“شش! لا تدعنا نتورط في مصيبة. هيا بنا نذهب، بسرعة!”
الدوق يونغسان؟
‘هذا أول شخص من طبقة رفيعة ألتقي به منذ أن صرت طفلة.’
لكن أن يكون شخصاً قاسياً ومتعطشاً للدماء على هذا النحو……
مددت عنقي من خلف أونيوني أونّي أحدق باتجاه الرجل الذي يُدعى يونغسان.
‘مم… شكله يوحي بجوهر رجل عجوز مهيب، أليس كذلك؟’
بدا شعره المموج بالشيب دليلاً على عمره المتقدم.
لكن، وبنظرة واحدة فقط، كان من الواضح أن هالته وقامته الجبارة لا تقل هيبة عن الجنود النظاميين.
كان يرمق الرجل العجوز والمرأة اللذين يُسحقان بالضرب والركل، بنظرة جافة خالية تماماً من أي عاطفة.
وكأنهما ليسا بشراً، بل مجرد ديدان حقيرة.
‘الآن أفهم لماذا كان حتى قطاع الطرق يمقتون الملك الحاكم وسلالته.’
وفجأة، تبادرت إلى ذهني صورة فيلسوك التي التقيتها في الجبل.
صحيح أنها كادت تقتلني… إلا أن الأحداث التي مرت بها في الماضي أثرت فيّ من جديد.
“ابني، ابناي اللذان ماتا في سن الرابعة والخامسة، فهل كان لحياتهما أي معنى؟! أخبرني، ما الذي عاشا لأجله؟!”
حينما شعرت بثقل غريب في صدري، ابتلعت ريقي بصعوبة.
فجأة—!
التفت يونغسان برأسه باتجاهي.
عيناه التقتا بعيني في الفراغ مباشرة.
ورغم المسافة بيننا، إلا أن رهبة هالته جعلت قلبي يخفق بعنف.
‘لماذا… ينظر إلي؟’
ولم أكن أنا وحدي المرتبكة.
حتى أونيوني ودولسوي التقطا نظراته الموجهة نحونا، فأسرعا في الالتفاف ليفرا من المكان.
“قفوا!”
كان الصوت العميق والبارد أشبه بيدٍ قبضت على كواحلنا.
صوت موجَّه نحونا بلا شك. وللتأكيد، اقترب أحد الحراس وأمسك كتف أونيوني بقوة.
“إلى أين تذهبون؟ توقفوا. السيد العظيم يناديكم.”
“لـ، لـ، لأي… لأي سبب؟!”
خطوات تقترب بثبات.
يونغسان نفسه كان يقترب منا، دون أن يزيح بصره عني ولو للحظة.
“أروني وجه الطفلة.”
“نعم؟ مـ، ماذا تقصد؟!”
وبينما كانت أونيوني في قمة الارتباك، أجبرها الحارس بغلظة على أن تستدير نحوه.
بلعت ريقي بصعوبة.
وهكذا أُتيح لي أن أرى ملامح يونغسان عن قرب.
ما إن وقع بصره عليّ حتى ارتجفت حاجباه قليلاً، وزفر ضحكة ساخرة.
‘لماذا ينظر إلي بهذه الطريقة؟’
ظل صامتاً لبرهة، ثم تمتم بصوت خافت:
“تشبه… العيون متشابهة. لا، هذا مستحيل.”
كان جبينه منعقداً، وكأنه يحاول استرجاع شيءٍ ما عالق في ذاكرته.
‘تشبه عيوني من؟’
بينما كنت أحدق فيه بحذر، لاحظت شيئاً غريباً.
‘مهلاً؟ أذنه اليمنى…؟’
لم أنتبه من بعيد، لكن عن قرب بدا واضحاً. إذ كان ينقصه جزء من أذنه، وكأنها قد قُطعت منذ زمن بعيد.
أما موضع الجرح فكان نظيفاً، مما يوحي بأنه أثر قديم.
‘لحظة… يونغسان الذي فقد أذنه؟’
هذا… شعرت أنني قرأت مثل هذا الوصف في مكان ما من قبل.
وبينما كنت أقطب حاجبي محاولاً التذكر بجهد…
“أبي!”
انطلق صوت صبي رنان من خلفه، كخيط نجاة وسط الصمت.
التفت يونغسان، منتزعاً اهتمامه عني.
وهناك كان صبي يقف، يبدو في السابعة من عمره تقريباً.
طفل بملامح آسرة إلى درجة تفوق الخيال.
‘جميل…؟’
وجدت نفسي أحدق في وجهه مذهولة.
‘لا، لماذا يبدو هذا الطفل غير واقعي، وكأنه خرج من لوحة فنية خيالية؟’
كان يرتدي لباس النبلاء: “سا-غيو-سام” (معطف خارجي يُلبس فوق الدوروماغي) من الحرير القرمزي الموشى بخيوط الذهب، وفوق رأسه قبعة “بوكغون” (غطاء رأس للأطفال) أنيقة.
عينان واسعتان بلا جفون مزدوجة، وملامح مشرقة بفضل بشرته النقية المضيئة تحت أشعة الشمس. أنفه وفمه متناغمان تماماً، مضفيان انطباعاً لطيفاً ومنعشاً.
وما كان يثير الدهشة أكثر هو صِغَر وجهه لدرجة أنه بدا وكأن ملامحه تحمل وعداً بجمال أخّاذ حين يكبر.
إن كان غاون يملك وسامة فوضوية جامحة، فإن هذا الصبي يملك وسامة راقية ومنظمة، كطالب نموذجي.
وبينما كنت مأخوذة بتأمله، أشار يونغسان للحارس بنظرة، فتركنا الأخير وشأننا.
“شكراً جزيلاً، يا سيدي!”
صرخ كل من أونيوني ودولسوي بانحناءة حادة بلغت تسعين درجة.
ثم أسرعا بالابتعاد، كأنهما هربا من الموت.
وأثناء انسحابنا من المكان، سمعنا صوته:
“دوهيول، ما الذي جاء بك إلى هنا؟”
خرج اسم الصبي من فم يونغسان ليسقط جليًا في أذني.
“!”
وفي تلك اللحظة.
شعرت وكأن دلواً من الماء البارد قد سكب على مؤخرة رأسي، ففتحت عيني على اتساعهما، وأطبقت بفزع كفيّ الصغيرتين على فمي بقوة.
…لماذا لم أدرك هذا حتى الآن؟
‘ملك قطّاع الطرق…!’
نعم! كان بالتأكيد عنوان تلك الرواية!
***
في وقت متأخر من الليل، لم أستطع بأي حال أن أغمض عيني.
كنت أستلقي تحت الأغطية، أرمش بعيني محاوِلة ترتيب أفكاري.
‘أيعقل أن هذا المكان داخل رواية…….’
كنت ألوم نفسي لعدم معرفتي بذلك إلا الآن، لكن في الحقيقة لم يكن من الغريب ألا أنتبه حتى هذه اللحظة.
أولًا، لأن هذه الفترة هي زمن يسبق بداية أحداث الرواية بوقت طويل.
ثانيًا، لأنني قرأت تلك الرواية منذ زمن بعيد جدًا.
أذكر أنني قرأتها حين استلمت عملي حديثًا كمحققة مبتدئة.
كنت ألتهم صفحاتها في ليالي العمل الإضافي، لأطرد عني النعاس، باعتبارها رواية تاريخية خيالية خفيفة.
‘القصة كانت…….’
تجهمت وأنا أستميت في تذكّر الأحداث.
اسم بطل الرواية كان باك دوهيول.
الابن الأصغر لعائلة باك آنسونغ، أقوى العائلات نفوذًا في مملكة دايهو.
وكان حقًا عبقريًا، حتى أنهم لقبوه “استراتيجي القرن”.
غير أن مواهبه الفذة استُغلت منذ طفولته على يد أبيه الشرير.
وحين بلغ سن الرشد، أدرك الحقيقة متأخرًا، فثار على والده الذي كان ينهك البلاد، وواجه العرش الملكي لدايهو، ليجلس هو نفسه على العرش.
‘لكن لماذا كان عنوان الرواية “ملك قطّاع الطرق”…؟’
السبب بسيط.
لأن معظم المتمردين الذين جمعهم باك دوهيول ليواجه أباه، كانوا في الأصل من قطّاع الطرق.
حين كان صغيرًا، وبأمرٍ من والده، دبّر خطة محكمة وقتل زعيم قطّاع الطرق.
والسبب في ذلك أن الزعيم لم يكن سوى ولي العهد المخلوع، وقوة تهدد العرش!
ومع مرور السنين، ندم باك دوهيول بصدق على خطيئته في الصغر، فاعتذر لقطّاع الطرق الذين فقدوا زعيمهم وتشتتوا، ومدّ يده إليهم.
[حتى وإن كان الآن… تعالوا معي، ولنغيّر العالم معًا.]
وكان مشهد أولئك الرجال الوعرين وهم يعترفون بإنسانيته وقدراته، ويقدمون عونهم لغريمهم السابق، مشهدًا عالقًا بذاكرتي حتى اليوم.
…لكن كان هناك ما يثير قلقي.
‘لا يكون زعيم قطّاع الطرق الذي كان يقودهم ولي العهد المخلوع… هو نفس الشخص الذي أعرفه، أليس كذلك؟’
هززت رأسي نافضة تلك الفكرة المفاجئة.
‘مستحيل. أي صدفة عبثية كهذه يمكن أن تحدث؟ هاها. ثم إن قطّاع الطرق ليسوا قلة.’
صحيح أنني متّ، وحين فتحت عيني وجدت نفسي فجأة طفلة متروكة في الجبال، وهذا بحد ذاته حدث عبثي لا يصدَّق.
‘لكن… لو فكرت بالأمر، كان الزعيم وسيماً على نحوٍ مبالغ فيه، أليس كذلك؟’
ما إن خطرت ملامحه بذهني حتى تسللت إليّ ريبة متصاعدة.
ذلك الجمال، تلك الهالة.
إن كان هذا فعلًا عالم الرواية، فلا يمكن أن يكون مجرد شخصية ثانوية عابرة.
‘كيف أصفه… كان يحمل وقارًا يليق بملوك السلالة.’
هاه؟ وقارًا ملكيًا؟
“تشبه الزعيم…”
“طبعًا تشبهه. إنهما من نفس الدم.”
هببت واقفة من مكاني دون وعي.
‘صحيح! سمعت أحدهم يقول ذلك حينها، لكنني لم أعره اهتمامًا!’
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 25"