48
“ماذا قلت؟! ذلك الملك من مملكة الثلج…!”
بعد مرور أسبوع فقط من محادثتنا مع المحظية الثانية.
وصلت أخبار صادمة، بل كارثية، إلى الإمبراطورية.
لم يكن ذلك سوى إعلان الحرب من قبل ملك مملكة الثلج.
{إلى ملك الإمبراطورية، استمع جيدًا!
أعتقد أن الوقت قد حان أخيرًا لحسم النزال الذي لم يُحسم قبل 25 عامًا.}
“أي نزال لم يُحسم؟! أي جنون هذا…! يبدو أن ذلك المجنون قد فقد عقله تمامًا!”
أظهر الإمبراطور بوضوح مدى صدمته منذ السطر الأول من رسالة ملك الشمال.
{لنتحدث بصراحة، أنت تعترف بأنك تصرفت بشكل وضيع في ذلك الوقت، أليس كذلك؟
لو لم تكن قد نصبت الفخاخ، لكنتُ أنا المنتصر. لكن ملك الإمبراطورية هذا تصرف بجبن ولجأ إلى الحيل!}
“أي نوع من فخاخ تكون في الحرب! أليس كذلك، كاسيان؟”
“بالطبع، جلالتك.”
ردّ رئيسي ببساطة، مبتسمًا وهو يوافق على كلام الإمبراطور..
“إنها مجرد أعذار لأنه لا يريد الاعتراف بهزيمته! هل كان عليّ، كإمبراطور، أن أقف متفرجًا بينما يضحّي فرساننا بأنفسهم؟ هممم!”
بدأ الإمبراطور يتظاهر وكأنه كان يفكر كثيرًا في رفاهية فرسانه..
{لذا، دعنا نحسم الأمر بطريقة نزيهة وعادلة. بالمناسبة، ألا تعيث الوحوش فسادًا على الحدود بين مملكتنا، مملكة الشمال العظمى، وإمبراطوريتك؟ إنه مكان مثالي لتحديد الفائز.
أنا شخص واسع الصدر، لذا لن أطلب منك إعادة شقيقتي! فما الفائدة من إعادتها بعد أن أنجبت أطفالًا هناك وتعيش حياة مستقرة؟ لكنني، رغم شعوري ببعض الخسارة، أريد أن أقدم عرضًا جيدًا من أجل تعزيز العلاقات الودية في المستقبل.}
تجعد جبين الإمبراطور بعمق..
وفي هذه اللحظة، شعر كل منّي، وكاسيان، والأميرتين الأولى والثانية بالتوتر في آنٍ واحد.
فالأمير الثالث، الذي لم يكن يكبرهما كثيرًا، قد أتم زواجه الملكي قبل بضعة أشهر فقط، وتبلغ الأميرة الأولى الثامنة عشرة، بينما تبلغ الأميرة الثانية خمسة عشر عامًا..
وسط صرخات الإمبراطور الغاضبة المتواصلة، واصل مبعوث مملكة الشمال قراءة الرسالة بصوت متوتر قليلًا..
{ابني الذي أعتزم جعله وريثي يبلغ من العمر سبعة عشر عامًا.
ماذا لو عقدنا زواجًا ملكيًا إذا انتصرتُ في هذه المنافسة؟
بهذا، يمكننا محو كل المشاعر المتراكمة بيننا على مر السنين.}
“كيف تجرؤ، كيف تجرؤ على الطمع في ابنتي؟!”
ما إن أنهى المبعوث كلماته حتى صاح الإمبراطور بغضب..
“بل ويخاطبني بلقب ملك الإمبراطورية بدلًا من الإمبراطور، ثم ذلك الأسلوب المتعجرف في الحديث!”
كاد الإمبراطور يحطم مساند العرش من شدة انفعاله وهو يضربها بعنف..
في تلك اللحظة، تساءلتُ حقًا عن فحوى الرسالة التي أرسلتها المحظية الثانية إلى ملك مملكة الثلج. بدا الأمر طفوليًا للغاية، لكنه كان فعالًا لدرجة أن الإمبراطور وقع في الفخ تمامًا.
كما أن المحظية الثانية كانت تعرف جيدًا كيف تحرك شقيقها، يبدو أن ملك مملكة الثلج كان أيضًا على دراية تامة بطباع الإمبراطور..
عندها، فتح الشخص الذي كنا نخشا تدخله فمه أخيرًا.
“اهدأ، جلالتك. في النهاية، إنه مجرد ملك لمملكة الجليد، كيف يمكن أن يقف في نفس المرتبة مع جلالتك؟”
“يا إمبراطورة…”
“لا ينبغي لجلالتك أن تنجرف وراء استفزازاته.”
ابتسمت الإمبراطورة ابتسامة هادئة، وكأنها تهدئه بلطف. ثم ألقت نظرة ماكرة على كاسيان قبل أن تعود للحديث مع الإمبراطور، وكأنها وجدت الأمر ممتعًا..
“جلالتك هو إمبراطور إمبراطورية عظيمة، بينما ذاك مجرد ملك مملكة صغيرة في الشمال البعيد.”
لم يتمكن المبعوث من إخفاء امتعاضه من كلماتها، لكن الإمبراطورة رفعت يدها لتغطي فمها وهي تبتسم بسخرية، قبل أن تخاطب الإمبراطور بنبرة صادقة..
“لذا، سيكون من اللائق أكثر أن يُرسل أحد الأمراء لمواجهته، ألا توافقني الرأي؟”
تدريجيًا، بدأ الغضب يختفي من وجه الإمبراطور، الذي أخذ يفكر بجدية بينما يعبث بلحيته.
“كلامك صحيح… صحيح تمامًا…”
وبينما كان الإمبراطور غارقًا في أفكاره، انحنى كاسيان في اللحظة المناسبة قائلًا بحزم:
“اترك الأمر لي، جلالتك. صحيح أن والدي لم يتمكن من إنهاء هذه المنافسة بنفسه، مما يجعل الأمر مخيبًا للجانب الآخر، لكن كما قالت جلالة الإمبراطورة، من الأنسب أن أتولى الأمر.”
“كاسيان…”
“بما أنه شخص وقح، فلا بأس بأن يثرثر كما يحلو له. لكن، إن خسر أمامي – وأنا مجرد أمير، وليس الإمبراطور نفسه – فكيف سيتمكن من رفع رأسه مجددًا؟”
على الرغم من أن كلماته كانت مهذبة، إلا أن حاجبي الإمبراطور ارتعشا قليلًا، وكأنه يحاول اكتشاف نواياه الحقيقية..
كان طبيعيًا أن يثير ذلك فضوله.
‘بالنسبة للإمبراطور، لا بد أن عبارة (يثرثر كما يحلو له) قد وصلت إليه كأنها تعني: (إنه خائف من الهزيمة وسينتهي به الأمر كجبان هارب مجددًا).’
في الواقع، كانت هناك الكثير من المواجهات السابقة بين الإمبراطور وملك مملكة الثلج عندما كانا في ساحة المعركة قبل أن يصبح الإمبراطور حاكمًا..
في إحدى المرات، قرر الإمبراطور الانسحاب لتجنب خسائر غير ضرورية، لكن ملك الشمال استغل الفرصة وسخر منه علنًا، مدعيًا أنه هرب خوفًا.
‘لحسن الحظ، كانت المحظية الثانية قد أبلغتني بهذه التفاصيل مسبقًا.’
لم يكن لدي اهتمام كبير بمثل هذه الإهانات القديمة، لكن بمجرد أن تقدم كاسيان بهذا الاقتراح، بدا أن الإمبراطورة نفسها شعرت بقلق بالغ وقالت متعجبة…
“كيف يمكن إرسال الأمير الثاني بينما هو ذاهب لتمثيل جلالتكم؟! نظرًا لأن منصب ولي العهد لا يزال شاغرًا، فمن الأنسب إرسال الابن الأكبر، جلالتك.”
آه، يا لها من خطوة غير ضرورية. لقد تسرعتِ كثيرًا، تسرعتِ كثيرًا.
كانت ساحة المعركة أقل وحشية بكثير مما كانت عليه قبل سنوات، بفضل جهود كاسيان في تنظيفها من التهديدات. ولهذا السبب فكر الإمبراطور حتى في إرسال الأمير الرابع إلى هناك – وهو قرار جنوني بحد ذاته – لكن يبدو أن الإمبراطورة أرادت استغلال الفرصة لمنح الأمير الأول سجلًا عسكريًا مشرفًا..
لكن هذه المرة، كانت هزيمتها تامة.
“هاه، متى قلتُ إني سأرسل أحدًا نيابة عني؟! هل أصبحتِ إمبراطورة لتقرري إرادتي كما يحلو لكِ؟!”
قال الإمبراطور هذا، مشيرًا بيده نحو كاسيان..
كانت إشارته واضحة: “لقد انتهى دورك، يمكنك الانسحاب.”
“ما من شيء أكثر إذلالًا للأب من أن يرسل أحدًا آخر لحماية ابنته بدلًا من أن يقوم بذلك بنفسه!”
آه، ولكن ألم تكن على وشك إرسال كاسيان والأمير الرابع إلى الموت قبل لحظات؟
“لذا، لا تقلقا يا ابنتاي، لن أسمح أبدًا بإرسالكما إلى تلك المملكة الباردة القاسية والخطرة!”
عند سماع هذا التصريح الواثق، تجمدت وجوه الأميرتين الأولى والثانية..
قبل لحظات، عندما تقدم كاسيان، بدا عليهما بعض الارتياح، لكن الآن؟ كانت تعابيرهما مشحونة بالقلق العميق..
بالطبع، لم أكن لأقف متفرجة وأتركهما تواجهان مصيرًا تعيسًا.
كما قالت المحظية الثانية، “لا ينبغي للأبناء أن يدفعوا ثمن حماقة آبائهم.”
***
وهكذا، تم اتخاذ القرار بخروج الإمبراطور بنفسه إلى المعركة..
“…ها هو، مساعدة ساليس.”
كانت القلعة الشتوية في حالة من الفوضى لم تشهدها من قبل..
“لقد بذلتَ مجهودًا كبيرًا، مساعد أشوود.”
بالطبع، بالنسبة لي، لم يكن هذا شيئًا غير مألوف..
لكن بالنسبة لفرانسيس أشوود، كان الأمر مختلفًا تمامًا. فقد بدا منهكًا بشكل لم يسبق له مثيل، وكانت ملامحه تفقد حيويتها التي كانت دائمًا مزعجة بسبب دقتها الشديدة..
حتى شعره الفضي، الذي كان دائمًا لامعًا بفضل العناية الفائقة، بدأ يفقد بريقه، وكأنه يتحول إلى لون رمادي باهت.
“روز، كيف تسير خطط الإمداد؟”
“لقد أكملنا حتى الخطة D. هل نضع خطة أو خطتين إضافيتين تحسبًا لأي طارئ؟”
“همم، سيكون من الأفضل فعل ذلك. لم يتم الانتهاء من تشكيل القوات المشاركة في الحملة بعد.”
حتى في خضم هذه الفوضى، نظر إلينا المساعد آشوود أنا وكاسيان – وكأننا وحوش لا تتأثر بهذه الظروف، قبل أن يعتدل في وقفته أخيرًا ويغادر المكتب..
“ماذا لو قدّم استقالته فجأة؟”
قلت ذلك بينما كنت أحرك قلمي بسرعة، فضحك كاسيان بصوت خافت..
“لن يفعل ذلك.”
“هل سمعتَ شيئًا يؤكد ذلك؟”
“ليس تمامًا.”
يا له من تصريح غير مسؤول!
لو استقال، سنخسر خمسة إداريين أكفاء معه أيضًا.
لقد استغرق الأمر وقتًا طويلًا لتدريب الموظفين الجدد حتى أصبحوا أخيرًا مفيدين، وبمجرد أن يصبحوا متاحين، سيُنتزعون فورًا من قبل القصور الأخرى..
“بالمناسبة، روز، هذه الخطة…”
أشار كاسيان إلى إحدى خطط الإمداد التي أعددتها.
كانت خطة غير مدرجة في أي من الخيارات A إلى D.
“يبدو أنها خطة تحسبًا لمشاركتنا في الحملة، أليس كذلك؟”
قال ذلك بنبرة ماكرة، فاكتفيت بالابتسام..
على الأرجح، ستصبح هذه الخطة حقيقة واقعة.
“الآن، مع خروج الإمبراطور بنفسه، تغيرت أهمية هذه الحملة بالكامل.”
بعبارة أخرى، سيُسلَّط الضوء على شخص آخر.
وقد علمت شيئًا مهمًا جدًا.
‘في الواقع، هناك سبب خفي وراء خروج أخي في هذه الحملة.’
عندما سمعت هذا من المحظية الثانية، اتخذت قراري.
في هذه الحملة، سأكون أنا من يستغل الفرصة التي أُعدّت للآخرين.
***
مع انتشار شائعات بأن الأمير الأول سيشارك في الحملة بدعم قوي من الإمبراطورة…
[بعد 20 عامًا، جلالة الإمبراطور يقود حملة شخصيا! ما أهمية هذه المعركة ضد الوحوش في الشمال؟]
[القضاء على الوحوش… من سيكون مساعد الإمبراطور في هذه الحملة؟ هل هذه مقدمة لاختيار ولي العهد؟]
كما توقعت، انتشرت المقالة التي دفعتها الإمبراطورة إلى الصحف بعناوين بارزة..
ولم يكن ذلك فحسب.
“[المعبد يعلن استعداده لدعم الحملة الكبرى ضد الوحوش، فهل ستظهر القديسة الغامضة أخيرًا؟]”
يبدو أنهم يدفعون بكل قوتهم لإزالة أي عنصر من عناصر القلق في هذه الحملة، لدرجة أنهم ضغطوا حتى على المعبد، المعروف بتردده في التدخل.
“حتى قبل أن يتم تأكيد مشاركة الأمير تشارلي، كانت الحملة بالفعل…”
“كانوا يرفعون حجم القوات العسكرية بشكل هائل بحجة ضمان سلامة جلالة الإمبراطور.”
‘لو كان كاسيان أو الأمير الرابع هما من ذهبا، لما أرسلوا حتى ربع هذه القوة.’
“روز، تبدين سعيدة جدًا؟”
“بالطبع، كيف لا أكون سعيدة وهناك فرصة لصاحب السمو لإظهار ولائه لوالده الإمبراطور؟”
ابتسمتُ بمكر بينما كنت أتفحص تقارير الفرسان الذين ذهبوا مسبقًا للاستطلاع في موقع الحملة..
كان هذا المكان أحد الأسباب التي دفعت ملك مملكة الثلج للتحرك.
[تأكيد علامات استيقاظ تنين اللهب من سباته.]
كانت هناك قصة مثالية تمامًا لإرسال أميرنا كاسيان إلى الطريق الممهد بالورود الذي أعدّته جلالة الإمبراطورة بنفسها..
“بالطبع، عندما يكون لديك أبناء، عليك أن تستمتع برحلة برّ الوالدين ولو لمرة واحدة، أليس كذلك؟”
ابتسمتُ بهدوء، وكاسيان كذلك أومأ برأسه وكأنه يستمتع بالموقف..
جلالتك، انتظر قليلًا فقط.
سأعدّ لك رحلة برّ الوالدين المثالية مع ابنك المخلص.