في يوم بطولة المبارزة، ومع فتح أبواب القصر، بدأ سكان الإقليم يتوافدون بوجوهٍ مشرقة وابتساماتٍ متألقة. سلكوا المسار المُحدّد وهم يتلفّتون حولهم بفضول، وقد أضفى الحماس المنتشر حيويةً جديدة على أروقة القصر.
وكانت رايلين لا تقل حماساً عنهم؛ فالسماء الصافية الخالية من الغيوم بدت وكأنها تحتفل بهذه البطولة المقدّسة والعادلة.
في الساحة التي تم إعدادها مسبقًا، وقف الفرسان بكامل دروعهم ينتظرون بدء الحدث. ومع امتلاء المقاعد بالحضور، تقدّم كاشوود، الحكم المكلّف اليوم، إلى الأمام. ثم مسح المكان بنظرته الحازمة المعتادة، وأعلن بصوتٍ جافّ.
“تبدأ البطولة الآن.”
لم يتلفّظ بأي كلمة ترحيبية، ولا حتى بأمنية لمنافسة عادلة، على عادته الصارمة، مما جعل رايلين تبتسم ابتسامة خفيفة ممتزجة بالسخرية.
وبما أن البطولة كانت بنظام خروج المغلوب، فقد كان على الفائزين من الجولة الأولى أن يواجهوا آيدن، وكافيريون، وقائد فرسان بيدوسيان في الجولة الثانية.
وعند إشارة من كاشوود، اتّخذ الفرسان وضعياتهم. وتصاعد صوت صليل السيوف الحادة، ممزوجًا بهتافات الجماهير، ليملأ أرجاء الساحة.
كانت رايلين، وآيدن، وكافيريون يراقبون من منصةٍ مرتفعة. وكان آيدن وكافيريون يتابعان المبارزات بجدّية تامة، وقد أضفى وجهيهما المتجهّمين جوًا من الجلال والهيبة. حاولت رايلين أن تُخفّف الأجواء قليلاً، فسألت بمزاح.
“ألا تشعر بالتوتّر، يا آيدن؟“
قد لا تؤثّر ضغوط البطولة كثيرًا على آيدن المتمرّس في الحروب، لكن من الصعب الجزم بذلك. فبصفته قائدًا عسكريًّا سابقًا ومبارزًا يحظى باحترام الجميع، فإن أي هزيمة ستُعدّ نكسة له.
لكن آيدن التفت إليها، وأجاب بهدوء.
“أنا بخير.”
ولم يكن يبدو عليه التصنّع، بل بدا مطمئنًا بحق.
حينها التفتت إلى كافيريون، وسألته.
“وماذا عنك، أخي؟“
رغم أنها سألت السؤال نفسه في نزهتهما بالأمس، إلا أنّ الأمور تغيّرت الآن مع اقتراب موعد مبارزته. ولا بدّ أن كافيريون لاحظ النظرات الحادّة التي يرمقه بها فرسان بيدوسيان.
“أنا بخير أيضًا.”
أجاب دون أدنى تردّد.
أُعجبت رايلين برصانتهما، وهمست في خاطرها.
‘هل هذه هي هيبة أبطال القصة؟‘
وبينما كانت تتأمّلهما، دوّى صوت البوق مُعلنًا نهاية إحدى المباريات. واستمرّت الجولة الأولى طوال الصباح، حيث خاض الفرسان المعركة بفخرٍ وجلال.
وبعد أن اختُتمت الجولة الأولى، أعقبها استراحة قصيرة، ارتدى خلالها آيدن وكافيريون دروعهما استعدادًا للجولة الثانية.
قالت رايلين وهي تُقبّل وجنته بلطف قبل أن يضع خوذته.
“كن حذرًا، لا تُصب بأذى يا آيدن.”
فتورّد عنقه قليلًا، وما إن سمع صوت كافيريون يُنقّي حلقه خلفهما، حتى تراجعت رايلين مبتسمة.
وعند انطلاق الجولة الثانية، توجّه آيدن وكافيريون إلى الساحة. كانت رايلين تُراقبهما من الأعلى، وبالرغم من أن دروعهما لا تختلف عن باقي الفرسان، إلا أنهما بديا أكثر هيبةً وروعة في عينيها.
علت الهتافات في الساحة مع ظهور المتبارزين، لا سيّما حين تعرّف الجمهور على آيدن، الدوق الذي نال محبّة الناس رغم قِصر عهده.
أعلن كاشوود وهو يرفع الراية.
“تبدأ الآن مباراة السير آيدن ضد السير كروكس.”
اليوم، جرى التعامل مع جميع المشاركين بلقب ‘سير‘، بغض النظر عن رُتبهم الفعلية. وكان خصم آيدن الأول هو كروكس، فارس نحيل من الصفوف العليا.
وما إن دوّت إشارة البداية، حتى اندفع سيف آيدن مباشرة، مهاجمًا خصمه بسرعة مذهلة. ولم يقوَ سيف كروكس على تحمّل الضربة، فطار من يده وانغرس في الأرض.
لقد انتهت المباراة بسرعة مذهلة.
أعلن كاشوود، الذي بدا عليه الذهول، بتأخّر ملحوظ.
“السير آيدن، هو الفائز!”
وكانت رايلين مذهولة بالقدر ذاته.
كيف له أن يهاجم بهذه السرعة والدقة، مستخدمًا يده اليسرى التي لا يُكثر من استعمالها؟
وما زاد من دهشتها، هو فوز آيدن وكافيريون المتكرّر في كل مباراة تالية.
حتى لم يتبقّ سوى ثلاثة أسماء في قائمة البطولة. آيدن، وكافيريون، وقائد فرسان بيدوسيان.
وبما أنّ آيدن مُعفى من هذه الجولة، فالفائز من المباراة بين كافيريون وقائد الفرسان هو من سيواجهه في النهائي.
تبادل كافيريون والقائد التحية بأدبٍ عسكري.
ثم قال القائد وهو يقبض على سيفه.
“راقبت مبارياتك السابقة، وما زالت مهاراتك القتالية حادّة كما كانت.”
ردّ كافيريون، وهو يُحكم قبضته على مقبض سيفه.
“السيف يصدأ إن تُرك حتى ليومٍ واحد. وأنا أكره الصدأ.”
مع إشارة البداية، بادر القائد بالهجوم أولًا، لكن كافيريون انزلق مبتعدًا بسهولة.
تألّق في عيني القائد الغضب، وهاجم مجددًا بضربةٍ خاطفة، لكن كافيريون تصدّى لها دون عناء.
قال له بهدوء.
“أتفهّم رغبتك في الفوز، لكنك متحمّس أكثر من اللازم.”
فردّ القائد بصوتٍ متوتّر.
“أتذكّر رفاقي الذين سقطوا تحت سيفك، سموّك.”
“لقد جئتُ للمشاركة في هذه البطولة كي أمحو مثل هذه الضغائن. وبصفتك قائدًا للفرسان، يجدر بك أن تتمالك نفسك. أليس من الأفضل أن نُقدّم للشعب نزالًا أكثر بهاء؟“
شدّ القائد فكّه، وكأنّ كلماته وخزته، ثم تراجع قليلًا وأخذ نفسًا عميقًا. وشيئًا فشيئًا، هدأ اضطرابه الظاهر.
صليل!
اصطدمت السيوف مجددًا بأصواتٍ معدنية حادّة.
لكن مع كل تصادم، كان القائد يُجبر على التراجع خطوة، ثم اثنتين.
وحين غيّر كافيريون نمط هجومه فجأة، وأدار السيف في قوسٍ واسع نحو جانب القائد، أُخذ الأخير على حين غرة واضطر إلى تغيير وضعية دفاعه سريعًا.
ولم يستطع تحمّل الضغط المتصاعد، فسقط سيفه من يده.
أعلن كاشوود بصوتٍ بارد، مع صوت البوق.
“السير كافيريون، هو الفائز.”
انحنى القائد باحترام وهو يلتقط سيفه، وقال.
“كان شرفًا لي أن أبارزك.”
فأجابه كافيريون.
“لقد مضى وقتٌ طويل منذ واجهت خصمًا يستحقّ التقدير مثلك.”
وحين انسحب القائد، دخل آيدن إلى الساحة.
فهذا هو النزال النهائي، لتحديد بطل البطولة.
انحنت رايلين إلى الأمام على المنصة، تراقب آيدن وكافيريون بعينين متوتّرتين.
وكان المنديل الذي تُمسكه منذ بداية الجولة الثانية قد ابتلّ تمامًا بعرق كفّها.
جفّ حلق رايلين، وكأنها هي من تقف مرتدية الدرع تحت أنظار المئات.
‘من سيفوز؟‘
ورغم أن كليهما عزيزٌ على قلبها، وستفرح بأي نتيجة، إلا أنها في قرارة نفسها كانت تأمل بفوز آيدن.
فهذا الإقليم تابع لدوقية بيدوسيان، وكل الحاضرين من أهلها.
وفوز آيدن سيكون النتيجة التي ينتظرها الجميع.
‘نعم… لهذا السبب أريد لآيدن أن يفوز…’
هكذا أقنعت نفسها، مخفيةً شعور الذنب الذي أحسّت به تجاه أخيها.
قال كاشوود بصوتٍ صارم.
“حيُّوا خصمكم.”
فانحنى آيدن وكافيريون، في إظهار لاحترامٍ متبادل، ورغبةٍ في نزالٍ نزيه.
ابتسم كافيريون وقال.
“نادراً ما أشعر بهذه الإثارة عند مبارزتك مجددًا.”
لكن ابتسامته لم تكن تلك الوديعة التي اعتادت عليها رايلين، بل كانت تحمل حدّةً باردة.
ردّ آيدن.
“لم أواجهك بسيفٍ منذ حرب الإقليم.”
لوّح كافيريون بسيفه بخفة، وكأنه يُحمّي معصمه.
“هل أنت واثق من قدرتك على الفوز؟“
فأجاب آيدن، وهو يحرّك معصمه بدوره.
“لا أنوي الخسارة أمام رايلين.”
“طموح جميل.”
وبكلمات كافيريون، اتّخذا وضعيتهما القتالية.
نظر كاشوود إليهما، ثم أعلن بدء النزال.
اندفع كافيريون أولًا، بحركةٍ أسرع من أي نزالٍ خاضه سابقًا.
لكن آيدن لم يكن أقل سرعة.
صليل!
صدّ آيدن الضربة التي استهدفت مركز جسده.
وتشابكت سيوفهما المتوهّجة، فيما التقت نظراتهما في الهواء، متّقدة بروح القتال.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات