الفصل 35: وداعًا لعصابة جيري
قال أحد قطاع الطرق ساخرًا وهو يضحك باستهزاء:
“يا لها من جريئة… امرأة تأتي إلى مكان كهذا ومعها طفل!”
تقدم زعيم العصابة، جيري، وهو يرفع ذقنه بتعجرف:
“عندما يكلمك أحد، عليك أن تجيبي. ما بالك جامدة هكذا يا فتاة؟”
ارتعشت شفتا المرأة البنية الشعر لحظة واحدة، لكنها سرعان ما استعادت برودها.
وقفت صامتة تمامًا، كأنها لم تسمع شيئًا.
قهقه جيري بخبث:
“لا بأس… أعجبني النوع المتمنع. يزداد اللعب متعة حين نكسر غرورهن.”
مد يده وأمسك معصمها بعنف ليجذبها نحوه، لكنه فوجئ بصوت بارد يهمس عند أذنه:
“أنا أيضًا… أعشق متعة الكسر.”
“ماذا قلتِ؟”
ابتسمت ابتسامة مخيفة وهي تحدق في عينيه:
“قلت إني أحب كسر المتغطرسين أمثالك.”
ضحك جيري بصوت عالٍ والتفت إلى رجاله:
“هاهاها! يقولون نساء العاصمة وقحات، ويبدو أنهن كذلك فعلًا!”
لكن ضحكته لم تدم طويلًا.
في اللحظة التي مد يده ليقبض على شعرها—
اختفت من أمامه!
“ماذا؟!”
سمع صوتها خلفه:
“بطيء جدًا.”
ركلة واحدة في مؤخرة ركبتيه أسقطته أرضًا كجذع شجرة.
ارتطم أنفه بالتراب وسط صدمة لم يعرف مثلها في حياته.
نهض جيري غاضبًا وهو يخرج خنجرًا من سترته:
“سأقتلك أيتها الحقيرة!”
لكن حركته كانت أبطأ من أن تلتقطها عينها.
حركة واحدة فقط—وإذا بمعصمه يلتوي بصوت كسر مرعب.
“آآآاااه!”
سقط الخنجر على الأرض، وجيري يصرخ من شدة الألم، بينما وقفت هي تنظر إليه ببرود.
قالت بابتسامة باردة:
“قلت لك… أحب الكسر.”
تراجع رجال العصابة بخوف، بعضهم قبض على سلاحه، والبعض الآخر ارتجف دون أن يعرف السبب.
صرخ أحدهم بشجاعة زائفة:
“اقضوا عليها! لا تدعوها تتفاخر أكثر!”
زمّت شفتيها باستهزاء:
“الحمقى… لا يعيشون طويلًا.”
برقت عيناها الخضراوان وهي تسحب الخنجر من الأرض برشاقة، كأن السلاح وُجد ليدها.
صرخة… تلتها أخرى.
حيث مرّت نصلتها الفضية، سال الدم بغزارة.
“أمسكوها!”
“مستحيل! إنها سريعة جدًا!”
خمس جثث سقطت في ثوانٍ، والبقية يتراجعون مذعورين.
قفزت بخفة فوق أحدهم وكسرَت عنقه بلا تردد.
ارتجّ البقية من الرعب، وأخيرًا صرخ أحدهم:
“اهربوا! اهربوا!”
لكن الوقت كان قد فات.
لم يلبث صدى صرخاتهم أن تلاشى، حتى خيّم الصمت.
لم يبقَ واقفًا أحد…
جلس جيري على مؤخرته مرتجفًا، يحدّق برجاله الممدّدين أرضًا:
“وحش… أنتِ وحش!”
ضحكت باستهزاء:
“منذ زمن لم أسمع هذه الكلمة.”
تقدمت نحوه، خطواتها بطيئة، بينما هو يتراجع بخوف قاتل.
هي لم يمسها خدش واحد، بينما رجاله جميعًا مطروحون أرضًا.
قالت بهدوء وهي تبتسم ابتسامة أشد رعبًا من القتل:
“لا تقلق، لم أقتلهم. فقط تركت لهم بعض الجروح الصغيرة… إن لم يوقفوا النزيف، سيموتون.”
شهق جيري وهو يصرخ بيأس:
“م-من أنت بحق الجحيم؟!”
اقتربت منه حتى صار بصره غارقًا في عينيها الخضراوين:
“حقًا تريد أن تعرف من أكون؟”
أزاحت خصلة شعر عن وجهها وقالت بابتسامة:
“أنا… مربية.”
وقبل أن يستوعب الكلمة، باغتته بركلة قوية على صدغه.
سقط جيري فاقد الوعي، والكلمة الأخيرة التي سمعها كانت أغرب من أي شيء توقعه: مربية.
⸻
بعد المعركة
تنفست بعمق وهي تمسح العرق عن جبينها.
“كما توقعت… ما زلت لا أستطيع مواجهة مجموعة كبيرة بسهولة.”
لقد تغيّر جسدها عن أيامها كقائدة نقابة القتلة. قوتها وقدرتها على التحمل الآن أضعف بكثير.
لكن تدريباتها الليلية أنقذتها—لولاها لما نجت.
اقتربت من العربة، لترى مشهدًا أكثر إزعاجًا.
السائق ممدد على مقعده، وسهم غارق في صدره.
تمتمت ببرود:
“رائع… الآن علينا تدبير أمر القيادة أيضًا.”
لكن ما أقلقها حقًا كان الصوت القادم من داخل العربة.
“م-ما الذي حدث هنا؟!”
لقد استيقظ إدون.
فتح عينيه على منظر الجثث الملقاة أرضًا والدم المتناثر حوله.
اقتربت منه سريعًا:
“صاحب السمو، هل أنت بخير؟”
تمسك بذراعها وهو يحدق في الفوضى حوله:
“هؤلاء… من يكونون؟ لماذا هم ملقون هكذا؟”
“مجرد قطاع طرق. لم يموتوا، فقط فقدوا وعيهم.”
ارتجف إدون وهو يلمح الدم على ثوبها:
“أنتِ… هل أصابك مكروه؟ ومن فعل كل هذا؟”
وضع يده على رأسه بتعب:
“أنا… كنت مستيقظًا، ثم شعرت بضربة في رقبتي، وبعدها لم أتذكر شيئًا.”
ابتسمت بهدوء:
“العربة توقفت فجأة. لابد أنك اصطدمت وفقدت الوعي.”
أومأ ببطء، ما زال مرتبكًا.
“لكن… أشعر أن شيئًا سيئًا سيحدث. أرجوك، لنعد أدراجنا.”
أجابته بلهجة حاسمة:
“لقد وصلنا بعيدًا جدًا لنعود. لم يتبق سوى القليل للوصول إلى قرية لوكسِن.”
شدّت لجام الأحصنة وجلست مكان السائق:
“هيا!”
انطلقت العربة من جديد، هذه المرة بسرعة أكبر، متجهة نحو القرية الملعونة.
⸻
التعليقات