Chapters
Comments
- 8 2025-08-10
- 7 2025-08-10
- 6 2025-08-10
- 5 2025-08-10
- 4 2025-08-10
- 3 2025-08-10
- 2 2025-08-10
- 1 - رحلة خلف السوار المسروق 2025-06-16
- 0 - الوصف والمُقدمة 2025-06-16
* * *
قبل لحظاتٍ فقط من تخرّجي في الدراسات العُليا… وجدتُ نفسي وقد تلبّسني كيان غريب.
“أعيدوا لي شهادتي، حالًا!”
غمرتني الكآبة في لحظةٍ من اليأس الصافي. ورطةٌ لا يُرى لها مخرج، مستقبلٌ ضبابيّ، وواقعٌ لا يشبه ما خططتُ له…
لكنني لم أسمح لليأس أن يطيل إقامته.
بما أن الأمور خرجت عن السيطرة، فلمَ لا أُطلق العِنان لنفسي؟
أستمتع بكل ما حرمتُ نفسي منه لسنواتٍ من السهر والدراسة… كالحُب، والحُب، و… نعم، المزيد من الحُب.
وكأن القدر استجاب لندائي، سكن بجواري رجلٌ… لا، لوحةٌ بشرية من الجمال.
رجلٌ يُسكِتُ الضوضاء، ويجعل العالم يتباطأ من حوله.
في تلك اللحظة، قطعت وعدًا لنفسي: سأجعله لي، مهما كلّف الأمر.
“ه-هل يمكنني الإبقاء على ردائي؟ أخجل من إظهار وجهي…”
قالها بنبرةٍ مرتجفة، وكأن العالم سينهار إن لمحني بلا حواجز.
إنه عبقريٌ غريب، يتشبث بردائه كما يتشبث طلاب الهندسة العاطفيين بقمصانهم المربعة.
“لو كنتُ حقًا سيد برج السحر… هل كنتِ لتتخلّي عني؟”
قالها بعينين يكسوهما الغموض، وصوتٍ كأنّه قادم من عالمٍ آخر.
تدور الشائعات حوله همسًا، تصفه بالمجنون، بالمختل، بـ”سيد البرج” الذي لا يقترب منه أحد… إلا أنا.
“لهذا قلتُ لكِ ألّا تدخلي هذه الغرفة…”
حتى عندما اكتشفتُ غرفته المليئة بصوري، ولوحاتي، ومقالاتي…
حتى وإن بدا كالمهووس الذي يطاردني في الظلال…
لم أرتعب. لم أهرب.
لأن كل هذا… لا يُقارن بما اكتشفته لاحقًا:
أن هذا العالم، الذي ظننته حقل زهور لرواية رومانسية…
ليس سوى لعبة رعب دامية. لعبة بقاء تُراوغني، تُطاردني، وتنتظر لحظة سقوطي… لتلتهمني حيّة.
* * *
ليلٌ دامس، كثيفٌ كالغموض ذاته، لا يَنفُذ إليه حتى خيطٌ هزيلٌ من ضوء القمر.
كانت هناك، امرأةٌ تَعدل شالها المنزلق عن كتفيها، وتشدّ بأنامل مرتجفة على فانوسٍ قديمٍ يكاد وهجه أن ينطفئ. بالكاد أضاء ظلّه الرواقَ الطويل الذي بدا كأنه يبتلع النور جوعًا…
لكن ذلك لم يهم.
فالوجهة كانت قريبة.
وقفت أمام بابٍ مُحكم الإغلاق، ملاصقٍ لغرفة نومه. وضعت كفّها على صدرها المرتجف، تحاول تهدئة ضربات قلبها التي أوشكت على خيانة هدوئها.
‘اهدئي… تنفّسي ببطء.’
لقد تأكّدت بنفسها من أنّه غارقٌ في نومٍ عميق، بل وسقته شرابًا كحوليًّا قويًّا فقط لتتأكّد.
كل ذلك من أجل أن تكشف السرّ الذي أخفاه عنها، بكل إصرارٍ وحرص.
غير أنها، وهي واقفةٌ أمام الحقيقة، لم تستطع أن تمنع نفسها من تذكّر حكايةٍ خافتةٍ من طفولتها…
حكاية زوجة “اللحية الزرقاء”، تلك التي لم تستطع أن تقاوم فضولها، ففتحت الباب المحرّم… وكشفت ما لا ينبغي.
حكاية زوجة “اللحية الزرقاء” (Bluebeard) هي قصة خرافية فرنسية شهيرة.
تتزوج امرأة شابة من رجل ثري وغامض يُلقب بـ”اللحية الزرقاء”. بعد زواجهما، يضطر للسفر، ويمنحها مفاتيح جميع غرف قصره، لكنه يحذّرها بشدة من فتح غرفة صغيرة معينة. بدافع الفضول، تفتح الزوجة الغرفة أثناء غيابه… لتكتشف جثث زوجاته السابقات، اللواتي قتلتهن لأنهّن عصين أوامره. تصدم الزوجة وتحاول الهرب، لكن “اللحية الزرقاء” يعود فجأة ويكتشف أمرها. وقبل أن يقتلها، يصل إخوتها في الوقت المناسب وينقذونها، ويقتلونه.
لطالما رأت فيها امرأةً ساذجةً، حمقاء. لكنها الآن… وقد وجدت نفسها في ذات الموقف، بدأت تفهم.
بدأت تفهم حقًا.
ذلك الطعم المرير الذي كان يتسلّل خلف حلاوة حبيبها، لم يعد يمكن تجاهله.
ظل عالقًا على لسانها، لاذعًا، مؤلمًا… لا يُبتلع، ولا يُنسى.
لم تكن تأمل بجنّةٍ خلف هذا الباب… ولا يوتوبيا حالمة.
“يوتوبيا” تشير إلى مجتمع مثالي خيالي، يتمتع بالكمال في كل شيء: العدالة، السلام، السعادة، المساواة، والرخاء، حيث لا يوجد فقر أو ظلم أو حروب.
لكنها كانت تعرف، أنّ عليها أن تفتحه.
وكأنها تقتفي خُطى تلك الزوجة البريئة الحمقاء، مدّت يدها ببطءٍ إلى المقبض…
ودخلت.
صرّيــــــر.
بصوتٍ باردٍ كالموت، انفتح الباب.
الغرفة… خالية من أي أثاث. عارية.
لكن الجدران؟
كانت مغطّاة بشيءٍ ما… شيءٍ صغير، لا يتجاوز حجم كف اليد.
اقتربت بخطى مترددة، وفي النهاية لامس ضوء الفانوس ما على الجدران.
وفي تلك اللحظة—
انحبس نَفَسُها.
“كان من الأفضل ألّا تدخلي… الغرفة غير مرتّبة قليلًا.”
تذكّرت—كأنّ الذكرى صعقتها—حين لمست يومًا هذا المقبض سابقًا، وكيف أوقفها بكلماتٍ عابرة.
لكنها لم تنسَ تلك النظرة… النظرة المرتبكة التي حاول عبثًا أن يخفيها.
وقتها، ظنّت أن خلف الباب فقط كتبٌ مخجلة… أو بقايا من ماضيه العاطفي.
لكن الآن—
تسمّرت مكانها. عاجزة حتى عن الرمش. تحدّق في الجدران المرتعشة أمامها.
صورٌ لـسيسيليا في المعبد، وأخرى لها وهي طفلةٌ في صحيفة محلية.
مقالاتٌ تمدحها، تُمجّدها كقدّيسة هذا العصر…
حتى رسوماتٌ وثّقت لحظاتٍ شخصية من حياتها—لحظات لا ينبغي لأحد أن يراها.
ما… هذا الجنون؟
وحين التقت عيناها بصورةٍ لها، ترتدي فستانًا أبيض وتبتسم بسذاجة، تراجعت “سيسيليا” لا إراديًا خطوةً إلى الوراء.
خبط.
اصطدم ظهرها بشيءٍ صلب.
وبعينين كالعنبر، ترتجفان كشمعةٍ على وشك الانطفاء، رفعت رأسها ببطء شديد.
“…ما الذي تفعلينه هنا؟”
عينان مظلمتان، عميقتان كجحيمٍ صامت، تحدّقان بها دون كلمة.
“…ليان.”
قبضتاها المرتجفتان تشرّبتا العرق.
هل هي الصدمة؟
الخيانة؟
الرعب؟
أم كلّها معًا؟
وحين وجدت صوتها أخيرًا، خرج من بين شفتيها مكسورًا… مرتعشًا.
“ما معنى كل هذا.”
لم تصرخ، لم تهدر، لم تُلقِ عليه اللوم.
لأنها، رغم كل شيء… كانت تؤمن بأنّه، وإن كان مختلًا، فلابد أنّ قلبه الطيب يملك سببًا… أي سبب.
لكن—
لماذا هو من تلوّنت عيناه بالحمرة؟
لماذا هو من بدا عاجزًا عن الحديث؟
لماذا هو، وليس هي؟
“ل-لهذا السبب… قلت لكِ ألّا تدخلي.”
كلماتٌ واحدة كانت كفيلة بإشعال عاصفة.
انعقد حاجبا “سيسيليا” بغضبٍ مرير.
‘كان عليك أن تمنعني…
لأن الغرفة مليئةٌ بصوري.
لأنك مطاردٌ مهووس.
لأنك مريض.’
كانت تلك المرأة نحيسةَ الحظ دومًا.
فشلت في دخول الكلية التي حلمت بها، ودخلت تخصصًا لا تحبّه كخيارٍ بديل.
سعت لتعويض ما فاتها، حتى وجدت نفسها بلا وعي طالبة دراسات عليا.
ثم، وقبل تخرّجها بلحظات فقط…
سُحبت، بلا إنذار، إلى عالمٍ آخر.
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 0"