“يا والدي، إذن… ما الذي ينبغي أن نفعل بهذه الطفلة الآن؟”
“لقد رفعتُ منذ مدة قصيرة إلى جلالته التماسًا بإنشاء ميتم لأجل أيتام الحرب. لذا، فلنرعَها ونعتنِ بها في الوقت الحاضر، ونراقب الوضع كما يجري. واحذروا أن يتسرب خبر هذه المسألة، وإن سُئلتم، فقولوا إنها ابنة خادمتكم، هكذا تتداركون الأمر.”
ثم وضع يده على جبينه بوجه غارق في الهم.
كما توقع الزعيم، لم يكن من ذلك الصنف القاسي الذي قد يطرد طفلة بعدما أُدخلت إلى البيت بالفعل.
‘إن ذهبتُ إلى الميتم، أشعر أن مستوى صعوبة حياتي سيتضاعف قليلًا.’
لكن، على كل حال، هذا أفضل بكثير من أن أصير قاطعة طريق. لم أدرِ كيف، لكن يداي راحتا تتحركان بقلق.
“بـياا….”
حين أصدرتُ صوتًا متذمّرًا صغيرًا، انصبت عليّ أنظار الجميع دفعة واحدة.
فجأة، حدّق إيم دايسنغ في وجهي مطولًا، ثم أطلق ضحكة قصيرة مصحوبة بنفَسٍ ساخر.
“يا لهذا الطفل، كم يبدو ذكي الملامح. أهو صبي؟”
*باللغة الكورية طفل مش لها مؤنثة*
ماذا! أي جرأة تلك على قول كلام كهذا لسيدة مثلي؟!
“بيا بيا بيا! (لستُ كذلك! جَدِّي العزيز!)”
“كلا يا أبي، إنها فتاة صغيرة وجميلة. ألا تراها في غاية اللطافة؟”
“صحيح، حين أنظر ثانيةً، يبدو الأمر كذلك فعلًا. لكن، يا تُرى، كيف تسنّى لهم أن يلقوا مثل هذه الطفلة الصغيرة في الشارع…؟ وبما أنهم تركوا وراءهم مبلغًا كبيرًا، فلا بد أنهم لم يكونوا فقراء. لا بد أن وراء الأمر ظروفًا ما كما قلتم. على أي حال، أطْعِموها واعتنوا بها دون أن ينقصها شيء. أهذا واضح؟”
وفي النهاية، أومأ الزوجان، إيم هيونشيك وزوجته، بخضوع موافقين.
‘يبدو أنه ليس جَدًّا شريرًا كما ظننت… لكن حساباتي كلها انقلبت رأسًا على عقب!’
كنتُ في حضن الخادمة، فأحكمت قبضتي الصغيرة.
‘إذن ماذا سيكون مصيري الآن؟’
***
ومنذ ذلك اليوم، مرّت ثمانية أشهر.
أصبحتُ الآن في عمر سنة وخمسة أشهر.
ونَمَت لديّ عشرة أسنان لبنية كاملة، مما جعلني أبدو طفلة قوية و”مهيبة” على طريقتي!
“افتحي فمكِ، صغيرتي.”
“آبـ!”
“ألذّ، أليس كذلك؟ يا للطفلة، كم تأكلين بشهية.”
ورغم أنني لم أُسجَّل رسميًا كابنة للعائلة بعد، إلا أن الخادمات كنّ يعتنين بي بحرص، يتناوبن على رعايتي.
وبصراحة، في هذه الأيام لم أشعر أنني أفتقد إلى شيء يُذكَر.
مسكن دافئ وهادئ، وطعام شهي مغذٍ… لا وجه للمقارنة إطلاقًا مع ما كنت أعيشه في المخبأ الجبلي.
ولم يكن هذا كل شيء.
“ما دامت الطفلة بيننا، فلنُعطها قدرًا من التعليم الأساسي. فلا يجوز أن نبدّد المال الذي خُصِّص لرعايتها في ملء بطوننا فحسب.”
حتى إنهم جلبوا معلمًا ذا علم ليتولى تعليمي.
طبعًا، لا تحتاج طفلة في السابعة عشرة شهرًا من العمر إلى عالم كبير ليعلّمها، لكن…
“سرعة نموها أمر، وسرعة تعلمها أمر آخر، كلاهما لا يصدَّقان.”
“أعتقد أن هذه الطفلة لا بد أن تكون نابغة… ربما من الأفضل أن نتبع نهجًا أكثر منهجية في تعليمها.”
لاحظوا أنني مختلفة عن باقي الأطفال، فبحثوا وسعوا حتى جاؤوا بمعلمٍ خاص.
“واحد، اثنان، ثلاثة، أربعة، خمسة.”
“وا، تُو، ثَ، را، فـا.”
“هذا المكان هو مملكة دايهو، والمنطقة التي نحن فيها تُدعى جيهان.”
“جيـ-ها.”
هكذا كانوا يولونني اهتمامًا استثنائيًا، ويمنحونني تعليمًا منظّمًا… لم يكن لدي ما أشكو منه حقًا.
باستثناء أمر واحد.
‘هناك شعور غريب يزورني بين الحين والآخر… فراغ ووحدة لا أفهم سببها.’
لم أستطع أن أجد له تفسيرًا، إذ كيف لي أن أشعر بهذا وأنا أحيا حياة أفضل بكثير من قبل؟
لكن، خلافًا لتوقعي أن الأمر سيزول مع الوقت، راحت تلك الوحدة وذلك الفراغ يزدادان ثِقلاً كلما مرّت الأيام.
خصوصًا حين أستيقظ ليلًا فجأة من نومي.
“أوبو…؟”
بما أن الخادمات كن يتناوبن على رعايتي، كان عليّ أن أنام بمفردي في الليل.
وعندها…
“نامي بهدوء.”
تذكرتُ دومًا ذلك الصوت الخفيض المهدّئ، وتلك اليد الدافئة التي كانت تربّت على ظهري.
“أه… أهه… أوآآه!”
في تلك اللحظات، يعاودني ألم يخز صدري كما لو أن إبرة تنغرز فيه، فيعذبني.
ولم أملك حينها إلا أن أستسلم لبكاء يخرج من أعماقي، مستسلمةً لغريزة الطفلة بداخلي.
“أواه، ما بال الطفلة تبكي مجددًا؟”
“لكن الحكيم قال إنه لا يوجد أي عارض مرضي.”
وعندها، ينهض الخدم من غرفهم المجاورة، ويمسحون أعينهم المثقلة بالنعاس ليحملوني بين أذرعهم.
كانوا أشخاصًا يكدحون طوال النهار بأعمال شاقة، ولم يكن من العدل أن أزعجهم، ومع ذلك لم أستطع أبدًا أن أوقف دموعي.
‘لماذا؟ أشعر وكأن في صدري فجوة واسعة.’
وبينما كانوا عاجزين عن العثور على سببٍ لما أعانيه…
“تِش، يبدو أنها تشتاق إلى والديها الحقيقيين… فهل نجرّب إعطاءها هذا الشيء؟”
تمتمت إحدى الخادمات بأسى، ناظرة إليّ، ثم فتحت خزانة وأخرجت قطعة قماش مألوفة.
‘هذا… إنها قطعة القماش التي تقاسمتها مع الزعيم في ما مضى!’
لحظة، لقد نسيت ذلك مؤقتًا.
أنا لمعت عيناي سريعًا، وسارعت إلى الإمساك به بيدي.
‘إذا وضعت هذا أمام البوابة، قال إنه سيأتي للقائي.’
كما قال الزعيم، قد لا أجد أبدًا فرصة لاستخدامه مستقبلًا.
لكن، ربما لأن مجرد التفكير في أنني سأتمكن من رؤية الزعيم متى شئت كان كافيًا، فقد شعرت أن مجرد حمله بين يدي جعل قلبي يرتاح بشكل لا يصدق، كما لو كان ذلك كذبة.
ومنذ ذلك الحين، لم أعد أبكي ليلًا.
ومضى الوقت على هذا النحو.
وبينما تساقطت الأوراق اليابسة كلها، ودخلنا أوائل الشتاء حيث بدأ الهواء البارد يهبّ بعنف.
“يجب أن نفصّل للطفلة ثيابًا جديدة.”
“فالملابس التي جلبناها كلها ضاقت عليها، أليس كذلك؟”
كنت في تلك اللحظة أرمش بعيني وأنا أستمع إلى حديث أونيوني ودولسوي.
ومن هما؟
إنها إحدى خادماتي اللواتي يعتنين بي أكثر من غيرهن، وصديقها (أو رفيقها؟).
“أونيوني، من الآن فصاعدًا اعتبري هذه الطفلة أختك واعتني بها.”
حين كبرت قليلًا، رأت زوجة إيم هيونشيك أنه لا بد أن يكون هناك شخص يعتني بي بشكل جاد.
‘يقولون إن الارتباط بالبالغين في الطفولة أمر مهم، أليس كذلك؟’
على أي حال، كانت أونيوني ورفيقها دولسوي يجلسان في غرفتي، كما اعتادا دائمًا، يعتنيان بي ويتبادلان الأحاديث المرحة.
“ما رأيك أن نأخذها إلى السوق الشعبي هذه المرة؟ فلنُرِها العالم قليلًا. يا صغيرتي، ألا تريدين الذهاب؟!”
“أونغ!”
يا للروعة!
لقد صرت الآن أستطيع أن أنطق كلمات أكثر وبطريقة تبدو معقولة، فتلألأت عيناي ورفعت يدي عاليًا.
الخروج إلى السوق الشعبي بعد وقت طويل؟ كيف لا أشعر بالحماس!
ثم إنه ليس ممكنًا أن أبقى هنا إلى الأبد.
“أما بشأن دار الأيتام، فقد قال جلالته إنه لا يزال يعيد التفكير في الأمر، فعلينا أن ننتظر قليلًا.”
حقًا، لا أدري إن كان الملك الحالي سيبني دارًا للأيتام أم لا.
لكن لم يكن بالإمكان أن ننتظر إلى ما لا نهاية.
وبغض النظر عن أي شيء، ومن أجل مستقبلي البعيد حيث سأعيش في الخارج، كان عليّ أن أرى الكثير وأتعلّم أكثر.
‘صحيح! عليّ أن أفكر فيما يمكنني أن أعمل به لكسب عيشي مستقبلًا. سأراقب وأتعلم كل ما أستطيع!’
يلا!
بهذا التفكير، تسلقت ظهر أونيوني.
وهكذا سرنا متجهين نحو السوق الشعبي.
لكن المشكلة وقعت ونحن في طريق العودة، بعد أن تجوّلنا كثيرًا واشترينا ما اشتريناه.
“أ- أرجوك، أنقذني! أرجوك أنقذني يا سيدي!”
فجأة، دوّى صوت استغاثة يائس من مكان ما. وبحكم أن عادتي في أيام عملي كمحققة لا تزال تسري في جسدي، التفت رأسي تلقائيًا نحو المصدر.
“تجرؤ حقير وضيع على اعتراض طريق سعادة الدوق؟!”
بووم!
مع صوت مدوٍّ، هوى رجل مسنّ يرتدي ثيابًا بالية من الكتان على الأرض.
“م- ما الذي يحدث؟”
شهقت أونيوني ودولسوي وقد توقفت خطواتهما، منكمشين من الخوف.
أما أنا، فلم أستطع أن أزيح عيني عمّا يحدث.
وبتأمل أكثر، لم يكن الرجل العجوز وحده. إذ كانت هناك امرأة أيضًا بملابس بالية من الكتان، تتعرض للضرب المبرح بلا رحمة من قِبل محاربين مسلحين!
‘لا يمكن… هؤلاء الأوغاد…؟’
قطبت حاجبيّ وحدقت بعينين باردتين بلا رحمة.
“مستحيل…؟”
كأنما تذكرت شيئًا فجأة، شهقت أونيوني وقد وضعت يدها على فمها.
“صحيح… إنه الدوق يونغسان.”
“هاه، كنت قد سمعت أنه نزل إلى المقاطعة مؤقتًا بحجة القبض على الخونة…”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 24"