بمجرد أن فتح سينييل عينيه، كان أول ما فعله هو التأكد من حال فيفي.
أصبح هذا الأمر الآن جزءًا طبيعيًا من روتينه اليومي، كأنه عادة متأصلة فيه.
كانت شفتا فيفي ترتسمان بابتسامة خفيفة، كأنها ترى حلمًا سعيدًا.
تنفس سينييل الصعداء، ثم انتقلت نظرته بشكل طبيعي إلى إناء الزهور.
كان الإناء الكريستالي الشفاف يتلألأ بألوان متداخلة تحت الضوء.
كان من المفترض أن يكون الإناء مملوءًا بالزهور التي قدمها لها، لكن الإناء الكريستالي الشفاف كشف عن فراغه الداخلي بلا مواربة.
لم يكن من المعقول أن تكون فيفي هي من تخلصت من الزهور التي أعطاها إياها، لذا كان هناك شخص واحد فقط يمكن أن يكون قد فعل ذلك.
كان تعبيرًا صريحًا، إن جاز التعبير.
لكن الشخص الذي تخلص من الزهور لم يكن يدرك ذلك، على ما يبدو.
فكر سينييل في إناء الزهور الموجود في غرفته.
هل سيكون محطمًا كما حدث أمس؟ لم يكن بحاجة إلى التحقق ليعرف الإجابة.
شعر بالاشمئزاز، لكنه أدرك مرة أخرى أن كيد، رغم كل شيء، هو جزء منه.
لم يكن هذا الشعور ممتعًا على الإطلاق.
أرخى سينييل ذراعيه بحذر.
كان شخصيته الأخرى، التي لا تسمح بأي مسافة بينه وبين فيفي، قد احتضنها بقوة شديدة.
بمجرد أن أرخى ذراعيه، تبدد الدفء، تاركًا إحساسًا بالفراغ بل وبالبرودة.
مظهرها الهادئ جعل سينييل يشعر بشيء من السمو.
نهض بحذر من مكانه لئلا يزعج نومها.
“أراكِ في المساء.”
غطاها بالبطانية بهدوء وهمس كأنه يتمتم بتهويدة.
على عكس أمس، كانت فيفي اليوم غارقة في نوم عميق ولم تستيقظ حتى غادر سينييل.
“كم الساعة الآن؟”
استيقظت متأخرة جدًا عن موعد استيقاظي المعتاد.
يبدو أن قلة النوم قبل قدوم كيد أثرت عليّ كثيرًا.
نظرت ببلاهة إلى المكان الفارغ بجانبي، مدركة أن سينييل قد ذهب بالفعل إلى العمل، وهي فكرة لم تُثمر عن شيء.
لم يكن لديّ الكثير لأفعله، فبقيت مستلقية في السرير، أتلوى بلا هدف.
لم تصل أي رسالة مشبعة برائحة الورد الاصطناعية، مما جعلني بلا أي عمل يُذكر.
حسبت في ذهني اليوم الذي سأتلقى فيه المعلومات من سانشي، لكن لم يمر سوى يوم واحد.
ومن حديث سينييل أمس، يبدو أن حفل السفينة لا يزال على بعد أسبوعين تقريبًا.
يا لها من حالة ميؤوس منها.
كنت على وشك الاستسلام لفكرة حضور الحفل دون مقاومة.
عندما أتذكر سينييل، الذي لم يرفض اقتراحي بالذهاب إلى الحفل، بدا وكأنه لا يعرف ما سيحدث هناك.
لو كان يعلم، لكان قد منعني بشدة.
حقيقة أنه أطاعني عندما طلبت منه الابتعاد عن أمور كيد تجعلني أتساءل عما إذا كان يجب أن أفرح أم أقلق.
نظرت إلى السقف ببلاهة، ثم نهضت.
قررت أن أعزف على البيانو.
عندما كنت على وشك مغادرة الغرفة، لمحت سلة المهملات في الزاوية.
كانت السلة المزينة بالذهب تبدو فاخرة بشكل غير ضروري.
لم أكن أنوي فحصها، لكنني وجدت نفسي أقترب منها دون وعي.
لم تُفرغ السلة بعد، وكانت تحتوي فقط على الزهور المرمية بلا رحمة.
عندما رميتها في عجلة أمس، لم ألاحظ، لكن الآن، بدت الزهور بائسة نوعًا ما.
لم أستطع التقاطها، لكن نظري لم يستطع الانفصال عنها.
شعرت بشيء غامض يمر بي.
حاولت تحديد ما هو، لكن الكلمات الوحيدة التي تبلورت كانت: “يجب أن أطلب من سينييل ألا يعطيني زهورًا بعد الآن إذا كانت ستنتهي هكذا.”
فجأة، شعرت بقلق دفعني للخروج من الغرفة بسرعة.
على عكس سرعتي في النزول إلى الطابق الأول، لم يكن لديّ شيء أفعله.
هل كان الوقت بمفردي مملًا لهذه الدرجة؟ كنت أنظر إلى الساعة باستمرار وأنا أعزف على البيانو، كأنني أنتظر أحدهم، مما جعلني أشعر بالسخافة.
لم أستطع التركيز اليوم.
بسبب انشغالي، لم أفكر في وسائل الراحة الحديثة من قبل التجسد، لكن اليوم، اشتقت بشكل خاص إلى الهاتف والإنترنت.
كنت أرغب في إضاعة الوقت دون تفكير.
لم أكن أرغب في العزف، لكنني لم أرد المغادرة أيضًا، فاستمررت في النقر على مفتاح “مي” بإصبعي الوسطى بشكل متكرر لتمرير الوقت.
في النهاية، قضيت اليوم بأكمله أنظر إلى الساعة دون هدف.
نهضت فجأة وفتحت الباب بقوة.
“فيفي؟”
كان سينييل يتجه نحو الغرفة، واصطدمت به مباشرة.
بدا أن كلينا لم يتوقع هذا اللقاء، فظهرت الحيرة على وجهينا.
استعاد سينييل رباطة جأشه أولاً.
بينما كنت لا أزال أحاول إغلاق الباب، اقترب سينييل بخطوات واسعة.
كان وجهه مليئًا بالبهجة.
تذكرت فجأة سينييل عندما رأيته أول مرة، كان يبدو كشخص على وشك الانهيار.
متى أصبح مليئًا بالحيوية هكذا؟
بينما كنت أفكر في هذا، اقترب سينييل جدًا.
قبل أن أتمكن من قول شيء، مُد شيء أمامي فجأة.
“فكرت بكِ، فاشتريت هذا.”
تبددت دهشتي بسرعة عندما وجدت باقة زهور في يدي.
لم يكن هناك ما يدعو للدهشة.
فقد كان سينييل يحمل الباقة علانية دون أي محاولة لإخفائها.
لكن ما جعلني مرتبكة لم يكن تقديم الباقة المفاجئ.
كان نوع الزهور المحشورة بكثافة داخل غلاف ورقي رقيق وملون كقشرة الحلوى هو ما أربكني.
يبدو أنني أرى نفس الزهور ثلاثة أيام متتالية.
كانت زهور الجربرا، التي تشبه عباد الشمس ولكن ببراعم أصغر حجمًا، مزهرة بكامل تألقها.
كان عليّ أن أشكر وأقول أنني لم أعد بحاجة إلى هذا، لكن الكلمات كانت تدور على طرف لساني فقط.
“يبدو أنك تحب هذه الزهرة حقًا…”
بدلاً من قول ما يجب قوله، خرجت مني كلمات سخيفة.
حتى قبل أن أسمع رد سينييل، تراجعت نصف خطوة دون وعي.
شعرت بوجهي يحترق تحت نظرته المباشرة.
أجاب سينييل دون تردد: “نعم، أحبها.”
*طبعا أذكركم أن اللغة الكورية ما فيها ضمائر، فهو هنا قال أحبك بس بسبب انعدام الضمائر البطلة ما راح تميز اذا يحبها هي او الزهور*
شعرت بأطراف أصابعي تبرد.
“ليس صحيحًا”، تمتمت في داخلي.
صوت داخلي صرخ بي أن أهرب. وافقت. كان عليّ الهرب.
“العشاء… هيا نذهب لتناول العشاء.”
كالعادة، بدأت المشي قبل أن أسمع رده.
لا أعرف كيف تناولت الطعام.
لم تجرِ أي محادثة حقيقية بيننا.
أبقيت نظري مثبتًا للأسفل، محجبة كل النظرات القادمة نحوي.
بعد انتهاء الطعام وخروجي من غرفة الطعام، شعرت أخيرًا ببعض الراحة.
أردت العودة إلى غرفتي مباشرة، لكن كان هناك مهمة أخيرة متبقية، فلم أستطع الذهاب.
قلت له “اتبعني” بطريقة أحادية وتقدمت بخطوة كما فعلت من قبل.
كان صوت حفيف باقة الزهور مزعجًا بشكل خاص.
أمسكت الباقة بقوة، مثبتة نظري للأمام بعناد، وفتحت فمي.
“شكرًا على الهدية. لكن من الأفضل ألا تعطيني المزيد في المرة القادمة. كيد يرميها على الفور. لم يثر فوضى، لكنه يرميها على أي حال، وهذا مؤسف.”
خرجت كلماتي بحدة. كنت لا أزال أنظر للأمام.
انتظرت الرد، لكن مهما انتظرت، كان هناك صمت.
هل تحدثت بصوت منخفض جدًا؟
أم أن خطواتي كانت سريعة جدًا فأصبحت المسافة بيني وبين سينييل أكبر مما توقعت؟ توقفت أخيرًا واستدرت.
“… لن أفعل ذلك في المرة القادمة.”
لم يكن سينييل بعيدًا. كان خلفي مباشرة.
بمجرد أن التقيت بوجه سينييل، أطلقت أنفاسي التي كنت أحبسها.
كنت أتوقع وجهًا يظهر الأسف، أو وجهًا يبدو وكأنه على وشك البكاء، أو حتى وجهًا شاحبًا تمامًا.
لم أستطع إلا أن أتساءل من أين بدأ هذا الخطأ.
لكن وجهه المذعور والمتجمد لم يكن ضمن توقعاتي.
بدا أن قول أنه لن يفعل ذلك مجددًا كان أقصى ما استطاع قوله، ولم يعد قادرًا على الكلام.
“أنا آسف.”
تلاشى صوت سينييل.
“لن أفعل ذلك مجددًا. هل تكرهينني لأنني استمر بالقيام بأشياء سيئة؟”
شعرت وكأنني تلقيت لكمة من سؤاله الذي يبدو وكأنه يتحقق من عاطفتي.
لقد اختفت منذ زمن طويل تلك الجرأة التي كنت أتحدث بها بلا مبالاة، قائلة إنني لا أكرهه أو أمقتُه.
تجمدت في مكاني كأن قدمي مسمّرة.
الكلمات التي تمكنت من إخراجها بالكاد كانت لتهدئة الموقف.
“فقط… فقط، لا تفعل ذلك مجددًا.”
استدرت مرة أخرى. لم أملك الشجاعة لمواجهته.
مشيت نحو الحديقة بلا هدف.
صوت خطواته التي تتبعني جعل رأسي يدور.
على عكس أمس، لم أدخل عميقًا في الحديقة وتوقفت عند المدخل.
حاولت قطف زهرة بشكل عشوائي من بين ما رأيته.
أَمسك يدي. عندما نظرت إلى سينييل متسائلة عما يفعله، هز رأسه.
“قد تؤذين يدكِ هكذا. دعيني أفعل ذلك.”
كيف له أن يقول هذا بوجه شاحب؟
قطف الزهرة دون تردد وأمالها قليلاً نحوي كما لو يطلب تأكيدي.
لم أرغب في التأكيد، بل أردت تجاوزه والمضي قدمًا.
لكن يدي الممسكة منعتني من التقدم.
بالطبع، كان بإمكاني تحرير يدي. كان بامكاني دفعه والرحيل.
لكن مرة أخرى، تلك العينان، تلك العينان منعتني من الحركة.
شعرت فجأة بموجة من الحزن.
عضضت شفتي سرًا، ثم، دون وعي، غطيت عيني سينييل بيدي الممسكة به.
“فيفي؟”
“لا تنظر إليّ هكذا… لا تفعل ذلك. أنا لا أمقتك.”
كان سينييل مطيعًا.
كانت يدي تحت يده، فشعرت بعينيه المغلقتين على راحتي.
قدم اعتذارًا آخر: “لن أفعل ذلك أيضًا، أنا آسف.”
بقيت واقفة لفترة طويلة، مغطية عينيه.
لكن مشاعري المعقدة والحزينة لم تهدأ.
مع ذلك، مع غروب الشمس، لم أستطع البقاء هنا إلى الأبد.
أمسكت بقلبي المتقلب وأنزلت يدي.
تبعت يد سينييل يدي إلى الأسفل.
“هيا نذهب.” كانت كلماتي في وسط الصمت مشبعة بنبرة الهروب.
سواء أدرك ذلك أم لا، لم يترك سينييل يدي.
—
الفصول لغاية الفصل 102 <النهاية> على قناتي بتلغرام الرابط بالتعليقات
••••◇•••••••☆•♤•☆•••••••◇••••
ترجمة : 𝑁𝑜𝑣𝑎
تابعونا على قناة التلغرام : MelaniNovels
التعليقات لهذا الفصل " 50"
قناة التلغرام:
https://t.me/+YGDp4L4cHtw2OTI0