الفصل 44
[الهدف الأول: إقناع كيم غاون!]
سَحبتُ العصا على الأرض بخطوطٍ متتابعة، بينما أخرجتُ شفتَيّ قليلًا بتعبيرٍ جادّ.
واصلت الكتابة بتركيز عالٍ، وبدأت برسم مخططٍ شاملٍ على التراب.
‘حسنًا، الشخص الذي يجب أن أنقذه أولًا هو الزعيم!’
رسمت شخصية عصا ذات جسدٍ سميك وقامةٍ طويلة، ثم أضفت فوقها قلبًا كبيرًا جدًا، كعلامة خاصة على مدى أهميته.
‘التالي، الأشخاص الذين يُهدّدون الزعيم…!’
رسمت أسفل ذلك شخصيتين: واحدة لرجلٍ عجوز، وأخرى لصبيٍّ صغير.
‘باك جوتاك، والابن باك دوهيول.’
لكن بما أنّ باك دوهيول سيتحوّل لاحقًا إلى جانب الخير، فقد قررت أن أرسم فوق رأسه قلبًا صغيرًا.
وبعد أن أضفت القلب بعناية خلفه، استحضرت في ذهني الشخصية الأخيرة والأهم.
‘الخائن المستقبلي الذي سيُسرّب المعلومات لهؤلاء الأشرار!’
بدأت أرسمه بعناية فنية أكبر هذه المرّة.
جعلت جسده أرفع قليلًا من الآخرين، وشعره مموجًا بعض الشيء، وعينَيه حادتين مائلتين للأعلى قليلًا…
“تمّ!”
أخيرًا اكتمل رسم ‘كيم غاون’ على شكل عصا.
ولم أنسَ أن أُضيف بجانبه نجمتين لتمييزه.
ثم ربطت بخطٍّ مستقيم بين غاون والزعيم، وبعدها بين باك جوتاك وغاون.
نفضت التراب عن يدي، وربّتُّ على ذقني وأنا أتابع التفكير.
‘في القصة الأصلية، لأي سببٍ وبأي طريقة سلّم كيم غاون معلوماتٍ عن موقع المخبأ إلى باك جوتاك؟’
‘همم… يبدو أنّ ذلك الجزء مرَّ سريعًا في الرواية، لا أذكره جيدًا.’
ثم إنّه لم يكن سوى شخصيةٍ ثانوية، فلا بدّ أنّ التفاصيل كُتبت بإيجاز شديد.
‘فكّري… لا بدّ أن هناك دليلًا.’
حاولتُ استرجاع الجمل التي قرأتها من الأصل بأدق ما أستطيع.
[“حينها، تلقيت رسالة من والدي، قال إنه نادم على نبذي، ويرجوني أن أغفر له.”]
مع تذكري لتلك العبارة، صفعتُ ركبتي.
لم توضّح الرواية سبب النبذ بدقّة،
لكن بما أنني الآن أعلم أنّه غاون، يمكنني أن أخمّن السبب.
وهو أنّ غاون من دمٍ مختلط!
فمن خلال لون شعره الفاتح وبشرته البيضاء، كان واضحًا أنّه ليس نقيّ الأصل.
وفوق ذلك، أتذكّر شيئًا سمعته حين كنت في بيت إيم دايسنغ:
“قيل إن جلالته يرى أن ذوي الدماء المختلطة ليسوا من شعب دايهوك ويجب طردهم.”
إذًا، عندما اعتلى الملك الحالي العرش، كان طبيعيًا أن يُنبذ غاون.
‘لا أستطيع تخيّل مدى الجرح الذي سبّبه له ذلك.’
ربما بعد طرده، ظلّ يتجوّل في الشوارع إلى أن لجأ إلى الجبل مضطرًا، وأصبح من قطاع الطرق.
‘لكن المشكلة أنني لا أعرف متى تصله تلك الرسالة. لا أستطيع تحذير الزعيم مسبقًا…’
تنهدتُ بعمق.
وكما حدث مع باك دوهيول، فالحلّ الوحيد الواضح لتجنّب هذه الأزمة هو واحد:
‘أن أقترب من غاون.’
فقط إن اقتربت منه، يمكنني تخمين محتوى الرسالة، وإقناعه كي لا يقع في الفخ.
ثم إنني سأتمكن من مراقبته لمعرفة إن كان يسرّب المعلومات.
‘لكن كيف؟’
عندما وصلتُ إلى هذه النقطة، شعرت بالعجز.
فغاون هو أكثر من يكرهني في هذا المخبأ، بل حاول قتلي!
‘آه، لا بأس! سأجرّب فحسب!’
كنتُ في حياتي السابقة بلا أصدقاء، فلا أعرف كيف أكسب ودّ أحد،
لكن لا بأس…
‘سأحاول أن أكون لطيفة معه!’
ومن لا يُحب أن يُعامل بلطف؟
قبضتُ يدي بعزم، متحمسةً للخطة.
***
‘كيف أكون لطيفة مع غاون؟’
الطريقة الأولى التي خطرت لي كانت…
تشجيعه بإخلاص دائمًا!
” عمو غاون، أنت الأفضل!”
صرخت وأنا ألوّح بجزرة فوق رأسي، بينما كان غاون يتدرّب في نزالٍ مع الزعيم.
لقد استعرت هذه الجزرة الطازجة من العمّ الطباخ خصيصًا له!
“عمو غاون! افُز!”
التشجيع الصادق يُحرّك القلوب دومًا.
استعنتُ بمالجا وبوجي لأرتدي أجمل وألطف ملابس ممكنة،
وجهّزت أداة التشجيع – الجزرة!
بهذا المظهر اللطيف والقفزات الصغيرة، لا بد أن يرقّ لي قلبه…
لكن المشكلة كانت…
‘لماذا أشعر بأن الجو صار باردًا فجأة؟’
لم يكن الطقس باردًا، بل شعرت كأن هالة قاتلة تحيط بي…
ارتجفت وأنا أضم كتفيّ، وفجأة—
تشااانغ!
طار السيف الخشبي من يد غاون!
الزعيم هاجمه بقوة غير معتادة، وانتصر على الفور.
“آخ!”
تأوّه غاون وهو يمسك بذراعه، ثم سقط على الأرض.
اقترب منه الزعيم بابتسامة خفيفة.
“يبدو أنك لست الأفضل بعد، أليس كذلك، يا غاون؟”
“……”
كانت عيناه تبتسمان، لكن فمه لم يكن كذلك أبدًا.
‘همم؟ ما به الزعيم اليوم؟ لماذا يبدو غاضبًا؟’
كنت أميل برأسي في حيرة، ولم أكن الوحيدة التي لاحظت الأجواء الغريبة التي بدت وكأنها ملتوية حول الزعيم؛ إذ ارتسمت على وجه غاون أيضًا ملامح ارتباك واضحة.
ثم فجأة، وكأنه أدرك شيئًا ما، نظر نحوي مباشرة.
“آه، العمّ!”
‘أنا هنا! انظر إليّ!’
لوّحتُ نحوه بالجَزَرة بحماس شديد!
لكن غاون نقر بلسانه بتبرّم، وقطّب حاجبيه بامتعاض.
ثم تجنّب نظري بوضوح، ونهض من مكانه دون أن يلتفت إليّ.
‘ما الأمر…؟ لماذا يبدو وكأنه يكرهني كثيرًا؟’
لقد بذلتُ جهدي حقًا لأكون لطيفة معه!
قبضتُ على الجزرة بيدي بإحكام وأنا أميل رأسي باستغراب.
‘هممم… هل عليّ الانتقال إلى خطة اللطف الثانية؟’
حسنًا، لم أتوقع أن يلين قلبه من المحاولة الأولى على أية حال!
هيهي، هذه المرة لن يستطيع إلا أن يُحبّني!
ابتسمتُ بخبث وأنا أعضّ الجزرة بقوة.
***
عُدتُ إلى غرفتي وبدأت أملأ سلّة صغيرة ببعض الأشياء.
الكاكي، التمر، الكمثرى، والكاكي المجفّف… جميعها من ألذ ما أحبّه!
ومن الصعب على أيّ شخص أن يكره من يُهديه أشياء لذيذة.
وفوق ذلك، كنت أعلم جيدًا مدى ندرة هذه الفواكه داخل جماعة قطاع الطرق.
‘هذه الأشياء النفيسة أحضرها الزعيم خصيصًا من أجلي!’
طلبتُ من مالجا وبوجي أن تربطا شعري بشكلٍ جميل على شكل ضفيرتين.
ثم سرتُ بخطوات صغيرة نحو خيمة غاون، عاقدة العزم على النجاح هذه المرة!
“آنستي، إلى أين تذهبين؟ أعطني السلّة، سأحملها عنك.”
“لا. يجب أن أحملها بنفسي، لأني سأعطيها بنفسي.”
“تعطينها؟ لمن؟”
“للعمّ غاون!”
“ماذاا؟ له؟”
“نعم!”
أومأتُ بثقة، فتمتمت مالجا ‘همم’ وهي تدور بعينيها، لكنها لم تُعلّق أكثر،
لأن غاون ظهر أمامنا مباشرة.
توتوتوتوتو—!
ركضتُ نحوه بخطوات صغيرة حتى وقفت أمامه.
ثم رفعتُ السلّة بكل قوتي، وهتفت بابتسامة مشرقة:
“هدية لك!”
التعليقات