فَرَقَتْ الخادمات بيني وبين يوليان ودفعنني إلى حوض الاستحمام.
“لا، لا يجب أن أفعل هذا!”
على صَرخَتي، سكبتْ خادمة الماء على كَتِفي. انبعثتْ رائحة قويّة من الماء. كانَ ذلك مُتوقَّعاً، لِأنّه ماءٌ مُشبَّع بِكُلِّ أنواع الزّهور.
“يا إلهي، إنّها اللّيلة الأولى، لِماذا ترفضين؟”
“ربّما صاحب السموّ الدّوق يُزيّن نفسه الآن أيضاً.”
نظرتُ إلى آنا في دهشة. ضَمَّتْ آنا يَديها وأومأتْ برأسها. هل يوليان أيضاً يُجرَّر لِغَسل جسده في حوض الاستحمام؟
“يَقوم كبير الخدم دائماً بِخدمة صاحب السموّ الدّوق في الاستحمام، لكن الخادمات قلنَ أنه استعدّ بِجدّ. لا يجب أن نخسر!”
ليسَ الأمر مُبارزة في اللّيلة الأولى، أينَ الفوز والخسارة في هذا؟ علاوةً على ذلك، نحنُ زوجان بِعقد، وكانَ هناك شرط في العقد لِمنحنا وقتاً قبلَ إنجاب طفل.
لكنْ، لم يكن لدى الخادمات أيُّ فِكرة عن هذه الأشياء، فَبَذلنَ قُصارى جُهدهنَّ من أجل أسيادهنّ.
‘هذا دليل على أنّني اخترتُ خادمات جيّدات، لكِنّني أشعرُ بالخجل.’
بالطّبع، لم تكن هذه اللّيلة الأولى لي. كنتُ مُتزوّجة من كايزاك في حياتي السّابقة وأنجبتُ طفلاً. لكنّني اعتقدتُ حينها أنّني أقوم بِما هو مُتوقَّع من الزّوجة.
أقمنا اللّيلة الأولى بِاتباع إجراءات دقيقة وبِمُساعدة الآخرين. كانَ الوضع مُختلفاً تماماً الآن. من المُستحيل أن يسمحَ يوليان لِخادمة بالدّخول إلى غرفته.
‘على أيِّ حال، لن يَحدُث شيء.’
فكّرتُ هكذا وأمسكتُ بِقَلبي الذي كانَ ينبض بِقوّة.
وَضعتُ قدمي على الأرض في المكان الذي زيّنته الخادمات لِلّيلة الأولى. عِندَما لامَسَ الهواء البارد قدمي الحافيتين، قُشعريرة سَرَتْ في جِلدي.
كانتْ الغرفة مُظلمة إلى حدّ ما، لكن شموع صغيرة كانتْ تتوهّج في الزّوايا.
بَدا السّرّير الذي وُضِعَ في مُنتصف الغرفة مَصنوعاً من خَشب فاخر، وكانَ ارتفاعه عالياً. كانَ حولَ السّرّير سِتارٌ أرجوانيّ داكن، ورأيتُ خَيال رَجُل خَلفَه.
“صاحب السّموّ؟”
من غير يوليان سيكونُ هنا؟ على الرّغم من ذلك، لم أستطع إلّا أن أسأل.
“أدخلي.”
الصّوت المُنخفِض كانَ مُخيفاً ومُناسباً لِغُرفة النّوم المُظلِمة. أمسكتُ بالسّتار وتَرَدَّدتُ لِلَحظة.
تذكّرتُ حياتي الزّوجيّة مع كايزاك. في البداية، كانَ كايزاك مُهذَّباً ويُعطي أهميّة لِلشّكليّات في حياتنا الزّوجيّة.
لكن مع مرور الوقت، أصبحَ تصرُّفه أنانيّاً أكثر، وبدأ لا يَحترم رغبتي. تَحمّلتُ الأمر، مُعتقِدة أنّ الرّجال جميعهم هكذا، وأنّ لديهم غريزة لا مفرَّ منها.
يوليان لديه اتّفاق معي، لكن قد لا يَلتزم به. رغبتي قد لا تكون مُهمّة…
بينما كُنتُ أُفكّر هكذا وأتردّد.
“سأغادرُ السّرّير، فَادخلي واستريحي. إذا نِمنا مُنفصلين في اللّيلة الأولى، فسوفَ يتحدّث الخَدَم الذين أحضرتهم.”
“أوه.”
انفتحَ السّتار وكَشفَ يوليان عن نَفسه. كانَ لا يزال يرتدي نصف قناعه، لكنّه كانَ في ملابس مُريحة بعدَ خلع رِدائه المعتاد. كَتِفه وذراعه الصّخريّة كانتا مَكشوفتين.
في الظّلام، بَدا كَتِمثال ضَخم. حتّى صَدْره القويُّ الذي بَدا من خَلفِ قَميصه الأبيض كانَ كذلك.
“مَهلاً، لِلَحظة. إلى أين أنتَ ذاهب؟”
نظرتُ إليه في ذهول ومددتُ يدي في الهواء لِأُوقِفه.
“كنتُ سأقرأ بعض الأوراق وأنام على أيِّ حال، لِذا لا يهمّ إلى أين أذهب.”
بعدَ سماع كلامه، رأيتُ الأوراق المُنتشِرة على المكان الذي كانَ يوليان جالساً فيه. شَعرتُ أنّني كُنتُ قَلِقة بِشأن شيء لا داعي له. لم يكن يَنوي حتّى قضاء هذه اللّيلة معي.
“هاها، أنا غبيّة.”
“ما هو الغباء في الأمر؟”
“لا شيء.”
كانَ من الغباء مُقارنة يوليان بِكايزاك. كايزاك هو أسوأ نفايات العالم، ويوليان شَخصٌ طيّب من الدّاخل، على الرّغم من أنّ أحداً لا يعرف ذلك. هناك نَهر هائل لا يُمكِنُ عبوره بينهما.
دفعتُ يوليان بِخفّة على كَتِفه وأعدتُه إلى السّرّير.
“بما أنّنا زوجان على أيِّ حال، فلا بأس أن ننام في سَرير واحد.”
وضعتُ وَرِكي على السّرّير العالي وحاولتُ التّسلّق. في تلك اللّحظة، أمسكَ يوليان خَصري ورفعني إلى الأعلى.
انتشرَ صَوتُ “آه” على السّرّير، لكن لم يَحدُث شيء. لقد وضعني ببساطة على السّرّير. قُمتُ بِتَرتيب ملابسي الخفيفة بِوَجهٍ مُحرَج.
“لِماذا السرير عالٍ جداً؟”
تذمّرتُ دونَ سَبب، فأجابَ يوليان بِبَساطة:
“لِأنّني طويل.”
“من الجيّد أن تكون طويلاً.”
تمتمتُ هكذا وزحفتُ إلى داخل اللّحاف. كانَ يوليان يتّكئ بِراحة على ظهر السّرّير ويقرأ الأوراق. وُضِعَتْ طاولة جانبيّة ومِصباح بِجانبه، وكانَ يبدو أنّه يرى الأوراق من خلال الضّوء.
‘لن يَحدُث شيء حقّاً هذه اللّيلة.’
عندما نما هذا الفِكر في رأسي، بدأ جَسدي وعَقلي يَشعران بِالتّعب. استلقيتُ على جَنبي، وَضعتُ رأسي على الوِسادة ونظرتُ إليه.
كانَ يُقلّب الأوراق ويَكتُب بِقَلم بِسرعة في بعض الأحيان. وكانتْ هناك أوراق يَرميها على ساقيه وكأنّه غير مُهتَم بها.
شَعرتُ بِالملل في هذا الوقت، فالتقطتُ إحدى الأوراق التي رماها. فَتَبِعني نَظر يوليان.
“ألا يُمكنتي النّظر؟”
“…لا بأس.”
بِما أنّني حصلتُ على الإذن، سحبتُ الورقة لِقراءتها. بِمُجرّد قراءتها، عَرَفتُ أنّها الورقة التي كانَ سيَرميها.
خطط لا معنى لها، ومَطالب لا معنى لها… لم تكن تستحقُّ الاهتمام بها. إذا كانَ سيَهتمُّ بِهذه الأمور واحداً تلو الآخر، فسوفَ تنهارُ إقطاعيّة دوزخان قبلَ أن تذهب إلى الإمبراطور.
بينما كُنتُ أقرأ الأوراق واحداً تلو الآخر، تَرَدَّدتُ أمامَ إحداها.
“…طلب زيارة إقليم دوزخان من كايزاك أمبر.”
عندما تمتمتُ بذلك، أجابَ يوليان، ربّما لِأنّه سمعَني:
“رفضتُ.”
“لِماذا؟”
“لِأنَّ دوافعه واضحة. إقليم دوزخان لا يسمحُ لِأيِّ شخص بالدّخول.”
“لكن الهديّة التي يُريدُ إحضارها سَخيّة جداً. انظرْ. هذا النّوع من الحبوب نادر جِدّاً في إقليم دوزخان. لِأنَّ الزّراعة هنا ليستْ مُتطوّرة جِدّاً.”
تكلّمتُ بِوضوح، لكنّ قَلبي كانَ ينبض. عَرَفتُ أنّني أتوقّعُ إجابته.
أنزلَ يوليان الورقة التي كانَ يتفقّدها على فَخذه ونظرَ إليّ لِلَحظة.
“لِأنَّ زوجتي قد تكون في خطر.”
أعجبتني هذه الإجابة. رفعتُ كَتِفي دونَ سَبب وحرصتُ على ألّا أبتسمَ بِاتّساع.
“يَسُرّني سماع ذلك.”
استلقيتُ على السّرّير ورفعتُ الورقة عالياً في الهواء ونظرتُ إليها.
لِماذا يُريدُ كايزاك المجيء إلى هنا؟
“إنّه يبحثُ عن شيء ما.”
“أوه؟ كيفَ عرفتَ أنّني أُفكّر في ذلك؟”
ابتسمَ يوليان بِتَحيّر لكنّه لم يُجِب. عَرَفتُ أنّ التّعابير تظهرُ على وَجهي كثيراً، لكنّني لم أعرف أنّها تظهرُ عليه أيضاً. هل أصبحَ يوليان مُرتاحاً؟
“ربما يبحث عن العشيقة التي أحضرتِها.”
“لا أعتقدُ ذلك. إنّه ليسَ رَجُلاً وفيّاً هكذا.”
على كلامي المُتمتَم، نظرَ إليّ هذه المرّة.
“هل أغضبتكِ عشيقة الماركيز أمبر إلى هذا الحدّ؟”
كانَ هذا سؤالاً صَعب الإجابة عليه. كانَ من الطّبيعيّ أن أغضب لِدرجة أنَّ كُلَّ شخص في تلك الحفلة فَهمني، لكنّني لم أغضب كثيراً عندما اكتشفتُ الأمر في حياتي السّابقة. لقد اعتقدتُ فقط أنّ الأمر كانَ مُتوقَّعاً، وأنّه كانَ كذلك مُنذ فترة طويلة.
“حسناً. بِخلاف العائلات المَلكيّة، يَنغَمِس النّبلاء في العشيقات بِسُهولة. كانَ الغضب ضَرورياً.”
أجبتُ هكذا لِأنّني اعتقدتُ أنّه يُمكِنُني أن أكون صادقة معه. لكنّ الإجابة التي جاءتْ كانتْ مُخالفة لِتوقُّعي.
“يُمكنكِ أيضاً أن يكونَ لديكِ.”
“ماذا؟”
“إذا كنتِ بِحاجة، يُمكتكِ أن يكونَ لديكِ عشيق أو عشيقان. لكن بالتأكيد لن تكوني غبية مثل الماركيز أمبر.”
جعلني هذا الكلام أتصلّب.
لماذا؟ شَعرتُ وكأنّني أصبحتُ قريبة منه لِلَحظة، لكِنّني أبتعدُ بِسُرعة مِثل موجة البحر المُنحسِرة. كانتْ هناك لَحَظات شَعرتُ فيها أنّه فتحَ قَلبه لي، لكِنّني واجهتُ بِاستمرار باباً حَديديّاً ضَخماً.
“لكن يجب أن تَلِدي طِفلي. هذا هو عقدنا.”
استلقيتُ في ذهول ونظرتُ إليه، ثمّ وَضعتُ الورقة على السّرير بِقوّة.
“لِماذا تتحدّث بِهذه الطريقة البغيضة؟”
“ماذا تقصدين؟”
“اعتقدت أنّه يُمكِنُنا أن نكون أصدقاء على الأقلّ. إذاً، من الأفضل ألّا نَخون ثِقة بعضنا البعض على الأقلّ أثناء استمرار زواجنا. أليسَ كذلك؟”
لم يستطع يوليان الإجابة على كلامي بِسُهولة. لابدَّ أنّ هذا كانَ نتيجة لِتَفْكيره العميق. عندما فكّرتُ هكذا، شَعرتُ بِقَلَق قليلاً حيال كَلِماته الباردة. على الرّغم من أنّني لم أكن غاضبة.
“يُمكنكَ أن تُقابلَ نساءً أُخريات أيضاً. بعدَ أن أموت.”
أجبتُ بِفُتُور وأدرتُ رأسي جانباً. سادَ الصَّمت بجانبي. بعدَ فترة طويلة، استدرتُ.
كانَ يوليان ينظرُ إلى الأوراق، لكنّني رأيتُ أنّ شَفتيه المُتشدِّدتين كانتا ترسمان انحناءة خفيفة.
أعجبتني هذه الابتسامة، ولم أرفعْ نَظري عنه حتّى عندما دَخلتُ تحتَ اللّحاف.
“في المُستقبل، إذا كنتَ ستَقول مثل هذه الكلمات، فلا تقلها. أنتَ وسيم عندما تبقى صامتاً.”
“لا يوجد شيء لا يُمكنكِ قوله.”
“صحيح، لا يوجد. هل عرفتَ الآن؟”
انتهى كلامنا المُمازِح هناك. أغمضتُ عينيّ. فسُمعَ فقط صوتُ الأوراق وهي تُقلَّب.
عندما أستيقظ غداً، سأتّصل بِمُخبِر “بومة النّهار”. ثُمَّ سأكتشفُ ما الذي يبحثُ عنه كايزاك بِالتّحديد. قبلَ ذلك، سأتحدّث مع ماريان بِهُدوء…
بينما كُنتُ أُفكّر في هذه الأشياء، قادني جَسدي المُرهَق إلى النّوم. بينما كنتُ أُسلّم نَفسي لِلنّوم، شَعرتُ بِشيء يُزيل شَعري عن خَدّي. اختفتْ اللَّمسة النّاعمة بعدَ أن مَسحتْ أذني بِلُطف.
“امرأة غريبة.”
ابتسمتُ بِلُطف وأنا أسمعُ الصّوت الخافِت.
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان! شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة. سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 12"