حدّقت إميليا في فنجان الشاي ثم في لويد بعينين ممتلئتين بالاشمئزاز.
أخذ إدوين، وقد دبّ فيه القلق، يحثها قائلاً:
“إميليا، أخونا الثاني يعتذر لك. خذيها بسرعة.”
“لا!”
“إميليا! هيا بسرعة!”
“لاا!”
“إميليا! استمعي إلي!”
“أوووف!”
تأففت إميليا وقد امتلأت بالضيق. فهي تكره الشخص الواقف أمامها، أخاها الثاني. كان هو من أمر بربطها قبل قليل، وهو من وجّه سهمه نحوها. ومع ذلك، وتحت ضغط إلحاح إدوين، لم تجد بداً من الاستجابة. مدت يدها على مضض.
عندها ابتسم لويد ابتسامة عريضة.
“نعم، الهدايا يجب أن تُستَقبل باليدين.”
رشاشة—
أمال الفنجان وسكب الشاي مباشرة على يدها الممدودة.
“وااااه!”
“إميليا!”
خطفها إدوين سريعاً إلى حضنه، متفحصاً يدها بلهفة. لحسن الحظ، كان الشاي قد برد، ولم يُصِبها أذى.
“هاهاها!”
انفجر لويد ضاحكاً بصوت عالٍ وهو يراقب المشهد.
“أحقاً فزعتم؟ أتظنون أنني سأؤذي طفلة تافهة؟”
لكن إدوين كان يعرفه، وكان يعلم أنه قادر على ذلك.
“لا بأس… لا بأس… لم تُصب بأذى. إميليا بخير.”
كان يحاول إقناع نفسه وهو يلهث حابساً دموعه.
وفجأة أحس بسائل دافئ ينهمر فوق رأسه. رفع نظره، فإذا بلويد يقلب إبريق الشاي فوقه.
“ألَم أخبرك أن تبقى بعيداً عن ناظري؟ كيف لواحد مثلك أن يكون أميراً مثلي؟”
صوت لويد كان مليئاً بالازدراء.
بالنسبة إليه، لم يكن إدوين سوى قشرة فارغة، مجرد نصف أخ لا يجمعه به سوى الدم الإمبراطوري.
لكن في ذهنه عاد يتردد وجه مربيته القديمة، تلك التي تجرأت وصرخت في وجهه يوماً دفاعاً عن إدوين.
“لم أفهم يوماً… لمَ تحميه؟ ما الذي يعجبهم فيه وهو لا يملك شيئاً؟”
قبض لويد على أسنانه غيظاً، وقال ببرود:
“هذه هي فرصتك الأخيرة، تذكّرها.”
وألقى بالإبريق الفارغ إلى أحد خدمه، ثم استدار ليمضي. لكنه لم يبتعد سوى خطوتين قبل أن—
“أيها الشرير! اعتذر لأخي!”
إميليا، بعناد طفولي، غرزت أسنانها في ساقه بكل قوتها.
“آآخ! أيتها المشاكسة—!”
فقد أعصابه وركلها بساقه الأخرى، فارتطمت بالأرض.
في تلك اللحظة، حين رأى أخته تُركل أمام عينيه، انقبضت حدقتا إدوين كأن خيطاً في داخله انقطع فجأة. وصورة إيما، بابتسامتها الهادئة، لمعت في ذهنه.
صرخ بكل قوته وانقضّ على لويد.
“آآآآه—!”
“أغخ!”
أسقط أخاه الثاني أرضاً وانهال عليه بلكمات عشوائية.
كانت مشاجرة حقيقية. وكان إدوين يبكي وهو يصرخ:
“ما ذنبي—! لماذا تعاملوننا هكذا!”
“أيها الوغد—!”
“وأختي! لم تفعل شيئاً، لماذا آذيتها! لِماذا!”
كان يفرغ كل غضبه المكبوت. لكماته المتلاحقة بدت كأنها تُرعب لويد للحظة.
لكنها لم تدم طويلاً. إذ لا يمكن لإدوين، الذي لم يتلق تدريباً، أن يغلب الأمير الثاني، الذي صُقل على يد أفضل المعلمين.
أمسك لويد بذراعه وقلبه أرضاً بسهولة، ثم صفع وجهه بقوة حتى سال الدم من شفته.
“أحمق.”
حدّق في عينيه بجنون وقال:
“سأريك كم أنت ضعيف وبائس.”
قبض على ياقة إدوين ورفع قبضته عالياً:
“لكمة أو اثنتان لا تكفيان.”
وقبل أن ينزل بها—
“توقف.”
تجمدت قبضته في الهواء. كان هناك يد تمسك بها بقوة.
رفع عينيه ورأى امرأة لم يرها من قبل. بزيّ خادمة، لكنها تجرأت وأمسكت بذراع أمير. حاول أن يحرر نفسه بصوت غاضب:
“أفلتي يدي!”
لكنه فوجئ بأن ذراعه لا تتحرك. ما هذه القوة؟
كان قد تدرب طويلاً، أقوى من كل أقرانه، لكن أن تُمسك يده بسهولة كهذه؟!
صرخ مذهولاً:
“من أنتِ؟ أتعلمين من أنا؟!”
لكنها لم تجبه. فقط حدّقت في عينيه بنظرة باردة، وضغطت على معصمه أكثر.
المواجهة
“الأميرة إميليا! يا إلهي!”
صرخت كاثرين وهي تراها على الأرض.
أما أنا فاطمأننت عليها سريعاً ثم وجهت بصري نحو الأمير الثاني، الذي كان يرمقني بنظرات كأنها ستفتك بي. عرفت هويته فوراً: الأمير الثاني، لويد كاثالونيان فِنتروم، ابن الإمبراطورة الثانية هيلينا رادكليف.
لم يكن يشبه الإمبراطور إلا في لون الشعر والعينين، لكن وجهه لم يخلُ من جمال أمه المشهور. غير أن خلف ذلك الجمال، كان متعجرفاً بلا حدود، مدعوماً بثروة آل رادكليف.
في تلك اللحظة، هرع فارسان من حرّاسه نحونا. وبمجرد أن رآني أحدهما أمسك سيفه وصاح:
“أيتها الحقيرة! أطلقي سموه حالاً! كيف تجرؤين على لمس الأمير!”
فأفلَتُ معصمه في الحال، فترنّح لويد إلى الوراء نحو فرسانه.
“وقحة—!”
“سموك! هل أنت بخير؟!”
لكنني تجاهلتهم، وأسرعت لأسند إدوين وأرفعه عن الأرض. كان ملطخاً بالتراب ودموعه تختلط بدمه.
“أأنت بخير؟”
نظر إلي بعينين متسعتين بدهشة:
“ك-كيف… وصلتِ؟”
“اركعي واعتذري حالاً لسموه!”
زمجر الفارس وهو يصوب سيفه نحوي. فارس يهدد امرأة أعزل؟ أي شرف في ذلك؟
تمالكت نفسي وانحنيت قليلاً قائلة ببرود:
“أعتذر. أنا مربية الأمير الثالث، ولم أستطع أن أقف مكتوفة الأيدي. أرجو الصفح.”
ارتبك الفارس من سرعة اعتذاري. أما لويد، فقد ابتسم بخبث وقال:
“إذن أنتِ المربية الجديدة التي حلت مكان تلك العجوز الوقحة؟”
لم أجب. حدّقت فيه بصمت.
“مثير للسخرية. المولى لا يساوي شيئاً سوى لقب الأمير البائس، بينما مربيته ترفع رأسها عالياً!”
ثم نظر بازدراء إلى إدوين المرتجف بجانبي.
“لو أردت كلباً ينبح عنك، كان عليك أن تختار واحداً أقوى وأذكى.”
أدار عينيه نحوي مجدداً.
“لكن بما أنني لا أستطيع معاقبة الأمير نفسه، فسأعاقب كلبه.”
وأشار لفارسه:
“هذه المربية لمست جسد أمير ودفعته. جريمة جسيمة. اقطعوا يدها.”
“أمرك، سموك!”
تقدم الفارس بخطوات ثابتة.
“مربيتي!”
صرخت كاثرين رعباً.
حتى إدوين، وقد صحا من صدمته، حاول أن يقف حاجزاً أمامي، لكنه أُزيح جانباً بسهولة.
ولما حاول الفارس الإمساك بي، انطرحت أرضاً فجأة واحتضنت إدوين.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 23"