الحلقة 4
يا للمصادفة، أن أقابل الشخص الذي كنتُ أتمنّى عدم مواجهته أبدًا.
هذا محرجٌ للغاية.
ما إنْ التقَتْ أعينُنا حتّى تجمّدتُ في مكاني، فاتتني فرصة الهروب أو حتّى إلقاء التحيّة.
وكان الأمر نفسه بالنسبة للأمير الإمبراطوري.
“أوه، أم…”
على عكسي، الذي تعرّفتُ على الطرف الآخر فورًا، بدا الأمير الإمبراطوري متردّدًا وهو يظهر علامات الانزعاج.
بينما أفكّر كيف يمكنني مغادرة هذا المكان بسلاسة، راقبتُ الفتى وهو يخدش خدّه، وكأنه لم يكن يتوقّع وجود أحد هنا.
‘لكنْ ليس هذا وقت الوجبات الخفيفة بعد.’
من خلال مراقبتي، بدا وكأنه كان يلعب ويركض ثم شعر بالعطش فجاء إلى هنا.
كم أتمنّى لو يمرّ من هنا دون توقّف.
بينما كنتُ أتمنّى ذلك بشدّة، سمعْتُ صوتًا يحطّم آمالي تمامًا.
“ماذا تفعلين هنا؟”
“أم…”
لم أستطعْ أن أقول إنني كنتُ أقتل الوقت فحسب.
بينما أطيل الكلام وأرمش بعينيّ لعدم وجود ما أقوله، مال الأمير الإمبراطوري برأسه متسائلًا.
“هل أنتِ إحدى اصدقاء؟”
“أم، حسنًا. أم.”
“لماذا لا تلعبين وتبقين هنا؟”
ألا يرى ذلك؟ أنا منبوذة!
ومع ذلك، لم أستطعْ تجاهل سؤال شخصيّة بمكانته الرفيعة، فاضطررتُ للإجابة.
لحسن الحظ، كان لديّ عذرٌ لا يُضاهى.
“أنا ضعيفة البدن، لا أستطيع اللعب.”
“ماذا؟”
“إذا ركضتُ قليلًا، أنهار.”
“ماذا؟ حقًا؟”
نظر إليّ الأمير الإمبراطوري بتعبيرٍ يظهر عدم تصديقه، وكأنه لا يفهم ما أقول.
كنتُ أشعر بالمثل.
لماذا فجأةً يبدي الأمير الإمبراطوري اهتمامًا بي؟
كان الأمر مزعجًا كما لو أنّ مدير الشركة يهتمّ بموظّفة جديدة مثلي.
كم أتمنّى لو يقتنع ويغادر. بينما كنتُ أفكّر هكذا،
“هل تنهارين حقًا؟”
“ماذا؟”
تحدث الأمير الإمبراطوري بتعبيرٍ يوحي بأنّ هذا مستحيل.
“هل حقًا ينهار الإنسان من الركض؟ ألستِ تكذبين؟”
مذهلٌ أنّ هذا الجسد الهشّ هو جسدي فعلًا.
أومأتُ برأسي بهدوء، فتغيّر تعبير الأمير الإمبراطوري بشكلٍ غريب.
“جرّبي.”
“……ماذا؟”
ما الذي سمعته للتو؟
“جرّبي مرةً!”
هل يحاول هذا الفتى قتلي؟
“ليس كذبًا…”
“نعم، ليس كذبًا، لكن…”
تلك العينان، كانتا خطرتين.
نظراتهما المتلألئة مملوءة بالفضول. ألم يُقال إنّ الفضول يقتل القطط؟ لكنني لم أتوقّع أن أكون أنا القطّة.
“أنا حقًا سأنهار.”
حاولتُ المقاومة لأنني لا أريد الانهيار، لكن دون جدوى. الطرف الآخر طفل، بل وأمير إمبراطوري.
لا يمكن التفاهم معه.
“ها…”
كيف يمكن لهذه العيون البرّاقة أن تضعني في موقفٍ كهذا؟ لن أنسى هذا الضغينة.
إذا كنتُ سأفعلها، فلأنهي الأمر بسرعة.
‘يا لها من أجواء مثاليّة للانهيار.’
عندما نهضتُ من مكاني، كان الفستان اللطيف الذي ألبستني إيّاه الخادمات قد تجعّد. لا يهمّ كثيرًا.
نظر إليّ الأمير الإمبراطوري.
ثم ركضتُ.
‘آه، يا له من جسدٍ بائس.’
لم أركضْ كثيرًا، لكن رأسي بدأ يدور. شعرتُ بدوخة وتوقّف جسدي.
شعرتُ بضعفٍ يعمّ جسدي كلّه.
حالةٌ نمطيّة قبل الإغماء مباشرة.
ركضتُ قليلًا فقط، لكن جسدي لم يخيّب توقّعاتي.
‘أيّها الجسد البائس…’
بينما كانت رؤيتي تتلاشى، رأيتُ الناس يهرعون نحوي.
وكذلك الأمير الإمبراطوري، الذي كان يحدّق بذهول بعينين مستديرتين.
ثم انهرتُ.
* * *
بيسيون أَليرمان.
الابن الأكبر لإمبراطوريّة ألبريهت العظمى، وُلد من الإمبراطور إدوارد والإمبراطورة أجيني.
عبقريٌّ نادرٌ شعر بالأورا في سنّ السابعة، وهو وريثٌ مثاليّ يتفوّق في العلوم الإمبراطوريّة والدراسات الأكاديميّة دون أيّ نقص.
لكن حتّى هذا الأمير الإمبراطوري المثالي، بيسيون، واجه موقفًا محيّرًا…
‘ما الذي يحدث بحقّ السماء؟’
كان بيسيون في حالةٍ من الارتباك الشديد، وكلّ ذلك بسبب ما حدث في حديقة القصر بعد الظهر.
كان بيسيون في غاية الحماس اليوم.
كان ذلك لأنّه اليوم الذي يُسمح فيه لأصدقائه بدخول القصر، وهو ما يحدث مرّتين فقط في الأسبوع.
‘سألعب لعبةً جديدة!’
كالعادة، كان يلعب لعبة الفرسان مع أصدقائه ويمرح بسعادة.
“غرهام، أحضر لي الماء! …أوه؟”
في ذلك اليوم، لم يكن غرهام، خادم بيسيون المعتاد، في مكانه.
كان يمكن أن ينتظر عودته، لكن بما أنّه كان عطشًا، قرّر بيسيون الذهاب إلى القصر لشرب الماء.
“سأذهب لأشرب الماء! العبوا بينكم قليلًا.”
“حسنًا، سموّك!”
ترك التوأمين اللذين حاولا متابعته، وسلك بيسيون طريقًا مختصرًا بسرعة.
‘قد أُوبّخ على السير هكذا.’
كان المعلّمون يوبّخونه دائمًا لأنّه يسلك الطرق المختصرة بدلًا من الطرق الرسميّة، لكن بما أنّه لم يكن هناك أحد من الكبار،
تقدّم بحرّيّة عبر شجيرات.
‘أوه، هل هناك أحد؟’
عندما تبع صوتًا خافتًا وشقّ طريقه عبر شجيرات، التقَتْ عيناه بعيني شخصٍ آخر.
“……!”
فتاة ذات شعرٍ أشقر فاتح مربوط بربطة حمراء لطيفة، كانت تحدّق بعينين ورديّتين تشبه أزهار الكرز.
‘أوه، من هذه؟’
شعر بيسيون بالارتباك للحظة.
ليس فقط لأنّ أعينهما التقَتْ في هذه اللحظة، بل لأنّه لم يتذكّر اسمها.
‘وجهها مألوف… لكن لماذا لا أتذكّرها؟’
تذكّر نصيحة والدته بأن يكون لطيفًا مع جميع الأطفال، فشعر بالأسف.
يبدو أنّها إحدى أصدقائه، لكنّه لم يتذكّر اسمها على الإطلاق.
شعر بالحيرة.
لماذا هي هنا وحدها؟
“ماذا تفعلين هنا؟”
“أم…”
بدا الطرف الآخر مرتبكًا للغاية، فأغلقت شفتيها ونظرت بعيدًا.
بدت هذه اللحظة محرجةً لها.
‘ربّما لأنني الأمير الإمبراطوري.’
لحسن الحظ، كان بيسيون طفلًا واعيًا بمكانته كأمير إمبراطوري، ولهذا شعر أنّه ربّما أعطاها اهتمامًا غير مرغوب.
ثم تابعا الحديث.
“ماذا؟ حقًا؟”
أن ينهار شخصٌ من الركض؟ لم يصدّق بيسيون ذلك.
لم يفهم الأمر.
كيف يمكن لشخصٍ أن ينهار من مجرّد الركض؟
هل هي بشرٌ أصلًا؟
“هل حقًا ينهار الإنسان من الركض؟ ألستِ تكذبين؟”
قالت الفتاة بهدوء إنّها تنهار فعلًا، ولم تبدُ كأنّها تكذب. لكن بيسيون لم يستطع تصديق ذلك.
بالمناسبة، كان بيسيون يمتلك جسدًا قويًّا للغاية، وهو عبقريّ معترف به في المبارزة.
بطبيعة الحال، كان يملك قوّة تحمّل تمكّنه من الركض خمسين لفّة حول ساحة التدريب دون أن ينهار. حتّى الأشخاص من حوله كانوا جميعًا أصحّاء.
حتّى الإمبراطورة، الأضعف بينهم، لم تكن لتنهار من مجرّد الركض.
لم يستطع بيسيون تصديق كلام الفتاة، فشعر بالفضول.
أراد أن يتحقّق بنفسه.
دون أن يدرك مدى خطورة هذا الأمر.
“جرّبي مرةً!”
بطبيعة الحال، بدت الفتاة غير راغبة. ظنّ بيسيون أنّها بالتأكيد تكذب. لم تبدُ كأنّها تكذب، لكن…
‘هه، هل يوجد شخصٌ كهذا في العالم؟ لا بدّ أنّها تبالغ!’
طلب منها ذلك بقلبٍ خفيف.
“أنا حقًا أنهار.”
تمتمت الفتاة بأسى، لكنّها ركضت. وثم…
“أوه؟”
انهارت فعلًا.
“……لا يُعقل.”
عالمٌ جديد.
تلقّى بيسيون صدمةً هائلة.
نـــبـــض!
الأمير الإمبراطوري بيسيون، في سنّ السابعة، واجه حقيقةً مذهلة.
في هذا العالم، هناك أشخاصٌ ينهارون فعلًا من الركض.
* * *
قبل أن يصل جسد أريلين الهشّ إلى الأرض، هرع بيسيون وساندَها، فتجنّبَتْ كارثة اصطدام رأسها بالأرض لحسن الحظ.
بينما كان بيسيون في حالة ذهول، رآه أحد الخدم، وتمّ إبلاغ عائلة دوق هالبيرن على الفور.
عادت أريلين إلى قصر الدوق قبل الموعد المحدّد، وكان من الطبيعي أن يرافقها طبيب القصر الإمبراطوري.
تمّ حلّ كلّ شيء بسلاسة، لكن لسببٍ ما، لم يستطع بيسيون نسيان ما حدث في النهار.
“ليون.”
“مم؟”
بعد انتهاء الدروس، وأثناء استراحة قصيرة، ذهب بيسيون إلى مكان أخيه الأصغر. كان تيريون، البالغ من العمر خمس سنوات، هشًّا جدًا مقارنةً ببيسيون.
أضعف حتّى من الإمبراطورة.
لذلك.
“ليون، اركض.”
“مم؟”
مال تيريون برأسه متعجبًا من الطلب المفاجئ.
“ماذا؟”
“اركض، على أيّ حال.”
“لماذا أنتَ هكذا، أخي؟”
“لديّ فضول، هذا كلّ شيء. اركض.”
عندما أصرّ بيسيون، ركض تيريون على مضض. تبعه بيسيون وهو يلقي الأسئلة.
“كيف تشعر؟ هل تشعر بالدوار؟ هل تشعر وكأنّك ستنهار؟”
“لا، لستُ بدوّار. أنا فقط متعب.”
بينما كان تيريون يلهث، سأله بيسيون:
“حقًا؟ لا تشعر وكأنّك ستنهار؟”
“قلتُ لا! لماذا أنتَ هكذا، أخي؟”
كان أخوه الأكبر غريبًا اليوم. نظر إليه تيريون بعيونٍ لا تفهم، لكن بيسيون، وكأنّه كان ينتظر، صفّق بيديه.
“صحيح! لا تشعر بالدوار، أليس كذلك؟ إذًا لستُ أنا الغريب!”
“أخي، هل جننتَ؟”
حتّى عندما بدأ تيريون يقلق بجدّيّة على حالة أخيه العقليّة، لم يهتم بيسيون، الذي كان منشغلًا بأفكار أخرى.
بل إنّه أمر الخدم في القصر، والخادمات، وحتّى غرهام، الذي كان دائمًا إلى جانبه، بفعل الشيء نفسه.
“لماذا تأمرنا بهذا الفعل الغريب، سموّك؟”
سأل غرهام بجدّيّة.
مع تصرّفات الأمير الإمبراطوري الغريبة التي بدأت فجأة، أصبحت خادمات القصر تتحدّث بصخب خلال نصف يوم، فكان مصمّمًا على توضيح الأمر.
“أم؟ حسنًا، أم…”
بعد أن جعل حوالي خمسين شخصًا يركضون، لم ينهار أحد.
لم يشتكِ أحد من الدوخة، فشعر بيسيون بشعورٍ غريب.
ما الذي حدث في النهار؟
هل كان وهمًا؟ حلمًا؟
أم أنّ تلك الفتاة هي الاستثناء؟
لكن كيف يمكن لشخصٍ أن ينهار من مجرّد الركض؟
في قصّة مليئة بحيرة الأمير الإمبراطوري، كاد غرهام أن يفقد وعيه.
‘إذًا، كلّ هذا الضجيج في النهار كان بسبب سموّ الأمير الإمبراطوري…!’
في النهاية، وصل الخبر إلى أذني الإمبراطورة أجيني.
“اذهب واعتذر فورًا.”
أمرَتْ الإمبراطورة أجيني بيسيون بنبرةٍ شديدة وهي توبّخه بقسوة.
“إذا لم تُسامَح، فلن تحصل على وجباتك الخفيفة لفترة.”
لا، وجباتي الخفيفة!
* * *
وهكذا وصل إلى قصر دوق هالبيرن.
لكن…
“عذرًا، سموّ الأمير الإمبراطوري. للأسف، يبدو أنّ عليك العودة هكذا.”
ما إنْ وصل بيسيون إلى قصر الدوق حتّى واجه أزمة.
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات