كانت راشيل واقفة بملابس النوم، تحمل مصباحاً صغيراً.
“آشيل—!”
بعيون دامعة، ارتمت إميليا على تنورتها.
“ظننت أن الضوء انطفأ.”
رفعت راشيل الأميرة الصغيرة المتمسكة بها، وأعادتها إلى السرير، ثم أعادت إشعال المصباح في الغرفة.
“ليا لم تُطفئه، لقد انطفأ وحده عندما استيقظت.”
“إنها ليلة عاصفة، لا بد أنه انطفأ بسبب الرياح.”
تفقّدت راشيل نافذة الغرفة وأحكمت إغلاقها.
“حسناً إذن، سأذهب الآن.”
“آ-آشيل!”
تمسكت إميليا بالمربية التي همّت بالمغادرة بعد أن أنهت مهمتها.
“ماذا هناك؟”
“آشيل… ليا خائفة…”
لم تكمل الأميرة الصغيرة كلامها حتى—
رعــد—
دوّى صوت الرعد مجدداً، فانفجرت الأميرة الصغيرة باكية.
“ليا خائفة—! ليا تكره البرق—!”
“حسناً إذن، اسمحي لي بلحظة.”
دون تردّد، صعدت راشيل إلى السرير واستلقت بجانب الأميرة.
نظرت إميليا إليها بدهشة: “آشيل؟”
“سأبقى بجانبك حتى يتوقف الرعد.”
ضمّت راشيل الأميرة الصغيرة وسحبت الغطاء ليغطيهما معاً.
“بهذه الطريقة، سيكون الصوت أخف قليلاً.”
اتسعت عينا إميليا. وبالفعل بدا صوت الرعد أخفّ.
“كيف هو الآن؟”
“همم، ليس عالياً.”
“هل ما زلتِ خائفة؟”
“قليلاً فقط.”
حدّقت إميليا بهدوء في مربيتها المستلقية بجانبها. لم تستطع رؤية ملامح وجهها بسبب الظلام، لكنها كانت تسمع أنفاسها وتشعر بدفئها. لسبب ما، بدا الأمر مطمئناً.
عبثت إميليا بأصابعها.
كان غريباً… الظلام نفسه الذي أخافها قبل قليل صار الآن مريحاً.
إيما كانت تفعل ذلك أيضاً…
تذكرت إميليا وجه مربيتها السابقة، التي لم تعد موجودة. كانت، وإن لم تسمح بترك الضوء مضاءً، تضمها وتغني لها التهويدات في الليالي العاصفة حتى تغفو.
دون وعي، ارتمت الصغيرة أكثر في أحضان راشيل.
تصلبت الأخيرة للحظة من الدفء الصغير المتشبث بها.
“آشيل.”
“نعم.”
“ألا تخافين؟”
“مما؟”
“الظلام… والرعد.”
“لا أخاف.”
وأضافت بنبرة لا مبالية: “لأن كل ذلك يمرّ.”
“يمرّ؟”
حين يمرّ الليل يأتي الصباح، وحين ينتهي الرعد تنقشع السماء. كما كان دوماً.
“لهذا السبب لا أخاف.”
راحت راشيل تمسح برفق على شعر الأميرة الناعم.
“سموك، لا حاجة لأن تخافي من مثل هذه الأمور. ستمضي سريعاً.”
“همم…”
ستمضي سريعاً… هذا الظلام المخيف، وهذا الرعد المدوّي.
رددت إميليا كلمات مربيتها في ذهنها وأغمضت عينيها شيئاً فشيئاً. الطمأنينة جعلتها تنعس، وربما أيضاً رائحة الأزهار العطرة التي تنبعث من راشيل.
“إذن… آشيل، ممّ تخافين أنتِ؟”
“أنا؟”
“نعم.”
صمتت راشيل طويلاً، تحدّق في الأميرة الصغيرة التي كانت على وشك النوم، جفونها تنغلق ببطء.
“…لست متأكدة.”
وسط هدير الرعد البعيد، لم تقل راشيل شيئاً آخر. كانت عيناها مثبتتين على وجه الأميرة الذي غلبه النوم بسلام.
وهكذا، انقضت الليلة العاصفة ببطء.
بعد العاصفة
منذ تلك الليلة، صارت إميليا متشبثة بي أكثر من ذي قبل.
“آشيل، العبي مع ليا!”
“آشيل، كلي مع ليا!”
“آشيل، احملي ليا!”
حتى وقت النوم لم يسلم.
“آشيل، احكي لي قصة قبل النوم!”
“لقد تأخر الوقت يا سموك. ألا تنامين الآن؟”
“سأنام إن حكيتي لي قصة.”
رفعت الأميرة غطاء الحرير إلى ذقنها، وعيونها تلمع. آه، لا نوم مبكراً الليلة أيضاً.
تنهدت في داخلي، لكن إدوين، الجالس بقربها، قال:
“احكي لها واحدة فقط، الأمر ليس صعباً.”
منذ تلك الليلة العاصفة، صار إدوين يبقى مع أخته حتى تغفو قبل أن يعود لغرفته. محبته لها لا حدود لها.
“أي قصة ترغبين أن تسمعي؟”
“قصة عن أميرة!”
أميرة تريد أن تسمع قصة عن أميرة… لم أفهم.
“ألستِ أنتِ أميرة أصلاً، يا سموك؟”
“أنا لست أميرة، أنا أميرة إمبراطورية.”
أليست هي نفسها؟ معقدة جداً.
تأملت قليلاً.
قصة عن أميرة، هاه…
الأميرات اللواتي عرفتهن في الماضي لم يخرجن عن اثنتين: من أردن قتل خصومهن، أو من أردن قتل أزواجهن.
هل يمكن أن أحكي ذلك لطفلة لم تبلغ العاشرة؟
“أميرة مرة أخرى؟”
قطّب إدوين جبينه ونهر شقيقته: “ألم تملّي من قصص الأميرات؟”
“ملل؟ ألا تحب الأميرات، أخي؟”
“…لا.”
“لماذا؟ الأميرات جميلات ولطيفات!”
“هنّ ضعيفات.”
هبط صوته كأنه يتذكر شيئاً.
“أنا لا أحب الضعفاء.”
“إذن هل لا تحب ليا أيضاً؟”
حدّقت إميليا فيه بعينين يائستين.
“ليا ضعيفة أيضاً.”
“يا أحمق. أنتِ صغيرة، ومن الطبيعي أن تكوني ضعيفة.”
قرص إدوين أنف أخته ضاحكاً.
“ولا بأس، فأنا سأحميك.”
“صحيح! أنت أمير! والأمراء هم الأقوى في العالم!”
“أدركتِ ذلك الآن فقط؟”
بدأا جدالهما المعتاد. إدوين، الذي لا يقوى على خادم واحد، يتحدث عن حماية الآخرين.
“إذن من سيحمي الأمير؟”
“ماذا؟ حسناً…”
ارتبك عند سؤالي. ثم احمرّ وصرخ:
“أنتِ! أنتِ ستحمينني! فأنتِ مربّيتي!”
توقفت لحظة.
“سموك.”
“ماذا! ماذا هناك! أهناك مشكلة؟”
“لا ينبغي أن تعتمد على الآخرين لحمايتك. عليك أن تتعلم كيف تحمي نفسك.”
اتسعت عينا إدوين. ثم عبس وعضّ شفته.
“ماذا تعنين؟ أتقصدين أنكِ لن تحميني؟”
“بل سأحميك، فهذا طبيعي كوني مربيتك.”
“إذن؟”
“لكن لا أستطيع أن أكون قربك طوال الوقت.”
“هذا—!”
كاد يقول شيئاً لكنه توقف، يعضّ على شفتيه. نظر إليّ بغيظ ثم أدار رأسه.
“تفو! تعظين كثيراً بسبب مزحة بسيطة. أستطيع أن أحمي نفسي!”
“حقاً؟”
“نعم!”
رفع صوته بانفعال.
“أنا قادر تماماً على الاعتماد على نفسي!”
“ذلك أمر سارّ.”
أطفأت المصباح قرب سريرهما.
“الآن حان وقت النوم.”
“آه! وماذا عن قصة الأميرة؟”
“آه، الأميرة.”
تذكرت أنني وعدتها. نظرت إلى القمر المرتفع، ثم انحنيت قليلاً.
“لقد تأخر الوقت. ناما الآن.”
“آشيل! قلتِ إنك ستحكين!”
لكنني لم أستطع. فلا يمكنني أن أروي لها قصة أميرة تأمر بقتل زوجها الخائن وجاريته.
“سأطلب من رئيسة الخدم أن تأتي غداً. هي تعرف قصصاً أجمل مني.”
“حقاً؟ كاثرين ستحكي قصصاً؟”
“نعم.”
لم أستشرها، لكني واثقة أنها ستوافق. شعرت ببعض الذنب تجاه كاثرين، لكن لا خيار آخر.
“والآن، تصبحان على خير.”
انتهى يوم آخر كمربية بسلام. حان وقتي الخاص أخيراً.
صباح اليوم التالي
“ناني، هل لم تنامي جيداً البارحة؟”
نظرت كاثرين إليّ بقلق وأنا أتثاءب بلا توقف.
“نعم، قليلاً فقط.”
غطّيت فمي بيدي. لقد قضيت الليل كله في التدريب داخل غرفتي حتى بزغ الفجر.
هل بدأت أشعر بأن الوقت يداهمني؟
لكي أجد حقيقة موتي، عليّ أن أخرج من هنا يوماً ما. وأحتاج جسداً صالحاً للقتال حينها.
لكن المشكلة أن جسدي الآن لا يلحق بي مهما درّبت.
“واجهت صعوبة في النوم.”
“هل أعدّ لك شاي أعشاب يساعد على النوم؟”
“لا، لست بحاجة.”
مسحت عينيّ المتعبتين. وضعت كاثرين يديها على خاصرتها بصرامة.
“هذا لا يصلح. تحتاجين إلى راحة لا تقل عن نصف ساعة.”
“ماذا؟”
“ناني، لا تستطيعين التركيز هكذا. كيف ستعتنين بسمويهما؟ أليس كذلك؟”
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 20"