كان طَرق الباب القوي والمفاجئ الذي سُمع في نهاية هو إيذاناً بقدوم عاصفة ملكية عارمة. انفتح الباب بعنف كاد أن يخلعه من مفصلاته ودخلت الأميرة “سارة” كانت هي نفسها لكنها في حالة لا يمكن تصورها فستانها الحريري الأنيق كان مُبعثراً قليلاً وشعرها الداكن منسدل بتهور حول وجهها المشوه بالغضب والدموع المكبوتة. صوتها المرتفع يعجّ في أرجاء الدوقية وكان واضحاً أنها لم تكن في وعيها المعتاد. لم يرها “إيثان” بهذا الشكل من الجنون من قبل فكانت ردة فعله القوية مزيجاً من الصدمة والانزعاج.
صرخت “سارة” فوراً واضعة يديها على صدرها : كيف يمكنك الزواج هكذا؟ هل جننت؟ هل فقدت عقلك يا إيثان؟!
نظر “إيثان” إلى الخدم الواقفين في الخارج وجوههم شاحبة وخائفة. لقد دخلت رغماً عن الجميع لم يستطع أحد إيقاف الأميرة الهائجة التي لم تعتد أن يُرفض لها طلب أشار “إيثان” بيده بحركة حاسمة للخروج مطمئناً الخدم بعينيه على أنه سيتولى الأمر.
تحدث “إيثان” بلهجة غضب حادة تليق بأمير حرب: سارة ماذا دهاكِ؟ هل فقدتِ صوابكِ حقاً؟ كيف لكِ ألا تراعي الآداب؟ نحن في الدوقية، وتصرفاتكِ هذه تسيء لسمعتنا. لماذا هذا التهور اللامسؤول؟
ضغط “إيثان” على صدغيه بأصابعه كان يريد الراحة من أعباء يوم مضى وها قد جاءت المصائب تلاحقه على هيئة صديق قديم.
ردت “سارة” وهي تتقدم خطوات غير ثابتة نحو مكتبه: دعك من الآداب الآن! ألا ترى أنك أنت من فقد صوابه؟ كيف تتزوج من فتاة كهذه في غمضة عين؟! كيف؟ لا أستطيع تصديق ما يحدث! جلست على أقرب مقعد تتذمر وتضرب الأرض بقدمها الغاضبة.
نظر “إيثان” إلى “لورين” ثم طلب منه بهدوء متناهٍ يناقض التوتر في الغرفة أن يحضر الشاي.
فصرخت “سارة” بغضب أكبر: ما بك يا رجل؟! تحدث معي أولاً! هل هذا وقت الشاي؟ هل أنت جاد؟
رد عليها “إيثان” وصوته كالجليد: لتفهمي شيئاً يا سارة لن يجدي الصراخ نفعاً. لنهدأ أولاً حتى نتمكن من الحديث بعقلانية. كيف لي أن أبدأ حواراً وأنتِ في هذا الشكل الهستيري يا أميرة؟
أومأت “سارة” برأسها بانكسار وهي تشعر بالإهانة من صرامته. جلس “إيثان” وهو يحاول ترتيب الأفكار المتصارعة في رأسه ثم نظر إليها بعينين حادتين: ما الذي يزعجكِ تحديداً في زواجي؟ هل كان يجب عليّ أن أستشيركِ في أمر يخصني؟
صُدمت “سارة” من كلامه وارتعش صوتها وهي ترد متلعثمة: ألستُ صديقتك المقربة؟ أنا أقرب شخص إليك، لقد كبرنا سوياً. أعرف جيداً أنك لا تتخذ قراراً مصيرياً بتهور من قبل! لقد قلقت عليك! بدأت الأميرة بالبكاء الهادئ هذه المرة، تمسح دموعها الغالية: هل أنا مخطئة بالقلق عليك وعلى قرارك؟ كان السؤال يحمل ألماً مخفياً يفوق القلق.
قال لها “إيثان” بهدوء كاذب: تناولي الشاي لتهدأي يا أميرة الأمر بسيط جداً، لقد وقعت في الحب فجأة وتزوجت هذا كل ما في الأمر كان عليكِ أن تأتي لتهنئتي على سعادتي لا لومي.
صُدمت “سارة” من رده “أحببت”؟ لم تكن تتوقع أبداً أن يقول “إيثان” الذي عرفته لعقود إنه وقع في الحب لطالما كان ضد أي التزام زواج! شعرت بالخيانة وبأن كل أحلامها انهارت. كانت تحلم دائماً بأن تكون زوجته وظلت تتحجج بالصداقة.
نظرت إليه بابتسامة مصطنعة تخفي مرارة: لماذا لم تخبرني؟ لقد صدمتني. ألم نكن أصدقاء؟ لماذا أخفيت عني هذا الأمر الجلل؟ كانت تحاول يائسة التأكد من أن هناك سراً أهم يخفيه وليس مجرد “الحب”.
تحدث “إيثان” ببرود ثابت: هكذا صارت الأمور يا سارة. لا يعرف الإنسان متى يقع في الحب الأمر ليس في يدي عليكِ أن تتفهمي الوضع وأن تفرحي لسعادتي. ثم واصل بصرامة قاطعاً أي جدال إضافي: عليكِ العودة الآن الوقت متأخر.
كانت هذه القسوة غير المعهودة آخر صدمة لها وقف إيثان يطلب منها المغادرة هو الذي كان بإمكانه دوماً أن يطلب منها البقاء ليلتها في الدوقية شعرت بأنها طُردت.
وقفت “سارة” بغضب صامت قاتل ثم غادرت مسرعة أغلقت الباب خلفها بعنف مدوٍ.
لم يلحق بها “إيثان” بل بقي جالساً أخذ كوب الشاي وبدأ يشرب ورأسه مليء بأفكار متداخلة ومعقدة حول تبعات زواجه. وفجأة مع تداخل الأفكار تذكر أمراً غفل عنه أو بالأصح لم يعره اهتماماً وقتها…
التعليقات لهذا الفصل " 7"
فى انتظار باقى الفصول ❤️