يا لها من مفاجأة لقاء الأرشيدوق هولت.
رؤية وجهه جعلت قلبي يرفرف.
“هل أنتِ بخير يا اسبين؟ أليس من الخطر أن تكوني هنا؟”
“أوه، إنهُ…. لقد شعرت بالاختناق الشديد في القصر.”
ارتجف صوتي. لم أكن اقصد ذلك، لكن يبدو أن الارتجاف في صوتي، مثل صوت شخصٍ سرقَ شيئاً، بدا لهارين على أنه خوف.
“صوتكِ يرتجف كثيراً، ماذا حدث لكِ؟”
“…الأمر فقط أنني أشعر بأن أحداً يُلاحقُني. لم أود المجيئ إلى محطة البوابات في المقام الأول، لكنني ركضت إلى هنا.”
“جيد، لأن هذا المكان يتم تفتيشه عند المدخل ما لم تكن من النبلاء رفيعي المستوى، لذا إن كنتِ نبيلة فسيسمحون لكِ بالمرور”.
“نعم. لذا سأبقى هنا حتى يرحل الشخص الذي يُلاحقُني…”
ربت هارين على كتفي في قلق بينما كنت أرتجف.
“آه، إسبين. لم تُقابلي رئيس الفُرسان، أليس كذلك؟”
“هاه؟ لا.”
“هذا جيد. تعال وألقي التحية معي. أنا متأكد من أنه سيساعدكِ.”
“لا، لا بأس، يبدو مشغولاً وأنا….”
“لا بأس حقاً.”
لم يكن هناك أي شيء جيد في لفت انتباه الأرشيدوق هولت لقد كان شخصية ذات بصيرة روائية، من الأفضل تجنبها بأي ثمن.
لكن يبدو أن هارين لم يفهمني، فأخذ بيدي وذهبنا إلى حيث كان الأرشيدوق.
“سيدي.”
انتقلت نظراته من التقرير إلى هارين وأنا.
“هذهِ هي إسبين ليون، صديقة أختي، وهي أيضًا صديقتي. طلبت مني إسبين أن أحضرها إلى هنا لأنها أرادت أن تُلقي عليك التحية.”
ركزت عيناه الثاقبتان عليّ. بدأ قلبي، الذي كان قد هدأ بمجرد حضوره، في التسارع بجنون مرة أخرى.
“هل أنتِ ابنة الدوق ليون؟”
“ماذا؟ آه…. نعم. هذا صحيح، إنه لشرف لي أن ألتقي بك.”
“يبدو أنكِ ترتجفين، هل أنتِ بخير؟”
“لا يا سيدي. هذا لأن اسبين حدث معها شئ مُخيف. أود أن أتحدث معك بشأنه.”
لا بد أن القصة التي يريد هارين أن يحكيها يجب أن تكون عن سيباستيان.
‘كلا، لا يمكننى أن أدع الأرشيدوق يعرف، سيكون هذا كثيراً جداً….’
بطريقة ما، شعرت بطريقة ما أن الأرشيدوق سيكتشف خطتي.
في الواقع، حتى في الرواية، كان شخصية تتمتع بمهارات ممتازة في التفكير والتحليل، لذا ربما كان سيكتشف خطتي.
أغمضت عيني بشدة لأوقف فم هارين، لكنه لم يتمكن من قراءة عيني وتابع.
“كان هناك الكثير من الاشياء الغربية تحدث مع إسبين مؤخرًا….”
‘اخرس يا هارين!’
جذبت ذراع هارين فأدار ظهره.
“يوجد الكثير من الناس هنا.”
“أوه، آسف. من الصعب التحدث في مكان به الكثير من الناس، أليس كذلك؟”
“نعم. أنا قلقة على سُمعتي الاجتماعية إذا انتشر الخبر….”
‘لا تخبر الدوق الأكبر وأنهي الأمر فقط.’
ابتلعتُ الكلمة الأخيرة وأجبرتُ زوايا فمي على الرفع.
“حسنًا، سأخبره في المرة القادمة.”
‘كلا، ليس عليك أن تخبره.’
نظرتُ باعجاب كيف تمكن هارين من معرفة ما أُريد.
كان حقاً سيخبر الأرشيدوق هولت بكل شيء لاحقاً.
“حسنًا إذن، في وقت آخر.”
ردّ الأرشيدوق على مهل، وقد تحركت إحدى زوايا فمه إلى أعلى، قبل أن يحوّل انتباهه مرة أخرى إلى التقرير.
‘بالمناسبة، أنهُ وسيم للغاية.’
كان هناك سبب يجعلهم يرددون الأرشيدوق الشمالي، الأرشيدوق الشمالي.
لقد كان منظرًا رائعًا.
‘تمالكِ نفسكِ سوف تقعين في حُب ترافيس.’
كما هو الحال في معظم الروايات، يلتقي ترافيس بكلوي البطلة البريئة ويقعان في الحُب، من النظرة الأولى.
لقد كان أكثر شعبية من البطل الرواية ولي العهد، لأنه ذهب إليها مباشرةً دون النظر إلى نساء أخريات.
كان لطيفًا جدًا مع الفتاة التي يحبها.
ابتسمت بخفة وأنا أتذكر سلوك ترافيس في الرواية.
ثم كانت اللحظة. رفع الارشيدوق نظره من التقرير ونظر في عيني.
‘أنتِ مجنونة، تمالكِ نفسكِ.’
لم يسعني إلا أن أشيح بنظري بعيدًا في ذعر وأنا ألتقي بعينيه الداكنتين اللتين لا أعرف عمقهما.
“حان دورنا. سيدي، انتهى نفتيش البوابات.”
عند كلمات هارين، أومأ الأرشيدوق برأسه مبتعداً.
“إسبين، هل تمانعي أن أترككِ وحدكِ؟”
“نعم لا بأس حقاً، عُد إلى العمل.”
“سأرسل فارساً معكِ. سيحرس عربتكِ في طريق عودتكِ للمنزل”
“كلا، السائق ينتظرني بالخارج، يمكنك أن تذهب إلى عملك”
اذهب من فضلك.
أرسلت هارين على عجل في طريقه وأنا أشعر بأنني سأموت بنوبة قلبية لو تسارعت دقات قلبي أكثر من ذلك.
لم أخرج نفسًا عميقًا إلا عندما اختفى فارسان الهيكل تمامًا عن انظاري.
* * *
“إلى المنزل الآن.”
“انستي، هل كنتِ هناك؟”
“نعم. و أود أن أستحم على الفور.”
“انستي…”
تردد الخادم بوجهه المتجهم ثم قال
“لديك زائر في صالة الاستقبال.”
“زائر ؟
“السيد سيباستيان.”
قبلتُ كلمات كبير الخدم بابتسامة ساخرة
‘ كم انه غير صبور يالهُ من مُخادع كبير.’
لقد مرت أقل من 24 ساعة منذ أن سلمني المال.
كان قلقاً جداً من أن تكون اسبين قد فقدت العشرة آلاف ليتا التي أعطاها إياها في وقت سابق.
عندما فتحت باب الصالة، كان سباستيان يخطي ذهاباً واياباً في الغرفة، غير قادر على إخفاء نفاد صبره.
“إسبين!”
“سباستيان….”
“لماذا أنتِ مُتوترة جداً؟ هل أحضرت الختم، الختم؟”
نظر إليّ سيباستيان بقلق بينما لم أقل شيئاً.
“هذا….”
لم أستطع أن اتحدث. لا، تظاهرت بأنني لم أستطع.
كان عليّ أن أخدعه أكثر لأنني لم أبدأ هذا الأمر مقابل عشرة آلاف ليتا فقط.
‘أنني ممثلة أفضل مما كنت أعتقد.’
لقد تأثرت بأدائي. أصبح تنفس سيباستيان خشنًا بشكل ملحوظ عندما أدرك مدى براعة خداعي له.
“اسبين، هل أحضرتِ الختم معكِ؟”
“أنا آسفة… سيباستيان….”
نظر إليّ سيباستيان في عدم تصديق. كان هناك صمت، كما لو أنه نسي أن يتنفس.
“ماذا تعنين بأنكِ آسفة…. ماذا تقصدين؟”
“حسناً… أعني أنني تمكنت من التسلل إلى قلعة الدوق ليون.”
“و؟”
“حسناً، تصادف أن والدي كان خارج المدينة، فأسرعت للحصول على الختم….”
لقد ابتلع سيباستيان بصعوبة بينما كان يستمع إليّ وأنا أثرثر.
“و؟”
“قُبِض عليَّ.”
“من قبضَ عليكِ؟ من قبل من… من قبل الدوق؟”
اتسعت عينا سيباستيان حتى كادتا تخرجان من رأسه.
“لا، ليس من قبل أبي، بل من قبل مُساعده البارون تيراميس”
تنفّس سيباستيان الصعداء عندما علم أنه لم يكن الدوق.
“هنيئاً لكِ، لماذا أنتِ حمقاء!”
كان سيباستيان مرتاحاً، لكنه فجأة كان غاضباً مني.
نظرت إليه بدهشة.
“سيباستيان….”
ابتلع غضبه وتابع بهدوء، كما لو كان يريد الاعتذار.
“أنا آسف. لم أقصد ذلك….”
“سيباستيان، هل كانت هكذا دائماً؟”
“لا، لا، لقد انفعلتُ قليلاً للحظة، أنا آسف.”
أخفض سيباستيان صوته بهدوء، كما لو كان يعتقد أنه لا يزال لديّ ورقة لألعبها.
“إسبين، هل أنتِ متفاجئة جداً؟”
“نعم. لم يسبق لي أن رأيت سيباستيان هكذا من قبل….”
“أنا آسف هاه… لقد ظننت أن الأمر قد انتهى الآن…. ظننت أن أيامنا السعيدة لم يبق لها سوى أيام….”
‘أوه، الآن تلعب دور الشخص الذي يجب أن أشفِق عليه؟’
توقف سيباستيان، وهز رأسه فجأة.
“سيباستيان…. لا تزال هناك طريقة أخرى.”
رفع سيباستيان رأسه المنخفض ببطء.
“لكن… هاه، لا، هذا كثير جداً.”
“أي طريقة يا اسبين؟ نحن بحاجة إلى جميع الطُرق.”
“حسناً، في الواقع، الأمر فقط أن… البارون تيراميس كان لديه الكثير من المشاكل المالية في الماضي، وكان دائماً مولعاً بالمال والقمار….”
“مشاكل مالية؟”
“نعم…. لقد تمكن دائماً من تدبير أموره، لكنه يعاني من أزمة مالية في الوقت الحالي، وكان يبحث عن المال”.
“إذن؟”
“حسناً، لقد أوحى إليّ بذلك في وقت سابق، قائلاً إنني إذا أعطيته المال، يمكنه الحصول على ما أُريد….”
عادت أكتاف سيباستيان المتراخية إلى مكانها.
“ثمَ…؟”
“أعتقد أنك إذا أعطيته ما يعادل دينهُ، فربما سيساعدك على الأرجح في أن يُعطيكَ الختم.”
“جيد اسبين افعلي ذلك في الحال.”
قال سيباستيان بنبرة آمرة.
“هل أنت متأكد أنك ستكون بخير يا سيباستيان؟”
نظرت إليه بقلق، فهز رأسه كما لو كان ذلك غير منطقي.
“لماذا…؟”
“إنه مبلغ كبير من المال، أليس هذا مبلغاً كبيراً بالنسبة لك؟”
“أنا؟ لماذا سيكون عبئاً…؟”
“عليك أن تأتي به يا سيباستيان ثلاثون ألف ليتا لرشوته.”
مددتُ ثلاثة أصابع نحو سيباستيان.
“أنا؟”
“بالطبع، لقد أخبرتك منذ أيام، إنني لا أملك المال”
بدا سيباستيان وكأنه تلقى صفعة قوية على مؤخرة رأسه وعجز عن الكلام للحظة.
“….”
“حسنًا، إذا كان هذا كثيرًا عليك…. سأضطر إلى إخبار والدي مباشرة.”
“أوه، لا، هذا ليس كذلك.”
‘واو، أعتقد أنني أسمع عَد الأرقام.’
وبينما كنت أراقب عيني سيباستيان ترفرفان، كنت أراه يعُد الأرقام في رأسه، وعندما انتهى عضّ على شفتيه بإحكام وتكلم، وكانت نظرة التحدي ترتسم على وجهه.
“حسنًا جدًا. اسبين، سأحضر المال.”
“حقًا، هذا القدر من المال؟”
“نعم…. إذا تخلصت من مجوهرات الملكة بطريقة سرية… أعتقد أنني أستطيع تدبيره بطريقة ما.”
“سيباستيان، سأفعل كل ما يلزم للحصول عليه هذه المرة.”
نظر إليّ سيباستيان وتنهد بشدة، ثم أبعد فمه بصعوبة.
“حسناً، سأعطيك ثلاثين ألفاً …. خلال يومين.”
“أربعون، أربعون ألف ليتا يا سيباستيان.”
حدّق سيباستيان في وجهي فارغاً وأنا أرفع أربعة أصابع هذه المرة.
“لماذا….”
“لا بد من وجود رسوم للبوابة”.
“هاه….”
أومأ برأسه بضعف وهو يكاد يجفل.
“سأحصل على أربعين ألف… ليتا جاهزة خلال يومين.”
أجاب سيباستيان بصعوبة، وبدا وكأنه على وشك البكاء.
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 6"