«لقد قال إنه التقى بالأمير الأول أدريان في المكتبة.»
كان إدوين قد حدّثني عن ذهابه بمفرده إلى المكتبة ولقائه هناك بالأمير الأول. بدا متحمسًا وهو يروي كيف تبادلا حديثًا مطوّلًا لأول مرة، وكيف شعر أن الأمير الأول شخص طيب.
«الأمير الأول قال إنه يشجّعه في طريقه.»
لا أعلم بالضبط ما قيل بينهما، لكن إن كان إدوين قد شعر بذلك فلا بد أن الأمر لم يكن كذبًا.
أنا بدوري تذكرت أدريان عندما صادفته في قصر الإمبراطورة. لم يكن ليبدو كشخص يلقي كلمات مجاملة بلا معنى. فسواء أكان الأمر إيجابيًا أم سلبيًا، إن لم يكن مهتمًا بإدوين، لما تكلّف حتى عناء مخاطبته.
“كما أنه قال إنه لا يريد أن يخسر أمام الأمير الثاني.”
“ماذا؟! هل قال إدوين سموه ذلك حقًا؟”
كاثرين لم تستطع إخفاء دهشتها. فمن اعتادت رؤيته خائفًا ومنكمشًا أمام لويد، من الصعب عليها أن تصدّق أنه صار يظهر رغبة في التفوّق على أخيه.
لكنني أدركت أن وراء هذا الدافع سببًا آخر.
فقد تذكرت دائمًا نظرات إدوين التي كانت تلاحق فتاة صغيرة… بريجيت كراونر، الابنة الوحيدة لدوق كراونر.
«الفتاة المقدر أن تصبح الإمبراطورة.»
وأول حب بريء لإدوين.
لم أتمالك نفسي من ابتسامة ساخرة.
«أي حب هذا الذي يجعل حتى طفلًا صغيرًا يلقي بكل شيء في سبيله؟»
الحب… شيء عصيّ على الفهم.
قلت بهدوء وأنا أنظر إلى كاثرين وسيدج:
“لقد قررت، بصفتي مربّية الأمير، أن أسير معه في الطريق الذي اختاره. وإن شاركتماني فيه فسيكون ذلك أعظم دعم.”
ضحك سيدج وكأن الأمر كله يثير فضوله:
“مهما كان السبب، فأنا موافق. فأن تكون معلّمًا للإمبراطور أشرف بكثير من أن تكون معلّمًا لأمير أو ولي عهد.”
كذبٌ يتقنه بمهارة. هذا العجوز لم يعرف يومًا طعم الطموح السياسي. الحقيقة أنه ببساطة وجد نفسه مولعًا بإدوين.
أما كاثرين، فقد ترددت طويلًا قبل أن ترد:
“… أعلم أن المستقبل مجهول، ولا أحد يضمن النتائج. لكنني لست مستعدة للتخلي.”
ثم شدّت قامتها وقالت بعزم:
“أنا رئيسة وصيفات القصر الثالث. لن أتنازل عن مكاني، ولن أغادر القصر. سأخدم الأمراء حتى النهاية.”
ابتسمت برضا:
“جيد. إذن أصبحنا الآن جميعًا في مركب واحد.”
سأل سيدج بفضول صريح:
“فماذا تنوين فعله بعد الآن يا آنسة براون؟ لا يبدو أن هناك فرصة حالية لجذب دوق كراونر إلى صفّنا.”
أجبته بابتسامة خفيفة:
“سنبدأ بما نستطيع فعله أولًا. ثم لا تنسوا… الحلفاء لا يكونون دائمًا داخل القصر فقط.”
التفت كلاهما إليّ بدهشة من عبارتي الغامضة.
في أحد الأزقة المظلمة بالعاصمة، كنت أقف بجانب سيدج الذي أخفى رأسه بغطاء.
“لم أتخيّل أنني سأجرّ إلى أمر كهذا.” قالها وهو يتنهّد بعمق.
“أحقًا يستدعي الأمر أن تكلّفيني بكل هذا، وتستنزفي طاقة رجل مسنّ مثلي؟”
أجبته بهدوء:
“لا خيار لنا، فقد قطعنا عهدًا.”
ناولني لفافة وهو يتمتم:
“كيف أصبحتِ على علاقة وثيقة بملك أدامانت؟”
“حدث ذلك تدريجيًا.”
“كلام فارغ. لا شخص عادي يقيم تحالفًا مع ملك.”
ابتسمت ببرود:
“وأنا لست شخصًا عاديًا، أليس كذلك؟”
ارتسم خط متصلب على شفتيه، لكنه لم يعقّب. فتحت اللفافة، فإذا بثوب كهنوتي أبيض ينساب بلمعان راقٍ.
“هذا؟”
“زيّ كهنوتي من طرف أدامانت.”
ارتديته فوق ملابسي، والملمس الفاخر للقماش لم يكن يوحي أبدًا بتواضع أو ورع.
ناولني بعدها صفيحة فضية رقيقة:
“هذه بطاقة هوية الكاهن المزيّفة التي طلبتها. هل هي صالحة للاستخدام؟”
تأملت الرموز المحفورة عليها. كانت متقنة بحيث يستحيل على العين المجردة تمييزها عن الحقيقية.
“جيدة جدًا.”
قطّب حاجبيه:
“وماذا إن كشف أمرك أحد الكهنة؟”
“لن يحدث. حتى أمهرهم لن يميّزها.”
هزّ رأسه وهو يحدّق فيّ بقلق:
“فقط… إياك أن ينكشف أمرك.”
أومأت بابتسامة مطمئنة:
“إذن أترك الأمير بين يديك إلى حين عودتي.”
“لا تقلقي. سأحرس القصر مع تلك الوصيفة الخرقاء كما يجب.”
تركت ابتسامة ساخرة على وجهي وأنا أستدير نحو المعبد العظيم الذي تلألأ جدارُه الأبيض من بعيد.
«إذن… فلنبدأ.»
كانت هذه أول مهمة في سبيل التحالف مع ملك أدامانت.
عند مدخل المعبد، راقبت الحراس الذين كادوا يتثاءبون. ألقوا نظرة عابرة على بطاقتي المزيّفة، ثم أفسحوا الطريق على الفور.
«حراسة في غاية التراخي.»
لكن هذا كان في صالحي.
تقدّمت بخطوات واثقة، دون أن يلحظني أحد بريبة، حتى وصلت إلى مساكن الكهنة.
«من أين أبدأ؟»
المعبد أضخم من أن يُطاف به في يوم واحد. لكن الأنسب هو المكان الذي يجتمع فيه أكبر عدد من الكهنة.
وقد علمت مسبقًا أن معظم الكهنة الذين يترددون على القصر الإمبراطوري ينتمون إلى هنا.
حينها تذكرت ما قالته كاثرين عندما سألتها:
– “أتعرفين شيئًا عن كهنة المعبد الذين يدخلون القصر؟”
– “السير دايل يعرفهم. إنه قائد حرس البوابة. تريدين أن أستفسر منه؟”
لو كانت في حياتي السابقة، لعرضتُ عليها الانضمام إلى التنظيم، فالمهارة الفطرية في جمع المعلومات تكاد لا تُضاهى.
هززت رأسي لأطرد هذه الأفكار الجانبية. فأنا الآن في خضم مهمة.
لكن فجأة سمعت صوتًا من خلفي:
“أيتها الأخت، ما الذي تفعلينه هنا؟”
«سيئ للغاية.»
استدرت بحذر مستعدة للهجوم إن لزم، لكن المتحدث لم يكن كاهنًا. بل خادم يعمل في المعبد.
ابتسم قائلًا:
“ستبدأ الصلاة الجماعية قريبًا. إن لم تسرعي فلن تدركيها.”
ثم تابع وهو يشير إلى قاعة ضخمة:
“القاعة الكبرى هناك. إن لم تصل إليها في الوقت المحدد فستُسجّل عليك عقوبة.”
«قاعة الصلاة الكبرى… حيث يجتمع كل الكهنة.»
أومأت له ببرود، ثم أسرعت باتجاهها. وفي اللحظة نفسها دوّى جرس المعبد الكبير، يملأ المكان بصدى ثقيل يلاحق خطواتي كظل طويل.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات