الفصل 10
جلست باندورا لتناول الطعام باسترخاء، وإلى جانبها إيرف الذي كان وجهه محمرًّا، بينما كانت آنا تقوم بخدمتهما.
وبعد أن تناولت وعاءين من حلوى الجيلي بالفواكه كتحلية، توجهت إلى ورشتها لتقابل ضيوفها.
كانت تنوي، إن وجدَتَهم غاضبين بسبب تأخرها، أن تطردهم مؤدّبة برشّة من الملح، وتسألهم من أين خطرت لهم فكرة الظهور فجأة دون موعد.
لكن عندما وصلت، لم يكن هناك أثر حتى لنملة واحدة.
“لا، هذا…….”
بدلًا من ذلك، كانت اللوحات التي وضعتها فوق رفوف الكتب قد انسكبت على الأرض وتبعثرت، وكأن عاصفة مرت من هناك.
“هل خربوا مرسمي وفرّوا هاربين……؟”
لماذا بحق الجحيم……؟
هل أرادوا أن يمزحوا معي أيضًا في يوم كذبة أبريل؟
احمرّ وجه باندورا الذي كان أبيض كالثّلج بحرارة الغضب.
مستحيل!
أي نوع من البشر يعبث بأعمال فنية ثمينة تخص الآخرين بهذه الطريقة؟
يكفي أنها ما زالت حزينة على فقدان لوحتها التي تصور قطة بيضاء، لكن ليس بهذا الشكل……
“آنا. اتصلي بمنازل الضيوف وأخبريهم أنه إن لم يأتوا حالًا، فسأحرق منازلهم.”
تألقت عينا باندورا إدراكًا منها أنها قادرة على إعادة ضبط كل شيء على أي حال.
صرّت على أسنانها وبدأت تلتقط اللوحات الملقاة على الأرض واحدة تلو الأخرى.
“……؟”
هذا غريب.
بينما كانت تحتضن اللوحات وتكدّسها في ذراعيها، لمحت الوجوه المرسومة على القماش.
كانت ملامح الرجال مألوفة.
وبينما كانت باندورا واقفة مذهولة، سألها إيرف الذي كان يساعدها في التنظيف بقلق:
“آنسة باندورا، ما الأمر؟ هل هناك مشكلة في اللوحة؟”
نعم، هناك. مشكلة كبيرة جدًا.
“لم أرسم هؤلاء البشر……؟”
وليّ العهد إيريك، والدوق الأكبر فريدريك، الفارس المرافق يوجين، والكاهن نويل.
هؤلاء كانوا ضيوف باندورا اليوم، أبطال رواية <طريق الحب للشرير>.
أغمضت باندورا عينيها وحركت بؤبؤيها صعودًا وهبوطًا، يمنة ويسرة، في كل الاتجاهات، قبل أن تنظر مجددًا إلى اللوحة.
ثم ضيّقت عينيها وقرأت العنوان والتوقيع على ظهر اللوحة:
<جزيرة مهجورة>، <برد قارس>، <قصر متنقل>، <متاهة>.
كانت جميعها عناوين بديهية، تتطابق مع مضمون اللوحات.
رُسمت هذه اللوحات عندما كانت باندورا في أحطّ حالاتها، ولم تكن تريد لأحد أن يرى تلك اللوحات السلبية، لذا كانت تكدّسها فوق رف الكتب.
‘لكن لماذا تحوّلت إلى لوحات لوجوه الأبطال؟’
العناوين والتواقيع والخطوط هي نفسها، وحدها الرسومات قد تغيّرت.
وكأن شبحًا عبث بها.
في تلك اللحظة، عادت آنا.
“آنسة، سمعتُ أن ضيوفك لم يغادروا بعد.”
“هاه؟”
“يقول الحارس إنه لم يرَ أحدًا يغادر، وإن العربة التي جاءوا بها لا تزال في مكانها، لذلك الجميع الآن يبحث عنهم.”
“…….”
ابتلعت باندورا ريقها بتوجس.
الأربعة المفقودون هم الأبطال الذكور.
رجال طوال القامة، ذوو بنية قوية، لا يمكن ألا يُلاحظوا أينما ذهبوا، ويشعّون حضورًا واضحًا في وضح النهار.
وإن كان مثل هؤلاء لم يُعثر عليهم بعد داخل قصر ليس بالكبير، فلا شك أن أمرًا خطيرًا قد وقع.
نظرت باندورا إلى اللوحات الأربع التي تمسكها بين يديها.
ارتجف جسدها حين التقت عيناها بعيني إيريك المرسوم بابتسامة خفيفة.
وفي تلك اللحظة، دوّى صوت حوافر خيول خارج النافذة. هيييه! هيييه! تباطأ صوت الحوافر إلى صهيلٍ عند مدخل منزل باندورا.
“من أنتم؟”
“جلالته، أليس هنا صدفة؟”
“ومن تقصد؟”
“وليّ العهد، بالطبع.”
وقبل أن يجيب الحارس، اقترب رجل آخر ممتطيًا جواده من الجهة المقابلة.
“جئتُ لرؤية صاحب السمو الدوق الأكبر.”
ثم ظهرت عربة معبد بيضاء ناصعة، وأخرى فاخرة مزخرفة في الوقت نفسه.
“الكاهن نويل لم يعد بعد، لذا أُرسلت للتحقق……!”
“سمعت أن السير يوجين هنا!”
قشعريرة.
أمسكت باندورا بالمريلة المعلّقة على كرسيها ولفّتها حول اللوحات الأربع.
‘يجب أن أخفي هذه.’
فأي سوء فهم سيقع، سيتّهم هذه اللوحات. كان لديها حدس بذلك.
“دكتور. دكتور.”
عند نداء باندورا العاجل، رفعها إيرف بين ذراعيه.
“إلى غرفتك؟”
“نعم.”
لم تكن الورشة مرتّبة، لكنها كانت تدرك أنه من الأفضل تركها على حالها الآن.
وبمجرد أن وصلت باندورا إلى غرفتها وأخفت اللوحات تحت السرير، كان كبير الخدم قد استقبل الضيوف الجدد في بهو الطابق السفلي.
استقبلت باندورا الزوّار المتدفقين في غرفة الاستقبال.
“كنت في معرض الفنون طوال فترة بعد الظهر، وعندما عدتُ، لم أجد الأربعة جميعًا. لا أعرف لماذا تركوا عربتهم، ربما كانت لديهم أمور عاجلة.”
ولحسن الحظ، وافقها الضيوف وغادروا.
إذ لم يكن بوسعهم أن يتخيلوا أن هذه المرأة الصغيرة أمامهم قد تفعل شيئًا ضد أربعة من الأبطال الذكور.
غير أن الفارس الذي جاء بحثًا عن وليّ العهد لم يغادر حتى فتّش كل غرفة في القصر، وفتح كل قبو، وتأكد من أن إيريك ليس موجودًا.
راقبتهم باندورا من النافذة وهم يغادرون الباب الأمامي وتنهدت.
كانت تعلم أنه بعد 11:59:59، سيعود الزمن إلى الوراء، ولن يكون أيّ من هذا قد حدث، لكن لا بأس في الاستمتاع قليلًا بموقف جديد ومثير كهذا لم يحدث منذ زمن.
“واو. فجأة شعرت بالتوتر مما يجري. ظننت أنني سأموت من القلق.”
قفزت باندورا وهي متشبثة بعنق إيرف.
“لكن أين اختفوا الأربعة حقًا؟”
هل صعدوا جميعًا إلى السماء أم ابتلعتهم الأرض؟ لم يكن ذلك مستبعدًا تمامًا، خصوصًا أن الأمير إيريك كان ساحرًا بارعًا.
⋆。゚☁︎。⋆。 ゚☾ ゚。⋆
في ذلك الوقت،
“هاااه. الطقس مجنون.”
كان إيريك يتجول في مدينة متجمدة وسط عاصفة ثلجية شرسة.
“اللعنة. أين أنا بحق الجحيم؟”
أما فريدريك، دوق الشمال، فكان يهيم في متاهة مليئة بالفخاخ،
“…….”
واستيقظ الفارس يوجين أمام قصر ينبعث منه هالة مخيفة.
“آه، هل يوجد أحد هنا……؟”
هبط الكاهن نويل في جزيرة مهجورة داخل البحر العظيم للهلاك.
⋆。゚☁︎。⋆。 ゚☾ ゚。⋆
“لقد تأخر الوقت، يجب أن تنامي الآن.”
“سترحل إذا نمت.”
أغمضت باندورا عينيها المتعبتين ببطء، لكنها تشبثت بيد إيرف بإحكام ورفضت أن تتركها.
بحلول الساعة 11:59:59، ستعود عقارب الساعة إلى الثامنة صباحًا على أي حال، وستجد إيرف قد عاد إلى عمله……
‘أنا وحيدة.’
لم ترغب أن تبقى بمفردها ولو لدقيقة واحدة.
جلست باندورا على الأرض عند طرف سريرها، وبدأت تروي لإيرف أحداث يومها في المتحف.
حكت له عن ردود أفعال الناس تجاه المعرض الذي تم تزيينه حديثًا كخدعة ليوم كذبة أبريل.
لكن الإمساك باليدين، والدردشة، والعبث أحيانًا بشعر إيرف وتقبيله، لم يملأ ذلك الفراغ داخلها.
‘سينسى كل هذا على أي حال.’
مهما قالت، ومهما فعلت، سيصبح الأمر كأن شيئًا لم يحدث.
كانت مشاعرها ترتفع للحظات ثم تهوي سريعًا مثل أفعوانية. كان ذهنها فوضويًا، تمامًا كمرسمها.
“دكتور، إلى أين أذهب لقتل الحاكم؟”
“كنيسة أو كاتدرائية……؟”
وللتوضيح، كان فريق تطوير لعبة “طريق الحب للشرير” بأكمله من الملحدين.
“وماذا عن أن أصبح حاكمًا؟”
“أتريدين أن تصبحي…… حاكمة؟”
“نعم.”
“ولماذا؟”
“لأقتل الحكام.”
ضحكت باندورا ضحكة غريبة وهي تمرر إبهامها على عنقها بإيماءة الذبح.
‘لو استطعت قتل الحاكم واستعادة وقتي المتجمد.’
كانت قادرة على تجربة أي عدد من الأفكار المجنونة.
“ربما لو بعتُ روحي للشيطان، سأتمكن من لمس أصابع قدمي الحاكم.”
أو هل ينبغي أن تبيعها لملاك؟
تسللت باندورا إلى عالم الحكام عبر شريط البحث وآلة كاتبة خرجت من جرة، فاكتشفت أنهم يمتلكون شيئًا يسمى “موقع التجارة المستعملة”.
‘روحي سلعة مستعملة، ربما يمكنني بيعها هناك.’
لكن باندورا لم يكن بوسعها سوى التجسس، لم تستطع أن تكتب أو ترفع أو تنضم إلى أي موقع.
“……لا تفعلي ذلك.”
قال إيرف بهدوء لباندورا التي كانت أفكارها المجنونة تتدفق بلا كابح.
“بصفتي طبيبك، لن أقف مكتوف اليدين وأدعكِ تقترفين أمرًا خطيرًا.”
أكاذيب.
أكاذيب خبيثة.
كلمات إيرف اللطيفة خدعت باندورا مرات لا تُحصى من قبل.
‘ستنساني.’
كانت باندورا فضولية بشأن الغد مع إيرف بقدر فضولها عن الحكام.
إن جاء الغد، وإن تذكّرها اليوم، وإن استطاعا أن يخططا معًا للمستقبل، كيف سيرى إيرف باندورا حينها؟
ومع ازدياد هذه الأوهام في ذهنها، كرهت إيرف بقدر كرهها للحكام.
فلا شيء أقسى من الأمل الكاذب.
وفوق ذلك، لم يكن من العدل أن تتسع مشاعر باندورا وتزداد جنونًا في كل دورة، بينما يبدأ إيرف من الصفر كل مرة.
وحين حاولت باندورا أن ترجّح كفّة قلبها المتأرجح دائمًا بأن تكسره عمدًا في خيالها، شعرت برغبة في البكاء.
لو أن العالم ينتهي فحسب.
‘ليدمر كل شيء. ليتلاشَ تمامًا!’
كانت عقارب الساعة تقترب من منتصف الليل. لكن تلك العقارب لن تلامسه أبدًا.
“إن لم أستطع بيعها، لا للشيطان، ولا حتى كمستعملة، فبإمكانك أنت شراؤها. روحي.”
اقتربت باندورا من إيرف، تمسكت بذراعه وهمست في أذنه:
“كم يمكنك أن تدفع لي؟”
كان أسلوبها مازحًا، لكن صوتها كان مضطربًا.
“لا أظن أن قبلة ليلة سعيدة ستكون كافية.”
شدّت باندورا ربطة عنق إيرف الأنيقة وسحبته نحو السرير.
ثم ألقت ذراعيها حول عنقه، جذبته إليها، واستلقت على ظهرها.
شعرت بيده القوية تمسك مؤخرة رأسها لتمنعها من الارتطام بلوح السرير، ثم ضغطت شفتيها على شفتيه.
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات