“أنا ما زلت صغيرة وسأنمو كثيراً بعد! قد أصبح أطول منك بكثير يا عمّ غاون!”
“…حاولي إذن.”
ابتسم غاون بخفة، وقد مالت عيناه الجميلتان قليلاً ومرّ في بريقهما لمحةُ مزاحٍ لطيف.
“انتظر فقط! سأصبح قوووية جداً قريباً! عندما أصبح قويةً…”
ضربتُ صدري بفخرٍ مرتين، كمن يقول ‘اعتمد عليّ!’
“سأحمي الجميع. أنا.”
ثم ابتسمتُ ابتسامةً مشرقةً من جديد.
“هذا المكان هو بيتي… وأنت عائلتي يا عمّي! لذا سأحمي بيتي وعائلتي معاً!”
‘كيم غاون.’
أنا أعرف تماماً من تكون. رغم أنك حاولتَ قتلي في البداية…
‘إلا أنك أنقذت حياتي مراراً.’
حتى في القصة الأصلية، كان سقوطك في الفخ جزءاً من قرارٍ اتخذته لحماية الزعيم.
وفي النهاية، كنتَ دائماً من يتوب ويقاتل حتى الموت من أجل الصواب.
لهذا السبب، حقاً… أنا لا أكرهك.
“لذا لا تقلق وعد سالماً، أنا سأحرس المكان وأنتظرك هنا.”
كانت تلك الكلمات التي أردت قولها بشدة قبل أن أودّعه.
“ها قد قلتُ كل ما أريد قوله! سأذهب الآن!”
وبينما كنت أفرك يديّ المتجمدتين وأستدير لأرحل…
فجأةً!
ارتفع جسدي في الهواء، وأمسكت يدٌ خشنةٌ بمؤخرة عنقي.
اتسعت عيناي بدهشةٍ حين التفتُّ، فتمتم غاون بنبرةٍ جافة:
“أين حذاؤك؟ هل ترغبين بأن تُصاب قدماكِ بالتجمّد؟”
“لا، أنا فقط…”
“يكفي. من الآن فصاعداً، لا تتجولي وحدك. أمثالك لقمة سائغة لوحوش الجبال.”
“إذًا، هل ستوصلني بنفسك؟”
“بالطبع، وإلا فلن أستطيع مواجهة الزعيم إن أصابك مكروه.”
“هيهي، شكرًا لك.”
ابتسمتُ ابتسامةً حمقاء، فابتسم هو الآخر بخفة.
ثم، وكأنه لاحظ أنني أرتجف من البرد، ضمني إلى صدره بقوة أكبر.
“توقفي عن الضحك، قبيحة.”
“لكنّ العم جميل. هيهيهي.”
“…لو أنك تصمتين فقط.”
خطوات ثقيلة غاصت في الثلج بينما كان غاون يسير بي نحو خيمتي.
عندما وصلنا، أنزلني أمامها بهدوء.
ثم وقف مطوّلاً مكتوف الذراعين، يراقبني بصمتٍ حتى أتأكد من دخولي.
“سأدخل الآن! إلى اللقاء حقًا!”
لم يردّ غاون بشيء. غير أنني سمعت حينها…
“…سأعود قريبًا.”
صوتًا خافتًا وعميقًا، مرّ مع الريح.
وحين التفتُّ بسرعة، كان قد اختفى بالفعل وسط عاصفة الثلج.
***
في صباح اليوم التالي، رحل غاون.
قيل إنه غادر بهدوء في الفجر، دون أن يثير جلبة، مكتفيًا بوداعٍ مقتضبٍ للزعيم ودوفيل وقلةٍ من قطاع الطرق.
أما أنا،
في ليلةٍ هادئةٍ بينما كان الجميع نيامًا، قصدتُ المقبرة الواقعة خلف المقرّ الجبلي.
لم يكن هناك ما يلزمني بالذهاب، لكنني أردت ذلك.
“سأحرس المكان وأنتظرك هنا.”
كنت قد وعدت غاون بصوتٍ مرتفع ليلة البارحة، وأردت أن أجدّد العهد لمن حموني حتى أعيش.
انحنيتُ أمام القبور المصفوفة، ناظرةً إلى الزهور الذابلة.
“مرحبًا، أنا سوليونغ.”
كنت قد زرت هذا المكان مرةً من قبل، ووضعت الزهور ونزعت الأعشاب قدر ما استطعت قبل أن أعود.
وفي تلك المرة، أدركتُ شيئًا.
أنه لم يكن المدفونون هنا أولئك الذين أنقذوني فحسب… بل كثيرون غيرهم أيضًا.
‘كم من الأرواح فُقدت هنا فقط لحماية هذا المكان.’
أدركت ذلك بوضوح.
السبب في صمود عصابة قطاع الطرق حتى الآن… هو كل تلك التضحيات.
والزعيم يبذل قصارى جهده حتى لا تذهب تلك التضحيات سدى، حاميًا الناس واللصوص معًا.
لذا أنا أيضًا…
“شكرًا لكم. سأحميكم كما حميتموني.”
أردت أن أحمي ما يحاول الزعيم حمايته، وأن أساعده في ما يسعى إليه.
كما قلت لغاون،
هؤلاء هنا… هم أول ‘عائلة’ حصلتُ عليها في حياتي.
رفعت رأسي، تتلألأ في عيني عزيمةٌ جادّة.
“لن أدع تضحيتكم تذهب هدرًا… سأحمي كل شيء بنفسي.”
***
بعد سماعي خبر رحيل غاون، شرعت أفكّر.
كانت خطتي لإغوائه مؤقتًا قد تأجلت، لكن المهمة الأهم الآن كانت واضحة:
يونغسان.
في النهاية، من علينا مواجهته أنا والزعيم هو يونغسان نفسه.
مجرد استحضار هيبته المرعبة جعل قلبي يتجمد وجسدي كله يرتعش.
أغمضتُ عيني بقوة ثم فتحتهما من جديد.
“انتظر فقط! سأصبح قوووية جداً قريباً!”
كنت متأكدة الآن.
لم أعد أستطيع البقاء كطفلة ضعيفة بعد اليوم.
الزعيم قرر تأسيس جيشٍ للتمرد، وسنواجه يونغسان عاجلاً أم آجلاً.
ولذا عليّ أن أصبح قوية قبل أن يحين ذلك الوقت.
‘لكن… كيف؟’
تذكرت فجأة حديثي مع الزعيم يوم أطلق عليّ اسمي.
كنتُ قد لمّحت له يومها قائلة:
“أريد أن أتعلم استخدام السيف مثل أبي.”
“وأريد أن أصبح قوية مثل أعمامي!”
كنتُ أقولها عرضًا، لكنها كانت مشاعر صادقة.
فإن كنت سأعيش في الجبال، فعليّ أن أكون قادرة على حماية نفسي على الأقل.
لكن وجه الزعيم حين سمعني… شحب تمامًا.
“مستحيل. لا. سأربّيك دون أن تمس يداكِ قطرة دم واحدة.”
“قلتُ لكِ لا تحلمي بذلك! مجرد أنكِ تعيشين في الجبال لا يعني أنني سأربيك بطريقةٍ خشنة. سأجعلك تنشئين كفتاةٍ نبيلة بكل ما في الكلمة من معنى.”
“وإن حاول أحدهم إعطاءك سلاحًا، فسأعاقبه بنفسي. فهمتِ؟ أنتم جميعًا، تأكدوا ألا تقترب سوليونغ من أي سلاح. واضح؟!”
الزعيم… عارض بشدة!
إلى درجةٍ جعلتني أوقن أنني مهما حاولت، فلن يغيّر رأيه بسهولة، رغم أنه عادةً يلين معي.
‘ما العمل الآن؟ عليّ على الأقل استعادة مهارتي السابقة من حياتي الماضية.’
أخذت أفكر بجدّية. كان لدي ما لا يملكه الآخرون: معرفة من حياةٍ سابقة.
وفي حياتي الماضية… ما كنتُ أجيده حقًا هو…
“آه!”
برقت فكرة في رأسي فجأة، فسارعت أبحث حولي بعينين لامعتين.
ثم التقطتُ غصن شجرةٍ قويًّا متينًا سقط على الأرض.
نظرت إليه بعناية وقبضت عليه بحذرٍ وعزيمة.
‘جيد. لنجرّب ذلك!’
خبأت الغصن في صدري ونهضتُ بحماس.
***
بعد ذلك، كنت مشغولة جدًا لأيام.
ذهبت سرًا إلى الساحة الرئيسية والتقطت خنجرًا صدئًا كان مرميًا على الأرض منذ فترة.
كانت الساحة تُقام فيها الاحتفالات وأعمال الحدادة كثيرًا، لذا إن بحثت جيدًا، يمكنك العثور على كنوزٍ صغيرة أحيانًا.
شش، شش، شش…
عدت إلى خيمتي وجلست القرفصاء، أنحت الغصن وأشكّله سرًا كلما سنحت لي فرصة.
وبعد أيامٍ من العمل، حين بدأت الملامح تظهر بوضوح، وجدت رباط جلدٍ صغيرًا وربطته بإحكام.
“انتهيت!”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 48"