“هناك أمور يجب الانتباه إليها أثناء إقامتكِ في القصر.”
بدأ دييغو يتحدّث بنبرة تحذيرية.
“هل تقصد قصص الرعب الناپوليتانية؟”
«القصص النابوليتانية هي سلسلة روائية من أربع أجزاء للكاتبة الإيطالية إيلينا فيرانتي، تحكي عن صداقة معقدة بين فتاتين في نابولي خلال عدة عقود. تمتاز بأسلوب واقعي عميق وتتناول قضايا الطبقية، الهوية، والنساء.»
“هل تتحدّثين عن المعكرونة؟”
“بالضبط، أصبتَ.”
يبدو أنّ قصص الرعب الناپوليتانية غير موجودة هنا.
نظر إليّ دييغو بوجه يقول ‘لمَ هذا السؤال العبثي؟’، ثم واصل سرد التحذيرات.
“هذا قصر، لكنّه أيضًا مقرّ رئيس الأركان العسكري، منطقة أمن عسكري، وقاعدة عسكرية. تصوير المكان أو رسمه وتسريب ذلك للخارج ممنوع…”
باختصار، كان منزلًا بأمن مشدّد كما يليق بمسؤول كبير. لا عجب أنّ هناك الكثير من الجنود.
“وأيضًا، يُمنع دخول مكتب العميد أو أماكنه الخاصة دون إذن.”
أليس من قواعد القصص أنّ مثل هذه التحذيرات تعني أنّني سأضطر للدخول يومًا ما؟ يجب ألّا أفعل ذلك أبدًا.
أمسك دييغو مقبض باب غرفة ما وقال:
“هذه غرفة النوم التي ستستخدمانها بعد الزواج.”
ألقيتُ نظرة متلهّفة عبر الباب المفتوح.
كانت الغرفة، خالية تمامًا، لا سرير ولا أثاث.
“واو.”
يبدو أنّهم يمارسون الزهد في غرفة النوم.
عند تعجّبي المحبط، ردّ دييغو بكلام بدا معدًا مسبقًا:
“بما أنّ الزواج لم يتم بعد…”
“آه، إذًا يمنحوننا امتياز تزيين الغرفة؟”
أليس هذا نوعًا من المهام مثل ‘سنختبر ذوقكِ’، حيث يجب ملء الغرفة بمهر يليق بعائلة ثرية؟
سيكون ممتعًا!
***
بعد جولة طويلة في القصر الشاسع، اتّجهت سينثيا مع دييغو إلى قاعة الطعام.
رأت ماسيرا جالسًا عند طاولة الرخام الطويلة، يصبّ الخمر.
“سيدي العميد، هل كنتَ تنتظرني؟”
يبدو أنّه، بما أنّه اليوم الأول، سيشاركني العشاء.
لكن ماسيرا مسح فمه بمنديل ونهض. مع حركته الهادئة، تلألأ ضوء الثريا على شعره البلاتيني كأمواج متلألئة.
“لقد انتهيتُ من طعامي.”
تبع صوته الناعم صمت قصير.
ومضت عينا سينثيا الحمراوان مرتين بوجه مذهول.
“يا إلهي، كم كنتَ جائعًا…”
لم يقل ماسيرا شيئًا.
ابتسمت سينثيا بحرارة ونظرت إليه.
“اذهب وارتح. شكرًا لقدومكَ لاصطحابي من بعيد.”
“….”
هل ابتسامتها تلك جهل مميّز لمن نشأوا في رفاهية، أم شرّ خالص يتخفّى خلف البراءة؟
استقرّت عيناه على أصابعها النحيلة التي تغطّيها قفّازات حريرية.
كانت كشخص يحمل اللون الوحيد في مكان غارق بالأبيض والأسود. رغم أنّ اللون الوحيد الذي تملكه هو الأحمر.
شعر برغبة في جعل هذه المرأة، التي تبتسم ببراءة كأنّها لم تعرف قسوة العالم أبدًا، تبكي.
ابتلع دييغو لعابه عندما رأى نظرة ماسيرا الباردة وهو يغادر.
‘كم ستتحمّل سيدة مثل هذه المعاملة؟’
في عينيه، بدت سينثيا كأرنب منزلي أُلقي في جبل جليدي.
في تلك اللحظة، جاءت خادمة تحمل طعام سينثيا. لم تكتفِ بموقف فاتر، بل وضعت الطبق بصوت “طق” مزعج.
“من أين تعلّمتِ وضع الأطباق بصوت عالٍ؟ وشريحة لحم من الجزء العلوي؟ تقديم طعام رديء كهذا إهانة للنبلاء!”
لم تكن سينثيا من قالت هذا.
كانت روزا، إحدى خادمات عائلة الإيرل التي رافقتها، تتجهّم وتعترض.
رغم أنّه ادعاء، فإنّ سينثيا كانت علنًا من دم نبيل.
“أجده لذيذًا. والكمية وفيرة.”
على عكس روزا التي حاولت فرض النظام، قطّعت سينثيا الشريحة بوجه يعبّر عن رضى تامّ.
مهما كان الجزء رخيصًا، فاللحم لحم. بالنسبة لها، التي لم ترَ اللحم أثناء عملها كخادمة، كان هذا كالأطباق الأربعة النادرة.
حدّقت الخادمة التي أحضرت الطعام إلى روزا بسخرية.
“يبدو أنّكِ تتحدّثين نيابة عن شكاوى سيدتكِ.”
شبكت روزا ذراعيها وردّت بحدّة:
“الآنسة لا تستطيع قول كلام جارح للآخرين بسبب طبعها الرقيق. أليس المشكلة في الأشخاص الأشرار الذين يستغلّون ذلك؟”
اندلع نقاش حادّ بينهما.
نهضت سينثيا ببطء بوجه حزين.
“يبدو أنّني أسبّب الإزعاج. بما أنّني سبب الخلاف، سأغادر أولًا…”
“لكن، الآنسة سينثيا، بسبب هذه الخادمة الوقحة لم تتناولي طعامكِ بشكل صحيح-!”
نظرت روزا إلى الطبق الفارغ تمامًا بدهشة.
‘متى أكلته كلّه؟’
مرّت سينثيا بجانب روزا، سعيدة بالشبع النادر، وهمست في أذنها:
“الآنسة روزا باستا. إذا أردتِ مساعدتي حقًا، ألا يجب أن تبدئي بترتيب أمتعتي المهملة؟ تظاهركِ الأخرق بدور خادمة نبيلة لا يساعد.”
كان نبرتها ناعمة ولطيفة، لكن وجه روزا تصلّب كما لو أنّ أنفاسها انقطعت.
***
مشيت سينثيا في الرواق، غارقة في التفكير.
تأديب الخدم الوقحين وفرض النظام هو الأسلوب التقليدي في الروايات الرومانسية، لكنّها لم تكن في موقف يسمح لها بالثقة.
الأكاذيب لا تدوم إلى الأبد، وستُكتشف يومًا ما.
‘حتى لو كنتُ أفكّر في اليوم الذي تُكشف فيه الحقيقة، يجب أن أبني صورة جيدة.’
كان الجميع يتحدّثون بنبرة عسكرية، وحركاتهم المنضبطة تُظهر أنّهم ليسوا خدمًا عاديين.
والأهم، بحسب دييغو، هذا المكان منطقة أمن عسكري، لذا لا يمكن لأيّ شخص العمل هنا.
‘هذا يعني أنّ معظمهم من الجيش.’
كان ذلك واضحًا من الجلد الخشن على أيديهم، الناتج عن حمل السلاح.
بفضل تجربتها في الحرب في حياتها السابقة، تمكّنت سينثيا من ملاحظة خصائص الجنود بسرعة.
في تلك اللحظة، مرّ بها الخادم الشخصي ميلتشينكو، ذو الشعر الأبيض، وحيّاها. كان وجهه المجعّد يحمل ندبة طويلة.
‘أفهم لمَ يعاملونني هكذا.’
الجنود أيضًا ضحايا الحرب. من المؤكّد أنّهم يحملون كراهية تجاه النبلاء الذين شنّوا حروبًا متهورة في الماضي.
طق.
اصطدم رأس سينثيا، الغارقة في التفكير أثناء المشي، بشيء صلب.
“آسفة…”
فركت رأسها ورفعت عينيها إلى رجل أطول منها.
كان ماسيرا، يرتدي قميصًا بحمّالات، ينظر إليها بوجه خالٍ من التعبير.
“آه، سيدي العميد. كنتُ أريد أن أسألكَ شيئًا. هل معظم العاملين هنا من الجيش؟”
عند سؤالها، لويت شفتا ماسيرا بسخرية خفيفة.
“لمَ تسألين؟”
“أريد أن أتفاهم معهم وأتعايش جيدًا. بما أنّهم يعانون من تبعات الحرب…”
“لا تُجهدي نفسكِ عبثًا.”
“ماذا؟”
اتّسعت عينا سينثيا بدهشة.
“كيف ستفهمين شيئًا وأنتِ التي عشتِ في رفاهية دون أن تعرفي الحرب؟”
أضاف ماسيرا بنبرة باردة:
“هذا الزواج مجرّد مصلحة، لذا لا تطالبيني بمطالب مستحيلة، سيدتي.”
توقّع أن تبكي وتهرب.
لكن سينثيا، بدلًا من البكاء، ابتسمت بعينين ونظرت إليه مباشرة.
“آه، حسنًا!”
من وجهة نظر سينثيا، كان هذا حوارًا مفيدًا لفهم طباع البطل الرئيسي.
‘آه، كم هو نمطي. يقاوم الآن، لكنّه سيندم ويبكي متوسّلًا لاحقًا.’
المترجمة:«Яєяє✨»
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 4"
مش طبيعي الثقةBruh😭😂💔💔