0
المقدّمة
في ليلة مظلمة، اتجهتُ إلى الغرفة التي كان معلّمي نائمًا فيها.
خارج الغرفة، كان الحرس صارمين ويقظين، ومع ذلك لم يلاحظني أحد، إذ كنتُ مُحاطة بالظلام.
الآن، لم يعد أحد قادرًا على رؤيتي داخل ظلامي، ولا حتى آريا، بطلة القصة الأصلية التي ستصبح لاحقًا ساحرة عظيمة.
“لا أريد أن يزعجني أحد. هل ستساعدني؟”
همستُ إلى الظلام الذي كنتُ أتحكّم به.
[……فقط لمدّة ساعة واحدة.]
تمتم الظلام متنهّدًا.
“شكرًا لك.”
مرة أخرى، ها أنتَ تغفر لسيدتك التي لا تستحق. لو كانت هناك حياة أخرى، لتمنَّيتُ ألّا تصادف سيدةً مثلي ثانية.
[لا حاجة لأن تتمنّي ذلك. لمَ لا تغيّرين رأيَكِ الآن؟ لا ضرورة لأن تذهبي إلى هذا الحد.]
حككتُ رأسي عند كلمات الظلام. رغم تقلّباته أحيانًا، إلا أنّه كان دائمًا يفكّر بي أوّلًا.
“أنا آسفة.”
زاد شعوري بالذنب، لأنني لم أضع الظلام في أولويّاتي أبدًا.
“لكن لم يكن لديّ خيار.”
لقد كانت حياتي ممتلئةً بشخصٍ واحد، بلا متّسعٍ لشيءٍ آخر.
اقتربتُ من حافة السرير وحدّقتُ في وجه معلّمي النائم.
لقد مرّ ما يقارب الأسبوعين منذ أن انهار معلّمي.
لم يكن هناك حقًا أي طريقة أخرى.
باستثناء طريقة واحدة.
“أتيتُ لرؤيتك للمرة الأخيرة، يا معلّمي.”
معرفتي بأنّي قد لا أرى هذا الوجه مجددًا جعلتني أتوقف قليلًا، أحدّق أكثر فأكثر.
نقشتُ كل ملامح وجهه الجميل في ذاكرتي.
شعره المتألّق، المتلألئ كالشمس.
أنفه المصقول، المصاغ بمهارةٍ كأنّ فنّانًا نحته، وشفاهه المحكمةُ الإغلاق، جميعها، كي لا أنسى شيئًا منها.
“لعلّ السبب في أني استعدتُ ذكرياتي من حياتي السابقة هو هذه اللحظة بالذات؟”
الآن، لم يعد هناك وقت لإضاعته.
قبضتُ على عصاي بإحكام.
“أشيلان تايكان.”
أخيرًا، نطقتُ اسم الرجل الذي لطالما اضطررتُ لمناداته بـ’معلّمي’، في هذه اللحظة الأخيرة.
“أشيلان…….”
آه، كان انسياب الاسم على لساني غريبًا لكن مُرضيًا.
ندمتُ على أنّي لم أنطق به أكثر.
أشيلان. كنتَ معلّمي الثمين، وفي الوقت نفسه، الحبّ الأوّل والوحيد في حياتي.
ولهذا السبب، حتى مع معرفتي أنك لا تبادلني المشاعر، لم أستطع التخلي عن مشاعري.
حتى لو عاد الزمن إلى الوراء، فسأظل أحبك.
“أنا سعيدة لأني أستطيع إنقاذك.”
رفعتُ عصاي عاليًا بكلتا يديّ.
فتحوّلت العصا الطويلة إلى خنجر صغير، ممتصًّا كلّ القوى السحرية داخلي.
كوغ، سعلتُ فتدفّق الدم من شفتي.
وجّهتُ الخنجر المملوء بالسحر إلى صدره، وفتحتُ شفتيّ الملطختين بالدم.
“ليس لديّ أيّ ندمٍ في حبّك.”
ودون أدنى تردد، غرستُ الخنجر في صدره.
***
“……أوه.”
فتح أشيلان تايكان عينيه، شاعِرًا بألمٍ في رأسه. ما عدا الصداع، كان جسده خفيفًا.
“كم من الوقت كنتُ فاقدًا للوعي؟”
كانت ذكرياته منذ فقدانه الوعي ضبابية. لم يكن هناك سبب لأن يشعر جسده بهذا السوء، كان الأمر غريبًا مهما فكّر فيه.
‘لقد كان هكذا منذ بدء العلاج.’
العلاج الذي كان المفترض أن يشفيه قد دفع جسده بدلًا من ذلك إلى أسوأ حالاته.
‘تيميس.’
فجأة، تذكّر تيميس، التي كانت تراه وهو ينهار.
بصفتها تلميذةً تفكّر دائمًا بمعلّمها، كان على وجهها تعبيرٌ قَلِق.
‘عليّ أن أخبرها بأنني بخير.’
عندما نهض، سقط شيء بجانبه.
أدار أشيلان رأسه، فرأى تيميس ممدّدةً على الأرض.
“……تيميس؟”
أسرع نحوها واحتضنها بين ذراعيه.
لكن شيئًا ما كان خاطئًا.
كان جسدها المرتخي بلا أي قوة.
“تيميس؟”
كانت باردة.
شحب لون بشرتها، وكان جسدها كلّه باردًا.
والأهم، أنه لم يسمع لها نفسًا.
تسارَعَ نبضُ قلبِ أشيلان.
“تيميس.”
هذا ليس أمرًا مُضحِكًا. استيقظي. ناديني ‘معلّمي’ كما تفعلين دائمًا.
ارتجف جسد أشيلان بلا سيطرة.
وأصبح ذهنه فارغًا تمامًا.
استدعى عصاه، لكن حتى هو، الساحر العظيم الذي غزا مئات، آلاف الأبراج، لم يستطع أن يتذكّر التعويذة التي يحتاج إلى إلقائها في هذه اللحظة.
“تيميس؟ أرجوكِ، استيقظي.”
قدّم له منطقه البارد حكمًا قاطعًا.
كانت تيميس ميتة.
“أرجوكِ…….”
لا يمكن أن يكون هذا صحيحًا. تلميذته الوحيدة…….
الفتاةُ التي أحبَّها لأوّلِ مرّةٍ لم تكنْ لِتُفارِقَ الحياةَ بموتٍ بلا معنى كهذا.
“أحدٌ ما، أرجوكم…….”
همس وهو يحتضن تيميس برفقٍ بين ذراعيه.
“أرجوكم، أنقذوا تيميس…….”
لمئات السنين، كان هو الوحيد الذي حافظ على لقب كبير السحرة.
رجل يشبه الحاكم، لكنه لا يستطيع الشعور بالعواطف.
ومع ذلك، من عيني أشيلان تايكان انهمرت دموع لا نهاية لها.
يتبع في الفصل القادم.
التعليقات لهذا الفصل " 0"