«لم أستطع أن أسألكِ في ذلك اليوم… فأنتِ لا تتحدثين عن نفسكِ كثيرًا يا مربيتنا…»
ترددت كاثرين لحظة، ثم خفضت صوتها أكثر:
«أخشى أنني تسببتُ لكِ في… موقف حرج؟»
فالمواقف الحرجة التي قد تتعرض لها امرأة تدخل غرفة ملك وحدها في ساعة متأخرة، معروفة لا تخفى.
«بعد ذلك اليوم تحديدًا، طلبتُ أن تُرسل وصيفاتٌ غيركِ إلى جلالته، وعدن جميعًا وهنّ يقلن إنهن أمضين الليل كله وهن ينعسن على الكراسي. لذا ظننتُ أنه لم يحدث لكِ شيء. لكن حين تذكّرت أن الملك طلب منك وحدك أن تناديه باسمه، وكان ينظر إليكِ بنظراتٍ… رقيقة بعض الشيء… أقلقني أن تكوني قد تعرضتِ لشيءٍ مهين بسببي.»
كانت كاثرين تبدو فعلاً خائفة من أنني ربما لاقيتُ إهانة من الملك بسببها.
ولعل ذلك يفسّر تلك النظرات القلقة التي كانت ترمقني بها مؤخرًا كجروٍ لا يطيق صبرًا.
«لا تقلقي يا كاثرين، ما تخشينه لم يحدث.»
«ح-حقًّا؟ إذن فالحمد لله…»
«ولكن… تراجعي قليلًا.»
«ها؟»
«الأميرة إيميليا تكاد تنسحق بيننا.»
نظرت كاثرين إلى الأسفل ففزعت؛ إذ إن إيميليا التي كنتُ أضمّها إلى صدري قد انضغط خدّاها حتى كادا ينفجران بسبب التصاق كاثرين بي.
«يا للحرج! سامحيني يا صاحبة السمو!»
قالت الصغيرة: «ليا بخير.»
داعبت كاثرين شعر الأميرة سريعًا، ثم عادت إليّ:
«لكن… أ意وجد أمر آخر إذن؟ لقد بدا وجهكِ عابسًا خلال الأيام الماضية، فقلقت عليكِ.»
قلتُ بفتور: «مجرد أمورٍ أفكّر فيها. لا شيء مهمًّا.»
نعم… «أمرٌ غير مهم».
انعقدت شفتاي وأنا أتذكر كايدن.
لم أزل أجهل سبب ذهابه إلى المكان الذي متُّ فيه، ولماذا بكَى هناك.
منذ تلك الليلة التي رأيتُه فيها يذرف الدموع في حقل القصب حيث لفظتُ أنفاسي، وأنا أراقبه خفية.
ولم ألحظ شيئًا لافتًا… سوى أن اهتمامه بي قد خفّ كثيرًا.
ومنذ تلك الليلة لم يغادر جناح الأمير.
ملك آدمنت الشاب بقي ماكرًا، مُهذّبًا بفظاظة، واثقًا مسترخياً. بل أخذ –كما قالت كاثرين– يُدخل وصيفة مختلفة إلى غرفته كل ليلة.
(مع أن تبدل الوصيفات كل ليلة لم يكن برغبته حقًّا؛ فالوصيفات اللاتي قضين الليل في غرفته شكين جميعًا من أن مجرد وجودهن معه في المكان يخنق أنفاسهن رعبًا.)
على أي حال، بات مؤكدًا أن كايدن يعرف حقيقتي القديمة.
(ذهابه إلى موضع موتي يوحي بأنه كان له شأنٌ ما معي…)
لو كان مدينًا لي بحياته لهان فهمُ ذلك، لكنني لا أذكر أنني خلصتُ حياته قط.
«بس!»
فجأةً ضربتني كاثرين بخفّة على ساعدي. رفعتُ حاجبًا أنظر إليها.
«مهما كثرت انشغالاتكِ، فعلى الأقل اليوم ركّزي على الأمير إدون! اليوم سيؤدي رقصة السيف أمام جلالة الإمبراطور—إنه يومٌ تاريخي!»
قالت بملامحٍ متكلّفة الجدية: «اليوم يجب أن نجعل أميرَنا إدون بطلَ المشهد. هذا واجبنا الوحيد!»
هتفت إيميليا: «ليا ستشجّع أخاها! نعم!»
ربّتت كاثرين على رأسها: «ما أطيبكِ يا أميرتنا، وجودكِ تشجيعٌ بحد ذاته.»
«بطل المشهد»…
نظرتُ إلى إدون فوق المنصّة يُجرّب وضعياته.
كم تبدّل…
(حين التقيته أول مرة كان كمُهرة هزيلة بلا بهاء.)
أما الآن، فحيويةٌ تشعّ من جسده الذي اكتسب لحمًا وعضلًا مناسبين، وهيئةٌ نظيفة نبيلة تليق بأمير.
لقد صار مختلفًا تمامًا؛ لا عجب إن قيل إنه بطل هذا اليوم.
«صحيح.» أجبتُ كاثرين أخيرًا.
فكما قالت، واجبي اليوم هو تشجيع إدون.
فأنا الآن لستُ «كاِيلا»، بل «رايتشل براون» مربية الأمير.
«أعتذر إن أقلقتُكِ لإهمالي شأني الأساسي.»
«ليس… ليس ثمة داعٍ للاعتذار…»
«يبدو أن الاستعدادات تمت. فلننطلق.»
«أنتِ لا تشعرين بالذنب أبدًا، أليس كذلك؟» تمتمتْ.
تركتُ تذمّرها وتقدمتُ. كان إدون، وقد أنهى تجهيزاته، يحدّق بي من فوق المنصّة بعينين لامعتين.
مددتُ يدي بأدب: «هيا يا صاحب السمو.»
اتسعت عيناه ثم ابتسم ابتسامة مشرقة وأومأ: «نعم!»
شُيّدت قاعةُ الوليمة العظمى في إمبراطورية بنتروُم خصيصًا لاستقبال الضيوف.
اجتمع فيها بمناسبة مهرجان التأسيس أفرادُ العائلة الإمبراطورية وسفراء الدول وكبار النبلاء.
ولئن كانت الطاولاتُ الفخمة تملأ المكان في الأيام العادية، فقد بدا المشهد اليوم مختلفًا:
«منصةٌ دائرية في وسط القاعة؟ أمر فريد.»
«أترى قد أُعدّ عرضٌ باهر؟»
تأمّل وفود السفراء تلك المنصة الدائرية الضخمة في الوسط وهم يتبادلون التعليقات.
سأل أقربُ سفراء إمبراطورية خان إلى الإمبراطور:
«مولاي، ما شأن هذه؟»
ابتسم الإمبراطور: «وأنت، كيف تراها؟»
أجاب السفير ضاحكًا: «تبدو كمنصة… لكنها أشبه بحلبة قتال.»
قهقه الإمبراطور: «حلبة، تقول؟»
كاد الوصف أن يُعدّ خروجًا على اللياقة في مناسبة بهيجة، غير أن الإمبراطور اكتفى بضحكة وهو يرفع كأس النبيذ:
«ولِمَ لا؟ أليست الحلبةُ ميدان مبارزة؟ وهل من متعٍ تعدل متعةَ مشاهدة القتال؟»
تبادل السفراء النظرات حائرين، بينما اشتدّت ملامحُ الإمبراطورة الثانية هيلينا قليلًا وقبضتْ يدها تحت الطاولة.
سأله أحد النبلاء: «مولاي، تبدون في مزاجٍ طيب الليلة.»
قال وهو يلتفت يمينه نحو كايدن الجالس إلى جواره:
«وكيف لا، وملك آدمنت قد أهداني هدية أبهجتني؟»
لوّح كايدن بالكأس أدبًا: «ليست إلا هدية أولى متواضعة بين يدي جلالتكم.»
ضحك الإمبراطور: «بل عظيمة.»
لقد تراكمت الهدايا من كل الوفود، لكنها مجتمعة لا تضاهي ما جاء به آدمنت:
عشرةُ سيوفٍ أسطورية من صنع الأقزام،
عشرةٌ من الّليكان المروَّضين،
وعشرة آلاف «تريون» من خام الآدمنت.
والأخيرة أثمنها؛ كمية تكفي لتغليف جزء من أسوار العاصمة بذلك المعدن.
ارتشف الإمبراطور نبيذه مفكرًا:
(إن كانوا يهدون عشرة آلاف، فكم يملكون يا ترى؟)
تأرجح بين اعتباره تهوّرًا أو كبرياء. فمملكة ليونيل البائدة كانت تخفي شأن مناجم الآدمنت وتُقنّن تصديره خوفًا من الأطماع.
أما سيدُ المنجم الجديد ففكّر على نحو مغاير—خصوصًا في زمن استشراء الوحوش، إذ يزداد قدرُ الآدمنت قيمةً؛ فهو أنسبُ ما يشقُّ جلودها وأنيابها.
تموج جشعٌ خافت في عينيه:
(كان ينبغي أن أغزو ليونيل يوم بدت بوادرُ الضعف… ولكني ترددت.)
لو فعل، لما جلس هذا الفارسُ المجهول الأصل على عرشٍ لا يليق به—في نظره.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 106"