بعد يومين من لقائه السريع مع “إيلارا” في قاعة الشاي غادر “إيثان” إلى قصر الإمبراطور لاستكمال بعض الأعمال العاجلة هناك وبعد إنهاء الأمور العسكرية والسياسية مع الإمبراطور وجد نفسه أمام طلب غير متوقع من الإمبراطورة.
فالإمبراطورة (التي كانت قلقة من ضجيج الإشاعات السياسية التي تلت زواج الدوق) حريصة على إظهار أن هذا الارتباط يحظى بمباركة البلاط قالت له بابتسامة دافئة ومُحكمة: أيها الدوق أتوقع رؤيتك وزوجتك الجديدة في حفل استقبال كبار النبلاء الذي سنقيمه الأسبوع القادم بمناسبة عيد ميلاد الأمير يجب على النبلاء رؤية الدوقة الجديدة وإيقاف هذه الأحاديث الفارغة.
لم يكن أمام “إيثان” خيار الرفض فطلب الإمبراطورة ليس مجرد دعوة بل أمر ملكي مغلف باللطف ويخدم مصالحه في تأكيد مكانة زوجته في المجتمع النبيل
كانت الإمبراطورة هي الزوجة الثانية للإمبراطور على الرغم من كونها امرأة نبيلة وقوية إلا أنها لم تنجب أطفالاً لذلك كانت تتعامل مع ولي العهد والأميرة “سارة” كأبنائها وتسعى لحماية مكانتهم وقوة البلاط كان ولي العهد يكن لها الكثير من الاحترام والتقدير لدورها لكن الأميرة “سارة” لم تكن تبادلها نفس الشعور بل كانت تظهر عداءها الواضح للإمبراطورة خلف الأبواب المغلقة
عاد “إيثان” إلى الدوقية في المساء هذه المرة طلب مقابلة “إيلارا” في غرفة الجلوس بعيداً عن صرامة المكتب دخلت “إيلارا” وقد لاحظت أن وجهه رغم إرهاقه المعتاد كان أكثر سلاسة من المرة السابقة.
قال “إيثان” بنبرة صوت عادية ومحترمة تخلو من البرود الحاد وتوحي بالتعامل مع شريك في مسؤولية: لقد عدت تواً من قصر الإمبراطور الإمبراطورة وجهت لنا دعوة رسمية يجب تلبيتها.
شعرت “إيلارا” بأن الرعب يتسلل إلى قلبها مجدداً لكنها حافظت على صمتها الذي اعتادت عليه.
تابع “إيثان” بهدوء: الطلب جاء من الإمبراطورة ولا يمكن رفضه خاصة وأنه سيخدم مصالح الدوقية ومكانتكِ الاجتماعية علينا الذهاب معاً هذا أمر لا مفر من أعلم أن هذا سيكون صعباً عليكِ بعد كل ما مررتِ به لكنني أطلب منكِ أن تظهري بعض القوة فالمجتمع النبيل لا يرحم احدا .
نظرت إليه “إيلارا” بامتنان فاحترامه لها كان يخفف من رهبة الموقف شعرت بأنها مُلزمة بواجب مزدوج واجب زوجة الدوق وواجب الامتنان لمن أنقذ حياتها هزت رأسها بخضوع هادئ: سأكون مستعدة.
في اليوم التالي وقبل وقت قصير من موعد الحفل وصلت رسالة عاجلة وغير متوقعة من البلاط الإمبراطوري تطلب حضور الدوقة إيلارا للقاء خاص مع الإمبراطورة قبل الحفل بيومين. استغربت “إيلارا” و”إيثان” على حد سواء.
ذهبت “إيلارا” إلى القصر الإمبراطوري وهي ترتدي فستاناً بسيطاً استقبلتها الإمبراطورة في جناح خاص وكان اللقاء حميمياً على غير العادة جلست الإمبراطورة بجوارها وتحدثت بنبرة أمومية:
أيتها الدوقة الشابة لا تدعي نظرات المجتمع تثقلكِ لقد رأيت حزنكِ في المحكمة وأعلم أنكِ تحملين قلباً نقياًولكن أريدكِ أن تعرفي شيئاً عن زوجكِ الدوق إيثان.
انتبهت “إيلارا” بشدة، تختلط فيها مشاعر الفضول والتوتر.
تنهدت الإمبراطورة بلطف: “إيثان يستحق السعادة إنه رجل شرف وواجب ومر بالكثير من المتاعب التي لا يعلمها أحد فقد واجه خسائر شخصية أثرت عليه بعمق هو يستحق أن يجد السلام والاستقرار ثم نظرت إليها مباشرة: أنتِ محظوظة يا دوقة إيلارا. هو رجل استثنائي. أقسم لو كان لي ابنة في مثل سنكِ، لجعلته زوجاً لها بلا تردد.
شعرت “إيلارا” بفيض من المشاعر المتضاربة الارتياح لكلمات الإمبراطورة التي خففت عنها ثقل حكم المجتمع والامتنان العميق تجاه “إيثان” الذي لم تعرف عنه شيء وزاد عليها شعور ثقيل بالمسؤولية نظرت إلى نفسها كأنها أصبحت وعاءً يجب أن يمنح هذا الرجل القوي السعادة التي يستحقها رغم كل ظروف زواجهم الباردة.
شكرت “إيلارا” الإمبراطورة بحرارة وغادرت القصر تحمل على كتفيها عبئاً جديداً
عادت “إيلارا” إلى الدوقية ورغم الدفء الذي شعرت به من دعم الإمبراطورة إلا أن هذا الدعم جعل عبء الحفل أكبر الآن لم تعد تمثل نفسها فقط بل تمثل شرف “إيثان”
بدأت “ماري” و”كاتي” في تجهيزها تم اختيار فستان ملكي فاخر باللون الأخضر الزمردي الداكن وتوجت بشعرها البني الداكن بأناقة وقفت “إيلارا” أمام المرآة تنظر إلى انعكاسها كشخص غريب كانت المجوهرات لامعة والفستان يصرخ بالثراء لكن الابتسامة كانت مفقودة.
كانت تدرك أن هذا الظهور الأول هو اختبار مصيري لها وأنها يجب أن تصمد أمام الحقد والغيرة ليس من أجل نفسها بل من أجل رجل الشرف الذي يحمل عبئها وتوقعات الإمبراطورة بحصوله على السعادة
التعليقات لهذا الفصل " 12"