في قصر الدوقية كانت “إيلارا” قد بدأت تعتاد على الروتين البارد والمنظم للحياة الجديدة يمر اليوم على وتيرة واحدة تستيقظ تستقبل “ماري” تتناول الإفطار وحيدة على المائدة الضخمة ثم تقضي بقية وقتها في التجول في الحدائق أو قراءة الكتب في المكتبة الشاسعة لم يتغير شيء في علاقتها بالدوق لم تره منذ صباح اليوم السابق كان وجوده مقتصراً على اسمه الذي يتردد على ألسنة الخدم وعلى الأوامر التي تصل من مكتبه شعرت “إيلارا” أنها مجرد قطعة أثاث ثمينة وضرورية لحماية شيء ما لكنها غير مرغوبة بالوجود الفعلي.
في فترة ما بعد الظهيرة كانت “إيلارا” في المكتبة تحاول أن تغوص في صفحات كتاب لتنسى واقعها لكن عقلها كان مشغولاً بأختها “سيلينا”.
في هذه الأثناء دخلت “ماري” إلى المكتبة وجهها يحمل تعابير مفاجئة لكنها كبحتها بمهنية :سيدتي الدوقة لقد طلب منكِ سيدي الدوق الحضور لتناول الشاي في قاعة الاستقبال.
شعرت “إيلارا” بضربات قلبها تتسارع توتر مفاجئ اجتاحها لقاء الدوق! كانت تتمنى أن تتحدث معه وتفهم وضعها، لكن فكرة مواجهته تثير في قلبها خوفاً شديداً.l ماذا عساها أن تقول؟ وماذا سيقول هو؟ وقفت “إيلارا” بصمت ثم أومأت لماري بيديها المرتعشتين.
في قاعة الاستقبال الفخمة كان “إيثان” ينتظرها وقف بهدوء حين دخلت عيناه الداكنتان ترصدان توترها الواضح أشار إليها بالجلوس ثم قال بصوته العميق والمباشر: أردت التحدث إليكِ يا دوقة .
تجنبت “إيلارا” النظر في عينيه واكتفت بالرد بصوت خافت: أنا رهن إشارتك سيدي الدوق.
لاحظ “إيثان” نظرتها المكسورة وحزنها العميق الذي بدا وكأنها تحمل عبء العالم على كتفيها كان يرى في عينيها شعوراً بالذنب تجاه وضعها وربما شفقة على “تضحيته” من أجلها لم يكن هذا ما أراده تحدث بعد صمت قصير: أعلم أن هذا الزواج يبدو وكأنه تضحية من جانبي وأنكِ ربما تشعرين بالامتنان أو بالذنب لكن أريدك أن تعرفي أنني لم أتخذ هذا القرار من باب الشفقة.
رفعت “إيلارا” عينيها بتساؤل
تابع “إيثان” بنبرة أكثر جدية: هذا الزواج يخدم مصالحي الخاصة أيضاً لي أسبابي التي تخصني وهذه المصالح متبادلة أنتِ الآن زوجتي ولديكِ مكانة تحميكِ وأنا بدوري أحقق ما يلزمني من هذا الارتباط لا تدعي فكرة أنكِ مدينة لي تثقلكِ نحن في مركب واحد.”
صُدمت “إيلارا” من كلماته المباشرة كانت تتوقع منه كلمات مواساة أو تلطيف لكن حديثه عن المصالح المتبادلة أثار فيها شعوراً غريباً بالراحة على الرغم من أن كلماته بدت باردة وخالية من العاطفة إلا أنها خففت عنها بعض ثقل الذنب فكرت في نفسها: يا له من رجل! حتى وهو يذكر مصالحه يفعل ذلك بطريقة لا تجعلني أشعر بأنني عبء إنه يحاول أن يزيل عني ثقل الشفقة. انزاح التوتر الذي شعرت به في البداية وحل محله نوع من الامتنان الصامت
ولكن في تلك اللحظة طُرق الباب بقوة كان “لورين” يقف على عتبته :سيدي لقد عاد إدوارد تواً وهو يطلب مقابلتك فوراً يبدو الأمر عاجلاً.
اعتدل “إيثان” في جلسته وظهرت عليه علامات الترقب اعتذر لإيلارا بإيماءة سريعة،واندفع مسرعاً إلى مكتبه.
دخل “إيثان” مكتبه ووجد “إدوارد” واقفاً يبدو عليه الإرهاق :تكلم بسرعة إدوارد ما الأخبار؟
“إدوارد” : سيدي لقد بحثت في جميع السجلات القديمة والحديثة، في دائرة السجلات المدنية وأرشيف النبلاء وحتى تحدثت مع بعض الخدم القدامى لعائلة الكونت الراحل لم أجد شيئاً غير مألوف كل السجلات تتطابق وتاريخ زواج الكونت بـ’تريزا’ وولادة ‘إيلارا’ و’سيلينا’ متطابق تماماً مع ما هو مسجل لا يوجد أي خلل.
نظر “إيثان” إلى “إدوارد” بعينين حادتين.لم يصدق ما سمعه. :لا شيء؟ هل أنت متأكد؟
“إدوارد” : نعم يا سيدي لا يوجد شيء جميع السجلات لا يوجد فيها أي خلل هل هناك شيء كنت تريد التأكد منه؟ أم أن لديك شيئاً متأكداً منه بالفعل؟
تابع “إيثان” متجاهلاً سؤاله: ماذا عن عائلة زوجة الكونت، ‘تريزا’؟ هل بحثت هناك؟
“إدوارد”: نعم سيدي بحثت في كل ما يتعلق بعائلتها بعد وفاة والديها استحوذ الكونت على جميع ممتلكاتها بالكامل وطرد خدمها جميعاً لا يوجد أي أثر لأي قريب أو حتى أي خادم يمكن أن يكون لديه معلومات.
صمت “إيثان” قليلاً ثم تحدث بقرار حاسم: الخدم… عليك البحث عن هؤلاء الخدم الذين طردهم الكونت لكن ليس أنت دع شخصاً آخر يقوم بهذا البحث شخصاً لا يثير الشبهات أريد أن يتم الأمر بسرية تامة.
نظر “إدوارد” بارتباك: “ولكن يا سيدي أريد البحث بنفسي لأتأكد…
نظر “إيثان” إلى الأوراق المكدسة على مكتبه وأشار إليها ببرود فهم “إدوارد” أن عليه العودة إلى عمله الأساسي :يُنفذ الأمر سيدي. وغادر المكتب تاركاً إيثان يفكر في هذا اللغز المعقد………..
التعليقات لهذا الفصل " 10"