رأى إيريك أنها لم تتحرك لفترة طويلة و مدّ يده فجأة و أمسك بشعرها.

لم تكن حركته عنيفة للغاية. 

و بالمقارنة بالقوة التي استخدمها عند جرّ المدربة و ريتشارد ، كانت قوته الحالية لطيفة مثل اللعب بدمية.

لكنها لم تستطع أن تتخيل ما إذا كان سيتحول إلى حيوان بري يمزق رأس الدمية دون سابق إنذار. كانت أفكاره غير مفهومة.

تصلبت بولي و تركته يحرك رأسها كما يشاء.

أدار رأسها لمواجهة ريتشارد.

لماذا؟ هل كان يحذرها من أنه إذا ارتكبت خطأ ، فإن عاقبتها ستكون مثل عاقبة ريتشارد؟ لكنها لم تكن تعلم ما الخطأ الذي ارتكبه ريتشارد.

فجأة ، شعرت بوميض من الإلهام مثل البرق الذي ينير الضباب.

لقد فهمت ذلك. في العمل الأصلي ، على الرغم من وقوعه في حب كريستين ، إلا أنه لم يكن يخطط في الأصل للسماح لها برؤيته. لقد ظهر فقط لأنها ارتبطت بشاب وسيم و هو الفيكونت بعد أن اكتسبت شهرة من أدائها.

كان يكره مظهره الخارجي و لم يضع مرآة أو أي شيء عاكس حوله. حتى أنه كان يعامل نصل خنجره بشكل خاص لجعله غير واضح.

و مع ذلك ، فقد تقربت هي من ساحر شاب وسيم بعد أن فازت به. و حتى لو لم تكن بينهما علاقة رومانسية ، فقد اعتبر هذا التصرف إهانة و خيانة خطيرة.

بعد أن توصلت إلى السبب ، لم تسترخي بولي. بدأ العرق البارد يتصبب من ظهرها. شعرت بقلبها ينبض بقوة في صدغيها.

إذا كان تخمينها صحيحًا ، فكيف يمكنها أن تصلح الأمر؟ هل سيظل يتعاون معها و يأخذها بعيدًا عن هنا؟

كانت بولي متوترة لدرجة أنها شعرت و كأن قلبها على وشك الانفجار من صدرها. لم يكن لديها حتى القوة لابتلاع لعابها.

لقد فكرت في الأمر و قررت أن تتبع غرائزها.

وقفت بولي ببطء. لم تجرؤ على الوقوف بسرعة كبيرة. 

كانت خائفة من أنه كان حقًا مثل الوحش البري و أن التحرك بسرعة كبيرة قد يؤدي إلى إثارة غرائز الصيد لديه. 

لم تكن تريد أن ينقض عليها أو يكسر عنقها.

كان إيريك يراقبها ، و لم يكن هناك أي تغيير في عينيه خلف القناع ، و لم يوقف تحركاتها.

و الآن هو الوقت المناسب للتصرف.

أخذت بولي نفسًا عميقًا ، و استدارت ، و عانقته بقوة.

كان بإمكانها أن تشتم رائحة القش و رائحة الدم القوية عليه. ذكّرها هذا المزيج غير السار بحيوان مضطرب في قفص.

في آخر مرة عانقته فيها ، لم تكن رائحة الدم تفوح منه بقوة. لم تكن تريد أن تفكر مليًا في صاحب هذا الدم.

أغمضت عينيها و حاولت قدر استطاعتها كبت خوفها. 

“كانت خطتي الأصلية هي أن أجعل ريتشارد سيمون يسرق الحقيبة ، و من ثم يمكننا أن نتبعه و ننتزع الحقيبة منه ، لكنك حصلت عليها بالفعل … لن يؤثر ذلك كثيرًا ، لكن يتعين علينا المغادرة الليلة”

لا يوجد رد.

“لن يستغرق الأمر وقتًا طويلاً حتى يكتشف المدير أن حقيبة الظهر قد اختفت” ، هدأت تدريجيًا أثناء حديثها.

“سيكون المشتبه به الأول هو الحراس ، لكن الحراس رأوا ريتشارد سيمون يدخل الخيمة … بعد استجواب الحراس ، سيرسل المدير بالتأكيد أشخاصًا لتفتيش خيمة ريتشارد سيمون”

خفضت بو لي بصرها و نظرت إلى ريتشارد فاقد الوعي.

“لكن الآن ، هو في خيمتي. سيعتقد المدير إما أنه هرب بحقيبة الظهر أو أنه يختبئ في السيرك. حقيبة الظهر ثقيلة للغاية. إذا أراد الهروب بها ، فسوف يحتاج إلى حصان. لذا فإن أول شيء سيفعله المدير هو إرسال شخص للتحقق من الخيول. بمجرد التأكد من عدم وجود حصان مفقود ، سيرسل أشخاصًا للبحث في السيرك”

بحلول هذا الوقت ، كانت بولي هادئة تمامًا. 

لقد وصلت الأمور بالفعل إلى هذه النقطة. فقط من خلال الحفاظ على هدوئها يمكنها الخروج من هذا المأزق.

“قبل أن يبدأوا في البحث ، علينا أن نأخذ حقيبة الظهر و نذهب!”

لم تجرؤ على أن تطلب من إيريك أن يحمل حقيبة الظهر.

كانت مستعدة لشد أسنانها و الهروب بحقيبة الظهر.

و لكنها فوجئت بمدى ضعف هذا الجسد. 

فبعد أن التقطت حقيبة الظهر مباشرة ، كادت أن تسقط.

مد إيريك يده لدعمها و أخذ حقيبة الظهر الثقيلة من على كتفيها.

تنهدت بولي بإرتياح.

على الرغم من أنه هو الذي تسبب في الوضع الحالي ، إلا أنه كان على استعداد لحمل حقيبتها و المغادرة معها ، فما الذي كان هناك لتشتكي منه؟

أظهرت له بولي كيفية حمل حقيبة الظهر بشكل مريح ، ثم أخرجت مجموعة الإسعافات الأولية من كومة الملابس المتسخة ، و رفعت ستارة الخيمة ، و انحنت ، و خرجت بحذر.

و تبعها إيريك.

شعرت بولي بضغط غير مسبوق ، و لم تكن تعلم متى سيصدر المدير الأمر بتفتيش السيرك.

لم تكن لديها الطاقة أو الوقت لنقل ريتشارد. بمجرد أن يجده الحراس في خيمتها ، سيعلم المدير أنهم أخذوا حقيبة الظهر.

كان سلوك إيريك غير مفهوم و غير متوقع.

حتى لو صدقها و كان على استعداد للمغادرة معها ، فقد يتخلى عنها فجأة أو يقتلها. شعرت و كأنها تمشي في مستنقع ليلاً. كانت تحرز تقدماً بصعوبة بالغة ولم يكن لديها أحد تعتمد عليه.

لم يكن بوسعها إلا أن تشجع نفسها و تقنع نفسها بالتفكير الإيجابي. 

كانت حقيبتها تحتوي على وعاء ساخن من لحم البقر المعلب يزن 1500 جرام و يصل عمره الافتراضي إلى ثلاث سنوات.

كل ما عليها فعله هو فتح العلبة و غلي محتوياتها.

خلال الأيام الماضية ، كانت تأكل الخبز و البطاطس في الغالب. 

المرة الوحيدة التي تناولت فيها اللحوم كانت خلال تلك الحفلة ، و حتى في تلك الحالة ، كانت كبدًا حيوانيًا بدون أي مواد عطرية لإخفاء الرائحة.

بمجرد وصولهم إلى مكان آمن ، كانت ستكافئ نفسها بالقِدر الساخن.

اعتقدت أنها ستتمكن قريبًا من تناول قِدر ساخن مالح و حار بنكهة مميزة ، و شعرت بالقوة و لم تتمكن تقريبًا من منع نفسها من سيلان اللعاب.

كانت ليالي أكتوبر شديدة البرودة ، و ازداد الليل سوءًا بسبب الضباب الكثيف.

كان من المفترض أن يكون هذا أمرًا جيدًا. 

فلن تتمكن المشاعل من اختراق الضباب الرطب ، و سيكون من الصعب على العاملين في السيرك تعقبها.

لكن إذا انفصلت عن إيريك ، فلن تتمكن من العثور عليه.

علاوة على ذلك ، كان الضباب رطبًا للغاية. 

شعرت أن ملابسها أصبحت أثقل وزنًا و التصقت بجسدها.

شعرت أن ملابسها أصبحت مبللة بمجرد السير عبر الضباب.

تذكرت بولي أيضًا أن المخيم أقيم بالقرب من مستنقع ، و كان هناك تماسيح في المستنقع. آه ، و لم تستطع أن تنسى أن حراس السيرك كانوا مسلحين.

لو لم تكن مستقرة عقليًا للغاية ، لربما كانت قد تعرضت لانهيار عصبي و ركضت مباشرة إلى شجرة للانتحار بحلول هذا الوقت.

بعد أن وصلت إلى هذه النقطة ، لم تعد بولي تشعر بالقلق من أن يكسر إيريك عنقها. عانقت ذراعه و لم تترك أي مساحة تقريبًا بينهما أثناء سيرهما.

ألقى إيريك نظرة عليها ، و كانت نظراته غامضة.