في صباح اليوم التالي بدأت إيلارا دروسها المكثفة وكان أولها يتعلق بإدارة الحسابات والميزانية جلست أمام دفاتر ضخمة وبجوارها المعلم الصارم وكبير الخدم لورين الذي كان يراقب أدائها بدقة بناءً على أوامر إيثان
شعرت إيلارا بالدوار وهي تحاول فهم ميزانية الدوقية المعقدة كانت الأرقام تتراقص أمام عينيها لكن الضغط لم يكن حسابياً فقط بل كان معنوياً أيضاً فخلف الأبواب الماربة كانت تلمح عيون الخدم التي تلاحقها بنظرات محملة بالازدراء متأثرة بالشائعات التي ملأت أروقة الخدم
لاحظ لورين ترددها فقال بصوت وقور ومحذر: سيدتي الدوقة يجب أن تكوني دقيقة الدوق إيثان لا يتسامح مع الأخطاء في الإدارة المالية فاستقرار البيت يبدأ من هنا.
زاد كلام لورين من ثقل الحمل عليها وبالرغم من “سموم” الهمس التي بدأت تحيط بها في كل زاوية قررت إيلارا أن تبتلع غصتها وتثبت جدارتها فكرت في نفسها: هذا هو الثمن، سأتحمله بصمت لا يمكنني إزعاج الدوق بأمور ثانوية بينما يحمل هو أعباء الدولة على كتفيه.
في نهاية اليوم التقى إيثان بإيلارا في الممر الطويل المؤدي إلى الجناح الخاص كانت تبدو شاحبة بشكل مقلق عيناها متعبتان وخطواتها ثقيلة تذكر إيثان صمتها المريب على مائدة العشاء وتوترها الدائم فاستنتج أن “المسؤولية الإدارية” التي وضعها لتعليمها كانت أقوى من قدرتها على التحمل
فكر إيثان في داخله: لقد بالغت في تحميلها المسؤوليات فجأة، وهي ليست معتادة على هذا النوع من الضغوط الحسابية والسياسية.
نادى إيثان مساعده إدوارد وقال له بعد صمت طويل وهو يراقب طيف إيلارا المبتعد: إدوارد جهز عربتي سأصحب الدوقة معي غداً إلى المدينة هذا الإجهاد الواضح عليها بسبب الدروس لا ينبغي أن يستمر. يجب أن تراها الطبقة النبيلة في مكان عام بجانبي وبمظهر لائق بالدوقية لعلها ترتاح قليلاً وتستعيد ثقتها بنفسها.
سأل إدوارد بمهنية: حسناً سيدي. هل هناك مكان محدد؟
رد إيثان بنبرة قاطعة: لا مكان رسمياً سنذهب لزيارة المكتبة العامة ثم جولة في السوق الرئيسي يجب أن نُظهر للعاصمة أن الدوقية مستقرة تماماً وجّه لورين لتجهيز ملابس جديدة تليق بالمناسبة وليعلم الجميع في القصر أن الدوقة ستظهر علناً لأول مرة بمعيتي.
بعد انصراف إدوارد وقف إيثان وحيداً عند النافذة الكبيرة المطلة على الحديقة الغارقة في الغسق تذكر زواجه الذي تم على حين غرة تلك الخطوة التي لم تكن يوماً ضمن مخططاته المدروسة بدقة
عبس قليلاً وهو يشعر بثقل المسؤولية الجديدة ثم تنهد بعمق وطمأن نفسه بصوت خافت:ربما كان هذا هو التصرف الصحيح.. لم أخدع الفتاة وهي تدرك تماماً أن هذا الزواج كان طوق نجاة لمصلحتها قبل مصلحتي.
رغم الجمود الذي يغلف قلبه كان يجاهد لإقناع عقله بأن نجاح هذا الزواج واستمراره هو ضرورة حتمية لا بديل عنها
التعليقات لهذا الفصل " 20"