ففي الرواية التي أعرفها <الحبُّ في عالمٍ مدمر> كان إيدن دائمًا كذلك .
” نعم ، أنا أثقُ بك “
” إلى أيِّ حدٍ ؟”
هل يحاول رفع مستوى الحديث تدريجيًا ؟
” إلى الحدِ الذي أستطيعُ تحمّلهُ “
” وأين ينتهي ذلك الحدُّ بالضبطِ ؟”
” عند النقطة التي لا أضطرُ فيها إلى ضربكَ بقبضتي “
بمعنى آخر ، طالما أنه لا يثيرُ غضبي إلى تلك الدرجةِ ، فكلُّ شيءٍ بخير .
حدّقَ إيدن فيَّ بصمتٍ ، وكأنَّه فقد القدرةَ على الكلامِ ، ثم انفجر ضاحكًا .
غريبٌ أن يكون ضحكهُ جميلًا للغاية …
بعد أن مسحَ وجهه بيديه بهدوء ، قال ليَّ بنبرةٍ مغايرةٍ .
” كنتُ أتساءلُ لماذا جعلني القدرُ عالقًا معكِ ، لكن يبدو أنَّه من حسنِ الحظ أنَّكِ أنتِ من بقيَّت معي “
” لا تُهِنني أمامَ وجهي هكذا “
” إنها مجاملةٌ “
ردّ إيدن وهو يهزّ رأسه بإنكار .
رغمَ ذلك ، بدا وكأنَّ عينيه قد استعادت بعضًا من الحياة ، وهذا كان كافيًا بالنسبة ليَّ .
رفعتُ المنظار وأخذتُ أتفحّصُ القريةَ مجددًا ، مع شروقِ الشمسِ بالكامل ، علينا أن نتحرك .
لكنّ حديث إيدن عن الاحتمالات لم ينتهِ بعد .
” كنتُ أفكرُ في السابق ، لو أنَّ نهايةَ العالمِ جاءت غدًا ، ما الكلمات الأخيرة التي سأتركُها للعالمِ ؟، صحيح أنّني لم أتمنَّ أبدًا حدوث هذا السيناريو لكنني لم اتوقف عن التفكيرِ “
لم أتوقع أبدًا أن يخطرَ لإيدن مثل هذا التفكير .
نظرتُ إليه بدهشةٍ ، فأعادَ سؤاله بنبرةٍ جادةٍ .
” أليس هذا تفكيرًا طبيعيًا ؟، ألا يتخيل الجميعُ ذلك ؟”
” لا ، في الواقع أظنُ أنَّك الوحيدُ الذي يفعلُ ذلك ، فأنا لا أفعل ذلك “
تذكرتُ المقولة الشهيرة ‘ لو أنّ العالم سينتهي غدًا ، سأزرع شجرة تفاح اليوم* ‘
(هذه مقولة شهيرة غالبًا تُنسب إلى مارتن لوثر ، وهو عالم لاهوت ألماني عاش في القرن السادس عشر ، ومع ذلك ، لا توجد أدلة تاريخية قوية تثبت أنه قالها بالفعل ، تعكس هذه العبارة روح الأمل والتفاؤل والعمل حتى في أحلك الظروف ، فهي تشير إلى فكرة أن الإنسان يجب أن يواصل فعل الخير والعمل الإيجابي بغض النظر عن المصاعب أو النهاية المحتملة ، زرع شجرة تفاح ، مع العلم أن العالم سينتهي ، يُظهر إيمانًا عميقًا بقيمة العمل بحد ذاته ، وبتأثيره حتى لو كان غير مباشر أو طويل الأمد)
لكنني لم أكن من النوعِ الذي ينخرطُ في مثل هذه التأملاتِ العاطفية ، إذا انتهى العالمُ ، فأولُ ما سأفكرُ فيه هو بناءُ مخبأ .
” العيشُ بتفكيرٍ بسيطٍ مثلكِ أفضلُ بكثيرٍ من التعقيدِ ، هذا يجعلُ الحياةَ أكثرَ سعادة “
” لقد عشتُ بسعادةٍ من قبل … هذا في الماضي “
كان هذا حتى تذكرتُ حياتي السابقةَ ، وحتى دمّرت نهايةُ العالم كلَّ شيءٍ .
استدرتُ نحو إيدن وأسندتُ ظهري إلى الحافةِ .
جملتهُ الأخيرة … هل يعني أنَّه هو نفسه يفكر بطريقةٍ معقدة ؟، هذا أمرٌ مفاجئ .
من مظهره وسلوكه ، يبدو وكأنَّه شخصٌ بسيط .
لكن عند التفكيرِ ، رفضه لخلافةِ لقب دوقِ لانكستر ليصبح شرطيًا كان دليلًا على ذلك التعقيد .
” إيدن ، هل تفكرُ بطريقةٍ معقدةٍ ؟، هذا لا يبدو متناسبًا مع مظهركَ ، هل جعلكَ ذلك تعيسًا ؟”
” لم أكن تعيسًا ، لكن كان لديَّ الكثير لافكرَ به “
كان وجه إيدن هادئًا ، لكنه بدا وكأنَّه يخفي الكثير من الحكايات غير المرويةِ .
لم تُذكَر تفاصيلٌ كثيرة عن ماضي إيدن في الرواية ، بالطبع .
فإيدن لم يكن أحد أبطالِ الرواية ، بل كان في موضعِ الأخ الأكبر للبطلة .
” ما الذي كنتَ تفكرُ بشأنه ؟، أليس كل الناسِ يتمنّون أن يكونوا الوريث الوحيد لدوقية لانكستر ؟”
” هذا بالضبطِ ما كنتُ اقلق بسببه ، كوني وريث دوقية لانكستر “
ما الذي يقصده بهذا ؟
” والدي كان رجلاً رائعًا ، أو على الأقلِ هذا ما كنتُ أعتقده حتى قبل خمس سنوات “
قبل خمسِ سنوات ؟، كان هذا وقت تبنّي أورورا ، ربما شعر بالإستياء بسبب أن فتاةً غريبةً أصبحت فجأةً أخته .
” لكن ما زال دوق لانكستر يتمتعُ بسمعةٍ طيبةٍ جدًا ، أليس كذلك ؟”
” ظاهريًا ، نعم ، لقد كان خداعهُ مثاليًا إلى حدِ أنَّ ابنه لم يشك به “
” خداع …؟”
لم أذكر أن الرواية الأصلية تناولت هذا الأمر .
ماضي عائلة أورورا لم يتم التطرقُ إليه في الرواية .
” رغم أنَّه لم يلطّخ يديه بالدماء مباشرةً ، إلا أنه كان متورطًا في جميع أنواعِ الجرائمِ والأعمال غيرِ القانونيةِ “
كان إيدن يتحدثُ بلا ترددٍ عن الفضائح التي تمسُ عائلته ، والتي تعتبرُ بمثابةِ وصمةِ عارٍ شخصيةٍ له أيضًا .
شعرتُ بالارتباكِ قليلاً ، هل من المناسب أن يخبرني بمثلِ هذه الأمورِ ؟، أنا شيري سينكلير ، بعد كلِّ شيءٍ .
” ألذلك أصبحتَ شرطيًا ؟”
هزَّ إيدن رأسه بالإيجاب .
” يمكنكِ اعتبار ذلك هروبًا جبانًا “
” لكن على الأقل كان لديكَ ضميرٌ ، لم تتجاهل الأمر تمامًا ، وهذا يختلف عني “
كنتُ أعلم أن عائلة سينكلير توسّعت في أعمالها بطرقٍ غيرِ مشروعةٍ .
لكن ، على عكسِ إيدن ، لم أكن أملكُ ضميرًا .
لم أهتم بألم الآخرين أو نظراتهم ، بل كنتُ أبحثُ فقط عن سعادتي الخاصةِ .
حدقَ إيدن في وجهي بصمتٍ ، لم يقل شيئًا ، لكن من المؤكدِ أنَّه كان يفكرُ في الأحداثِ الكثيرةِ التي تورطت فيها عائلةُ سينكلير .
بعد تنهيدةٍ عميقةٍ ، قال بصوت هادئ .
” أنا لستُ بذلك الشخص الضميري أيضًا ، فأنا لم أتمكن من الإطاحةِ بوالدي ، لذا فقط غادرتُ لأكفّر عن خطاياي في مكانٍ آخر “
مثل الأحمق .
قال الكلمة الأخيرة بصوتٍ منخفضٍ لدرجة أنني لم أكن متأكدةً مما إذا كنتُ قد سمعتها بشكلٍ صحيح ، ومع ذلك ، كان صوته هادئًا للغاية .
” قلتُ ذلك لأنني أعتقدُ أنَّ الآنسة شيري تظنُّ أنّني شرطيٌ صالح ، لكن نيتي منذ البدايةِ لم تكن نقيةً … في النهايةِ ، دمُ عائلة لانكستر يجري في عروقي “
” بغضِّ النظر عن النوايا أو البدايات ، فإنَّ الأشخاصَ الذين ساعدتهم يقدّرون ما فعلته من أجلهم “
رغم أنني قلت ذلك بعنايةٍ لمحاولةِ مواساته ، بدا أن كلامي لم يُخفّف عنه .
” كان الأمر مجرد وعد قطعتهُ لنفسي ، أن أقبضَ على الأشخاصٍ مثل والدي ، ولهذا ، ربما في يومٍ من الأيام …”
توقف إيدن عن الحديثِ فجأةً ، لكنني شعرتُ أنني فهمتُ ما كان يريدُ قوله .
ربما كان ينوي يومًا ما أن يطيح بدوق لانكستر .
” في الواقعِ ظننتُ أنكِ تشبهين والدي ، لذلك كنتُ أكرهكِ “
” ماذا …؟، هل تشتمني الآن فجأةً ؟”
حتى إنه قال إنني أشبهُ والده !، لا أعرفُ الكثيرَ عن دوقِ لانكستر ، لكن هذا بدا مهينًا جدًا .
لم يسبق أن وصفني أحدٌ بأنني أشبه والده .
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 39"