“تتذكرين ذلك الواجب الذي أعطيتِني إيّاه؟ أن أجد وسيلة لمهاجمة قلعة أدامانت؟”
عينيه أشرقتا بذكاء وهو يتابع:
“يومها قلتِ إن على المرء أن يبحث عن نقطة ضعف خصمه، وغالباً ما تكون تلك النقطة هي ما يحبّه أكثر من أي شيء. لهذا سألتُ جلالة الملك كايدن عمّا هو أغلى ما عنده، شيئاً لو فقده فلن يمانع في التضحية بملكه أو حتى حياته… ثم…”
اتسعت عينا الأمير الصغير وهو يتذكر، ثم قال بدهشة:
“ضحك! تخيّلي! ثم قال إن في قلبه امرأة، وإن أحضرها له أحد، فبإمكانه أن يسلّم مملكة أدامانت بأكملها مقابلها!”
مملكة أدامانت هكذا بكل بساطة؟
لقد قاد ثورةً، وخاطر بحياته، وخاض الحروب ليبنيها، ثم يصفها بـ”لا شيء”!؟
لا بد أن تلك المرأة عنده أعزّ من كل ما يملك.
أيمكن أن تكون هي نفسها “الشخص العزيز” الذي قال إنه فقده بسبب “نَفَس الملاك”؟
لو كان كذلك، فالأمر معقول. فالمرأة ماتت، والموت لا عودة منه. لذا تجرّأ أن يتفوّه بكلام كهذا بلا تردد.
ولو وُجد من يقدر على إحياء الموتى، لكان صاحب ذلك الفضل قادراً على إمساك خناق الملك. لكن، ذلك مستحيل.
سألت إدون:
“ألم يذكر شيئاً عن ملامحها أو هويتها؟”
هزّ رأسه بخيبة، ثم أضاف فجأة:
“آه، لكنه قال إنه لو رآها مجدداً فسيعرفها حتماً. قال إن على جسدها علامة مميزة.”
إذن ليست هي نفسها المرأة التي فقدها… بل شخص آخر يشبهها؟ وعلامة في الجسد؟ مكانها غير معروف… هذا يثير فضولي.
أيّ امرأة هذه التي يجرؤ ملك أدامانت أن يقول إنه سيهدم مملكته من أجلها؟
لكن… كيف يستقبل في فراشه أي امرأة ليتناوبن السهر قربه، بينما يزعم أن قلبه مع واحدة فقط؟ حتى وإن لم يكن لغرض غير الحراسة، الأمر يظل متناقضاً.
سألني إدون وهو مستلقٍ واضعاً ذقنه على كفه:
“ماذا تظنين؟ كيف تكون تلك المرأة التي يحبها الملك كايدن؟”
قلت:
“لا أعلم.”
“أجل، ليس سهلاً التخمين.”
تنهد وتمدّد على ظهره، ثم بدأ يحرّك أطرافه بعشوائية مثل حشرة مقلوبة.
ما الذي أصابه؟
تعودت على تصرّفاته الغريبة: يضحك من دون سبب، يقفز مراراً من أماكن منخفضة، وغير ذلك من حركات الأطفال.
كنتُ أظنها بلا معنى، لكن مع الوقت صرت أفهم… هذه إشاراته.
عندما يحرّك أطرافه هكذا بلا توقف، فذلك لأنه في مزاج جيد.
“كنت أحسبه يكرهني، لكنه لا يكرهني أبداً. فلو كان يكرهني لما طلب مني أن أتبارى معه، صحيح؟”
ابتسمت بخفة وأنا أسحب الغطاء لأغطيه جيداً.
“يبدو أن المبارزة أعجبتك.”
“كانت متعبة جداً، لكنني سعيد بها. أحسست أنني أدركت بعض ما ينقصني.”
شدّ الغطاء حتى ذقنه وقال بحماس:
“بعد انتهاء مهرجان التأسيس سأتمرن أكثر على السيف.”
كم هو رائع أن يعترف بنقصه ويسعى لإصلاحه…
ربتُّ على شعره كعادتي قبل النوم.
“الآن عليك أن تنام. غداً اليوم الأخير من المهرجان، وعليك النهوض باكراً لتوديع الوفود.”
“صحيح… عليّ أن أنام.”
ابتسم وأغمض عينيه سريعاً، وقد غلبه النعاس. لا بد أن جسده المنهك بعد مبارزة مع أقوى فارس في القارة لم يحتمل أكثر.
وقبل أن يغفو تماماً، تمتم:
“تصبحين على خير، رايتشل.”
أرسل إليّ تحية المساء حتى وهو يغفو…
مع بزوغ أول خيوط الفجر.
“ج… جلالة الملك؟”
نطقت كاثرين بدهشة حين رأت وفد أدامانت يستعدّ للرحيل باكراً جداً. لم يكن غيرهم قد استيقظ بعد.
“ستغادرون الآن؟”
“نعم. لديّ أعمال متراكمة تنتظرني.”
أجابها كايدن وهو يرتدي درعه بابتسامة هادئة:
“مملكتي ما زالت فتية، وهناك أمور كثيرة عليّ القيام بها بنفسي.”
قالت بقلق:
“لكن، جلالتكم لم تودّعوا الإمبراطور بعد، ما زال الوقت باكراً على بدء مهامه…”
“لا تقلقي.”
ابتسم مطمئناً:
“استأذنت منه مسبقاً، وأبلغته أنني سأغادر فجراً.”
وبالفعل، كان الإمبراطور على علم بخروجه المبكر، وهو في الظاهر خروجٌ لتخفيف عبء البروتوكولات عنه.
أردف كايدن:
“لو لم تكن هناك وحوش تعيث فساداً كل يوم، لوددت أن أبقى أطول.”
تنهد بأسف:
“لقد أعجبتني العاصمة كثيراً.”
كأنما قرأ ما يخالج خاطرها، أشرق وجه كاثرين بفرح.
“حقاً؟”
“نعم. حمّامات القصر مريحة، والخدمة ممتازة. قضيت وقتاً طيباً هنا.”
“الشرف لنا يا جلالة الملك!”
بعد تبادل كلمات الوداع، شدّ كايدن رباط قفازه وقال:
“أما الأمير إدون، فلا داعي لإيقاظه من نومه…”
لكن فجأة، فُتح الباب واندفع إدون وهو يلهث، أزرار قميصه غير مكتملة.
“جلالة الملك!”
ومن خلفه ظهرت الأميرة الصغيرة إميليا، تفرك عينيها نصف نائمة:
“أوووه… ليا نعسانة…”
ضحك كايدن بارتباك: لم يكن يتوقع أن يُقلق نوم الطفلة.
قالت إميليا وهي تحدّق فيه:
“أوه! الملك! استيقظت قبلي!”
اقتربت منه وهي تبتسم، فركع على ركبة واحدة أمامها قائلاً:
“أعتذر إن أيقظتكِ يا صاحبة السمو.”
“لا بأس… لم أعد نعسانة.” ثم تثاءبت بشدة.
لمحت درعه فسألت ببراءة:
“إلى أين تذهب وأنت مرتدٍ الدرع؟”
“سأعود إلى وطني، صغيرتي.”
“إلى بيتك؟ لماذا؟”
تجمدت الطفلة لحظة ثم صاحت:
“لكن… أنت صديقي! ألا تعيش معي؟”
ارتبك كايدن لبرهة.
قال بلطف: “آسف يا أميرة. هناك عائلتي في وطني بانتظاري.”
“ألستَ عائلتي أنت أيضاً؟”
ارتعش قلبه لتلك الكلمة.
لكنها لم تمهله، بل انفجرت بالبكاء:
“أنت صديقي الوحيد! لا تتركني! لا تذهب!”
ثم اندفعت لتعانقه باكية، ووقف الملك متجمداً لا يعرف كيف يردّ.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 116"