لا أحد يعلم في أيّ ظروفٍ تعلّم المؤلّف علم الصواريخ.
هل كان ذلك استبصارًا يتجاوز زمنه؟ أم … مسافرًا آخر عبر الزمن؟
على سبيل المثال، فإنّ مفهوم “السفر عبر الزمن” قد ورد في أدبيّات دياناتٍ عدّة.
لكنّ هذه الألغاز الغامضة، تظلّ في نهاية المطاف مجرّد ألغاز.
فمهما حاولت بولي أن تحفر في عمقها، لم تستطع الوصول إلى إجابة.
مرّ نصف شهر آخر ، و بولي—وقد أصبحت تتعامل مع الأمر وكأنّها تحاول إنقاذ حصانٍ ميت—فتحت حسابًا على وسائل التّواصل الاجتماعي لتوثيق تجربة سفرها عبر الزّمن.
وبما أنّ التّفاصيل الّتي ذكرتها تطابقت مع السّجلّات التّاريخيّة، ولتشابه ملامحها مع لوحة “بولي كليرمونت” في ويكيبيديا، فقد ذاع صيتها قليلًا على الإنترنت.
دخل روّاد الإنترنت في نقاشاتٍ حادّة.
قال بعضهم إنّها لم تسافر عبر الزّمن، بل استيقظت ذكريات حياتها السّابقة؛ فيما اتّهمها آخرون بأنّها كاتبة من الطّراز الثّالث، تلفّق القصص المليئة بالثّغرات.
وفي خضمّ التّعليقات، لفت أحدها انتباه بولي:
“… أيتها المدونة، هل تعلمين ماذا حدث لبولي كليرمونت في النّهاية؟ و أنتِ تتقمّصين هويّتها! لقد كان مصيرها فظيعًا. بعد أن دُفنت، ولربّما لأنّ بعض تصرّفاتها في حياتها أغضبت أهل المدينة، تمّ نبش قبرها خلال أيّام، وسُرقت عظامها.”
“التّفاصيل دقيقة إلى درجة لا تُحتمل، فلابدّ أنكِ تعلمين مدى تحفّظ سكّان الجنوب الأمريكي في القرن التّاسع عشر … ومع ذلك، استطاعوا نبش قبرها، ما يدلّ على كمّ العداء الّذي أثارته ضدّهم.”
“وبصراحة، لم تكن كليرمونت شخصًا جيّدًا. كانت ضيّقة الأفق، ماديّة، بل وجريئة إلى حدّ أنّها استخدمت منزل قاتل متسلسل كمنزل للأشباح! لقد جنت على نفسها.”
“…”
تجاهلت بولي التّعليقات اللاحقة تلقائيًّا.
كان في عقلها فكرة واحدة فقط:
اللعنة … إريك هو من نبش قبري!
***
كما قالت ديانا تمامًا، لقد أغمضت عينيها ونامت، ولم تفتحهما بعدها.
نظر إيريك إلى وجه بولي النّائم، ومدّ إصبعه، ولمس رموشها برفق.
كأنّها في اللّحظة التّالية ستفتح عينيها النّاعستين، وتطوّق عنقه بذراعيها، وتهمس في أذنه قائلة إنّها تريد أن تنام قليلًا بعد.
لكنّه كان مجرّد وَهْم.
لم تُبدِ أيّ ردّ فعل.
ولن تفتح عينيها مرّة أخرى.
لسببٍ ما، لم يشعر إيريك بأيّ اضطراب عند رؤيته لهذا المشهد.
شعر فقط بالسّكينة والإرهاق، وكأنّ هذا اليوم سيأتي لا محالة، وكان مجرّد مسألة وقت.
على أيّ حال، لقد وعدته بأنّها ستعود، أليس كذلك؟
كلّ ما عليه هو أن ينتظر.
لم يكن إيريك يومًا بهذه الطّمأنينة. كلّ المشاعر تلاشت—القلق، الخوف، التّوتّر، الغضب، وتلك الغيرة المتملّكة.
حين كانت بولي بجانبه، كان يشعر بعدم الشّبع أبدًا.
كان يضطرب إن لم يراها ولو لثانية ، و كأنّ أعصابه نبتت في جسدها، يشدّ أحدهما الآخر، يُقيّد كلّ منهما الآخر.
أدنى مسافة بينهما كانت تُسبّب له ألمًا كأنّه يُمزَّق.
أمّا الآن، فهي مستلقية أمامه على السّرير، لكنّه يشعر بهدوءٍ غير مسبوق.
… حتّى جاء أولئك المجانين، وطردوه بلا مبالاة، ودفنوها في المقبرة.
–– لم يعُد بإمكانه لمسها.
في تلك اللّحظة، كان يسمع صرير الأعصاب وهي تنكسر واحدة تلو الأخرى.
ألمٌ رهيبٌ انبعث من صدغيه، أصابه بالدّوار والغثيان، و ضغطٌ ثقيل على صدره أسقط كلّ عقلٍ بداخله.
أمّا الأماكن الّتي كان الرّجال يقفون فيها للتّدخين والتّحديق والتّعليق، فقد أصبحت الآن مليئةً بفتياتٍ مليئات بالحيويّة، يرتدين ملابس صيفيّة ملوّنة، ويضحكن حتّى تظهر حُمرة حلوقهنّ.
ثمّ رمت حقيبتها في الغرفة، وخرجت فورًا إلى الشّارع من جديد.
في الماضي، كانت ترتدي ثياب الرّجال وتُثير نظرات الاستغراب؛ أمّا الآن، فقد ارتدت شورتًا وسارت على الرّصيف، دون أن يلتفت إليها أحد.
هذا التّناقض … كان عجيبًا.
سارت بولي وفقًا لذاكرتها نحو منزلها القديم.
على الطّريق، كانت العديد من الفيلات قد تمّ ترميمها، و البيوت البيضاء غمرها ظلّ الأشجار، فأضفت عليها هيبةً وأناقة.
ولمّا قطعت نصف المسافة، أبصرت منزل “ميتي” القديم.
كانت هناك لوحة نحاسيّة على سور الحديقة، كُتب فيها أنّ عائلة ميتي غادرت نيو أورلينز عام 1895، وبعد تعاقب عدّة مالكين، أصبح المنزل الآن مطعمًا خاصًّا مزدهرًا.
وسرعان ما رأت فيلتها السّابقة.
وكانت المفاجأة أنّ مظهرها الخارجيّ لا يزال كما كان قبل أكثر من قرن—جدران حمراء، أعمدة بيضاء، درابزين مزخرف، طراز معماريّ يونانيّ كلاسيكي.
الأبواب والنّوافذ مغلقة بإحكام، والسّتائر مسدلة، كأنّ لا أحد يقطن هناك.
نظرت بولي إلى اللّوحة النّحاسيّة على السّياج، فوجدت مكتوبًا عليها أنّ المبنى كان في الأصل ملكًا لتاجر قطن، ثمّ أُجّر لاحقًا لبولي كليرمونت.
وبعد وفاة كليرمونت، اشتراه تاجر غامض، ولم يُسكن منذ ذلك الحين.
بالنّسبة للمنازل الأخرى، كانت اللّوحات تُفصّل حياة كلّ جيلٍ من المالِكين.
لكن … عندما يتعلّق الأمر بها ، لم يكتبوا سوى جملتين أو ثلاث!
تُعدّ هذه البيوت مواقع أثريّة على مواقع السّفر، ويمكن مشاهدة التّعليقات والتّقييمات.
وكان منزلها القديم بتقييم نجمة واحدة فقط.
أعلى تعليق إعجابًا كان:
“أنا أعلم أنّكم فضوليّون و تريدون معرفة حياة كليرمونت ، لكن مهما كان فضولكم ، لا تذهبوا لهناك! خالتي لديها حاسّة روحيّة، وقالت إنّ المجال المغناطيسي حول البيت سيّء جدًا!
تخيّلوا، امرأة ظهر اسمها في نيويورك تايمز، وكادت تصبح أشهر مالكة سيرك في البلاد، لكنّها ماتت فجأة في غرفة نومها، وبعد ما دُفنت نُبش قبرها … أيّ كمّ من الغضب والظلم كانت تحمله تلك الرّوح!
باختصار: لا تذهبوا! لا تذهبوا! لا تذهبوا! خاصّة الأشخاص اللذين طاقتهم غير مستقرّة، إذا ذهبوا لهناك، سوف تطاردهم كليرمونت فعلًا، و يعيشون الكوابيس ليلًا ونهارًا!!!”
“…”
في الشّهر الماضي، كانت مشغولة لدرجة أنّها لم تجد وقتًا لتطارد أحدًا.
لكن، بما أنّ أكثر من شخصٍ عانى من هذه “الهلوسة” …
فهل يُحتمل أنّ هناك شيئًا ما حقيقيًّا داخل تلك الفيلا؟
قفز قلبها.
تذكّرت أنّ إيريك أيضًا عدّل الفيلا، وفتح بابًا سرّيًّا يؤدّي إلى الدّاخل.
وقد قالت اللّوحة إنّ من اشترى الفيلا لاحقًا هو “تاجر غامض”، ولم تُسكن منذ ذلك الحين.
فهل يكون ذلك “التّاجر الغامض” … هو إيريك؟
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 95"