لم استطع سوى أن أضحك بسخرية من شدّة الذهول.
أن أستقيل من عملي هربًا من تعب الحياة، ثم أُسحب إلى عالمٍ غريب وأُجبر على فتح متجرٍ خاص بي؟ يا له من سيناريو عجيب.
“حسنًا، فهمت الأمر الآن. إنها لعبة إدارة، أليس كذلك؟”
بمعنى أن عليّ أن أُنمِّي المتجر ليصبح الأفضل.
كان يجدر بهم أن يشرحوا ذلك منذ البداية، بدلًا من الحديث الغامض عن “تنمية العالم” وما شابه. لقد كانت العبارات مبهمة ومربكة.
“لكن، إدارة بار كوكتيل في غابة كهذه؟”
زفرت تنهيدة عميقة. من أساسيات التجارة وجود المارّة. من ذا الذي سيأتي إلى هذا المكان النائي لشرب الكوكتيل؟
حتى وإن كنت بارعة في إعداد الكوكتيلات، فلن ينجح أي مشروعٍ في مكانٍ معزول كهذا.
“الصعوبة جنونية…”
أتوقّع أن أُساق إلى العالم السفلي بخطى ثابتة.
“آه، لا بأس. سأشرب قدر ما أستطيع قبل أن أموت مجددًا.”
سرت بتثاقل نحو المبنى.
وما إن فتحت الباب، حتى استقبلتني رائحة غبار خانقة وهواءٌ عطن.
“كح! كح! عليّ فتح النوافذ فورًا.”
فتحت النوافذ على مصراعيها، ثم أخذت أتفقد الداخل.
كان المتجر صغيرًا، بالكاد يتسع لعشرة أشخاص.
يوجد بارٌ يُمكن للزبائن رؤية طريقة تحضير الكوكتيل من خلاله، ومطبخ صغير، وطاولتان فقط. هذا كل شيء.
خرجت من الباب الخلفي بجوار الدرج، فوجدت بحيرة صغيرة يظلّلها شجر.
كان التكوين بسيطًا، لكن كل شيءٍ كان مهترئًا ومتهالكًا.
“حتى وصفه بـ‘الطراز القديم’ لن يكون كافيًا لتجميل منظره.”
عدت إلى الداخل، وصعدت الدرج الخشبي الذي يصدر صريرًا، إلى الطابق العلوي. على عكس الطابق الأرضي، كان الطابق الثاني نظيفًا وحديثًا.
كان كلّه مكسوًّا بالأبيض، تؤثثه مفروشات بلون العسل، وأبواب مقوّسة تُضفي لمسةً لطيفة وكأنّه بيت ألعابٍ للأطفال.
“إنه تمامًا على ذوق الأطفال… هاه؟”
فتحت خزانة الملابس بلا أي توقع، لكني وجدت ملابسي المألوفة. بدا وكأن أحدهم نقل خزانتي بالكامل إلى هنا.
ولم تكن الملابس وحدها؛ حتى الكتب التي أحبها، والتابلت، وسماعات الرأس، كانت هناك.
“ما الذي يجري…؟”
ما زلت مذهولة وأنا أعود إلى الطابق الأول.
لمست بحذر سطح البار الخشبي الذي بدا هشًّا، ثم دخلت إلى الداخل، حيث كانت رفوف الكحول مُثبّتة في الحائط بإحكام، ومليئة بالزجاجات.
فتحت زجاجة سوداء لامعة بزخارف فاخرة، واقتربت لأستنشق الرائحة.
“التشكيلة مثالية.”
فاحت رائحة صنوبر عميقة وغنية، وكأني في غابة.
‘همم، هناك لمسة خفيفة من رائحة الحمضيات أيضًا؟’
لأتأكد من المذاق، رشفت رشفة مباشرة من الزجاجة.
نكهة منعشة وخفيفة، تعكس أصول الجين الحقيقي.
“رائع. إنه جين ممتاز!”
هتفت بانفعال.
“أين الصودا؟ لا أراها. حسنًا، سأخلط مشروبين آخرين. ويسكي وأماريتو…”
تجاوزت الثلج لعجلي، لكن الجو البارد عوّض عن ذلك. مزيج “غاد فاذر” بطعمه اللاذع واللوزي الغني هزّ مشاعري.
“أجل… أستحق الحياة الثانية من أجل هذا.”
مع كل رشفة، شعرت بأن التعب المتراكم يتلاشى. أجل، الكوكتيلات لا تخيب.
–تنغ!
ظهر تنبيه في الهواء أمامي.
<تنبيه> بار الكوكتيل < لا أعلم. سَمِّه أي شيء > تقع في شقٍّ بين الأبعاد. استكشف المنطقة وابحث عن زبائن من أبعادٍ أخرى.
<تنبيه> يمكنك الانتقال إلى أبعاد أخرى عبر “الباب الأمامي” للمتجر.
هل هذه بداية التعليمات؟ هل يُجبرونني على العمل مباشرة؟ فعلًا؟
“حقًا؟ عليّ الخروج للترويج أيضًا؟ لا، لن أفعل.”
ارتميت على الأرض احتجاجًا. طالما أنهم منحوني فرصة جديدة، كان من الأفضل أن يعيدوني إلى طفولتي لأغيّر مجرى حياتي، أو اتجسد في جسد وريثٍ لثروةٍ طائلة.
“ثم، ما هذا الاسم السخيف للمتجر؟ على الأقل كان ينبغي أن يطلبوا تأكيدًا قبل اعتماده.”
وما إن تذمّرت، حتى ظهر تنبيه آخر وكأن النظام يردّ عليّ.
<تنبيه> تلميح لك! إن عملت بجد ورفّعت مستوى المتجر، قد تحصل على “بطاقة تغيير اسم المتجر”!
“…آه، أشعر بالدوار. كأسٌ آخر، من فضلك.”
تجاهلت التنبيه الذي يلمع في الهواء، وسكبت لنفسي كأسًا آخر من الكوكتيل.
شربت وشربت ثم شربت المزيد.
بينما كنت أحتسي بشراهة وأشعر بالسكر، صعدت إلى الطابق الثاني ونمت كما أنا، واستمر ذلك حتى ارتفعت الشمس في السماء.
كنت أكرر نفس الروتين كل يوم. هل كان هناك يوم في حياتي شعرت فيه بهذا القدر من الرضا؟ يبدو أن الحياة المتهورة هي الأنسب لي.
“نعم. إذا لم يكن الآن، فمتى سأستطيع الراحة؟ لقد عشت حياتي بكل جدية. لذلك، أنا هنا في الجنة.”
<إشعار> تبقى 7 أيام في الفترة التجريبية المجانية.
يبدو أن النظام لم يرَ شخصًا كسولًا مثلي من قبل، فبدأ في إظهار الإشعارات بشكل متكرر، وكان الأمر مزعجًا لدرجة أن النظام استمر في عرضها طيلة ثلاثة أيام.
يبدو أن الوقت قد حان للتوقف عن الدفع المستمر.
“إذن، ما الفائدة من الاشتراك؟”
<إشعار> عضوية “بيسيك” الميزات:
توسيع العالم المستوى 1
عرض الأبعاد (دقة 780p)
ضمان متانة المتجر 100/100 (تصنيف الأمان: منخفض)
تظاهرت بعدم الاهتمام وألقيت نظرة سريعة على الإشعار.
على الأرجح، تعني كلمة “المستوى” أن الأمر يتعلق بمهارة، وإذا ترقى المستوى، يمكنني الاستفادة منها بشكل أفضل.
‘الشيء الذي يثير الاهتمام هو أنه توسيع “العالم” وليس “المتجر”.
وأيضًا، ما هذا التصنيف الأمني “منخفض”؟’
هل سأتعرض للسرقة إذا اقتحم أحدهم المكان؟.
على أي حال، كيف يكون متجر وحيد في الغابة آمناً؟
إذا غابت الشمس، قد تقترب منه الحيوانات البرية.
“أفهم البقية، لكن ما المقصود بـ ‘عرض الأبعاد’؟”
<إشعار> ميزة عرض “الأصل” الذي يعد أساس الأبعاد الأخرى.
“الأصل؟”
عندما سمعت ذلك، بدأت تساورني تساؤلات حول الأبعاد الأخرى.
‘هل هناك عوالم مشابهة لألعاب وأفلام الخيال التي أحببتها؟’
بدأت بتنظيف آثار الحفل وشربت بعض المياه، ثم قمت ببعض الترتيبات لأبدو في أفضل حالاتي. أردت ألا يظهر مظهري وكأنني شخص سكير.
لا أحب العمل، لكن كيف لي أن أفوت هذه الفرصة؟.
“هل نذهب إذن؟”
أخذت معي عصا مكنسة كبيرة وقوية ووقفت أمام الباب. بمجرد أن وضعت يدي على المقبض، ظهر إشعار أمامي.
<إشعار> يمكنك الانتقال إلى بعد آخر. إذا كان لديك بعد معين في ذهنك، فما عليك سوى تخيله.
إذا لم يكن هناك، …
قبل أن أقرأ باقي الرسالة، فتحت الباب.
كنت أتوقع أن أرى مشهدًا مفاجئًا، لكن ما رأيته كان مجرد الغابة المألوفة التي رأيتها من قبل.
“لكن هذا المكان هو نفسه!”
تساءلت بتعجب، بينما كنت أفتح وأغلق الباب على نحو متكرر.
<إشعار> لا يمكن تفعيل الميزة إذا لم تكن هناك وجهة.
من خلال الأمر “الانتقال العشوائي”، يمكنك زيارة الأبعاد المسموح بها في مستواك بشكل عشوائي.
“لماذا لم تخبرني بذلك من البداية؟”
على الرغم من أنني لم أكمل قراءة الإشعار وفتحت الباب بشكل مفاجئ، لكن من سيجلس ليقرأ تعليمات طويلة في هذا الزمن؟.
ربما كان النظام غاضبًا من سلوكي، لأن الإشعار بدأ يومض بطريقة اعتراضية.
لكنني لم أهتم. طالما أنني لا أعرف المكان، قلت “الانتقال العشوائي!” وفتحت الباب بقوة مرة أخرى.
شعرت فجأة بأن جسدي اهتز، وتعثرت قليلاً قبل أن أستعيد توازني.
“ماذا؟”
رائحة البحر المالحة والقوية ملأت أنفي. كان المكان مظلماً، لكن عندما رفعت رأسي، رأيت السماء الليلية مليئة بالنجوم.
‘هذه ليست غابة.’
لقد تغيرت البيئة التي كنت فيها بالفعل. كنت على متن سفينة لا أعرف إلى أين تتجه.
ما المشكلة؟ يمكنني معرفة ذلك لاحقًا.
“سأعرض هذا البُعد.”
<إشعار> الميزة محدودة في الفترة التجريبية المجانية.
[التنقل بين الأبعاد بفلوس مش مجاني بس هو أعطاها فترة تجريبية مجانية عشان تشوف العوالم]
آه، صحيح. هذه خدمة مدفوعة.
“هذه الخدمة سيئة. إذا كانت تجريبية مجانية، كان يجب عليهم تقديم المزيد من الخدمة لطمأنتي حتى أشتري.”
تمتمت بصوت منخفض، وبينما كنت أشكو، سمعت ضحكة عالية من بعيد.
‘إذا كان الأمر كذلك، قد أستغل الفرصة وأتسلى قليلاً.’
شربت بعد عمل شاق على السفينة، وكان طعمه لذيذًا.
لكن، بما أنني لا أرى جيدًا في الظلام، تقدمت بحذر للترحيب بالزبائن. ومع اقتراب المسافة، سمعت حديثًا.
“هل فشلتم مرة أخرى؟”
“س-سيدي القبطان، أرجو أن تغفر لي…”
“ابتعد! لا أريد أن أراك!”
“ح-حياتي…”
ثم جاء صراخ يليه صوت سقوط شيء في الماء.
يبدو أن القبطان في هذه السفينة هو مجنون يطرد البحارة في البحر إذا انزعج منهم.
“…..”
شعرت بعرق بارد يتصبب من جسدي. ربما كان من الأفضل العودة والبحث عن بُعد آخر.
بينما كنت أفكر بذلك وأدير ظهري، لاحظت أن يد القبطان اليسرى تلألأت تحت ضوء القمر.
‘يده كالمشبك؟’
بدأت فكرة غريبة تتسلل إلى ذهني.
“لن أغادر نيفرلاند أبدًا حتى أنتقم من ذلك الولد الوقح.”
“بالطبع.”
وفي تلك اللحظة، لفت نظري الراية التي ترفرف بشدة. كانت تحمل نقوشًا غريبة. و هي:
“التمساح الذي ابتلع ذراع القبطان اليسرى… هل كانت هذه سفينة قراصنة؟’
إذا كانت كذلك، فإن القبطان هنا هو هوك من “بيتر بان”.
‘عندما كنت صغيرًا، كان هوك شخصية كوميدية في المسرحيات الموسيقية.’
لكن الآن، عندما قابلته شخصيًا، كانت الأجواء مخيفة للغاية.
‘ربما يجب أن أعود…’
لكن في تلك اللحظة….
__________________________________________
•فضلاً ضع نجمه واكتب تعليق يشجعني على الإستمرار!!⭐•
《لاتدع الرواية تشغلك عن العبادات》
ترجمة: ✧𝐀𝐌𝐘✧
التعليقات لهذا الفصل " 2"