“أفهم… لكن هل أنتِ متأكدة أن بإمكاني المجيء معك؟ حقاً؟”
قالت بهدوء وهي تنظر إليه:
“صاحب السمو هو من طلب مرافقتي بنفسه.”
اتسعت عينا إدون وهو يرد بعناد:
“متى قلت ذلك؟! أنا فقط قلت إنه لا يَصح أن تذهبي وحدك للبحث عن معلّمي!”
ابتسمت ببرود وهي ترفع حاجبها:
“فلنترك الأمر عند هذا الحد. اصعد الآن بسرعة، علينا أن نغادر فورًا.”
زمّ إدون شفتيه وهو يصعد إلى داخل العربة متذمرًا:
“حسنًا، حسنًا… توقفي عن التوبيخ.”
كنت قد استأجرت هذه العربة من خارج القصر، حتى لا يترك خروجنا أي أثر في سجلات الإسطبل الإمبراطوري.
قال إدون وهو يتنفس بقلق:
“لكن… لو اكتشف أحد أننا خرجنا، سنقع في مشكلة كبيرة.”
فأجبته بهدوء:
“لا تقلق، رتبت مع كاثرين أن تغطي غيابنا.”
في القوانين، لا يجوز للأمراء مغادرة العاصمة قبل حفل بلوغهم، لكن في الواقع كان الأمير الأول والثاني يزوران بيوت أمهاتهم عشرات المرات كل شهر. القاعدة لم تكن سوى حبر على ورق.
تمتم إدون بصوت متردد:
“لكن لو انكشف أمرنا، كاثرين ستُعاقَب أيضًا.”
أجبته:
“اطمئن، لقد قالت إنها سعيدة بمساعدتنا.”
ولو كانت تسمعني الآن لأُغمي عليها فورًا، فقد اعترضت حتى آخر لحظة ولم توافق إلا بعدما أوهمتها أني سأستعين بحراس من خارج القصر.
أضفت وأنا أضبط جلستي:
“اتفقنا أن تُشيع إشاعة أنك أصبت بمغص حاد وظللت طوال اليوم تركض بين الغرفة والمرحاض. هكذا لن يشك أحد.”
أطلق إدون تنهيدة طويلة:
“أي عذر هذا…!”
لكنه سرعان ما استعاد حماسه، وعادت الابتسامة لوجهه. واضح أن مجرد فكرة خروجه من القصر لأول مرة كانت كفيلة بأن تنسيه القلق.
سألني بعفوية:
“إلى أين سنتوجه بالضبط؟”
نظرت إليه بجدية وأجبت:
“إلى قرية لوكسِن.”
شهق إدون وبدت الصدمة على وجهه، كأن الاسم وحده كان كابوسًا.
صرخ وهو يتراجع للخلف:
“لا تقصدين تلك القرية، صحيح؟ لا بد أن هناك قرية أخرى بنفس الاسم!”
هززت رأسي:
“منذ متى كان في الإمبراطورية أكثر من قرية واحدة تحمل هذا الاسم؟”
ارتبك إدون، وعيناه تتسعان رعبًا:
“مستحيل! أنزليني فورًا! لا أريد الذهاب!”
حاول أن يفتح باب العربة ويقفز، لكن العربة كانت قد انطلقت بسرعة على الطريق المؤدي مباشرة إلى… قرية لوكسِن.
الوجهة الوحيدة التي يخشاها الجميع.
قرية الطاعون.
داخل العربة
سألني إدون بصوت مبحوح، والدموع تلمع في عينيه:
“هل كاثرين تعرف؟ هل أخبرتها أننا ذاهبون إلى هناك؟”
أجبته وأنا أزيح يده التي كان يقضم أظافره بها:
“نعم، هي تعرف.”
صرخ بغضب:
“كاذبة! كنت أعلم أنك تكذبين!”
طبعًا لم تكن تعرف. لو علمت أننا ذاهبان إلى قرية موبوءة، لكانت ربطتنا بالحبال لتمنعنا من الخروج.
نظرت إليه بهدوء وسألته:
“هل أنت خائف لهذه الدرجة؟”
ارتجف جسده وقال:
“طبعًا خائف! إنها قرية الطاعون، من يذهب هناك يموت!”
كنت أتفهم خوفه. فقرية لوكسِن هي مكان الحجر الصحي لمرض “قشور الجلد”، المرض الذي لا علاج له إلا عبر كميات هائلة من الطاقة المقدسة، وهذا علاج لا يُمنح إلا للأثرياء والنبلاء الكبار. أما عامة الناس، فما عليهم إلا انتظار الموت.
قلت ببرود:
“حين منعتك من المجيء، أنت من أصرّ. قلت إنك لن تندم.”
أجاب بصوت مرتفع:
“كان ذلك قبل أن أعرف أننا ذاهبون إلى لوكسِن! لو كنت أعلم، لما تركتك تذهبين وحدك أصلًا!”
“ولهذا السبب لم أخبرك.”
صرخ وهو يحاول فتح النافذة:
“ماذا لو أصبنا بالمرض؟! سنموت! أوقفي العربة حالًا!”
أمسكت ذراعه بقوة وقلت بحدة:
“اهدأ، ستسقط! ثق بي، لن نصاب بالمرض.”
“كاذبة! كيف أصدقك؟!”
قلت أخيرًا:
“لأنني ذهبت إلى هناك من قبل… وخرجت بخير.”
تسمرت عيناه عليّ بدهشة، لكنه لم يتمكن من طرح المزيد من الأسئلة—
لأن العربة توقفت فجأة وسط صهيل مذعور من الأحصنة.
همست:
“اصمت… هناك من يحيط بنا.”
شعرت بوجود عشرات الأشخاص يتربصون بنا من الخارج.
في مكان آخر
كان زعيم عصابة “جيري” يبصق على الأرض وهو ينظر إلى رجاله البائسين:
“لم أتصور أن يأتي يوم نموت فيه جوعًا كقطاع طرق!”
ارتجف رجاله صامتين، يعرفون أن الكلام في حضرته يعني الضرب.
صرخ:
“أيها الحمقى! ألا يملك أحدكم لسانًا؟!”
رفع أحدهم يده مترددًا وقال:
“ز-زعيم… ربما اخترنا الطريق الخطأ. فطريق لوكسِن نادرًا ما يمر به أحد…”
كان محقًا. فمنذ أن انتشر الطاعون قبل عشرين عامًا، أصبح الطريق شبه مهجور، فلا أطباء ولا تجار يجرؤون على العبور.
لكن فجأة هرع أحد الكشافة وهو يلهث:
“زعيم! لقد وجدنا هدفًا!”
عيون جيري اتسعت بفرح:
“هدف؟!”
قال الكشاف:
“عربة بلا حراس… فيها امرأة وطفل صغير فقط!”
ابتسم جيري بخبث، ورجاله تلمع أعينهم طمعًا.
امرأة شابة وطفل بلا حماية… غنيمة سهلة، يمكن بيعها أو ابتزاز أهلها بفدية.
قهقه جيري وهو ينهض:
“أخيرًا! حظنا ابتسم! هيا يا رجال، استعدوا لاستقبال ضيوفنا!”
صرخوا بحماس وهم يندفعون نحو الطريق، غير مدركين أن نهايتهم قريبة… وستكون ملطخة بالدم.
على الطريق
التف قطاع الطرق حول العربة وهم يصرخون:
“انزلي بهدوء يا فتاة!”
“لا تجبرينا على العنف!”
فُتح باب العربة بهدوء، ونزلتُ منها وحدي.
أما إدون، فقد تمدد داخلها متظاهرًا بالنوم.
تجمّد الرجال لوهلة، لأن المرأة التي نزلت لم تُبدِ أي خوف.
نظرت إليهم بعينين باردتين… صامتة تمامًا.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 34"