“آه، نعم!”
وضعتُ يدي بسرعةٍ على ذراع يوليان. شعرتُ بارتعاشة خفيفة في جسده.
بالتأكيد، هو ليس بارعاً في المرافقة.
بمجرد التفكير في ذلك، بدا لي لطيفاً بعض الشيء. تفاجأت بأفكاري، لكنني تبعته بتظاهر بالهدوء. عندما هممتُ بتبعه، أمسك بي والدي بسرعة.
“لايلا، قبل ذلك، أريد أن أتحدث معك…”
“يا أبي.”
وقفتُ باستقامة ونظرت إليه.
“أنا لم أعد تلك الفتاة الصغيرة التي تحتمي في أحضانك طوال الوقت. أريد أن أختار زوجي بنفسي.”
اهتزت عينا والدي بشدة. نظر والدي إلى الأرض للحظة، وكأنه غارقٌ في التفكير. لكنه سرعان ما أدركَ أنه لا يستطيع كسر إرادتي. بدا وكأنه يريد فقط أن يكون في صفي.
“لايلا، لا تنسي. سنساعدكِ في أي وقت إذا أردتِ التراجع.”
همس والدي بهدوء في أذني. كتمت دموعي بصعوبة وأومأت برأسي. شعرتُ بحب والدي الغامر. كل ما شعرتُ به هو الذنب لعدم تمكني من رد هذا الحب على الفور.
“صاحب السمو الدوق دوزخان. سأُرافِقك إلى غرفة الاستقبال. هل يمكنك التحدث مع ابنتي؟”
“حسناً.”
أمي بدت وكأنها لا تزال تريد منعي، لكنها في النهاية كتمت ما بداخلها ومسحت زاوية عينها بمنديل. بعد أن انحنيت بعمق لوالدتي، طلبت من الخادمة آنا أن ترافق يوليان.
في غمضة عين، كنتُ ويوليان وحدنا في غرفة الاستقبال. طلبتُ من آنا إحضار ورق لكتابة العقد، ولذا لم يتبقَّ سوانا.
كان يوليان ينظرُ إليّ بهدوء. كنتُ واقفةً بحيرة، لا أعلم لماذا ينظر إليّ، حتى أدركتُ أن ذراعَينا لا تزالان متلامستين.
“آه، أنا آسفة.”
“لا داعي للاعتذار.”
عندما سحبت يدي بسرعة، قال يوليان بصوته العميق إن الأمر لا بأس به. لكنه كان يفكر في شيء ما. هل كان لمسي يزعجه؟ ربما كان الأمر كذلك، لأنه لم يلمس الكثير من الناس على الأرجح.
حل الصمت بيننا. لم أشعر بالارتياح لشعوري بأنني ارتكبت خطأ غير ضروري، لكن يوليان بادر بالحديث.
“آنسة وينسلي، أنا أدرك وضعي أيضاً.”
أومأت برأسي على كلامه.
كان يوليان يبحث عن زوجة بلقب كونت أو أعلى منذ زمن طويل. لكن لم يكن من السهل العثور على ابنة كونت تتزوج رجلاً ترَّوج عنه شائعات بأنه يأكل البشر.
وفي المقابل، لم يسمح الإمبراطور ليوليان، وهو دوق، بالزواج من بارونة أو عامية. همس الناس بأن الإمبراطور كان يحب ابن أخيه كثيراً. مهما كانت الحقيقة، كان الإمبراطور يعيق زواج يوليان عمداً.
وفي خضم هذه الصعوبات، ظهرتُ أنا أمامه.
“أريد أن أعرف السبب وراء رغبتك في الزواج مني.”
كان هذا هو السؤال الأهم في هذا اللقاء. شعرتُ أن الإجابة الأكثر صدقاً ستكون الأكثر إقناعاً. وضعت يديّ بأدب وقلتُ بوضوح:
“لأكتسب القوة التي تمكنني من التدخل في صراع الخلافة على العرش.”
حدق يوليان بي بعينين حادتين. كان كلاماً كافياً لإثارة الشك. أي شخص يجرؤ على التحدث عن ‘صراع الخلافة’ كان سيواجه رد فعل كهذا.
نقر يوليان على فنجان الشاي وسأل:
“أليست عائلة الكونت وينسلي تحافظ على الحياد؟”
“نعم. وأنا أيضاً أرغب في الحياد في نهاية المطاف.”
“إذاً؟”
“سمعت أن سمو الأمير الثاني كين يتصرف بطريقة غير لائقة خلال صراع الخلافة. أنا ببساطة لا أريد أن أخدم شخصاً كهذا كسيدي. إذا صعد إلى العرش أمير ذو قصد سليم، وليس الأمير الثاني، فسأتبعه.”
يوليان كان لا يزال يحدق بي. كانت عيناه مليئتين بالشك في الطرف الآخر. لكن ذلك لم يكن وقحاً. كان شعوراً بأنه يستكشفني بعمق.
“تريدين خدمة سيد سليم؟”
“نعم. أنا أيضاً فارسة وحصلت على وسام الفروسية بجدية.”
بشكل عام، لم يكن كلامي خاطئاً. لم أرد أن يتربع على العرش شخص شبيه بالغوغاء مثل الأمير الثاني. وتضحية عائلتي بسببه هي أمر لا يجب أن يحدث أبداً.
حتى لو لم يتبقَّ لي من عمري سوى عام واحد.
“لذلك، إذا تزوجنا، أتمنى أن تدعمني بشكل مطلق فيما يتعلق بصراع الخلافة على الأقل. هذا هو شرطي الذي أقدمه.”
التوى فم يوليان قليلاً. ألم ينجح الأمر؟ ربما كان يعتقد أنه من السخيف أن تتحدث مجرد ابنة كونت عن صراع الخلافة. كنتُ على وشك أن أمسح العرق من يدي سراً عندما…
“موافق.”
“حقاً؟”
أدركتُ أنني أفرطت في التعبير عن سعادتي فوضعت يدي على فمي. لكن فات الأوان. بدا أن نظرة يوليان تخترقني. مسحتُ شعري بسرعة وحاولتُ جاهدة أن أبدو هادئة.
“إذا كان لديك أي شروط أيضاً، يا صاحب السمو، فيرجى ذكرها. أعلم أنني لست أول من اقترح عليك الزواج. لذا ألم تتوافق شروطكَ معهم؟”
“نعم.”
بدا يوليان حزيناً إلى حد ما وهو يجيب. مدّ يده اليمنى، وليس يده اليسرى السليمة. كان يرتدي قفازًا سميكًا في تلكَ اليد.
“انظري جيداً.”
خلع يوليان القفاز. عندئذ، انكشف جلد غير بشري أكثر مما كنت أتخيل. لم يكن من الممكن اعتبار جلده بشرياً على الإطلاق. كان مغطى بالصخور الخشنة، ولم يكن هناك أي أثر للجلد الأبيض.
اهتززت من صوت الاحتكاك أثناء خلع يوليان للقفاز.
حرك أصابعه الصلبة والسميكة ببطء. سُمع صوت اصطدام الصخور ببعضها.
“بعض النساء هربن بمجرد رؤية هذا.”
قال يوليان ذلك بهدوء، لكنني شعرتُ بطريقة ما أنني أستطيع أن أرى ما وراء قناعه. لا بد أنه تأذى في تلك اللحظة.
لم تكن تلك امرأة غريبة، بل امرأة جاءت لتتعهد بالزواج. لقد رأى بعينيه أن حتى تلك المرأة لم تكن مستعدة ذهنياً.
“ماذا عنكِ؟”
“أنا…”
وضعت يدي على يد يوليان. شبكت أصابعي بأصابعه، وهو يحاول أن يتراجع. كانت خشنة وباردة. لكنني لم أكن خائفة. ماذا يهم إذا كان جسده مصنوعاً من الصخور؟ إنه خائف أكثر مني.
“أنا لستُ خائفةً.”
بدا يوليان مصدوماً إلى حد ما من إجابتي.
“صدقني. أنا لست خائفة منك.”
ربما كنتُ سأخاف أيضاً لو نظرت إليه دون أي إرادة.
لكن كان لدي هدف، وإرادة لتحقيقه، والأهم من ذلك، كان لدي الخلاص الذي تلقيته منه في حياتي السابقة. ولأنني أردتُ أن أواسيه بقدر ما واساني في حياتي السابقة، تحدثتُ بقوة:
“هل هذا شيء مهم؟ هل تخاف من صخرة كبيرة على جانب الطريق؟”
“لكن…”
حاول يوليان الاعتراض على شيء ما، لكنه سرعان ما هز رأسه ساخراً.
“سأخبركِ بشرطي.”
قال ذلك وأفلت يده مني. رأيتُ في حركته خوفه من أن يُخدش جلدي. شعرتُ بالأسف لفقدان تلامس يدي. هل أردتُ مواساته أكثر؟
“أريد وريثاً.”
“وريثاً…”
ربما ظن أنني مترددة، فأضاف بسرعة:
“لن أستعجل. سأنتظر حتى تصبحي مستعدة ذهنياً. وبمجرد ولادة الطفل، لن أفرض عليك أي علاقة جسدية على الإطلاق، لذا لا داعي للقلق بشأن ذلك.”
هذا ليس ما يقلقني. ربما كان يوليان يعتزم الانتظار عاماً أو عامين، حتى أقول إنني مستعدة ذهنياً. يوليان الذي عرفته كان شخصاً كهذا.
لكن أنا التي ليس لديها وقت.
الطفل الذي ولدته في حياتي السابقة لم يكن بصحة جيدة على الإطلاق. حتى إمكانية ولادة الطفل بسلام كانت غير مؤكدة.
لم يكن لدي أي نية لإنجاب طفل مريض مرة أخرى. وبما أنني سأموت بعد عامين، إذا تزوجته، فسأتمكن من تلبية شرطي الخاص مع تجاهل شرطه.
إنه فوز لي بشكل كامل في هذه الصفقة.
لكن لماذا؟ شعرتُ بالتردد. ربما كان شعوراً بالذنب.
“هل هناك سبب وراء رغبتك في الحصول على وريث؟”
سألتُ للتخفيف من شعوري بالذنب. ولحسن الحظ، أجاب يوليان بإجابة باردة جداً.
“لماذا يجب أن تعرفي ذلك؟”
كانت هذه هي اللحظة الوحيدة التي كان فيها قاسياً، بعد أن كان حذراً حتى الآن. وبشكل غريب، شعرتُ بالإحباط الشديد. لذلك أجبت بحدة:
“لا. ليس بالضرورة. حسناً، لنوقع العقد.”
هو من طلب هذا، لكنه الآن يرفضُ أن يخبرني بالسبب.
شرعتُ في كتابة محتوياتِ العقد، مفعمة بمشاعر غامضة. وقعتُ بسرعة وقدمته إليه، عندها أدركتُ أنه كان يحدق بي.
“لماذا تحدق بي هكذا؟”
“لا. لا شيء.”
وقع يوليان على العقد بيده اليسرى.
“أنت أعسر.”
“أنتِ تسألين عن شيء واضح.”
“لماذا هو واضح؟”
“ذراعي اليمنى…”
هل لا يستطيع استخدامها؟ كنتُ على وشك الاعتذار، منزعجةً من أنني طرحتُ سؤالاً وقحاً للغاية، عندما مد يوليان يده وقطع كلامي.
“ليس أنني لا أستطيع استخدامها. لقد اعتدت على استخدام يدي اليسرى لأنني لا أستطيع كشف يدي اليمنى.”
لأنه لو كشفها، سيتفاجأ الآخرون.
بعد كتابة العقد وتبادل النسخ، وقفنا. وقفتُ بشكل طبيعي على يساره ونظرت إليه.
“رافقني.”
“…حسناً.”
مدّ ذراعه ووضعتُ يدي عليها. بدا أفراد عائلتي متفاجئين بعض الشيء عندما رأونا نخرج بشكل طبيعي.
“محادثتي مع صاحب السمو الدوق أسفرت عن نتيجة جيدة. أما بالنسبة لحفل الزفاف…”
في تلك اللحظة، استدرت إليه في دهشة.
“بالمناسبة، لم نحدد موعد حفل الزفاف.”
“صحيح. متى سيكون مناسباً؟”
“كلما كان أسرع كان أفضل. ماذا عن هذا الأسبوع؟”
“لا، لايلا…”
بدا والدي وأمي وجميع أفراد العائلة مندهشين من اقتراحي الذي يشبه المزحة. نظر يوليان إليهم ثم ضحك بهدوء.
“فليكن الشهر القادم.”
أدركتُ أنه وضع عائلتي في الاعتبار.
لم يكن لدي الكثير من الوقت وكنتُ مستعجلة. لكن سيكون من الأفضل مراعاة عائلتي، لأن الأمر يتعلق بهم. وقفتُ على أطراف أصابعي وهمست له:
“شكراً لك.”
وقف صامتاً للحظة، ثم أجاب ببطء:
“على الرحب والسعة.”
بدا وكأنه يبتسم.
هل سأتزوجه حقاً؟ شعرتُ بحماس لا يمكن تفسيره لكونه زواجاً تعاقدياً وابتسمت له. لكن…
كووم!
ركع والدي على الأرض بصوت عال. أزلتُ الابتسامة عن وجهي ونظرت إلى والدي. كان والدي يطأطئ رأسه أمام يوليان.
“صاحب السمو الدوق. أعلم أن هذا تصرف وقح للغاية. لكنني لم أستعد بعد لزواج ابنتي. وكما خمن سموكَ، فإن هذا الزواج هو قرار انفرادي من ابنتي وحدها. أليس الزواج اتحاداً بين عائلتين؟ لا يمكنني… أن أوافق بعد.”
تحدث والدي بصوت حار وكأنه يغلي. نظر يوليان إليه دون أن يقول شيئاً.
لا. كنتُ أخشى أن يغادر يوليان المكان غضباً بسبب كبريائه. لكنه بقي هناك لفترة طويلة.
بعد تفكير عميق، تحدث يوليان أخيراً:
“أيها الماركيز، أنا بحاجة إلى هذا الزواج. وقد أبرمنا العقد بالفعل، لذلك لا يمكنني التراجع بسهولة.”
“صاحب السمو الدوق، لكن…”
“لكن كلامك صحيح أيضاً. لا يمكنني تجاهل رأي الوالدين بالكامل، لذلك سأؤجل هذا الزواج مؤقتاً. لكنه مجرد تأجيل.”
لم تكن لدي الشجاعة للمضي قدماً بعد أن تحدث يوليان إلى هذا الحد. كان من الصعب عليَّ مجرد احتواء مشاعري، لأنها المرة الأولى التي أرى فيها والدي بهذا الشكل.
عندما أغلقتُ فمي، نظر يوليان إليّ ثم أبعد نظره.
“صاحب السمو الدوق، أشكركَ بصدقٍ على تفهمك. سأبذل أنا وابنتي قصارى جهدنا لمناقشة هذا الأمر.”
في تلك اللحظة، كان والدي يعبر عن امتنانه ليوليان بصدق. أومأ يوليان برأسه لوالدي بإيجاز. عندما استدار، رفرفت عباءته.
لم أستطع سوى التحديق في ظهره بذهول.
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان! شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة. سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 4"