوصاني برعاية هذا الرجل المسكين، الذي طورد في القارة عقدًا كاملًا لمجرد اشتراكه في الدم، حتى شاخ وضعُف عن الهرب.»
بهذه الجملة تحوّل ساج، ساكن قرية الوباء النشط، إلى شيخٍ مُنهك بائس — كلّه كذب، لكن لا بدّ منه. فلا أنا ابنةُ من يعرفه، ولا هو قريبُ الحكيم؛ بل هو الحكيم نفسه، وهذه حقيقة لا يمكنني كشفها. من سيصدّق من تقول إنها «استيقظت» في جسد أخرى وكانت في حياتها السابقة زعيمة قتلة؟ سأُتّهم بالجنون.
زفرت كاثرين طويلًا وهي تمسك جبينها: «حسنًا… لا مفرّ إذن.»
قلت: «شكرًا لكِ، كاثرين.»
لكنها عقّبت وهي تعقد ذراعيها ناظرةً إلى ساج:
«يبقى سؤال: كيف سنقدّمه للناس؟ لا يمكننا مناداته قريب الحكيم فحسب. إن كان سيُعلّم الأمير فلا بدّ من صفةٍ واضحة…»
ابتسمت: «لا تقلقي.» ونهضت أُسوّي ثيابي.
«اقترب عيد التأسيس، أليس كذلك؟»
اتسعت عيناها: «أه؟ نعم… لكن ما علاقة المهرجان الآن؟»
قلت: «علينا تجهيز قصرنا لاستقبال الضيوف.»
تجعد جبينها محاولةً فهم قصدي: «تقصدين… للضيافة؟»
قلت وأنا أنظر إلى الحديقة القاحلة: «أفكّر منذ مدة أن قصر الأمير الثالث كئيبٌ أكثر مما ينبغي. الحديقة واسعة، لكنها لا تضمّ سوى بضع أشجار مزهرة ونباتات عادية.»
أدرت نظري إلى ساج الذي ما يزال يتشاحن مع إميليا، ثم ابتسمت قليلًا:
«ألا ترين أنه قد آن الأوان لنتعاقد مع… بستانيٍّ خاص بنا؟»
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 45"