“لايلا، هل تَعلَمينَ الشّائعاتِ المُنتَشرةَ عنِ الدوق دوزخان؟”
“نعم، أعلَمُ. إنّه دوق الشّمالِ الذي لعنه النَّاسُ بِأنْ يتحول إلى صَخرٍ لِأكلِه البشر.”
لم يكن والدي شَخصًا يُحبُّ الشّائعاتِ التي تُقلل من شأنِ الآخَرين. لكِن عندما يَتعلَّقُ الأمرُ بابنتِه، فإنَّ موقفَ أيِّ والدٍ يَتغيَّر.
كايزاك كانَ يَبدو للوهلةِ الأولى سيِّدًا وسيمًا ومُهذَّبًا، لكنّه كانَ نُفايةً لا تَنقصُها أيُّ آفة، من خَمرٍ إلى نِساء.
لكنَّ والدي لم يَعلَم أنَّ كايزاك كانَ مُجرَّدَ تفّاحة بَرّاقة فاسدة. لِذلك، لا بُدَّ أنّه كانَ يَتمنّى أنْ يكونَ زوجي هو كايزاك، وليسَ يوليان الذي يُطلقُ عليه اسمُ الوَحش.
“سَمِعتُ الشَّائعاتِ، فلِماذا… أريدُ أنْ أعرِفَ سبب اختيارِكِ له.”
لأنَّ يوليان هو مُنقذي. لأنّه الوحيدُ الذي عَرفَ حالي وأنا غارقةٌ في الوَحَل.
لكنَّ هذا كانَ سببًا عاطفيًّا فحَسب. كانَ عليَّ أن أُقدِّمَ العقلَ على العاطفة.
“لديَّ شيءٌ أُريدُ تحقيقَه. ولِتحقيقِ ذلك، أنا بحاجةٍ إلى سُلطةِ الدُّوق دوزخان.”
“أمرٌ تُريدينَ تحقيقَه؟ هل يمكنُني أنْ أسألَ ما هو؟”
“لا أستطيعُ إخْبارَكَ بذلك.”
أطلقَ والدي تَنهيدةَ حَسرة. كانَ والدي دائمًا ما يَمنَحُني أيَّ شيءٍ أُريدُه. وأنا أيضًا كنتُ أعلَمُ ذلك، فلم أَطلُبْ أبدًا طَلَبًا مُتعنتًا.
لكِنَّ الأمرَ كانَ مُختلفًا هذه المرة.
“أبي، يجبُ عليَّ أنْ أتزوَّجَ صاحِبَ السُمُوّ الدوق دوزخان. الآنَ، قبلَ أنْ تظهر أيُّ امرأةٍ أخرى لِتتزوَّجَه.”
“لا يمكن.”
كنتُ أطلُبُ طلبًا مُتعنتًا من والدي، وكانَ والدي يَرفُضُني.
كانتْ هذهِ هي المرّةُ الأولى التي يَمُرُّ فيها هذا الصَّمتُ الطَّويلُ بيننا كَأَبٍ وابنتِه. في النِّهايةِ، أومأتُ برأسي. بما أنَّ والدي لن يتراجع عن قَرارِه، كانَ عليَّ التَّراجُعُ قليلاً والتَّدبيرُ لِما بَعد.
كانَ السَّببُ هو الرجلُ الواقفُ مُتكئًا على جانِبِ ميدانِ التَّدريبِ وهو يُحَدِّقُ بي. لمَستُ السَّيفَ الذي كانَ مُعلقًا على خَصري بِإحراجٍ، ثُمَّ سِرتُ نَحوَه.
قَدَّمتُ التحية على طَريقةِ الفُرسانِ، مُتذرعةً بِأنّني لم أرتَدِ فُستانًا. في حياتي السّابقة، كُنتُ أُقدِّرُ نفسي كسيدة أكثر، لكن في هذهِ الحياة، أُريدُ أنْ أكونَ أكثرَ إخلاصًا لِنَفسي كَفارسة.
“أنا لايلا وينسلي.”
على عكسِ حياتي السّابقة، تَمكّنتُ من ذِكرِ اسمِ عائلةِ وينسلي هذه المرة. لِأنّني كُنتُ سَعيدةً بذلك، أجبتُ بابتسامةٍ واسعةٍ دونَ أن أشعُر. مَسَحتُ العَرَقَ الذي كانَ ينزلُ على ذَقني بِظَهرِ يَدي ونظرتُ إلى الرَّجلِ.
“أنا يوليان دوزخان.”
ذَكَرَ يوليان اسمَه. هل اعتبرَ هذا مُجاملة؟
ابتسمتُ بِلُطفٍ ونظرتُ إلى آدم. كُنتُ أعلَمُ سبب مُحاولةِ آدم مَنعي وسَببَ اختفاءِ رويين.
رأيتُ عائلتي تقفُ عندَ البابِ المَفتوحِ لِميدانِ التَّدريبِ وهم لا يعرفون ماذا عليهم أن يفعلو. يبدو أنَّهم حاولوا مَنعَ يوليان من الدخولِ.
“أعتذر عنِ التَّأخيرِ في التَّحيَّة. عائلتي لا تزالُ تَعتَقِدُ أنّني دُميةٌ زُجاجيّة.”
أسرعَ والدي إلى الدّاخل. بدا وكأنّه يُريدُ أنْ يَبدأَ الجولةَ الثّانية. بعدَ أن أدّى والدي التحية إلى يوليان، شَدَّ ذراعي وأبعَدَني عن يوليان. كانَ هذا تَصرُّفًا مَليئًا بالحَذَرِ والريبةِ.
لم يكن هذا تصرفًا يَليقُ بوالدي الذي يُقدر الأدَبَ دائمًا. وَجَّهَ والدي ابتسامةً مهذبة قَدرَ الإمكانِ إلى يوليان ونظرَ إليه.
“ابنتي لا تزالُ صغيرةً جِدًّا على الزَّواج. وفوقَ ذلك، انظُرْ إليها وهي في ميدانِ التَّدريبِ في عِزِّ النَّهار. لا تزالُ طائشةً ومُتَهوِّرة. إنَّها غيرُ مُؤهَّلةٍ لِتكونَ زوجةَ صاحبِ السُمُوّ الدوق.”
“قيلَ لي إنَّ البَيروَن يفتخر بابنتِه التي حَصَلتْ على لَقَبِ الفارسِ أكثرَ من أبنائِه الآخرين. يبدو أنَّ هذا على عَكسِ الحقيقة.”
ملاحظة : كلمة بيرون تعني الكونت الحدودي أو حاكم الحدود
فقد والدي الكلماتِ عندَ صوتِ يوليان البارد. لم يكن خائفًا منَ الدوق، بل لا بُدَّ أنّه كانَ مُحْرَجًا من قَولِ شيءٍ يُخالفُ قَناعاتِه.
“هذا…”
أغمضَ والدي عينيه ثم فَتَحَهُما، وحاولَ أن يَستأنِفَ الحديث.
لم أشعُرْ أنَّ هذا صحيحٌ وأنا أراهُ يَجتهدُ كلَّ هذا الاجتهادِ من أَجلي. كانَ هذا صحيحًا أكثرَ لأنَّني كُنتُ فَخورةً بأبي الذي يفتخرُ بي.
بينما كنتُ أُحَدِّقُ في والدي، نَظرَ يوليان إليَّ أيضًا.
التعليقات لهذا الفصل " 3"