### الحلقة الثامنة
الأميرة مارغاريتا.
أي، آخر النبلاء وزوجة الإيرل كوينزغارد.
كانت سينثيا تبتسم بنفس الابتسامة الصافية التي بقيت عالقة في ذاكرة الدوق من طفولته.
همس الإيرل كوينزغارد بهدوء للدوق الذي كان يحدّق بسينثيا مذهولًا:
“أليس محظوظًا؟ أنّكَ لستَ من يُخدع.”
“…مذهل.”
للحظة، راوده الشك، لكن مهما فكّر، لم يكن هناك سبب لاستخدام سليلة النبلاء، التي قد تكون ذات فائدة كبيرة في تجارة الزواج، كخادمة.
هدّأ الدوق دهشته وابتسم بأدب:
“السيدة سينثيا، أتمنّى أن يبارك الحاكم مستقبلكِ.”
“شكرًا، سيدي الدوق.”
لم تكن سينثيا تعلم أنّ الدوق يعرف حقيقة هويّتها.
اقتربت هيلين، ممسكة بكأس شمبانيا، من سينثيا ورفعت كأسها:
“سينثي، هل تستمتعين بحياة العاصمة؟”
“أجل.”
ردّت سينثيا بلا تكلّف، مستخدمة لغة غير رسمية.
أمسكت هيلين يدها بابتسامة مرحة:
“أنا سعيدة جدًا لأنّنا سنعيشان في المدينة ذاتها.”
“صحيح، هذا رائع. سيدي الدوق، هل يمكنني زيارة أختي كثيرًا؟”
أومأ الدوق برأسه عند سؤال سينثيا الساذج:
“بالطبع. تعالي متى شئتِ.”
“أرجوكَ اعتنِ بأختي الجميلة جيدًا. تبدو كقطّة متعجرفة من الخارج، لكن قلبها رقيق كفأر.”
تغيّر تعبير هيلين بشكل خفي عند سماعها:
‘لمَ أشعر بالإهانة؟ هل أنا حسّاسة زيادة؟’
لم تستطع تمييز ما إذا كان ذلك نقدًا مستترًا أم مديحًا.
كان مشهد العائلة المصطنع يبدو طبيعيًا جدًا، ويرجع الفضل في ذلك جزئيًا إلى تصرّفات سينثيا الساذجة.
“أخي إدفورد، أصبح أنفكَ أكبر. هل ما زلتَ تنمو؟”
“كيف تجرؤين على هذه الوقاحة…!”
اقتربت سينثيا من إدفورد، الذي احمرّ وجهه، وهمست في أذنه:
“هكذا يتصرّف الأشقاء الحقيقيون، فتنبّه.”
“لكن لمَ تتحدّثين بلغة غير رسمية؟”
“أليس تسجيلي في العائلة يجعلنا عائلة؟”
“…آه.”
كادت كلمة ‘أنتِ مجرّد خادمة وضيعة’ تخرج من فمه، لكنّه كبحها، لأنّ قولها سيؤدّي إلى هلاكهم جميعًا.
كانت سينثيا تدرك ذلك جيدًا، ولذا كانت تستخدم أسلوب الاستهزاء العلني بجرأة.
في تلك اللحظة، اقترب ماسيرا حاملًا طبق كعكة ووقف إلى جانب سينثيا.
حدّق إدفورد، دون وعي، بجسده القوي الذي يناسب الزيّ الرسمي ومظهره البهي.
“شكرًا لقدومكم. أتمنّى أن تستمتعوا بوقتكم مع العائلة بعد غياب طويل.”
حاول ماسيرا الاكتفاء بتحية قصيرة والمغادرة، لكن سينثيا أمسكت بذراعه وأبقته مكانه.
“عزيزي، ما الذي كنتَ تفعله حتى الآن؟”
عزيزي؟ تجمّدت شفتا ماسيرا في خط مستقيم، ثم استرخيا سريعًا وكأنّه تذكّر الوضع.
كان ذلك بسبب أمر سينثيا القسري بأن يبدوان “كعاشقين لا يطيقان الفراق” أمام العائلة.
بالطبع، لم يكن عليه فعل ما قالته. لن يفعل ذلك أبدًا.
رفع ماسيرا ذقنه بغرور وقال:
“رأيتُ كعكة فراولة هناك.”
“آه، هذه كعكتي المفضّلة؟ هل أحضرتها لي؟ كم أنتَ لطيف!”
رغم أنّ ذلك لم يكن نيّته على الإطلاق، جعلته يبدو كذلك.
التقطت سينثيا حبّة فراولة من كعكته وأكلتها.
نظر ماسيرا إلى الكعكة التي فقدت فراولتها بصمت.
‘…مزعج.’
ارتكبت جريمة خطيرة بأكل فراولة الكعكة دون إذن، ومع ذلك كانت تبتسم بمرح.
“هل هي لذيذة؟”
“أجل! طعمها ألذّ لأنّكَ أنتَ من أحضرها.”
لم يستطع ماسيرا التخلّص من شعور أنّها تتلاعب به.
لكنّه كان بارعًا في إخفاء تعابيره، فبدت مظاهره وكأنّه رجل يدلّل خطيبته في قلبه.
“سينثي، هل أصبحتما قريبين لهذه الدرجة؟”
كان ذلك صوت كالوس.
استقرّت عينا ماسيرا على كالوس، الذي كان ينظر إليه بوجه متصلب.
تذكّر الفضيحة المزعجة عن سينثيا وكالوس التي سمعها عبر داليا.
ادّعاءات بلا أساس، لكن الناس لا يهتمّون بالحقيقة.
أومأت سينثيا برأسها وشدّت قبضتها على ذراعه.
“بالطبع. لقد وقع في حبّي من النظرة الأولى.”
‘متى حدث ذلك؟’
بدلًا من الرد، عبس ماسيرا، فنظرت إليه سينثيا وأضافت:
“وأنا كذلك. وقعتُ في حبّه من النظرة الأولى.”
عند سماع كلامها، شعر بانتفاضة تمرّ بجسده، كأنّ شيئًا اخترق صدره.
‘امرأة مزعجة.’
تنهّد ماسيرا ومسح جبهته.
في هذه الأثناء، لاحظ الإيرل كوينزغارد الجوّ الخفي بينهما، وهزّ رأسه بنزعة استهجان:
‘…حتى العميد فيسنتي مجرّد رجل. ليُروَّض هكذا أمام سينثيا ككلب.’
كان قد لاحظ بالفعل أنّ سينثيا ليست عادية، بعد رؤيتها تغوي كالوس وإدفورد.
من جهته، كان الدوق يراقب ماسيرا وسينثيا بعناية وهو يتظاهر بعدم الاكتراث.
‘غيّرته إلى هذا الحدّ في وقت قصير؟’
بعد أن عاش مع ماسيرا في الجيش، كان يعرف جيدًا طباعه القاسية.
لم يكن ماسيرا، الذي يعرفه، رجلًا يتنازل عن فراولة كعكته.
‘يبدو أنّه من المؤسف استخدامها كأداة ثم قتلها.’
ضيّق الدوق عينيه وهو يراقب سينثيا.
تخيّل ماسيرا يقع في حبّها، ثم يعاني من فقدانها، وفكّر أنّ ذلك لن يكون سيئًا.
***
بينما كانت أجواء الحفل في أوجها، كانت سينثيا تراقب الرجال والنساء يرقصون في قاعة الرقص، ونكزت ذراع ماسيرا.
أخفى ماسيرا كعكة فراولة جديدة خلف ظهره ونظر إليها:
“اطلب منّي الرقصة. يقولون إنّ الرجل يجب أن يبدأ.”
أمال ماسيرا رأسه قليلًا عند كلامها.
عادةً، يخفي النبلاء نواياهم ولا يطلبون شيئًا بهذه الجرأة.
“وإذا رفضتُ؟”
“سأرقص مع رجل آخر. يوجين، مثلًا.”
عندما التقت عيناها بيوجين، رأته يختبئ خلف داليا على بُعد.
في تلك اللحظة، اقترب أحدهم ومدّ يده إلى سينثيا:
“العميد فيسنتي، هل يمكنني استعارة سينثي للحظة؟”
كان كالوس، يبتسم بلطف ويمدّ يده إليها.
خفض ماسيرا عينيه وحدّق به. لمَ يستمرّ في إثارة نزاع خفي؟
“تتحدّث عنها كأنّها شيء.”
هزّ كالوس رأسه وضحك بلا مبالاة:
“مستحيل. إنّها أختي العزيزة. أريد فقط الرقص مع أختي الصغرى بعد غياب طويل.”
عبست سينثيا وهي تشاهد نزاعهما العصبي:
‘ما الذي يفعله كالوس؟ هل جمّد دماغه البرد؟’
في ذكريات سينثيا، كان كالوس دائمًا باردًا تجاهها، التي كانت تتوق إلى عاطفته.
كان يعاملها بلطف فقط عندما تكون على وشك التخلّي عنه.
‘سأذهب لأكل الكعك مع يوجين.’
بعد ثلاث خطوات نحو يوجين المقابل، شعرت بقشعريرة في ظهرها.
وفي الوقت ذاته،
كراش-!
تحطّمت ثريا صغيرة معلّقة في السقف إلى أشلاء.
“ما هذا؟”
انفجرت صرخات الناس المذعورين.
أدركت سينثيا أنّ الثريا سقطت في المكان الذي كانت تقف فيه، وابتلعت ريقها.
التقت عيناها بماسيرا، الواقف خلفها.
كان قد مدّ يده نحوها، وظهرت نظرة ذعر في عينيه للحظة قبل أن تتلاشى.
“المهم أنّكِ لم تُصابي.”
يا إلهي! قل شيئًا لطيفًا ولو كذبًا!
رسمت سينثيا تعبيرًا مذهولًا.
اقترب كالوس، متظاهرًا بالقلق:
“سينثي! هل أنتِ بخير؟”
لحسن الحظ، لم يُصب أحد، فبعد فترة تنظيف قصيرة، استؤنف الحفل.
رفع سياسي كأس شمبانيا وصاح:
“هاها، يجب أن نعيد إحياء الأجواء. يُقال إنّ سلالة النبلاء تملك قدرات خاصة. إذا كانت لديكِ، أيتها السيدة، قدرة خاصة كمظهركِ الفريد، فأرينا إيّاها.”
كان نائبًا من عامة الشعب يعارض النظام الملكي.
تركّزت الأنظار على اقتراحه المحمّل بالنوايا.
تقدّم إدفورد، بنيّة إحراج سينثيا، وقال:
“بالطبع، سيدي النائب. سينثيا بالأخص تملك قدرة خاصة جدًا.”
عبس الإيرل كوينزغارد وألقى نظرة ضمنية إلى سينثيا، كأنّه يقول إنّ عليها إظهار شيء ما الآن.
‘صحيح، قيل إنّ معادين للنبلاء سيحضرون أيضًا.’
كانت سينثيا قد أكملت بالفعل تحليل الضيوف.
رسمت ابتسامة سريعة وقالت:
“سأريكم.”
طلبت من خادم إحضار ورقة وقلم.
“منذ صغري، كنتُ أعرف بسهولة ما يفكّر فيه الآخرون. لا أعرف السبب بالضبط.”
أمسكت سينثيا الورقة والقلم والتقت عيناها بالنائب.
شعر بأنّ عينيها الحمراوين تسيطران عليه بطريقة غريبة.
تردّد صوتها المنخفض في رأسه:
“أعني أنّني أستطيع قراءة أفكاركَ.”
ارتجفت عينا النائب قليلًا.
‘إذا راهنتِ بحياتكِ، فعليكِ أن تكوني مستعدّة لخداع العالم بأسره.’
لمع بريق في عيني سينثيا الحمراوين.
—
المترجمة:«Яєяє✨»
التعليقات لهذا الفصل " 8"