Chapters
Comments
- 8 2025-08-10
- 7 2025-08-10
- 6 2025-08-10
- 5 2025-08-10
- 4 2025-08-10
- 3 2025-08-10
- 2 2025-08-10
- 1 - رحلة خلف السوار المسروق 2025-06-16
- 0 - الوصف والمُقدمة 2025-06-16
في نهاية المطاف، أُعلِنَ راين رسميًا أستاذًا لآداب الآنسة سيسيليا.
حدث بسيط في ظاهره، لكنه دقّ أولى طبول التحوّل في القصر، وفتح ستار فصل جديد… فصل كُتبت بدايته بلغة لا يعرفها سوى القدر.
ثم أشرقت شمس اليوم المنتظر: أوّل درس.
جلست سيسيليا على مقعدها أمام المكتب العتيق، ظهرها مستقيم كأنها أميرة تُمارس الطقوس لا الدراسة، وعيناها تتابعان راين الذي وقف أمامها ممسكًا بكتاب الإتيكيت كما يُمسك كاهنٌ نصًا مقدّسًا.
رفعت يدها بخفة نبيلة وهمست:
“أستاذ، لديّ سؤال صغير… قبل أن نبدأ.”
تفاجأ، ارتبك، ثم ابتسم بلطف مربك:
“أ، أستاذ؟ لا داعي لذلك… يمكنكِ مناداتي براين فقط.”
أمالت رأسها قليلاً، وابتسمت بخبث طفولي، قائلة:
“حسنًا، راين… هل تعاني من حساسية من ضوء الشمس؟”
قالتها وهي تُمعن النظر ببرود أرستقراطي في ذلك الرداء الفضفاض الذي اكتسى به وكأنه درعٌ سري… رغم أنه يُفترض أن يرتدي زيًا أنيقًا يليق بمقامه كأستاذ للبروتوكول.
لقد رأته خارج قاعة المقابلات — حيث أخرج الرداء من حقيبة بالكاد تتسع لملف صغير، وارتداه دون خجل، بكل ثقة.
‘ما هذا؟ إنه ليس حتى قميصًا مقلّمًا لطالب جامعي، فلماذا يتمسّك به بهذا الشكل؟!’
ذكّرها بأولئك الزملاء في عالمها القديم، الذين لم ينزعوا قمصانهم المربّعة أو هودياتهم رغم محاولات العالم كلّه.
لكن راين، ببراءته الهادئة، أجاب ببساطة مطلقة:
“لا.”
“إذًا… هل أصبت بداء غريب يموت صاحبه إن خلع رداءه؟”
“لا… هذا أيضًا غير صحيح.”
قالت بنبرة أكثر ليونة، تخفي نفورها بأدبٍ مصقول:
“فهل يمكن، على الأقل، أن تخلعه في أثناء الحصة؟ لا بدّ أنه يُزعجك.”
بدت كنصيحة مهذبة، لكنها في الحقيقة كانت استغاثة مرهقة لعينيها.
راين أمسك بحاشية الرداء بتوتر، وكأنها هاجمته بسيف، ثم قال بصوت خفيض مرتجف:
“أ… أيمكنني… أن أحتفظ به؟ أشعر بالخجل… من أن أُظهر وجهي…”
خجل؟! من وجه بهذا السحر؟! وجهٌ لو ظهر على عملة ذهبية لرفض الناس صرفها!
لكنها لم تجبره. لم تستطع.
تنفّست بهدوء وردّت بلطفٍ مُتقن:
“على الأقل، ارفع الغطاء قليلًا أثناء الحصص… تغطية الوجه بشكل مبالغ فيه قد توتّر الطالب.”
أرادت أن تحمي نفسها من هذا الغموض، لا أكثر. لكن راين ظن أنها تشير إلى سلوكٍ غير لائق، فهزّ رأسه بجدية عميقة:
“لم أكن أعلم… سأنتبه لهذا من الآن فصاعدًا.”
لم تُصحح له الفهم. لا بأس طالما استجاب.
وحين رفع الغطاء قليلاً… أشرق النور.
انكشفت عيناه البنفسجيتان، براقتان كحبات ليلٍ تتناثر تحت الضوء، وأهدابه الطويلة ترسم ظلًّا على وجنتيه المتورّدتين من الخجل.
‘يا للروعة…’
أهذا هو التعليم؟ أهذا ما يستحقه كل طالب متميز؟ أن يُمنح هذا المنظر كل صباح؟
لو لم يكن يلبس هذا الرداء في الأكاديمية، فهي على يقين أن نسبة الحضور لصفوفه كانت ستبلغ 100%… بل قد تفرض الإمبراطورية حضوره الوطني.
سيسيليا، وقد سكنت في قلبها غبطة خفية، راحت تراقبه بوقاحة ناعمة.
أما راين، فكان يكافح هالة نظراتها المتفحّصة، متمسكًا بكتابه كمن يبحث عن طوق نجاة، وقال مُتلعثمًا:
“إ… إذًا… لنبدأ الدرس الآن.”
ضحكت بلطافة، وقالت:
“بهذه العجلة؟ إنه اليوم الأول فقط!”
فتحت كتابها، ثم رفعت يدها مازحة:
“هل هناك شيء تودّ فعله في اليوم الأول؟”
ابتسم بخجل:
“ممم… وماذا ترغبين بسماعه أنتِ؟”
أمالت رأسها، وعيناها تتلألأان بالدهاء:
“أخبرني عن أوّل حب في حياتك، أستاذ!”
إنه السؤال الكلاسيكي الذي لا تخلو منه الروايات، ولا يفوّت من أي طالبة أمام أستاذها الوسيم.
وكانت تنوي، من بعده، أن تعرف نوع الفتاة التي تعجبه.
لكن ما إن سمِع راين السؤال، حتى اهتزّ.
عيناه اتسعتا، ووجهه شحب كأنما طُعن بكلمة.
قال بصوت هامس:
“أنا…”
سقط نظره إلى الأرض، وشفتاه التزمتا الصمت، بينما وجنتاه اشتعلتا بالخجل الموجع.
انسكب الحزن من ملامحه كما ينسكب الحبر على الورق.
‘لم أكن أقصد… كل هذا العمق!’
توقعت قصة حب مدرسية، لا جرحًا لا يزال ينزف.
‘آه، إنه من أولئك الأبطال الذين يحملون حبًا قديمًا… أولئك الذين لا يروقون لي أصلًا!’
لكنها تغاضت. فلو بقي، قد تكون هي من يفتح له باب القلب مجددًا.
وعندما شعرت أنها لامست جرحًا لا يندمل، سارعت لتغيير الموضوع:
“ربما من الأفضل أن نبدأ بالدرس، أليس كذلك؟ فلنفتح الكتاب.”
“…نعم.”
تنفّس راين بصمت، وأعاد الرداء إلى وضعه، ثم سأل فجأة:
“قبل أن نبدأ، هل أستطيع أن أسأل؟ رحلتكِ إلى العاصمة… هل هدفها الحصول على مصادقة الإمبراطور بصفتك الكاهنة القادمة؟”
“أجل.”
الجميع يعرف. سيسيليا، ابنة آل ويبردين، ليست سوى الكاهنة المنتظرة.
“إذًا، هل يمكنك أن تشرح لي بعض الأساسيات؟ قبل البروتوكولات.”
“أساسيات مثل ماذا؟”
“كالتركيبة السياسية بين الإمبراطورية والمعبد مثلاً. لديّ فكرة سطحية، لكن أودّ رؤيتها من منظورك.”
‘أنا لا أعرف شيئًا في الحقيقة.’
كانت تعلم فقط أن العلاقة متوترة. وما دون ذلك، فراغ.
لكن راين لم يشك في نواياها. بل بدأ يشرح بصوته الهادئ الساحر:
“في الماضي، كانت الإمبراطورية تُدار من خلال وحدة بين السلطة الروحية والسياسية، حيث كان ممثل الحاكم يحكم باسمه.”
تذكّرت سيسيليا ما قرأته في الأساطير: أن الحاكم نفسه أسّس الإمبراطورية بيده.
‘وكانت ميلاني دائمًا تتباهى بأن عائلتها خدمت الحاكم لأجيال.’
“لكن، مع الوقت، انفصلت السلطتان… ورغم ذلك، ظل التنافس خفيًا. أو ظاهرًا أحيانًا.”
أومأت سيسيليا برأسها. فقد بات المعبد قوة تُضاهي القصر في السطوة، بل وربما تتجاوزه أحيانًا.
“ولهذا… ظهرت الحاجة إلى أدوات توازن. مثل ‘البركة’ من البابا، و’المصادقة’ من الإمبراطور.”
أوضح راين أن الإمبراطور لا يستطيع تعيين كاهنة دون مصادقة دينية، ولا يُعلن ولي العهد دون مباركة المعبد.
‘لهذا أُجبر نوكس على الذهاب إلى العاصمة بنفسه…’
لكنها لا تزال لا تعرف السبب الحقيقي وراء طلب الإمبراطور لرؤيتها شخصيًا.
كل ما تعرفه… أن رحلتها القادمة ستكون مليئة بالمطبات.
في العاصمة، حيث تتراكم القوى، وحيث تُرمى الورود بسيوف مغمدة.
‘ويبردين؟ كاهنة؟ خطر صريح.’
تخيلت النظرات الحادة، والابتسامات المسمومة، والكلمات المشحونة.
‘آه… لا أريد الذهاب.’
قالتها… للمرة المئة وخامسة وأربعين في قلبها.
كل ما أرادته… أن تعود. إلى حيث كانت. إلى البيت.
* * *
عقب انتهاء الدرس الأول، عاد راين بخطى هادئة إلى القصر الكبير.
ذلك البناء الفخم، الذي يُشبه قصور الأساطير في صمته المهيب، خلت ممراته من أي أثرٍ للحياة. لا ظلّ خادم، ولا صدى حديث. وحدها خطوات راين، الرتيبة، تتردد في الفراغ بصوتٍ خافت، كأنها تطرق على قلبٍ من حجر.
وصل إلى نهاية ردهة طويلة، تتفرّع منها الغرف كأنها أسرار موصدة.
وهناك… غرفة صغيرة، معزولة كأنها منسية من الزمن، فتح بابها بصمت ودخل.
لا شيء فاره في هذه الغرفة، لكنها الوحيدة التي نبضت بالحياة وسط الجمود.
أريكة باهتة، متعبة من فرط ما احتضنت الأرق، وموقد لا مبرر له في فصل معتدل، غير أنه يحترق كما لو كان يواسي الساكن بصمت ناري.
جلس راين عليها بإرهاقٍ ثقيل، كمن ألقى قناعًا واحدًا ليضع آخر.
تأمل النار، لكنها لم تكن للدفء، بل لشيء آخر… أكثر قدمًا، وأكثر اشتعالًا.
قال بصوت خفيض، دون أن يلتفت:
“قلت لك ألا تتبعني.”
…
لم تمضِ لحظة حتى تلاعبت النيران بجنون، كما لو أصابتها صاعقة، ومن بين لهيبها، خرج شخص.
شاب، مهيب الهيئة، بشعر طويل بلون غروبٍ أبدي، مربوط بعناية خلف رأسه كما لو أنه يُخفي خلفه تاريخًا من المعارك.
قال بصوت مشبع بالاحترام… وإن خفي فيه بعض العتب:
“أعتذر، لكنك لم تعُد تردّ على الاتصالات. ظننت أنك تخلّصت من كرة التواصل.”
نظر سريعًا إلى الطاولة، حيث وُضعت كرة سحرية صغيرة، ما زالت سليمة، ساكنة.
راين، وقد غمره شعور باهت بالذنب، أشاح بوجهه وقال:
“نسيت…”
الشاب، هيلتاين، تشققت ملامحه من شدّة الحنق، ثم قال بنبرة فيها من الصبر ما يكفي لحجب ثورة:
“وهل لي أن أعرف إلى متى ستستمر… في هذا المظهر؟”
ردّ راين بصوت خافت، لا يخلو من حرج:
“أ، أهو سيئ؟”
ردّ الآخر فورًا، دون مواربة:
“بل… مقزز للغاية.”
صمت.
راين لم يرد. لم يرفع عينيه. ولم يغضب.
ربما، لو كشف عن هويته الحقيقية، لانتهت جرأة هيلتاين نهاية مأساوية… ذراع مفقودة؟ ربما أكثر.
لكن يبدو أن هذا “القناع” لم يكن زيًّا مؤقتًا، ولا تسلية عرضية.
بل اختيارًا. قرارًا.
تقمّصٌ كامل، لا نية لصاحبه في التخلّي عنه… لا الآن، ولا عمّا قريب.
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 7"