وصلت إلى رايلين أنباء مغادرة أحد الفرسان للقلعة بمفرده، بينما كانت غارقة في حلمٍ مقلق.
في حلمها، كان أرنبٌ مرح يقفز في حقلٍ أخضر، لكنه وقع فجأة في فخٍّ خفي، فتدلّى جسده الصغير في الهواء عاجزًا.
وصل قائد الفرسان في وقتٍ متأخر من الليل، وعند رؤيته، أدركت رايلين أن حلمها كان نذير شؤم.
نوك! نوك!
على وقع الطرق العاجل، فركت رايلين عينيها المتعبتين واقتربت من الباب. وعندما فتحته، وجدت قائد الفرسان واقفًا أمامها.
“سيدتي، أعتذر لإزعاجكِ في هذا الوقت، لكن لديّ أمرٌ عاجل.”
“ما الخطب…؟“
انحنى القائد برأسه عميقًا.
“…يبدو أن السير لانغرين قد توجّه إلى معقل قُطّاع الطرق بمفرده.”
اختفى أثر النعاس من عيني رايلين في لحظة. كانت تعلم أن لانغرين لا يُكنّ لها الاحترام، لكنها لم تتوقع أن يتمادى إلى هذا الحد.
“أتحمّل كامل المسؤولية لفشلي في ضبط رجالي. لكن قبل أي شيء، أرجو أن تسمحي لي بملاحقته.”
لم تجبه رايلين، بل استدعت خادمة وطلبت منها أن تحضّر لها ثياب الخروج. فظهرت الحيرة على وجه القائد.
“لا يمكن أن تكوني… تفكرين في مرافقتنا؟“
وبينما كانت رايلين ترتدي المعطف الذي جلبته الخادمة، أجابت.
“نعم. سأسمح لك بالذهاب، لكن بشرط أن تأخذني معك إلى معقل القُطّاع.”
لم يستطع القائد إخفاء اعتراضه.
“…ذلك مستحيل. الأمر بالغ الخطورة.”
“لن تتمكن من إعادة السير لانغرين سالمًا من دوني.”
“ماذا…؟“
“لا وقتَ للجدال. إن كنت تنوي الذهاب خلفه، فعليك أن تأخذني.”
أمام أمرها الصارم، لم يستطع القائد الاعتراض أكثر.
“…مفهوم.”
أومأت رايلين ثم نظرت حولها، وركزت نظرها على وسادتها.
استدارت نحو القائد وقالت. “انزل وجهّز الخيول. سألحق بك فورًا.”
غادر القائد دون نقاش.
وبمفردها، اقتربت رايلين من سريرها، ومزّقت غطاء الوسادة، ثم بدأت تحشو القطن في جيوبها.
***
بعد مغادرة القلعة، توجّه لانغرين مباشرة إلى الإسطبل، واختار حصانًا، وانطلق بأقصى سرعة.
ومن دون أن يتوقف للراحة، وصل إلى تلال الشرق في غضون ساعتين. كانت الرياح الباردة تلسع وجهه، لكنه، وقد غمره الشعور بالواجب، تجاهل الألم واستمر في التقدّم.
راح يتسلّق التلال المظلمة والرطبة بحذر، متخيّلًا كلمات الثناء التي سيسمعها من دوق بيدوسيان عند عودته.
ومع كل حركة، كان لانغرين يتلفّت حوله. مهمّته كانت التأكّد من وجود معقل القُطّاع في التلال. وإن تأكد، فسيعود ويقود الفرسان في معركة خاطفة. كان عليه أن يأتي ويذهب كالظل.
‘إن كانت لهم قاعدة، فلا بدّ أنها في القمّة.’
رغم صعوده مسافة لا بأس بها، لم يسمع أي صوتٍ يشير إلى حياة. فمع عددٍ كبيرٍ من الناس، كان من المفترض أن يصدر بعض الضجيج.
وما إن بدأ يشعر بشيءٍ مريب، حتى—”آه!”—سقط فجأة.
أخذ يتشبّث بالهواء، محاولًا التمسّك بشيء.
ثود! ولحسن الحظ، أمسكت يداه بصخرةٍ مغروسة في الأرض، وكاد يسقط في حفرة مليئة بالأوتاد الحادة.
أزاح عن قلبه ذلك الرعب، ثم تسلّق مجددًا. وحين تفحّص الأرض من حوله، رأى أنها مغطاة بأوراق الشجر تُخفي تحتها عدّة فِخاخ.
‘إذاً… هناك أفخاخٌ حقيقية.’
لو أن الفرسان قدموا اليوم بتهوّر، لوقعوا ضحايا لها.
وبينما كان يتأمّل الحفرة، سمع أصواتًا من أعالي الجبل.
“صدر صوت قرب الفخ. أيمكن أن يكون أحد فرسان الدوق؟“
يبدو أن القُطّاع نصبوا الفِخاخ وكانوا يترصّدون.
فاختبأ لانغرين خلف شجرة، متحرّكًا بحذر.
وسرعان ما ظهر مجموعةٌ منهم قرب الحفرة.
“يبدو أن أحدهم فعّل الفخ ثم هرب، سيدي.”
“يبدو ذلك.”
تسلّل لانغرين بنظره نحوهم.
رجلٌ له ندبةٌ كبيرة تعبر عينه بدا أنه الزعيم إيلان.
“اسرعوا في الإمساك به. إن وصلت أخبار الفخاخ إلى القلعة، ستذهب كلّ تحضيراتنا سدى.”
“اجل!”
تردّدت أصوات القُطّاع في الغابة الصامتة.
أحسّ لانغرين، المختبئ، بجفافٍ في فمه.
‘ما الذي عليّ فعله الآن…؟‘
بدأ القُطّاع في تمشيط المنطقة. كانوا يعرفون الأرض جيّدًا، وقد نصبوا هذه الفخاخ منذ زمن. أما لانغرين، فلم يكن يعرفها.
وإن تمّ القبض عليه أثناء النزول، فسينتهي أمره. وفوق ذلك، فإن إيلان مستيقظ.
لكن لا يمكنه البقاء مختبئًا للأبد، فقرّر أن ينسحب في الظلام بهدوء.
أخذ نفسًا عميقًا، وحين خطا خطوةً، انكسر غصنٌ يابس تحت قدمه.
“هناك!”
‘تبًا…!’
أدرك أنهم اكتشفوا أمره، فأسرع في الهبوط.
وبدأ القُطّاع بملاحقته.
وحين أوشكوا على الإمساك به، أمسكت يدٌ ما بمعصمه.
“آغه…!”
كان على وشك الصراخ، لكن يدًا أخرى أطبقت على فمه.
القبضة كانت قوية، تمنعه من إصدار أي صوت.
“إن أردت أن تعيش، فابقَ صامتًا.”
الصوت كان هادئًا، لكن حازمًا، واليد رقيقة، لكنها شديدة.
‘هذا الصوت…’
رأى القُطّاع يمرّون من أمامه دون أن يلحظوا مكان اختبائه خلف صخرة كبيرة.
ثم سُحبت اليد عن فمه، فاستدار ليكتشف من أنقذه. وصُدم.
“…لمَ الدوقة هنا؟” سأل، مذهولًا.
عدّلت رايلين عباءتها وقالت بهدوء.
“جئتُ لأجدك، سير لانغرين. لِمَ غير ذلك سأكون في هذه التلال المقفرة؟“
“هل أتيتِ وحدكِ؟“
“لا، أتيتُ مع القائد. جئنا بعددٍ محدود حتى لا نلفت انتباه القُطّاع.”
“وأين القائد الآن…؟“
“ينتظر أسفل التل. صعدتُ وحدي لأبحث عنك.”
أخذ لانغرين يرمش بذهول. “لكن… لماذا تأتي الدوقة وحدها؟“
“كفى أسئلة. علينا أن نغادر فورًا. لا وقت لدينا.”
كان القائد يحرس الخيول عند سفح التل. ونظرًا لخطر تواجد القُطّاع، كان لا بدّ من أن يبقى أحدهم للحراسة. وقد أصرّ القائد أن تبقى رايلين، لكنها رفضت بشدّة.
فهي تعرف مواقع الفخاخ بدقة، كونها قرأتها في القصة الأصلية، أما القائد فلم يكن يعلم.
وبعد جدال، سمح لها بالصعود وحدها.
“إن سرنا من هنا، سنصل إلى القائد. سأركب معه، وأنت خذ حصانًا آخر، سير لانغرين.”
“…مفهوم.”
هبطا بسرعة، وما لبث أن ظهر القائد في مرمى النظر، بملامح مشدودة.
وما إن سمع خطواتهم، حتى ارتسمت على وجهه ملامح ارتياح.
“سيدتي! سير لانغرين…!”
“أسرع، القُطّاع خلفنا“، قالت رايلين وهي تلتفت خلفها.
أومأ القائد، وامتطى جواده، ثم مدّ يده ليساعدها.
“قفوا!” دوّى صوتٌ منخفض من ظلمة الغابة.
استداروا، ليظهر رجلٌ بندبةٍ كبيرةٍ قرب عينه، يخرج من بين الأشجار.
‘…إيلان.’
لقد أُمسك بهم أخيرًا. ولحسن الحظ، بدا أن إيلان وحده.
ترجّل القائد، ووقف أمام رايلين، واستلّ سيفه.
لكن رغم رهبة السيف، لم يبدُ إيلان خائفًا، حتى مع قلة عدد رجاله.
عضّت رايلين شفتها. كانت تعرف السبب وراء هدوئه.
“جهدك هذا بلا طائل. سيفك لن يطالني أبدًا.” قال إيلان، وهو يحرّك أصابعه بخفّة.
انحنى القائد في وضعية حذرة. “ما الذي تقصده؟“
“ستقاتل خيالًا فقط.” قالها وهو يُصفّق بأصابعه.
وفجأة، بدأ القائد يلوّح بسيفه في الهواء، وكأنه يرى عدوًا غير مرئي. عبس لانغرين في حيرة.
“ماهذا…؟“
“دعني أشارككم سرّي. فلن تهربوا من هذا الوهم وتعودوا إلى القلعة.”
قال إيلان مع ابتسامه باردة.
“لديّ قدرة على زرع الهلوسات في عقول الآخرين.”
ولما أدرك لانغرين حقيقة ما قاله، نظر إلى رايلين وأشار لها أن تفرّ على ظهر الحصان. ثم استلّ سيفه واندفع نحو إيلان.
تفادى إيلان الهجوم، لكن لانغرين تمكّن من ترك جرحٍ طويل في صدره.
“آخ…”
لكن الهجوم جرّ عليه الغضب.
“كنت أنوي إعادتكم إلى القلعة وأنتم تائهون، لكن يبدو أن عليّ أن ألقّنكم درسًا.”
“لا تضحكني! من تظن نفسك…” صرخ لانغرين بعنف.
لكن إيلان صفّق بأصابعه من جديد.
“ستشعران الآن وكأنكما موثوقان بالحبال.”
وما إن أنهى كلمته، حتى صاح لانغرين: “ما هذا…!”
لم يعد يستطيع تحريك يديه، وكأنها أُوثقت بجانبيه. وكذلك رايلين، كانت جامدة في مكانها، تراقب بصمت بينما إيلان يقترب بخنجرٍ حاد في يده.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات