ارتجف إدون من الدهشة، بينما كان كايدن يضع الأميرة الصغيرة برفق على الأرض، ثم حيّا الأمير قائلاً:
“صباح الخير، يا صاحب السمو الأمير الثالث.”
“آه… نعم…”
تلعثم إدون قليلاً قبل أن يردّ التحية:
“صباح الخير، يا جلالة الملك.”
“أريد أن أركب مجدداً! أريد أن أركب!”
صاحت إميليا متدلّلة، طالبة أن يحملها على كتفيه مرة أخرى.
“إميليا، تعالي هنا.”
شدّها إدون إلى خلف ظهره ليخفيها.
(ما العمل؟)
تذكّر كلمات والده الإمبراطور: “أحسن ضيافة الضيوف.” وتذكّر أيضاً نصيحة معلمه: “إن نجحت في استقبال الوفود ستنال اعتراف الإمبراطور بقدرتك الدبلوماسية. والدبلوماسية ليست سوى فنّ كسب الأصدقاء.”
لكن كيف يُطلب من طفل بالكاد يعرف كيف يصادق أقرانه أن يعقد صداقة مع ملك دولة كبرى؟
وفوق ذلك، لم يتوقّع أبداً أن تتسبب إميليا في موقف كهذا.
وبينما كان يبحث عن طريقة للاعتذار عن تصرّف أخته، قال كايدن فجأة:
“يبدو أن الرسام لم يكن ماهراً.”
اتسعت عينا إدون بدهشة، ينظر إلى الملك الذي ظلّ محدقاً في اللوحة المعلّقة على الجدار.
“لو رسمها أكثر جمالاً وحيوية لكانت أفضل.”
عيناه ما زالتا معلّقتين على صورة الإمبراطورة الثالثة.
تبع نظراته إدون، يتأمل صورة والدته.
“أعتقد أنّ ضربات الفرشاة ليست دقيقة بما يكفي.”
“آه…”
لم يكن يعرف بماذا يجيب. لم يسبق له أن فحص اللوحة عن كثب أو اهتمّ بتفاصيل الرسم، فكيف له أن يعرف إن كانت الفرشاة دقيقة أم لا؟
أخذ إدون بيد إميليا التي أصرّت على البقاء، وخرج بها مسرعاً من القاعة.
ترك الملك وحيداً، فتوجّه ببطء نحو اللوحة.
“ألَم أحذّرك يا أختي؟”
كان صوته بارداً كالثلج.
“قلت لكِ… لا تكوني طيبة أكثر من اللازم.”
إديس ليونيل، آخر أميرات مملكة ليونيل، وأصغر أخواته غير الشقيقات… كانت الوحيدة التي عاملته بلطف. وفي النهاية، انتهى بها الأمر أن تُباع كرهينة إلى الإمبراطورية.
“ألجئتِ إلى هنا لتُحبسي في إطارٍ على الجدار؟ أهذا ما أردتِه حقاً؟”
“تظنين أنّ هذه الابتسامة تغيّر شيئاً؟ يا لكِ من ساذجة.”
أدار ظهره بعنف، متخلّياً عن أي أثر للحنين أو التردّد.
في قاعة الطعام الفخمة على غير عادتها، كانت الوصيفات يدخلن ويخرجن بخطوات متوترة يحملن الأطباق.
(الجميع في غاية التوتر.)
ولم يكن عجيباً، فهذا أول إفطار رسمي يُقدَّم لضيف القصر.
(وحتى هذا الفتى مثقل بالتوتر…)
نظرتُ إلى إدون الجالس بجانبي، أرى العرق يتصبّب على عنقه، بينما يعبث بأدوات الطعام المرتجفة.
أما الضيف الجالس أمامنا فكان يأكل بهدوء وصمت، غير عابئ بالحرج الذي يغمر المائدة.
(آه… يأكل كأنه أحد النبلاء الراسخين.)
لم أتوقع أن يكون بهذه الأناقة. قيل إنه من عامة الشعب، ومع ذلك كان إمساكه بالسكين والشوكة مثالياً، يدل على تدريب رفيع. لابد أنّه تعلم الآداب جيداً بعد اعتلائه العرش، فلا يليق بالملك أن يُظهر جهلاً أو فظاظة.
لكن فجأة—
طنين خفيف على الطاولة.
كان كايدن يطرق بخفة على طبقه مستخدماً شوكته.
رمقني مباشرة بعينيه الذهبيتين.
(أحقاً يضايقه أنّني أنظر إليه وهو يأكل؟)
بدلاً من أن أشيح بنظري، قابلتُه بنظرة حادة مماثلة. فالتقت النظرات في صمتٍ متوتر، وكأن شرراً يتطاير في الهواء.
قال عندها:
“أيها الأمير إدون.”
ثم حوّل عينيه نحو الطفل.
“هل لي بطلب صغير؟”
كان صوته جاداً، غير أنّ وجهه احتفظ بابتسامة مريحة.
“طل… طلب؟”
توقف إدون عن محاولاته العقيمة لقطع قطعة اللحم الصلبة، ورفع رأسه باندهاش.
“ما هو؟”
“أودّ أن أتجوّل في القصر الإمبراطوري. هل تشرّفني بمرافقتك؟”
لم أستطع منع نفسي من رفع حاجبَيّ. (ملك يوصف بأنه “إله الحرب”… يهوى السياحة؟)
تردّد إدون. فبعد الإفطار كان عليه أن يلتحق بتدريبات السيف، ولم يكن قادراً على مصاحبة ضيفه.
ابتسم الملك بليونة وقال:
“إن لم يتيسّر لسموك، فهل يمكن أن تُوكل المهمة إلى شخصٍ موثوق به؟”
فكر إدون قليلاً، ثم قال:
“ربما أوكل الأمر إلى كاثرين، كبيرة الوصيفات…”
“كاثرين؟ تلك التي أرشدتني بالأمس؟ قيل إنها مريضة. لعل من الأفضل اختيار غيرها.”
“مريضة؟”
بدت الدهشة على إدون وهو يلتفت نحوي.
(طبعاً سيتساءل، وهي واقفة الآن تخدم إميليا بكامل نشاطها.)
غمزت له سريعاً كي لا يُطيل السؤال.
“حسناً إذن… سأرتّب أن ترافقك وصيفة أخرى.”
لكن كايدن ارتاح إلى ظهر كرسيه، وابتسم وهو يثبت عينيه عليّ تحديداً.
“إن أذن الأمير… لوددتُ أن تتولى الآنسة براون مهمة الإرشاد.”
(ما الذي يقصده هذا الرجل؟)
اتسعت عيناي غضباً، لكن إدون، ذلك الصغير الساذج، وافق على الفور:
“أجل، راشيل جديرة بالثقة. ستقوم بالمهمة على أكمل وجه.”
شعرت بخيبة أمل جارحة. ألم يكن عليه على الأقل أن يسأل لماذا اختارني بالذات؟
قال الملك بابتسامة مصطنعة:
“إذن أعتمد عليكِ، آنسة براون.”
رمقته ببرود، ثم انحنيت بخفة مجيبة:
“إنها شرفٌ لي يا جلالة الملك.”
(كما العادة… لا خيار لي إلا الطاعة.)
لم أكن مرتاحة على الإطلاق. كل الأعين في أروقة القصر كانت تتبعنا.
“ذلك هو ملك آدمَنت؟”
“يُقال إنه إله الحرب… لكن لا يبدو كذلك.”
“ومن تكون تلك الفتاة بجانبه؟”
لم يكن غريباً أن يثير ظهوره ضجة. فهذا الرجل هو مؤسس مملكته، وها هو يسير في أرجاء القصر الإمبراطوري بجسده المهيب وعينَيه الذهبيتين.
قلت وأنا أُشير إلى البنايات من بعيد، متجنّبةً النظر إليه:
“هناك القصر المخصص للإمبراطورة، وإلى جواره قصر ولي العهد. وما ترونه أمامكم هو الحديقة المركزية، أوسع حدائق القصر. أما في الجهة الشرقية، فذاك قصر الزوجة الثانية للأمبراطور وقصر الأمير الثاني.”
“أفهم. وتلك البناية هناك؟”
أشار إلى مكان تعلوه رايات فاخرة تتمايل مع الريح.
كانت مقرّ “فرسان غلوريا” الشهير.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 102"