الفصل 26
اندفع قلبي يخفق بعنف، فأمسكت رأسي بكلتا يديّ وسقطت جالسة على الأرض.
‘لحظة. إذن، هل يعني هذا أن الزعيم سيموت على يد البطل بعد بضع سنوات؟’
أن يموت الزعيم؟
صحيح أنه تخلّى عني بعد أن جعلني أُتبنّى، لكنه كان أول من خاطر بحياته لينقذني.
“أنتِ طفلة مميزة.”
ولم يكن ذلك فحسب، بل كان أيضًا أول من كلمني بكلمات دافئة ولطيفة.
‘لا يمكن… لا أستطيع أن أترك الأمر هكذا.’
لو لم أكن أعرف القصة الأصلية لكان الأمر مختلفًا، لكن بعدما علمت أن نهايته الموت، فكيف لي أن أقف مكتوفة اليدين؟
أليس من شيم البشر أن يردّوا الدين لمن وهبهم الحياة؟
قبضت قبضتي الصغيرة بكل ما أملك من قوة وعاهدت نفسي.
‘عليّ أن أنقذ الزعيم!’
لكن… كيف؟
مع هذا السؤال الذي ظل يتردّد في رأسي، خطر لي فجأة البطل الذي رأيته في السوق قبل قليل.
‘الذي سيقتل الزعيم في النهاية… هو ذاك الفتى. يعني، إن استطعت إيقاف باك دوهيول… يمكن للزعيم أن يعيش.’
صحيح. إلى هنا كان التفكير منطقيًّا.
لكن ظهرت مشكلة واضحة.
سواء كنت سأغيّر رأيه أو أحاول إقناعه، عليّ أن ألتقي به أولاً.
‘لكن… كيف ألتقي به مجددًا؟’
أنا لا أزال طفلة لم يتجاوز عمري السبعة عشر شهرًا، بالكاد أستطيع السير بخطوات متعرّجة.
فماذا عساي أن أفعل كي ألتقي بذلك الفتى؟
***
“واااااااااه!!!”
وماذا بوسع طفلة صغيرة مثلي أن تفعل؟
غير أن تبكي هكذا!
“اريد! أرييييد!!!”
“لا! أنتِ ثقيلة! أيتها الصغيرة المشاغبة!”
“لااااااا!!!”
نعم، هذا ما أفعله الآن!
“يا للعجب! ولماذا خطر ببالك فجأة أنك تريدين الركوب على كتفي؟!”
“آآآه، أرييد! أرييد الركوووب!”
كنتُ أجلس فوق كتفي دولسوي، أمتطيه كالحصان.
ولحسن الحظ، كان منزلنا في موقع مركزيّ يعجّ بالمارّة أكثر من أي مكان آخر.
فمعظم الطرق تؤدّي في النهاية إلى هنا، وهذا ما جعلني أفكّر: إن بقيتُ على كتفي دولسوي فترة كافية، فلا بد أن ألتقي به في النهاية.
“لكن، ما الذي تظلين تحدّقين به منذ قليل؟ هاه؟ يكفي الآن. لن أسمح لكِ أكثر.”
“لاااا…!”
تشبّثتُ بشعر رأس دولسوي بكلتا يديّ، وجعلت أشدّه بعنف لأبدأ جولة جديدة من البكاء والعناد.
وفي تلك اللحظة بالذات…
‘هاه؟! إنه البطل يمرّ أمامي!’
ظهر البطل فجأة في مجال بصري، ثم سرعان ما اختفى.
ولم يكن هناك مجال للخطأ!
كيف لي ألا أتعرف على مثل ذلك الوجه المهيب؟
‘عليّ أن ألحق به بسرعة!’
ارتبكت من شدّة العجلة وبدأت ألوّح بذراعيّ الصغيرتين بجنون.
“ذاك! ذاك! ذاك!!!”
“ماذا تقصدين، نعم أم لا؟”
“أنزلنيييي!”
“يا فتاة، لقد شققتِ أذني بالصراخ!”
وما إن شددتُ على شعر دولسوي المسكين بقوة أكبر، حتى أطلق تنهيدة قصيرة وأجلسني بلطف على الأرض.
‘جيد! الآن أذهب!’
ومن دون تفكير، اندفعت بخطواتي الصغيرة المرتعشة، أقطع فناء المنزل بأقصى ما أملك من جهد!
“لا تبتعدي كثيرًا! هل تسمعين؟!”
ناداني دولسوي بقلق، لكن هل كنت لأصغي إليه؟ بالطبع لا.
“دولسوي! سيدتي سقطت للتو وأصابت ظهرها! نحتاج إلى من يحملها بسرعة!”
ولحسن الحظ، ظهرت أونيوني مسرعة لتأخذ المزعج دولسوي بعيدًا.
“لكن… من سيرعى الطفلة؟!”
“لن يأخذ الأمر وقتًا طويلًا! أسرع!”
“آه، إن كان لدقيقة فقط، فلن يحدث شيء.”
التفت دولسوي إليّ للحظة، ثم تبع أونيوني وغاب عن الأنظار.
وما إن رأيت ذلك حتى أسرعت أكثر بخطواتي القصيرة.
ويبدو أن تدريب القوة والمشي طوال الفترة الماضية أثمر، فقد كانت سرعتي لا بأس بها.
“أحسنتِ حقًا.”
‘لو رآني الزعيم الآن، لأشاد بي مؤكدًا أنني أبلَيت حسنًا، أليس كذلك؟’
مررت يدي على قطعة القماش المربوطة حول معصمي، ثم حرّكت ساقي بحماس أكبر.
‘سأنقذك، يا زعيم! فقط انتظر قليلًا!’
وهكذا وصلت إلى المكان الذي رأيت فيه باك دوهيول قبل قليل.
دفعت البوابة نصف المفتوحة بصعوبة، فصدر منها صرير خافت.
ولحسن الحظ، كان باك دوهيول يسير بهدوء وهو يتحدث مع خادمه.
‘الفرصة سانحة!’
وبينما كنت أراقبه من الخلف، ضممت كفّيّ الصغيرتين إلى فمي، ثم صرخت بأعلى صوتي:
“توقّف عند ذلك المكاااااان!!!”
توقف باك دوهيول فجأة عند سماع الأمر الصارم المثالي الذي دوّى في المكان.
استغليت تلك اللحظة ونهضت على أطراف قدمي بسرعة.
لم أكن أفكر إلا بشيء واحد: لا يجوز أن أفوّت هذه الفرصة التي قد لا تتكرر. عليّ أن أصل إليه مهما كان!
وكان ذلك هو الخطأ بعينه.
تعثر!
تعثّرت بقطعة حجر وسقطت على الأرض بقوة.
“آه!!!”
آه… يبدو أن السير لمسافة طويلة ما زال مرهقًا جدًا بالنسبة لي.
ما إن سقطت على التراب حتى خرجت مني صرخة قصيرة، وامتلأت عيناي بالدموع من شدة الألم.
وفي تلك اللحظة…
“هل أنتِ بخير؟”
جاءني صوت رقيق ناعم من فوق رأسي.
رفعت رأسي ببطء.
واتسعت عيناي إلى أقصى حد.
‘واااه…’
كما توقعت، تأثير “هالة البطل” لم يكن عاديًا أبدًا.
حتى وهو يقف عاكسًا ضوء الشمس ويمد يده نحوي، كان وجهه يلمع بجاذبية تبهر العين وتخطف الأنفاس.
“يجب أن تنهضي.”
وبينما كنت أحدّق فيه مذهولة، اقترب باك دوهيول أكثر وأمسك بيدي الصغيرة برفق.
ثم قال بصوت قصير “هوب!”، وساعدني على النهوض من الأرض.
انحنى قليلًا حتى يلتقي بعيني، ثم سألني بلطف:
“لماذا أنتِ وحدك؟ أين والداكِ؟ هل منزلك قريب من هنا؟”
“دورينيم… هذه الطفلة تبدو صغيرة جدًا. هل تعتقد أنها تفهم الكلام أصلًا؟”
جيد! كل شيء يسير كما خططت له!
لقد رتبت الخطة في رأسي سلفًا.
‘لا يمكنني أن أقول له مباشرة: “لا تستمع إلى كلام والدك!”، فهذا لن يجدي نفعًا أبدًا.’
لا بد أن أكسب وده أولًا، وأجعل الأجواء تميل لصالحي خطوة بخطوة.
ولتحقيق ذلك، لم يكن أمامي سوى طريقة واحدة.
“أنااا، ضِليت الطريق!”
يجب أن أخلق سببًا ليقضي معي وقتًا أطول.
“ضللتِ الطريق؟”
سألني باك دوهيول وهو يقطب حاجبيه الجميلين، فواصلت التمثيل وأنا أتظاهر بالبكاء بمرارة.
“أوووه… أنااا ضِليت الطريق… لا اعرف اين المنزل…”
مع أن الحقيقة أن منزلي يبعد ثلاثين خطوة فحسب، إلا أنني الآن مجرد طفلة ضائعة مسكينة!
“هييييك…”
غصت أكثر في الدور حتى امتلأت عيناي بالدموع، ومسحتها بكمّ ثوبي الصغير.
‘والآن، كيف سيتصرف البطل يا ترى؟’
“ألا تعرفين حتى اسم والدتك أو والدك؟”
“لا اعرف… هوووووااه…”
امتلأت عيناي بالدموع أكثر، وكأنني سأبكي في أي لحظة.
قطّب باك دوهيول حاجبيه متأثرًا بتمثيلي المتقن، وراح يلمس ذقنه بتفكير وهو يلتفت حوله.
“لا بد أن والديها قريبان. من الأفضل أن نعود إلى المنزل ذي السقف القرميدي الذي مررنا به للتو ونسأل إن كان أحدهم قد فقد طفلة.”
“……!”
ماذاا؟! هذا الغبي!
لماذا يجب أن يكون ذكيًا إلى هذا الحد غير المفيد الآن بالذات؟!
“إنتظر… إنتظر قليلاً!”
تشبّثت بسرعة بطرف ثوبه.
ثم أطلقت العنان لمهارتي في التمثيل الهوليوودي، وسقطت جالسة على الأرض بضعف ظاهر.
وضعت يدي الصغيرة على بطني المستدير، وحدّقت فيه بعينين دامعتين حزينة.
“جـ-جائعة…”
رفعت نظري إليه مثل قطة صغيرة مشردة خرجت من المنزل، وأكدت بصوت مرتعش:
“اوه، جائعة جدا. وانا… مريضة.”
صرّ!
وفي اللحظة نفسها مددت قدمي المصابة إلى الأمام. لقد كانت متورمة بشكل واضح، يمكن ملاحظته بسهولة.
“!”
ارتسمت الدهشة على وجهه حين رأى كاحلي، وأطلق شهقة قصيرة متفاجئة.
جيد! حان وقت الضربة القاضية!
خفضت بصري إلى الأرض بأقصى ما أستطيع من بؤس، وتمتمت بصوت متهدّج:
“أنااا… ليس لدي أم…”
“…….”
“حتى لو ذهبت إلى المنزل… سأكون جائعة دائمًا…”
هيا، انظر إليّ! ألا أبدو بائسة جدًا؟ بلى! أليست صورتي مثيرة للشفقة إلى حد يجعلك تريد أن تطعمني شيئًا حالًا؟!
“دورينيم، هذه الطفلة صغيرة جدًا… لكنها تتكلم جيدًا! كيف يكون هذا؟”
قال الخادم وهو يحدّق بي بدهشة، لكن فجأة فتح باك دوهيول فمه وقال
التعليقات