فتنهد الزعيم بخفة، ثم مدّ ذراعيه فجذبني إلى صدره بقوة أكبر.
“أجل… لا تبكِ. فإن بكيتِ، لن أعرف ماذا أفعل.”
طبطب على ظهري بلطف، كما اعتاد دائماً، ثم همس:
“لقد كنت خائفة كثيراً، أليس كذلك؟”
“…….”
أخذ يده يمرّرها بحذر فوق شعري الناعم الذي طال حتى بلغ كتفي.
“تركتك هناك، ترتجفين وحدك باكية… سامحيني.”
كان صوته يرتجف قليلاً وهو يواصل كلماته بصعوبة، كما لو كان يسكب صدقاً ظلّ حبيس قلبه طويلاً. شعرت بطعنة ألم خفية في قلبي وأنا أسمعه.
“لا أعلم لماذا اختطفك ذاك الرجل… لكن حين علمت باختفائك، داهمتني أفكار لا تُحصى. ثم قررت أن أسألك مباشرة.”
“؟!”
“هل ترغبين… بالعيش هنا؟”
كان سؤالاً لم يتوقعه أحد.
أنا صدمت، وكذلك وجوه رجال العصابة تبدّلت في كل لحظة. بعضهم تبادل نظرات مذهولة ووضعوا أيديهم على أفواههم، وآخرون تمتموا باستنكار أن هذا غير معقول، فيما كتم آخرون ضحكاتهم وكأنهم وجدوا في الأمر سعادة.
تلفّتُّ حولي بخجل أراقب ردودهم، ثم تلعثمت قائلة:
“هـ… هنـا؟”
رآني غير قادرة على الإجابة بسهولة، فتابع الزعيم قائلاً:
“الحياة في الجبال لن تكون سهلة. لن تتمكني من اللعب بحرية مع أقرانك. سنُطارَد أحياناً ونضطر إلى الفرار. لكنني أعدك…”
“…….”
“لن أسمح أبداً أن يتكرر ما حدث… سأحميك.”
لم يشيح الزعيم ببصره عني مطلقاً.
لم يفعل كما فعل كثير من الكبار في حياتي السابقة، حين كانوا يتجاهلونني. ولم يحاول أن يقرر عني مصيري أو يفرض سلطته عليّ.
بل كان يعاملني، رغم أنني لم أتجاوز السابعة عشرة أو الثامنة عشرة شهراً من عمري، كإنسان يستحق الاحترام.
وأما أنا… فقد كان عقلي غارقاً في حيرة عارمة حتى بدا لي كل شيء أبيض فارغاً.
‘في الحقيقة، لم يخطر لي قط أن يكون الزعيم ورجال العصابة عائلتي.’
ففيما مضى، لم يكونوا في نظري سوى مجرمين.
لكن، والآن بعدما عادت إليّ ذاكرة القصة الأصلية… بتّ أعلم حقيقتهم.
[“لم يكونوا مجرد قطاع طرق. بل كانوا عصابة من الأبطال الخارجين على القانون، اجتمعوا حول ولي العهد المخلوع كيم غانغدو.”]
[“لقد وزّعوا الأرز والأموال على الشعب الذين سُلبوا على يد أسرة باك آنسونغ، ولهذا بايعهم الكثير من الناس. وذلك بالضبط ما كان يونغسان يخشاه.”]
في الحقيقة، لم يكونوا عصابة لصوص بل كانوا ‘عصابة أبطال خارجين على القانون’.
وإذا ما استعدت ذاكرتي، فإنني تذكرت أن هناك شيئاً غريباً حين كنت أراقب اجتماعاتهم.
“ما جلبناه في المرة الماضية وزّعناه كله.”
“أودعناه في مخازن الشعب ليلاً من دون أن يكتشفنا أحد، فلا تقلق.”
التعليقات لهذا الفصل " 36"