“همم…”

 

ربما لأنه شعر بوجودي، تحرك الزعيم قليلاً في نومه وبدأ يربت برفق على ظهري.

 

‘دافئ.’

 

مددت وجهي في صدره الصلب، وأغلقت عيني بإحكام.  

بدت لي وكأنني سأستطيع النوم دون كوابيس بعد فترة طويلة جدًا. 

* * *

 

بعد ذلك، مرّت خمسة عشر يومًا.

 

“بعد أربعة أيام، سنغادر.”

 

ما عرفته خلال هذه المدة هو أن الزعيم، بسبب إقامته في أعماق الجبال، كان يغادر بانتظام للقيام بعمليات السرقة.

 

كان الزعيم قد حدد موعد مغادرته للقيام بالمهمة التالي، ولم يتبق سوى القليل من الوقت. 

 

بسبب ذلك، أصبحت مشغولة أكثر، وبدأت أقضي وقتًا أطول مع قطاع الطرق الآخرين بدلاً من الزعيم.  

لكن من الجيد أن مهارات قطاع الطرق في رعاية الأطفال قد تحسنت تحت تدريب الزعيم المنظم.  

لم تكن لمساتهم عند احتضاني فقط أكثر نعومة، بل…  

 

“لقد أطعمت الطفلة كل الطعام!”

 

“لقد قمت بتغيير الحفاضة!”

 

أصبحوا قادرين على إعداد طعام الأطفال، وإطعامهم، وتربيتهم، وتغيير حفاضاتهم، وغسل ملابسهم وتجفيفها، وصنع الألعاب لهوهم، وحتى مساعدتهم على النوم.

 

في مرحلة ما، بدأوا يتحركون بشكل منظم وكأنهم يوزعون الأدوار، لدرجة أنهم لم يعودوا بحاجة إلى مساعدة الزعيم.  

 

 

‘لم يعودوا يتصرفون بشكل همجي كما في السابق، ومع مرور الوقت، يبدو أنني بدأت أشعر بمودة تجاههم أكثر.’

 

حسنًا، ليس هذا أمرًا رائعًا للغاية!

 

على الأقل، لم أعد أشعر بالخوف منهم كما كنت أفعل سابقًا.

 

“عمك، جاء!!!”

 

بالطبع، لا يزال ذلك الوجه المخيف ذو الصوت الجهوري والعضلات الضخمة واللحية الكثيفة يسبب لي بعض القلق.  

 

لكن أعمامي الذين كانوا يلعبون معي كانوا يمسكون بيدي بعينين تتلألأ بالحماس، وقالوا:

 

“عمي- جربي أن تقولي!”

 

“آه.”

 

“جربي قولي عمي دجاجة!”

 

“يا إلهي، يا الصغيرة! هل يمكنك فعل ذلك؟! يبدو صعباً عليك”  

 

“بالضبط! ألا تتذكر ما قاله الزعيم؟ أليس كذلك؟ خطوة بخطوة، التعليم المتدرج! الأهم أن نبدأ من السهل الي الصعب، لكن قول عمي دجاجة يبدو صعبًا. هيا، هيا، قولي عمي!”

 

“سواءً كان عمي أو دجاجة، فإن كلاهما صعب. في رأيي، بقرة هو الأفضل.”

 

“هل تعرفون كم هو رائع الكلب كحيوان؟”

 

على أي حال، كلهم براز… (م- انا كنت مغيرة في أسمائهم قليلا كانت بعضها اولها زي براز بقرة )

 

بينما كنت أتجنب الانخراط في نقاشاتهم التافهة، كنت أهرب بنظري.

 

فجأة، فتح الباب ودخل الزعيم وامرأة لا أعرفها.

 

“وااا!”

 

ورفعت يدي بفرح.

 

“لقد جئت! أيها الزعيم! لقد عدت، أيتها القائدة!”  

تسارع الأعمام لتقديم التحية للزعيم والمرأة.

 

“ما؟”

 

هل هي القائدة؟

 

لقد كنت أعلم بعض الأمور حتى الآن.

 

في هذا المكان، كان هناك ترتيب معين تحت الزعيم.

 

الأول هو نائب الزعيم دوفي

 

إذ يبدو ضخمًا ويبدو دائمًا على وجهه تعبير خالٍ من المشاعر رغم أنه كان يتمتع بولاء ومهارات تفوق الجميع.

 

بمعنى آخر، كان لديه أجواء تقليدية لمقاتل عسكري رفيع المستوى من عائلة عريقة.  

 

ثم يأتي القائد الأول غاون

 

على الرغم من أنه يبدو في أواخر مراهقته، إلا أنه كان في المرتبة التالية بعد الزعيم ودوفي.

 

حسب المعلومات التي حصلت عليها من أحاديث قطاع الطرق، فهو يتمتع بكفاءة في اللغات الأجنبية وذاكرة استثنائية ولا ينسى ما رآه مرة واحدة. أي أنه يمتلك عقلًا عبقريًا، كما يقولون؟

 

من المحتمل أنه، بفضل هذه القدرات، نال ثقة الزعيم رغم صغر سنه.

 

وأخيرًا، هذه المرأة التي عرفتها الآن!

 

بالتأكيد، من الواضح أن المرأة التي تُدعى القائدة كانت تأتي بعد غاون في التسلسل الهرمي لعصابة قطاع الطرق.

 

أي أنها تعتبر في مستوى إداري في العصابة.

 

‘لماذا لم أراها حتى الآن؟’

 

بينما كنت أفكر في ذلك وأميل برأسي قليلًا.

 

“أحسنتِ العمل. يمكنكم العودة الآن.”

 

أخرج الزعيم بسرعة أعمامي الثلاثة وأحضر المرأة نحوي.

 

كانت تحمل مطرقة ضخمة خلفها وعينيها تحملان نظرة حادة. شعرها قصير، ورغم أنها امرأة، إلا أن جسدها كان عضليًا وأظهرت قوة كبيرة.

 

“إنها تبدو رائعة.”

 

فتحت فمي من الدهشة وأنا أتأملها.

 

ثم ابتسمت هي أولاً ورحبت بي.

 

“مرحبًا، أنا فيلسوك.”

 

هذه كانت المرة الأولى التي يرحب إليّ أحد هنا.

 

نظرت إلى الزعيم بعينين تتوسل الشرح، وأضاءت عيني فيلسوك كما لو أنها وجدت الأمر ممتعًا.

 

“واو، يبدو أنك تفهمين كل ما يُقال كما قيل!”

 

“أجل. هي ذكية.”

 

“هل أنت فضولية؟ لقد ذهبت مسبقًا إلى المكان الذي سينطلق إليه الزعيم هذه المرة وأكملت التحقيق وعدت. نحن نرسل أشخاصًا مسبقًا لإجراء تحقيق قبل المغادرة. وفي هذه المهمة، سأكون معك.”

 

ضحكت فيلسوك بمرح وأعطتني شرحًا مفصلًا.

 

عندها أدركت لماذا لم أكن أراها حتى الآن.

 

عندما أومأت برأسي كأني فهمت، ابتسمت فيلسوك بدهشة وأومأت برأسها كرد فعل.

 

“واو، هل حقًا تفهمي؟ أنت؟”

 

“بُه!”

 

ابتسمت بخجل.

 

لم يكن من غير المريح لي أن تتحدث معي بطريقة ودية.

 

بعد أن كنت محاطًا بالرجال ذوي الوجوه القاسية، شعرت بشيء من الدفء عندما جاءت امرأة لطيفة.  

 

بالطبع، سأترك الأربعة قطاع الطرق الذين كانوا هنا. لكن، لا يزال لديهم الكثير من النقاط التي تحتاج إلى تحسين، لذا أريدك أن تتولى مسؤولية رعاية هذه الطفلة. فأنت الوحيدة التي لديها خبرة في رعاية الأطفال”

 

ابتسمت فيلسوك وأومأت برأسها موافقة على تعليمات الزعيم.

 

“بالطبع، أيها الزعيم. إنها تعليمات رائعة، أليس كذلك؟ الاعتناء بطفلة لطيفة كهذا!”

 

“آه، لحظة.”

 

بدت على الزعيم ملامح القلق وهو يعبس جبهته، ثم حملني فجأة بحذر وأعطاني لفيلسوك.

 

“جربي حملها.”

 

كما لو كان هذا اختبارًا، حملتني فيلسوك بشكل غير مرتبك، داعمة مؤخرتي، بينما كان رأسي مسندًا على صدرها. كان الوضع مريحًا للغاية.

 

“لقد نجحت.”

 

“ماذا…؟”

 

“حدثت الكثير من الأمور أثناء غيابك.”

 

“آه، سمعت. لقد تلقى الجميع تدريبًا على رعاية الأطفال من الزعيم، أليس كذلك؟ هاهاها! إذا كان الأمر كذلك، فلا داعي للقلق. لقد ربيت طفلين”

 

“صحيح. إذاً هذا جيد. سأترك الطفلة معك أثناء غيابي. يجب أن تتعرف الطفلة على وجودك، لذا سأخذها إلى خيمتك من اليوم لتقضي بعض الوقت معها.”

 

“حسناً، أيها الزعيم! اترك الأمر لي!”

 

أومأت فيلسوك برأسها بتواضع وانحنت بزاوية 90 درجة، بينما أومأ الزعيم برأسه راضيًا.

 

“سوف تقضي بعض الوقت مع فيلسوك لفترة من الوقت. هل تفهمين؟”

 

أومأت برأسي للزعيم الذي كان يداعب رأسي.

 

“أوووه!”

 

“كلما رأيتك، أراك لطيفة وذكية وناضجة يا صغيرة.”

 

أطلقت فيلسوك، التي كانت تحضنني، زفرة منخفضة. بينما ابتسمت لي ابتسامة مشرقة وتشبثت بي بقوة.

 

“إنك حقًا لطيفة جدًا.”

 

لسبب ما، كانت رائحة دافئة تنبعث من حضنها. شعرت بالخجل وابتسمت بخجل، ودفنت رأسي في صدرها.  

…في ذلك الوقت، لم أكن أعرف أبدًا ما ستعنيه هذه اللقاءات بالنسبة لي. 

* * *

 

“صباح الخير، يا صغيرة، هل نمت جيدًا؟”

 

عندما سألتني فيلسوك، تثاءبت بعمق ورمشت بعيني واستيقظت.

 

تناولت وجبة مشبعة في اليوم السابق وتغطيت ببطانية دافئة، لذا نمت نومًا عميقًا لأول مرة منذ فترة طويلة.  

 

‘بالتأكيد، الخبرة تحدث فرقًا.’

 

استمتعت بالراحة ومددت ذراعي القصيرتين تجاه فيلسوك بشغف.

 

كانت المشكلة في ما حدث بعد ذلك.

 

“ما هذه العلامة؟!”

 

أثناء استحمامي، اكتشفت فيلسوك بقعة على قدمي.

 

تغير تعبيرها ليصبح جادًا وغير مريح.

 

‘هل تعرف حقًا… عن علامة العائلة المالكة؟’

 

شعرت بالتوتر الشديد بسبب رد فعلها وبدأت أحاول سحب قدمي، لكنها فتحت عينيها على مصراعيها وامسكت بكاحلي بقوة مرة أخرى.

 

“آه، أوه!”

 

“ششش! اصمت!”

 

صفعة-!

 

عندما بكيت بصوت خافت، رفعت يدها بسرعة وضربتني على مؤخرتي.

 

لقد كانت هذه المرة الأولى التي أتعرض فيها للعنف منذ أن جئت إلى هنا، مما أفزعني لدرجة أن بكائي توقف على الفور.

 

“ماذا، ماذا… هذه العلامة… كيف؟”

 

كانت تتنفس بصعوبة، تنظر إلى قدمي مرة تلو الأخرى، كما لو كانت لا تريد أن تصدق ما تراه.  

 

فجأة، قامت فيلسوك برفعي عن الأرض!

 

“آه؟!”

 

بينما كنت أعلق على كتفها، شعرت بحالة من الذهول وامسكت بكتفها بإصبعي الصغير.

 

انطلقت إلى الخارج وهي تحملني على كتفها.

 

‘ماذا؟ إلى أين تأخذينني؟!’

 

على الرغم من حالة الذهول، حاولت تحريك يدي، لكن قوتها كانت تمنعني بكل بساطة.

 

عبرت فيلسوك المكان بيد واحدة، متجهة نحو خيمة الزعيم.

 

عندما حاولت فتح الباب، سرعان ما قام قطاع الطرق الذين كانوا يحرسون المدخل بإيقافها.

 

“سيدتي القائدة، الزعيم في اجتماع الآن…”

 

“ابتعدوا، أو سأضربكم.”

 

“لكن…”

 

كما لو أنها لم تكن ترغب في سماع المزيد، عدلت فيلسوك قبضتها على المطرقة التي كانت تحملها في يدها.

 

ثم، في لحظة واحدة، ضربت أحد الرجال على كتفه بمقبض المطرقة.

 

“آه!”

 

كان هذا فعلًا بسيطًا، لكن قطاع الطرق تراجعوا للخلف على الفور.

 

هكذا، فتح الباب الخشبي بسهولة على يدها.

 

بينما كنت معلقة على كتف فيلسوك، فتحت عيني على مصراعيهما لأتفقد داخل خيمة الزعيم.

 

كان دوفي وغاون يجلسان حول صخرة كبيرة، وعلى الطرف كان هناك…

 

“الزعيم.”

 

كان هناك رجل ينبعث منه كاريزما قوية ووزن ثقيل.