The male lead is trying to tame me with money - 78
استمعتُ إلى كلمات كاسيان بينما ضيّقتُ عينيّ قليلًا.
‘لقد اعتدتُ على هذا كثيرًا لدرجة أن مثل هذه الكلمات غير المباشرة لم تعد تُربكني.’
لا خيار أمامي، فأنا الموظفة الضعيفة، وعليّ مجاراة رئيسي بطريقة مناسبة.
“صحيح، أنا أيضًا أبقي الأمر سرًا لأنني أريد قضاء وقت ممتع مع سموك.”
لم يكن ذلك كذبًا حتى.
بالإضافة إلى ذلك، كنتُ أرغب في رد الدين على أمر بقي معلقًا لفترة طويلة.
ولكن…
“…سموك؟”
“هاه…”
عند سماعه إجابتي الصادقة، أطلق كاسيان تنهيدة عميقة..
بل وزاد الطين بلة، إذ خفَض رأسه قليلًا وأخفى وجهه بكفه الكبير، مما منعني من قراءة تعابيره..
“أنتِ حقًا…”
تمتم بصوت خافت، ووجهه لا يزال مخفيًا بين يده
“أنتِ حقًا قاسية عليّ.”
“ماذا…؟”
تفاجأتُ من الاتهام المفاجئ، لكن كاسيان لم يقل أي شيء آخر، متمسكًا بصمته التام.
***
استغرق الأمر بضع دقائق قبل أن يستعيد كاسيان هدوءه مجددًا..
أما أنا، فكنتُ أقضي الوقت في تأمل المشاهد خارج النافذة بلا هدف.
‘مر وقت طويل منذ آخر مرة رأيتُ فيها هذا الطريق…’
الغابات، الحقول، ثم الحقول مجددًا.
لم يكن المنظر جميلًا بصراحة—إذ كانت الأرض مقلوبة بفعل التحضير للزراعة الشتوية—لكن رغم ذلك، كان مألوفًا ودافئًا بالنسبة لي.
على الرغم من كل شيء، كان هذا الطريق هو الأقرب من مقاطعة ساليس إلى القرية الساحلية، حيث اعتدتُ الذهاب كثيرًا خلال الصيف..
قرية صغيرة ذات طابع هادئ، لا تبعد سوى بضع ساعات بالـمركبة عن المقاطعة.
بينما كنتُ غارقة في ذكرياتي، انساب دفء مفاجئ إلى يدي، كاسيان أمسك بها بحذر.
“هل انزعجتِ؟”
“قليلًا، ربما؟”
“أنا آسف، فقط تفاجأتُ بشدة. أحيانًا يكون قلبي ضعيفًا، كما تعلمين.”
إنها كلمة لم أكن لأصدقها أبدًا..
لكن حين التفتُ إليه ونظرتُ في عينيه، شعرتُ بأنفاسي تتقطع..
كان في نظرته شيء غريب، شيء يائس…
وكأنه…
‘هل سترحلين؟’
كان نفس الصبي الذي لم يستطع حتى أن يطلب مني البقاء عندما انتهت إقامتي مع والديّ في القرية الساحلية، وسألني بصوتٍ متردد عما إذا كنتُ سأغادر حقًا..
‘لماذا؟ لماذا يتمسك بي بهذه الطريقة؟ وهو يعلم جيدًا أنني لست شخصًا هشًّا أو ضعيفًا.’
شددتُ قبضتي على يده قليلًا، ثم ابتسمتُ برفق..
هل سيأتي يوم يمكنني فيه أن أكون قاسية عليه؟
يدّعي أن كل شيء مجرد تمثيل، لكنه في مثل هذه اللحظات يُظهر لي مشاعره الحقيقية بلا تردد.
“لم يكن الأمر مزعجًا إلى ذلك الحد.”
عند كلماتي، خفّت قوة يده للحظة، لكنه سرعان ما تشبّك مع أصابعي بإحكام من جديد..
“شكرًا لكِ. لو كرهتني في الرحلة الأولى التي خططتِ لها، لما غفرتُ لنفسي أبدًا.”
“…هذا مبالغ فيه جدًا، سموك.”
“سآخذ ذلك بعين الاعتبار.”
بعين الاعتبار لأي شيء بالضبط؟
لم أسأله، لأنني كنتُ أعلم أنه لن يجيب..
لذا، اكتفيتُ بإعادة نظري نحو النافذة، لكنني كنتُ أشعر بوضوح بنظراته البنفسجية تراقب ملامحي الجانبية.
***
“هذا المكان…”
ما إن نزل من العربة حتى بدا كاسيان مصدومًا وكأنه لم يكن يتوقع هذا على الإطلاق..
لكنني كنتُ أكثر دهشة من ردة فعله نفسها.
“لمَ هذا الوجه الذي يوحي بأنك لم تكن تعلم شيئًا؟”
“لأنني لم أكن أعلم.”
مستحيل، ليس وكأنك لم تنظر إلى المنظر خارج النافذة على الإطلاق.
بل على العكس، ألم تقل بنفسك أنه ربما حان الوقت للتوقف قليلًا للاستمتاع بمشاهدة البحر؟
“…ألم تكن تعلم بوجود هذه الكوخ هنا؟”
“كنتُ أعلم.”
في تلك الأثناء، غادر السائق بعد أن أخبرنا أنه سيعود ليأخذنا وقت العشاء..
كان الكوخ عميقًا داخل الغابة المحيطة بالقرية الساحلية، فلم يكن هناك سوى صوت الرياح التي تهب بين الأشجار لتملأ الصمت المخيم حولنا.
حدّق كاسيان بي للحظة، ثم بدا وكأن طاقته قد استُنزفت وهو يمسك بيدي ويسحبني إلى الداخل.
“لا يجب أن تصابي بنزلة برد.”
قالها وكأنها مجرد قلق عابر..
لكن فور دخولي، شعرتُ بأنني عدتُ عشر سنوات إلى الوراء. لم يتغير الكوخ كثيرًا خلال ذلك الوقت، مما أعاد إليّ ذكرياتٍ لم أكن أنوي استرجاعها.
الطفل الصغير الذي ظل راقدًا في السرير فاقدًا للوعي لعدة أيام، ورائحة الأدوية التي جلبتها عشوائيًا من أجل إنقاذه…
“بالطبع، ربما لا تكون هذه ذكرى جيدة لسموك.”
فكرتُ في أنه ربما كان من الخطأ التطرق إلى الماضي، خشية أن أوقظ جراحه القديمة، وكنتُ على وشك تغيير الموضوع، لكن…
“كيف لا تكون؟”
شدّني إليه فجأة، يحيطني بذراعيه وكأنه يخشى أن أفلت من بين يديه.
“لقد كان المكان الذي قابلتُ فيه روز لأول مرة. كيف يمكنني نسيانه؟”
كان صوته المنظم دائمًا منخفضًا بشكل غريب، يلامس أذني بنبرة مترنحة..
“قلتُ إنني أعلم، لكن…”
ضمّني إليه أكثر، كما لو أنني سأختفي إن لم يفعل. كانت حركته تحمل رجاءً يائسًا..
“أنتِ لم تريدي أن أتذكره، صحيح؟”
لم يكن لومًا، بل كان أشبه بعِتاب طفولي..
“ولذلك حاولتُ أن أصمت.”
“…لكنكٓ لم تفعل تمامًا، أليس كذلك؟”
حين أجبته بذلك، اختلطت نبرته الحزينة بابتسامة خفيفة..
“كنتُ بحاجة إلى التأكد. ربما كنتِ تريدين ثمنًا لإنقاذي.”
“يا لك من شخص يجيد تشويه صور الآخرين.”
“أنا آسف، كنتُ أمزح.”
ثم، قبل أن أدرك ما يحدث، طبع قبلة خفيفة على ذقني، ثم همس على شفتي..
“أردتُ ذلك فقط… أردتُ أن تتذكري.”
بعد أن حررني ببطء، نظر إليّ بتلك النظرة الصافية التي لم أرها إلا على وجوه المراهقين..
“كنتُ آمل أن تكون هذه الذكرى ذات معنى لكِ أيضًا، ولو قليلًا.”
عندها، تداخلت ذكرياتي معه، ليس فقط كالصبي ذي الأحد عشر عامًا الجريح، أو الأمير الماكر في القصر، بل شيء بينهما…
حين رفعتُ يدي ولمستُ وجهه، لم يتردد في السماح لي بذلك.
تمامًا كما لو كان حيوانًا بريًا صغيرًا، يجهل مدى خطورة مخالبه، لكنه يحاول أن يبدو لطيفًا..
ولهذا السبب، كنتُ حذرة تجاهه في طفولتي.
لأنني كنتُ أعرف أن حتى صغار الوحوش يمكنها أن تعضّ بشراسة إن استدعى الأمر.
لكن ربما خدعتني السنوات التي قضيتها بقربه.
الآن، حتى عندما أراه كوحش، يبدو لي ظريفًا أكثر من كونه مخيفًا.
‘أليس من الجيد البقاء بجانبه لفترة أطول؟’
كان عليّ أن أركز على إيجاد طريقة للنجاة وسط هذه القصة المعقدة.
ومع ذلك…
‘إذا استطعتُ إنقاذه، ولو للحظة، من وحدته وخوفه المستمرين—فلمَ لا؟’
تسلل إحساس غريب، لا يُشبهني، لكنني لم أستطع إنكاره..
***
لم يكن الكوخ دافئًا بما يكفي لمقاومة البرد، لذا ما إن ارتجف جسدي قليلًا حتى أسرع كاسيان إلى إشعال الموقد.
ورغم أن كمية الحطب المتوفرة كانت ضئيلة، إلا أن تلك المشكلة لم تستمر طويلًا. بمجرد أن لفّني بالبطانيات وحتى معطفه الخاص، تمكن في غضون دقائق من توفير كمية مناسبة من الحطب.
“جلالتك تبذر طاقتك كسيد بهذه الطريقة.”
تمتمتُ بذلك وأنا أنظر إلى كومة الحطب المقطوعة بعناية، لكنه لم يبدُ متفهمًا لتعليقي..
“وهل هناك شيء أكثر أهمية من ضمان ألا تصاب مساعدتي العزيزة بنزلة برد؟”
“…عدم إصابة سموك بالبرد مثلا؟”
إن مرضَ هو، فسيزداد عبء عملي بشكل لا يُطاق..
ضحك كاسيان ووضع كوبين من الشاي الساخن على الطاولة أمام المدفأة، ثم جلس بجواري..
ولم يكتفِ بذلك. بل وكأن كل تلك الطبقات التي غطاني بها لم تكن كافية، بدأ في فكها ليضمن أن أكون داخل معطفه مباشرة، ثم لفّنا معًا ببطانية أخرى.
“يداكٓ باردتان.”
“لأننا كنا في الخارج؟”
“قلتَ قبل لحظات إن الإصابة بالبرد أمر خطير.”
“لكنني سأدفأ بسرعة، لأنني بجانبكِ، روز.”
… لما بدت هذه الجملة أكثر جرأة مما ينبغي؟
بالطبع، لم أكن من النوع الذي يجلب الإحراج لنفسه، لذا أبقيتُ هذا التعليق في رأسي..
كان من الغريب كيف تبددت الأجواء الجادة قبل قليل تمامًا، وبدا كاسيان سعيدًا للغاية.
هل كان ذلك لأنه شعر بالراحة بعد أن كشفتُ له السر أخيرًا؟
“روز، هل تعلمين؟”
“ماذا؟”
“حتى في طفولتي، لم أنادِكِ بـ ‘فيلما’ قط، حتى عندما أخبرتني بأن هذا هو اسمكِ.”
“لكنك فعلتَ.”
“متى؟”
“قبل عودة فيلما من الأكادمية، عندما حاولتَ مفاجأتي.”
“أوه، لكنني لم أكن أناديكِ أنتِ حينها.”
… إذًا هذا هو عذره الآن؟
“ألن تتنازل لي قليلًا؟ على الأقل من باب الامتنان لمن أنقذ حياتك.”
قررتُ استخدام أساليب رخيصة قليلًا.
لكنه فقط ابتسم وقال بهدوء..
“أنتِ لا تفهمين، روز.”
“ماذا؟”
“أنا دائمًا ما أتنازل لكِ.”
… أين؟ متى؟ كيف؟
استدرتُ نحوه مذهولة، لكنه أيضًا مال قليلًا نحوي بابتسامة ناعمة..
“وإلا، كيف تجدين نفسكِ الآن بين ذراعي بكل هذه السهولة؟”
شعرتُ بقشعريرة تسري في ظهري..
حين بدت الصدمة واضحة على وجهي، ضحك كاسيان مجددًا، ثم شدّني إلى حضنه، دافعًا وجهي بعيدًا عن رؤيته..
“سأظل أتنازل لكِ، لذا لا تهربي، روز.”
همس بذلك بصوت ناعس لكنه يحمل في طياته رجاءً عميقًا.