بسببي… تم القضاء على رياردن؟
إذن، وفاة السيدة ماربيل كانت بسببي…؟
تصلب وجهي عند سماعي لهذا الكلام غير المتوقع، لكن كاسيان تحرك بسرعة، ولفّ ذراعه حول كتفي ليضمني إليه بحماية..
“توقفي عن إلقاء الاتهامات السخيفة على خطيبتي!”
“اتهامات سخيفة؟ أنا لم أقل سوى الحقيقة المطلقة.”
لم أرد أن أنجرف وراء كلماتها..
كنت أعلم أنه إذا أظهرت أي تردد، فستستغل سكارليت الفرصة لشن هجومها التالي، لذا أخفيت مشاعري خلف قناع البرود الذي أرتديه أثناء العمل.
ثم تحدثت بثبات، كاشفة عن حقيقة واضحة لا يمكنها إنكارها:
“معذرة، لكن في كلامك تناقض واضح.”
تمامًا كما أفعل دائمًا، تحدثت بنبرة هادئة ولكن لا تقبل الجدال، مثل “شيطان قصر الشتاء” تمامًا.
“عندما أُزيل اسم رياردن من سجل النبلاء، كنتُ لم أبلغ سوى عامين. كما أنني، التي لم أكن معروفة سوى بوجودي في بارونية ساليس النائية، كيف لي أن أُبيد عائلة دوقية بأكملها؟”
وافق معظم النبلاء على الفور، بل إن أفراد قصر الشتاء أومأوا برؤوسهم وكأن الأمر بديهي..
لكن رجال المعبد كانوا مختلفين—
“…لا يمكن… لا يُعقل…”
من البابا إلى أصغر الكهنة الحاضرين، لم يستطع أي منهم إخفاء صدمتهم.
باستثناء شخص واحد— ويسلي موريل، الذي ظل هادئًا كعادته.
“هل تقولون إن ماركيزة كلوبيا هي الشخص الذي كان آل رياردن يبحثون عنه منذ زمن طويل؟”
“هذا صحيح، وعندما اكتشفت ذلك مؤخرًا، كان الأمر مرعبًا بحق.”
‘—لحظة، منذ متى صار آل رياردن يُعرفون بالعائلة المدنسة؟ ألا يفترض أن يشرحوا لي ذلك أولًا؟’
تذمرت داخليًا من هذا التلاعب، وجاء رد فيا مباشرة:
-ليس فقط بسبب دماء التنانين… أعتقد أن الكاهن الذي دربته يعرف السبب.
لذا لم أتردد في توجيه سؤالي إلى ويسلي مباشرة:
“القديس، إن لم يكن الأمر مزعجًا، هل يمكنكم توضيح سبب اعتبار رياردن عائلة مدنسة في المعبد؟”
“بالطبع، فهذه قصة مستمدة من النصوص المقدسة القديمة.”
عندها قاطعه البابا بلهجة صارمة:
“قديس، لا يجوز لك تحريف كلمات نص مقدس!”
“ولماذا قد أفعل ذلك؟ لا أعتقد أنني فعلت من قبل.”
بدت نبرته وكأنها تخفي معنى آخر: “على عكسكم، بالطبع.”
تنحنح ويسلي ثم بدأ في التفسير:
“المقطع الذي يشير إلى رياردن موجود في قسم النبوءات القديمة.”
ثم أوضح أنه سيقتصر على الجزء المتعلق برياردن فقط، متجاوزًا الفقرات الأخرى.
“رياردن، العائلة التي شقت الأرض وولدت منها. أولئك الذين تجرأوا على احتواء جميع الفصول الأربعة. لقد لمسوا جذور هذا العالم، ولن تنتهي خطيئتهم حتى يعثروا عليها.”
صمتُ قليلًا قبل أن أسأل بشك:
“إذن، بناءً على ذلك، تم اعتبارهم عائلة مدنسة؟”
أومأ ويسلي برأسه بلا تردد، ثم تابع البابا الحديث بوجه متورد كما لو أنه استعاد السيطرة على الوضع:
“نعم، ماركيزة كلوبيا. وهناك أيضًا مقطع آخر مهم.”
لكنه لم يتابع مباشرة، بل ظل يحدق بي بصمت..
—ما به هذا البابا؟ يبدو وكأنه يعشق جذب الانتباه…
تنهدت وسألته بنبرة جافة:
“وما هو هذا المقطع؟”
عندها فقط، ارتسمت على شفتيه ابتسامة غامضة، وقال:
“كل شيء سينكشف لمن يرى كل شيء، لمن يحتضن خطيئة رياردن… في اليوم الذي يظهر فيه هذا الشخص، سيتفتت العالم إلى—”
ثم توقف فجأة.
—ما هذه الوقفات الدرامية؟!
رمقته بنظرة غير مصدقة وسألته بلا مبالاة:
“ثم ماذا؟”
ابتسم البابا مجددًا، وقال بكل هدوء:
“لا يوجد تكملة.”
“…ماذا؟”
“لهذا السبب، فسر الكهنة منذ زمن بعيد أن كلمتي (تجرأوا) و(الخطيئة) تدلان على أن آل رياردن كانوا عائلة مذنبة ومدنسة.”
وقف البابا من مكانه، وتحدث بصوت قوي، وكأنه لم يعد في موضع المحاكمة، بل صار هو القاضي الآن..
“وبما أنهم سعوا وراء (الجذور)، فإن من يعثر عليها سيكون الشخص الذي سيدمر العالم. فماذا يمكن أن تكون الكلمة الناقصة بعد (سيتفتت العالم إلى—) سوى (الدمار)؟!”
—يا له من تأويل مبالغ فيه.
بعض النبلاء المتدينين أظهروا خوفًا واضحًا من كلامه، لكن أفراد قصر الشتاء لم يبدُ عليهم أي تأثر..
في الواقع، حتى ويسلي بدا وكأنه قد سئم من هذا الحديث.
أما الإمبراطور—
‘لقد ظل صامتًا تمامًا منذ أن ذُكر اسم رياردن…’
كنت قد راقبت تعابير الإمبراطور مرات لا تُحصى من قبل، لكن هذه المرة، لم أستطع قراءة أي شيء منه.
كانت مشاعره عميقة للغاية، لدرجة أنني لم أتمكن من معرفة إن كان يشعر بالغضب، القلق، أم أنه ببساطة لا يبالي..
‘لماذا يبدو وكأنه متألم؟’
لو أنه كان يتصرف كما يفعل دائمًا، ويتنصل من المسؤولية بإلقائها عليّ، لكان ذلك أفضل…
لكن في هذه اللحظة، بدا وكأنه مجرد رجل عاجز.
كما لو كان تنينًا انتُزع منه *حرشفه العكسية..
-يا لكِ من شخص مرعب التفكير.
*هذا الوصف يشير إلى شخص يشعر بالألم الشديد أو الغضب العارم بسبب نقطة ضعفه التي تم لمسها.
في الثقافة الآسيوية، يُقال إن للتنين “حرشفة عكسية” (역린 – 龍鱗) في أسفل رقبته، وإذا لمسها أحد، يثور بغضب هائل. لذا، هذا التشبيه يعني أن الشخص قد تعرض لضربة في أكثر نقطة حساسة بالنسبة له، مما يجعله غاضبًا أو متألمًا بشدة، كما لو كان تنينًا نُزعت منه حرشفته العكسية.*
ارتجف جسد فيا الصغير قليلًا، بينما أطلقتُ تنهيدة طويلة. عندها، تقدم فرانسيس آشوود إلى الأمام..
“البابا، في هذا الحديث الكثير من التناقضات، ويبدو لي أنه مجرد سلسلة من الافتراضات غير المثبتة.”
“مساعد آشوود، بصفتي البابا، أنصحك بعدم التحدث. أليس من المؤسف أن تُضحي بنفسك لمجرد أنك عملت معها؟”
كان كلام البابا يبدو وكأنه نصيحة لطيفة، لكن فرانسيس أمال رأسه قليلًا باستغراب..
“همم، يبدو أن المعبد مكان جامد لا يسمح حتى بالحوار البناء، حيث يجب على الجميع اتباع ما هو مقرر دون نقاش.”
“واو، كيف عرفت ذلك؟”
رفع ويسلي يده وكأنه على وشك التصفيق، متأثرًا بحدة ملاحظة فرانسيس، لكن نظرات الكهنة الحادة جعلته يتراجع.
عندها، تدخلت فيلهلمينا، قائلة بسخرية:
“يبدو أن المساعد آشوود على حق. إن كانوا لا يستطيعون حتى تحمل أبسط الاعتراضات، فهذا يعني أن شكوكه في محلها.”
تنهد البابا، ثم نظر إلى فيلهلمينا مباشرة، قائلًا:
“الآنسة لوبيز، ألا تشعرين بالذنب تجاه والدك؟ لقد تسببتِ له في المزيد من القلق.”
لكن فيلهلمينا لم تهتز بكلمة واحدة، بل ردت بثبات:
“عذرًا، البابا، لكن هل يمكنك مناداتي بالمساعدة لوبيز؟ ثم إن كان والدي شخصًا يمكن أن يقلق ويخيب أمله من شيء كهذا، فهو لا يستحق أن يكون أبي.”
في تلك اللحظة، دوّى تصفيق من جهة مقاعد النبلاء القريبة من العرش الإمبراطوري.. لم أكن بحاجة إلى النظر لأعرف أن هذا لا بد أن يكون دوق لوبيز، الذي أصبح في الآونة الأخيرة أبًا شديد الفخر بابنته.
بدت كلمات فيلهلمينا وكأنها أفقدت البابا توازنه للحظة، لكنه سرعان ما رفع صوته مجددًا وكأنه وجد فرصة أخرى للسيطرة:
“ها أنتم ترون، الشخص الذي يبحث عنه آل رياردن خطر إلى هذه الدرجة! حتى نبلاء الإمبراطورية المتفوقون قد تأثروا بشخصيتها، وأصبحوا غير مخلصين للحاكم!”
ولكن، ولسوء حظه، ردت فيلهلمينا وفرانسيس في آن واحد، وكأنهما قد تدربا على ذلك مسبقًا:
“شكرًا على الإطراء.”
“ماذا… ماذا قلتما؟!”
اتسعت عينا البابا بدهشة، بينما قهقهت فيلهلمينا وهي تهز رأسها ساخرة:
“أعتقد أن والدي، الذي يبدو أنك معجب به، سيوافقني الرأي. فأن أصبح مثل المساعدة ساليس هو أمر يستحق الثناء.”
من الخلف، دوّى صوت متحمس:
“بالطبع، بالطبع!”
… لا شك أن التوصيات التي أرسلتها إلى دوق لوبيز قد أثمرت أخيرًا. لقد تحول تمامًا إلى “أب مُدِلَّل بابنته”.
—مع أنه كان يعتبرها عبقريةً سابقًا فقط.
لم يكن فرانسيس ليُترك خلفها، فأضاف:
“وجدي أيضًا سيوافقني. لو كان يرى أن كلماتي هنا غير مناسبة، لكان قد صاح بالفعل.”
وفي تلك اللحظة، سُمع صوت سعال جاف من مكان ما..
ابتسم فرانسيس برضا، ثم تابع بلهجة هادئة ولكن حازمة:
“لذلك، لا تحاول تقييد مساعدتنا الأولى بهذه الطريقة. بل عليك أن تجيب على أسئلتنا بإخلاص.”
نظر البابا إليهم وكأنه لا يصدق، ثم قال بذهول:
“هل تعنون أنكم ترفضون تفسير البابا للنصوص المقدسة؟!”
عندها، فتح كاسيان فمه أخيرًا، متحدثًا بسخرية واضحة:
“ومنذ متى أصبح البابا هو الحاكم؟”
“ماذا… ماذا قلت؟!”
“كلمات الحاكم محفوظة في النصوص المقدسة، لكن من قرر أن تفسير البشر لها هو الحقيقة المطلقة؟”
اختفى أثر الابتسامة من وجه كاسيان تمامًا، وصوته أصبح باردًا كالصقيع:
“لذلك، عليكم الإجابة بصدق، صاحب القداسة… وأنتِ أيضًا، صاحبة السمو، المحظية الرابعة.”
رمق الإمبراطور الجالس على العرش بنظرة سريعة، ثم عاد ليوجه عينيه الحادتين إلى البابا والمحظية الرابعة، وأكمل بصوت ثابت:
“إن كنتم قد استغللتم تفسيركم للنصوص المقدسة للضغط على والدي قبل عشرين عامًا، وإن كنتم قد استخدمتم ذلك كذريعة لدفع والدتي نحو الموت وتشويه سمعتها… فهذا ليس سوى ادعاء كاذب باسم الحاكم.”
“ادعاء كاذب؟! يا لك من وقح!”
بدأ رجال المعبد في الاحتجاج، لكن كاسيان رفع يده بهدوء.
وعلى الفور، تقدم فرسان العائلة الإمبراطورية وسدوا المدخل إلى قاعة الاستقبال، قاطعين أي طريق للهروب..
“إذاً، لنحدد من كان القاسي حقًا في هذا المكان. أليس كذلك، صاحبة السمو، المحظية الرابعة؟”
عند كلماته، اهتزت ابتسامة المحظية الرابعة المتعجرفة للحظة. لكنها لم تسمح لها بالانهيار، وظلت محتفظة بآخر ذرة من كبريائها.
***
“حسنًا، إذن سأبدأ بطرح الأسئلة. من أجل كاسيان، من أجل جلالة الإمبراطور، من أجل الإمبراطورة الراحلة… ومن أجل استعادة شرف آل رياردن.”
… من يتحدث عن “تفتيت العالم”؟
أنا مشغولة بحماية هذا العالم بكل قوتي، حقًا.
لقد بذلت جهدًا لمنع العوالم الأخرى من التداخل هنا، ومع ذلك، لا أحد يقدر ذلك.
لكن، رغم كل شيء، كان هناك سؤال لا بد لي من طرحه أولًا:
“ما هو الدليل على أنني (الجذر)، صاحبة السمو، المحظية الرابعة؟ مجرد أنني كنت مستعدة جيدًا لا يبدو سببًا كافيًا.”
… بصراحة، هناك أمر معين أستطيع أن أخمنه.
لكن، هذا شيء أنا أعرفه، وليس أنتِ، أليس كذلك؟
“إذا لم توضحي الأمر جيدًا، فلن يكون أمامي خيار سوى الاعتقاد بأنكِ دأبت على إلصاق التهم الباطلة بي طوال هذا الوقت، صاحبة السمو، المحظية الرابعة.”
وهكذا، ارتسمت على شفتي ابتسامة مشرقة بينما كنت أرد عليها بنفس طريقتها تمامًا..
التعليقات لهذا الفصل " 144"