في المقابل، سخر العميد ستيف، الذي خطّط لسحب استثماره لتعطيل المشروع:
كان هو وماسيرا على خلاف منذ زمن.
‘يبدأ باستكشاف الجبال الأقل احتمالاً؟ هل يؤمن حقًا بوجود نفط هناك؟ يُلقي بنفسه إلى الهاوية.’
“لا داعي للتردّد.”
نهض متحدّثًا علنًا، ثم خفض صوته ليسمعه المقربون فقط:
“الفشل مرجّح بشدّة. هدفه واضح: إطالة الوقت لابتزاز المال.”
قرّر المتردّدون سحب استثماراتهم.
كان استثمار ستيف كبيرًا، لكن ماسيرا بدا غير مبالٍ تمامًا.
في هذه الأثناء، سخرت سينثيا داخليًا:
‘ستندمون قريبًا على هذا اليوم حتى تتمنّون العودة بالزمن، أيّها الحمقى.’
***
بعد المأدبة، تبعتُ ماسيرا متردّدة:
‘ماذا أقول؟ أشكره لأنّه دعمني، رغم أنّه ربما يتظاهر بأنّنا ثنائي مثالي؟ أم أسأله عن نواياه؟ أو أطلب منه التوقّف عن مناداتي بالأميرة لأنّه محرج؟ لكن لمَ يثق بي؟’
اصطدمتُ أنفي بظهره عندما توقّف فجأة:
“آه!”
نظرتني عيناه، اللتين تشبهان غسق المساء، وأنا أفرك أنفي:
“هل ستتبعينني إلى الغرفة؟”
“نعم.”
أومأتُ دون تفكير، ثم أدركتُ خطأي عندما تحوّل وجهه الجامد إلى جديّة:
“لا، لديّ شيء أقوله.”
“قوليه.”
“اختفى فجأة.”
لم أكن قد رتّبتُ أفكاري بعد. كنتُ أتمنّى أن أكون جاهزة عند الوصول إلى غرفته.
“بخلاف الحظ، هل لديكِ أدلّة أخرى؟ اتّخذتُ قرارًا بناءً على كلامكِ، وأريد التأكّد.”
لأوّل مرّة، طرح ماسيرا، الذي ينهي جملَه بنقاط، سؤالاً.
‘أنا من المستقبل، والعالم مبني على التاريخ والجغرافيا الواقعيين، لذا أنا على حق.’
لو قلتُ هذا، لأُدخلتُ إلى مصحّة عقليّة، فقرّرتُ تقديم معلومة مهمّة:
“في وثائق ورثتها أمّي، هناك ذكر لـ’إرث مخفي’.”
لم أكذب.
عندما كنتُ خادمة، رأيتُ وثائق سريّة لسلالة بارييسا أثناء تنظيف غرفة الإيرل.
لم يهتموا بالسريّة، ظنًا أنّ الخدم لا يعرفون اللغة الراقية.
*…الإرث المخفي يُورث للأميرة مارغريتا. تُرك في مكان تعرفه هي فقط.*
لم يعرف الإيرل ماهيّته بالضبط.
لكنّني كنتُ أعلم أنّ الإرث هو موارد نفطيّة مدفونة في نوكس.
في الواقع، بعد إنفاق أموال طائلة لعشر سنوات في التنقيب، وعندما كانوا على وشك الاستسلام، كشف زلزال عن النفط في الجبال الأقل احتمالاً.
أنا، التي ستوفّر عليكم عشر سنوات من الإنفاق، هل ستخسرون شخصًا مثلي؟ تصرّفوا بحكمة!
لا يمكنني التباهي بهذا، محبط حقًا.
“في ذلك الوقت، كانت تكنولوجيا الاستخراج صعبة، لذا تُرك للأجيال اللاحقة.”
“ماذا لو…”
اقترب منّي:
“إذا كانت نتيجة ثقتي الكاملة بكِ سيئة، ماذا ستفعلين؟”
هل يعني فشل التطوير؟ أو أنّني أتآمر مع عائلة كوينزغارد لاستغلاله؟
أو… إذا اكتشف أنّني لستُ من الملكيّين؟
“سأعتذر.”
نظرتُ إلى قدميّ بحزن:
“وسأتحمّل المسؤوليّة بأقصى ما أستطيع.”
لهذا أخبرته بالموقع.
إذا نجح التطوير بسرعة وتخلّى عنّي قبل أن أكسبه، فلن أملك ما أقوله. فقط دعني أعيش. لكن سأحتفظ ببعض المال للاعتزال.
“كيف؟”
هزّ نفَسه خصلات شعري الأماميّة:
“أعمل بجدّ لتعويض الخسارة، أو أدفع بجسدي…”
قبل أن أكمل، رأيتُ حذاءه العسكري يتراجع.
“في منتصف الليل، أمام غرفتي، تجنّبي مثل هذه الكلمات الوقحة.”
“أقصد تقشير البصل في المطبخ… ماذا؟”
رفعتُ رأسي إليه.
كان يظهر تعابير نادرة أثناء حديثنا، والآن أيضًا.
“أميرة تتحدّث بهذه النبرة السطحيّة.”
ها هو يحرجني مجدّدًا!
“أنا، أمم، أشعر بالحرج من لقب الأميرة.”
“فكيف أناديكِ؟”
“لقب حلو مثل البودينغ أو الشوكولاتة…”
“أليس هذا أكثر حرجًا وإزعاجًا؟”
لم يكن أيّ لقب آخر يزعجني، لكن “الأميرة” كان يثير شعوري بالذنب.
“فلننادِ بعضنا بالأسماء؟”
“هذا أكثر إزعاجًا.”
قرّر أنّ الحديث مضيعة للوقت، فحاول دخول غرفته.
أمسكتُ طرف ثوبه:
“انتظر! سيد ماسيرا! لديّ شيء آخر أقوله!”
“احتفظي به، سيدة سينثيا.”
أكّد هذا أنّ المناداة بالأسماء سيئة أيضًا.
تشبّثتُ بمقبض الباب وهو يحاول إغلاقه:
“آه، أصابعي ستنقطع! يدي!”
توقّف الباب قليلاً عند صراخي.
اندفعتُ كوحيد القرن، وقلتُ كالبعوضة عبر فتحة الباب:
“شكرًا لأنّك صدّقتني، ووقفتَ إلى جانبي اليوم…”
ساد صمت قصير.
رأيتُ عبر الفتحة ثلاث علب ماكرون مكدّسة على مكتبه.
“هل هذه الماكرون التي اشتريتها؟ سرقتها من الضباط؟ سيء! جشع!”
“…توقّفي عن الشكر وغادري، أميرة.”
لوّح بيده من خلف الباب كأنّه يطردني، ثم أغلق الباب بقوّة.
‘حتى لو أصبح رجلًا نادمًا، سيظلّ كسجادة دياتوميت صلبة. لن أغادر حتى أحوّله إلى سجادة ميكروفايبر ناعمة!’
«التشبيه يقارن بين رجل قاسٍ وبارد مثل سجادة الدياتوميت الصلبة، وبين شخص لطيف وناعم مثل سجادة الميكروفايبر»
عزمتُ في نفسي واستدرتُ.
***
في اليوم التالي، كان المطبخ هادئًا بشكل غريب.
جاء خادم في وقت الورديّة، وربط مئزره وهو يتذمّر:
“أرأيتم؟ هل تكترث بنا؟ تشكرنا فقط عندما تحتاجنا…”
أشار خادم آخر له بالهدوء، واضعًا إصبعه على شفتيه.
“لمَ؟”
فوجئ الخادم برؤية امرأة ذات شعر أبيض تطلّ من خلف الرفّ.
“رأيتَ شبحًا؟ لمَ الذعر؟”
سألت سينثيا، التي كانت تقشر البصل بعيون محمّرة.
“لا، قصدتُ…”
“كم أهملكم العميد عادةً؟ لا بدّ أنكم تشعرون بالإهمال.”
“ليس هذا!”
كادت الخادمة تبكي وهي تصرخ.
جاءت سينثيا إلى المطبخ، تتحدّث بحماس عن إعجاب الجميع بالمأدبة، وعن عيون اللواء إيساك التي بدت محمّرة وهو يتذكّر والده بسبب الراتاتوي.
عندما سخر زاد منها، قائلاً إن تقشر البصل إن شعرت بالملل، بدأت تقشره فعلاً.
“صدقًا، قال اللواء إيساك…”
بينما كانت تستأنف حديثها، دخل جنود يحملون علب كعك:
“هدايا شكر من اللواء إيساك للطاهي وخدم المطبخ. أُعجب بالطعام أمس ويريد زيارة أخرى.”
نقل الجندي رسالة اللواء، تحيّة، وغادر مع الآخرين.
كان دليلاً على أنّ سينثيا لم تنسب الفضل لنفسها.
ذهل الجميع في المطبخ.
أدرك الخدم سوء فهمهم، فعبسوا بحرج، ثم تقدّم أحدهم معتذرًا:
“آسفون على وقاحتنا، أميرة. أخجل من نفسي لتحيّزي.”
بدأ الجميع بالاعتذار بعد شجاعة الأوّل.
“إن كنتم نادمين، ساعدوني في تقشير البصل. إنّه كثير وحار!”
جلس الخدم حولها، يقشرون البصل بدموع.
بدا كمشهد مصالحة مؤثّر، لكن البصل كان لاذعًا جدًا.
‘رائع! كسبتُ فريق المطبخ. الآن سأطلب وجبات ليليّة يوميًا!’
ابتسمت سينثيا، التي كانت تخشى طلب الوجبات الليليّة سابقًا.
فجأة، دخلت داليا، ووجهها محمرّ من الجري:
“أميرة، أنتِ هنا! لديكِ زائر… لمَ تقشرين البصل وتبكين؟”
“أقشر البصل عندما أكون حزينة. من الزائر؟”
“الرائد رودريغيز.”
—
المترجمة:«Яєяє✨»
التعليقات لهذا الفصل " 27"