كانت خطوة سيباستيان خفيفة على غير العادة اليوم وهو يغادر النزل المتهالك ويشق طريقه إلى مكان تأجير الخيول.
“سأستعير هذا الحصان مرة أخرى اليوم.”
“أوه، لا، لقد أخبرني الرئيس ألا أعيرك حصانًا حتى تسدد ديونك.”
أوقف الموظف سيباستيان بينما كان على وشك أخذ الحصان.
“مهلاً، لا يهم كم يكلفني. سأدفع لك الليلة، لذا ابتعد عن طريقي.”
“مستحيل، لقد فعلت ذلك في المرة السابقة ولم تحضر المال، هل تعلم كم عدد المشاكل التي اقع بها بسببك؟”
“هل أبدو كشخص لا يدفع؟”
“نعم.”
أجاب الموظف بحزم.
‘حسناً هذا حقيقي….’
أخرج سيباستيان قطعة مجوهرات من جيبه الداخلي.
كانت قطع المجوهرات التي رفض المرتهن استبدالها بالمال لأنها مُزيفة.
“احتفظ بهذه كضمان، سأعود بالمال الليلة.”
سلّم سيباستيان الجوهرة إلى البائع الذي اتسعت عيناه.
“هل يمكنني الذهاب إذن؟”
“نعم يا سيدي. سأراك لاحقًا الليلة، أو من الأفضل ألا تأتي.”
‘ لا أصدق أنه يحب المجوهرات المزيفة.’
امتطى سيباستيان حصانهُ، ورأى الفرق الذي سيحصل في حياته عندما يحصل على ثلاثمئة الف ليتا وانهُ سيعيش بشكل هادئ.
كان الحصان العجوز يترنح بعنف، لم يعد يملك قوة اليوم، ثم كافح من أجل أن يتمركز وسار ببطء.
“من تكون؟”
اقترب خادم من سيباستيان بينما كان يقف عند بوابة قصر الدوق ليون.
“سيباستيان.”
أجاب دون أن ينظر إلى وجه الخادم.
“نعم؟”
“هيا، افتح الباب.”
قوس سيباستيان حاجبه في انزعاج.
“لا أحد من الزائرين اليوم يحمل هذا الاسم، هل لديك موعد؟”
أوقف الخادم سيباستيان وهو يحاول الدخول عنوة.
“ماذا؟ أنا هنا لمقابلة إسبين، ألا تعرفني؟”
نظر سيباستيان إلى الخادم في عدم تصديق.
“لا يوجد ضيوف سمحت لهم الانسة بالدخول.”
“حسناً، حسناً.”
ابتسم سيباستيان في عدم تصديق للخادم الذي وقف في طريقه.
“اريد مُقابلة شخصً ذو منصبً رفيع.”
“لا يا سيدي.”
“ماذا، هل تعرف من أنا؟”
نزل سباستيان عن حصانه وصفع الخادم على كتفه.
“لا، لا أعرف. أخبرني اسمكَ وسأسأل كبير الخدم.”
“ما هذا بحق الجحيم. ماذا قلت؟”
دفع كتف الخادم بقوة أكبر بوجه قاسٍ.
“ما كل هذه الضجة؟”
عند الضجة، خرج كبير الخدم.
“مرحبًا بك، يا كبير الخدم.”
أمسك سيباستيان بزمام حصانه، وكان سعيداً بدخول القصر أخيراً.
“هيا، افتح البوابة.”
“من تكون؟”
سأل كبير الخدم، الذي كان يأتي ويذهب من المنزل طوال الشهر الماضي، كأنهُ لم يرَ سيباستيان من قبل.
“أنسيتني إم ماذا؟ إنه أنا سباستيان.”
“إنا لم أقابلك من قبل.”
“هل فقدت عقلك؟”
“هذا ليس مكاناً يدخلهُ أي شخص، لذا أرجو أن تذهب بعيداً “
أصيب سيباستيان بالذهول للحظة.
‘هل هؤلاء الناس مجانين؟ كيف لم يتعرفوا عليَّ؟’
بالأمس فقط، كان سيباستيان هو الذي فتح الباب في اللحظة التي وقف فيها في المدخل ودخل مباشرة إلى الداخل.
“هل فقدت عقلك ؟ نادي على إسبين.”
“لا تنطق اسم الانسة بهذه السهولة.”
“هاه، سأفقد عقلي نادي اسبين أولا، سأخبرها أن تطردكم جميعا”.
اقتحم سيباستيان المنزل متجاوزاً الخادم وكبير الخدم.
وعلى الفور أمسك الخادم سيباستيان من مؤخرة رأسه ليوقفه، لكن كبير الخدم لوح له بعيدًا ورمقه بنظرة أخبره فيها أن يبقى ساكنًا.
“اسبين! إسبين!”
نادى سيباستيان بقلق على إسبين وهو يشق طريقه وسط حشد من الناس الذين يسدون طريقه إلى القصر.
“من أنتَ؟”
توقفت الخادمة التي كانت تنظف بهو القصر في طريقه.
“هل أنتم جميعًا مجانين، ألا تعرفون من أنا، لقد كنت هنا بالأمس ولا تتذكرونني، هل تعاطيتم جميعًا نوعًا غريبًا من المخدرات؟”
“أحضروا بعض الناس إلى هنا.”
وسرعان ما جاءت الخادمات والخدم من جميع أنحاء القصر وجذبوا ذراعي سيباستيان.
“اتركوني. انكم تعلمون من أنا وقد جاءتُ لارى اسبين، اين هي؟”
“ارحل من فضلك إذا أحدثت المزيد من الضجيج، سأستدعي فرسان الإمبراطورية.”
تهديدات الخادمة لم تخيف سيباستيان على الإطلاق.
كان الشيء الوحيد الذي يخيفه الآن أكثر من الفرسان الإمبراطوريين هو العودة إلى المنزل دون رؤية إسبين. أو بتعبير أدق، العودة خالي الوفاض.
‘إسبين، إذا رأيتها سيكون كل شيء على ما يرام.’
مهما ظن الخدم أنه مجنون، فكل ما كان ينقصه هو أن تتعرف عليه.
ناداها سيباستيان بيأس
“ماذا يعني بانكَ تُناديني؟”
عند نداء سيباستيان، انفتح باب الصالة ببطء، وخرجت إسبين.
“عزيزتي، إنه أنا سيباستيان ، هؤلاء جميعاً فقدوا عقلهم.”
نفض سباستيان أيدي الخادمات وهرع إلى إسبين.
“من…؟”
رغم عيني سباستيان المتوسلتين، نظرت إليه إسبين ببراءة شخص لم تره من قبل.
“إسبين…. هل جننتِ، إنه أنا، سيباستيان!”
“يا كبير الخدم. من يكون هذا الرجُل؟”
سألت إسبين كبير الخدم الذي قد دخل القصر للتو.
“لا أعرف، إنه الشخص الذي كان يطالب برؤية الانسة في وقت سابق، سأتعامل معه بعد قليل.”
“ما هذا….”
‘هل أنا أحلم؟’
لم يصدق سيباستيان ما كان يحدث أمامهُ.
‘لا يمكن أن يكون…. لقد أعطيتها للتو كل المال الذي أملكه.’
أدار رأسه حائراً لينظر إلى الخادمات والخدم. من المؤكد أن أحدهم قد رآه وتحدث إليه.
‘ما هذا بحق الجحيم…. لم أتعرف على أي منهم.’
اختفت الخادمات اللاتي كان يعرفهن منذ شهر.
كان الجميع ينظرون إلى سيباستيان كما لو أنهم لم يروه من قبل.
كان سيباستيان مذعوراً.
“لماذا استغرقتي كل هذا الوقت؟”
خرج الرجل والمرأة اللذان كانا مع إسبين في الصالة من الباب بفضول.
‘هاه… فرسان الإمبراطورية.’
جفل سيباستيان عند رؤية زي الفرسان الإمبراطوري الخاص بهارين.
‘كلا، إذا تراجعت الآن، لن احصل على الختم أبداً، ولا الثلاثمئة الف ليتا….’
كان سيباستيان قد دفع خمسون الف ليتا لأخذ ختم الدوق ليون. حتى لو أخذ عشرة الالف ليتا من إسبين، فهذا يعني أن الاربعين الف ليتا ستضيع.
“اسبين…هل انتِ غاضبة مني؟ لماذا تتصرفين وكأنكِ لا تعرفيني؟ اليس من المفترض أن نغادر معاً…”
عند سماع صوت سيباستيان وهو ينتحب، ارتجف جسد إسبين كلهُ من الخوف.
ثم توقف رجل يرتدي زي الفرسان الإمبراطوري أمام سيباستيان.
“ما اسمك؟”
“اسمي سيباستيان….”
لمعت عينا الرجل بحدة عند سماع الاسم.
“أهذا انتَ المجنون الذي كتب تلك الرسالة؟ يجب أن تكون فقدت عقلك عندما حاولت التجسس على اسبين خاصتي، سأمزقك ارباً.”
اندفعت المرأة ذات المظهر المخيف نحوهُ وهي تلعن.
امسك الفارس باحدى يديها لإقافها ونادى على كبير الخدم.
“يا كبير الخدم، استدعي فرسان الإمبراطورية في الحال.”
“لقد استدعيتهم بالفعل.”
“وقيدوا هذا الرجل.”
“ماذا؟…”
قُيد سيباستيان باحكام، ولم يستطع حتى الفهم.
‘هل يخدعني الجميع؟’
غير قادر على المقاومة، التفت سيباستيان إلى إسبين وصرخ بيأس.
“اسبين، ما الخطب …. لقد أعطيتكِ المال بالأمس.”
“مال؟ أعطيتني مالاً؟”
“نعم…. ألم أعطكِ أربعين ألف ليتا بالأمس….”
“لماذا أعطيتني المال؟”
“لأنكِ لا تملكين أي مال.”
“هاها.”
ضحكت إسبين في عدم تصديق وهو ينهي جملته.
“معذرةً، هل أبدو وكأنني لا أملك أي نقود؟”
نظر سيباستيان إلى اسبين كان يجلس كما كانت جين تجلس بالأمس عندما مسكوها.
كان سيباستيان يرتدي زيًا حريريًا رثًا، بينما كانت إسبين يرتدي ثوبًا ملونًا.
وبالمقارنة بين الاثنين، كان من الواضح أن سيباستيان لم يكن لديه مال.
“من المستحيل أن تأخذ اسبين المال من معتوه فاقد للعقل مثلُكَ.”
صرخت المرأة ذات المظهر المخيف مرة اخرى.
“هل تقولين لي أن هذا كله وهم مني؟”
تساءل سيباستيان الآن إن لم يكن قد أصيب بالجنون حقاً.
نظر إلى الأرض في يأس.
“لقد وصل الفرسان الإمبراطوريون.”
جاء صوت الخادم، وتبعه صوت خطوات سريعة ومتناغمة.
دخل فرسان الهيكل، وعندما رأى هارين الرجل الذي كان على رأس الصف، ناداه في تحية.
“سيدي!”
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 9"