ولكي أتمكن من ذلك، كان عليّ أن أستعيد أحداث القصة الأصلية كاملة في ذهني.
فالأمر سيكون معركة طويلة.
… لكن في الحقيقة، لم يكن استرجاع القصة الأصلية مفيدًا لي الآن.
أمسكت القلم وشددت على شعري بيدي.
فالأحداث تبدأ بظهور البطلة، لكن بما أنّ رونان ما زال حيًا، فلن تسير القصة كما هو مقدّر لها أبدًا!
في الأصل لم يكن سوى عبارة عن…
البطلة تراقب كيد من الخلف، فيمسك بها.
ثم تعرقل خططه، فيمسك بها مرة أخرى.
وتواجه خطر الطرد من فرقة الفرسان.
وبينها وبينه مواجهة على جسر في ليلة عاصفة، ثم ينهار الجسر ويسقطان.
وهناك، ينقذ أحدهما الآخر، فتتشكل بينهما مشاعر.
*يا إما الاثنين سايكو و إلا هي مازوخية مع اني ارشح الاول*
وفي النهاية يقرر كيد ألا يقتل المخطط الأول للتجارب، أي الرجل الغامض، رغم أنه كان هدفه الأكبر.
ليعيش بعدها مع البطلة وسينييل في سلام.
هذا كل شيء.
والمعلومة الوحيدة المفيدة هنا: أن الجسر ينهار في ليلة صيفية عاصفة.
ربما لو عرفت شيئًا عن جويل ‘العقل المدبر للتجربة’، لكان لدي احتمال أكبر للبقاء على قيد الحياة.
فهدف كيد النهائي هو العثور على جويل.
لكن للأسف… لا أملك أي معلومات دقيقة عنه.
حتى في القصة، عندما كان كيد على وشك أن يجده، تركه يهرب دون أن يمسه، وكأنه إعلان توبة.
لذلك لم يبقَ في ذاكرتي سوى أوصاف سطحية:
لا يُعرف مكان إقامته.
ذكي جدًا.
عمره بين الثلاثين والخمسين.
كاهن.
له شعر بني وعيون حمراء داكنة.
لكن… هذه أشياء يعرفها كيد مسبقًا.
أما إن أضفت شيئًا، فهو أنه كان يملك إيمانًا غريبًا.
فبينما كان الآخرون يطمعون في القوة فقط، كان جويل يختلف عنهم.
لقد خطط للتجربة لأنه أراد صنع إنسان بقوى لا نهائية.
أراد أن يرى القوة المطلقة.
وكان يؤمن أن ذلك خير مطلق.
ولهذا السبب كان ينادي سينييل بـ ذلك الشخص، مقتنعًا بأن جسده سيصبح وعاء طاقة لا نهائية.
بل كان يظهر أحيانًا في المختبر ويعامله بتقديس وكأنه تجسيد لأقوى مخلوق على وجه الأرض.
لكن مثل هذه المعلومات لا قيمة لها.
لا تفيد في العثور على جويل، ولا تصلح كورقة مقايضة مع كيد.
وإن تظاهرت بمعرفتها بشكل صارخ، فسوف يشك بي ويسأل من أين حصلت عليها.
لذلك وجب الحذر.
“هل يمكنني أن أعيش فعلًا؟”
في كل الأحوال، سأموت عاجلًا أم آجلًا.
أشعر وكأن قدري أن أموت، لكني ما زلت هنا بلا فهم أو مبرر.
“من أين أبدأ؟”
قالوا إن فتح طريق البحر سيستغرق شهرًا، لكنه قد يطول أكثر.
وإن أردت الصمود، فلا بد من وسيلة للبقاء.
لكن حتى استرجاع أحداث القصة لم يسعفني بشيء مفيد.
صحيح أن كيد قال أنه سيتركني حية طالما وجد لي نفعًا.
لكن لا يمكن أن أثق بكلماته.
“وإن حدث المستحيل وأحبني سينييل فعلًا، فسيكون يومي الأخير.”
فهذا الوغد، كيد، لا يريد سوى إيذاء سينييل.
ولو أصبحتُ شخصًا عزيزًا على سينييل، فلن يتردد في قتلي فورًا.
لا بد إذًا من وجود ورقة أمان.
والمشكلة الكبرى: حتى إن صمدت لأشهر، كيف سأشتت نظر كيد عند محاولتي الهرب؟
“غريب أن أمنح الأدلة لرونان، و هو ليس حتى البطلة الأصلية.”
لا أعلم إن كان يملك قوة توازي إيزيت.
إيزيت كانت تدفع بقوة وإصرار لإسقاط كيد.
أما رونان، فلا أدري إن كان سيفعل ذلك.
“لو كان رونان البطلة الحقيقية، لكان هناك بعض الأمل.”
بل ربما ما كان الممر البحري ليُغلق أصلًا.
عبثًا دست أصابعي في شعري من شدة الضيق.
“ظننتُ أن منح الأدلة للبطلة سيطلق قوة القصة الأصلية لتجري كما يجب!”
كنت مؤمنة أنني سأخرج من الصورة، وتتكفل الحبكة بجعلهم يقعون في الحب.
لكن كل شيء قد انهار تمامًا.
فـمن المتفرض أن رونان كان سيضحّي بنفسه كقربان للوحش لعدم امتلاكه المال.
لكنني أعطيته المال بلا سؤال، فاختلت القصة بهذا الشكل.
“لو لم أعطهِ المال… هل كان ليموت؟
ولو سألته سبب حاجته، هل كنت سأتمكن من الفرار عبر أي سفينة عشوائية؟”
قد يُكشف أمري سريعًا، لكن ربما كانت هناك فرصة لو تسللت خفية.
تنهدت بعمق.
قررت التوقف عن الندم واللوم.
فما فات لا يمكن إصلاحه.
لكنني واثقة من أن رونان ليست ذا حماسة و همة عاليتين مثل إيزيت.
ولعله من النوع الذي يتصرف بفتور.
وذلك قد يثير غضب كيد أكثر.
“وإن غضب، فسيدمّر خطة الهروب كلها ويلاحقني حتى النهاية.”
تخيلت نفسي في مطاردة معه.
أقيم في نُزل بدولة غريبة، وفي صباح ما، أفتح عيني فأجده واقفًا أمامي.
حتى فكرة ذلك جعلت شعري يقف من الرعب.
… “هل من الممكن أن يقع رونان في حبي، بعدما أسلّمه الأدلة؟”
“هل يجب أن أسأل رونان أولًا عن ذوقه؟”
غصتُ في تفكير جاد حتى اصطدمت جبهتي بالمكتب.
“… هراء.”
كان من الأفضل أن ألتقي بالبطلة الحقيقية مباشرة.
ومع ذلك، ربما من المفيد أن أستمر في تزويد رونان ببعض الأدلة غير المباشرة، كنوع من التمهيد لهروبي لاحقًا.
“سأعطيه أدلة صغيرة أولًا، وأراقب رد فعله. وبعدها أقرر الخطوة التالية.”
وإن لم ينفع ذلك… يمكنني ببساطة زرع قنبلة في القصر والرحيل.
وحين ينشغل كيد في التعامل مع الرماد والخراب، سأغتنم الفرصة وأهرب.
أمرت بإحضار ورق الرسائل عبر إحدى الخادمات، وكتبت ببساطة، وفق الصيغة المتعارف عليها: “لنلتقِ غدًا.”
ثم دفعت الرسالة مع الخادمة.
وبعد أن أرسلتها، اجتاحتني الحيرة من جديد: كيف سأتجاوز هذه الليلة؟
لا أعلم لماذا عاملني كيد برحمة البارحة، لكن من المؤكد أنه يستعد للانقضاض عليّ الليلة.
جسدي ارتجف.
“لا يحب جهاز الصعق… سأتركه جانبًا. لكن سأرتدي الدرع الواقي، تحسبًا.”
ربما لو اجتزت هذه الليلة، سأكسب شهرًا إضافيًا من البقاء.
فشروط كيد واضحة: أن أكسب سينييل، وأن يقتلني حين أنجح.
طالما أنني ألتزم بالشروط، قد يمنحني شهرًا إضافيًا.
“عندما يأتي كيد الليلة، سأبكي وأتوسل وأثبت أن لي فائدة. ثم بعد شهر… سأهرب بأي وسيلة.”
رغم أنني لم أجد خطة محددة، إلا أن هذا كان الحل الوحيد المتاح أمامي.
قضمت طرف القلم ثم اتخذت قراري.
“اليوم… عليّ أن أتناول العشاء مع سينييل.”
بالأمس كنت مريضة فلم أحقق شيئًا، لكن اليوم يجب أن أُظهر نتائج جيدة.
يجب أن أُري كيد أنني إنسانة نافعة.
حتى يحين وقت انصراف الخدم، لن يكون في الخروج خطر.
ولم أكن أنوي الابتعاد طويلًا، مجرد جولة قصيرة في الجوار.
وضعت القلم على المكتب.
“قبل ذلك… عليّ أن ألتقي بالبطلة الحقيقية.”
كنت أعرف مكان سكنها، فلم يكن هناك ما يدعوني للتردد.
على الطريق المؤدي إلى قرية إيزيت، كان لا بد من عبور جسر ضخم ممتد فوق نهر عظيم.
وعندما اجتازت العربة الجسر، فتحت النافذة وأخرجت وجهي قليلًا.
فرأيت جسرًا شامخًا مشيدًا بإتقان، والنهر الكبير يتدفق تحته.
“إذن هذا هو الجسر الذي ينهار أثناء العاصفة.”
كان من الصعب تصديق أن بناءً بهذه المتانة قد ينهار.
الحشود والعربات تعبر عليه بلا توقف.
ترى، هل يعلم هؤلاء أنهم سيموتون هنا يومًا ما؟
أغلقت النافذة بعزم.
لن أعبر هذا الجسر أبدًا في موسم العواصف.
لم أرغب ٥ أن أموت غرقًا في نهر لا يعرف أحد عمقه.
توقفت العربة قرب منزل إيزيت. نزلتُ منها وتأملت المكان.
جدران قديمة تآكل طلاؤها، وسقف مائل بدا وكأنه سينهار في أي لحظة.
وفجأة، سمعت وقع أقدام شخص يركض إلى داخل البيت.
توقفت في مكاني، ثم انحنيت بخفة خلف المبنى لأختبئ.
هناك، رأيت فتاة ذات شعر فضي طويل يتلألأ حتى خصرها، بشرة شفافة تكاد تُظهر عروقها، وعينين زرقاوين باردتين كسماء شتوية صافية.
كانت واقفة فقط، لكنها تشعّ كالنور.
“… إيزيت.”
كانت تبدو في مثل سني تقريبًا، وقد فتحت الباب بعجلة.
“أمي! أحضرتُ الطبيب!”
دخل الطبيب خلفها، رجل ذو شارب بارز لم ألحظه أول الأمر لأن وجود إيزيت غطّى على كل شيء.
وجهها الملهوف القلق كشف أنها كانت في سباق مع الوقت، حتى أنها لم تغلق الباب وراءها.
اقتربت أكثر بخطوات حذرة، فتسربت أصواتهم إليّ من خلال فتحة الباب.
“أمي، أرجوك اصبري قليلًا، حسنا؟ سيدي الطبيب، ما مشكلة والدتي؟”
بدت نبرة صوتها مليئة باليأس.
حتى أنا شعرت بالاختناق من شدته.
“لقد غيّرنا الدواء، لكنه لا يناسبها. اجتيازها هذه الليلة لا يعني أنها ستنجو بعدها. الأفضل أن تستعدوا نفسيًا للأسوأ…”
“لا! هذا غير ممكن!”
ارتفع صوت بكاء إيزيت من الداخل.
كنت قد سمعت من قبل أن علاقتها بأمها لم تكن جيدة جدًا، لكنها الآن لم تستطع التمسك بالحياة دونها.
***
في القصة الأصلية، كانت والدة إيزيت ستموت بعد شهر، رغم تبديل الدواء الذي اشترته بمساعدة رونان.
ربما أراد الكاتب أن يقطع آخر رباط لها بالعالم، ليحوّلها إلى شبح للانتقام.
لكن معرفة ذلك لم تجعلني أجرؤ على التدخل.
“لو طلبت مساعدتي، فسوف تلتصق بي إيزيت بلا شك.”
في القصة، ضاعت منها لحظة وفاة أمها لأنها كانت مشغولة بجمع المال والانتقام لأخيها.
لكن الآن… بات لديها فرصة للبقاء إلى جانب والدتها حتى النهاية.
عاد إلى ذهني اليوم الذي اضطررت فيه لدفن والديّ بعد حادث سير مفاجئ، دون حتى أن أودعهما.
مرارة ذكراهما أعادت طعم الحزن إلى فمي.
“إيزيت…”
خرج صوتي هامسًا متحشرجًا.
لكنني لم أقترب.
بقيت أستمع لندبها وبكائها، حتى لم أحتمل أكثر، فغادرت بصمت.
كنت أعرف جيدًا ما معنى أن تفقد والديك دون أن تتمكن من توديعهما وداعهما الأخير… لذلك لم أستطع أن أرى الأمر يتكرر أمامي.
♤♧♤♧♤♧♤
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 27"