كانت جنيّات التعليقات في حالة هيجان، يتساءلن عن لون شعر الدوق فالينت، وهل هو وسيم أم لا، لكن ذلك الدوق الغامض لم يكن ضمن دائرة اهتمامي إطلاقًا.
وبعد أن غادرت السيدات، اقتربتُ بهدوء من المدير.
الآن حان الوقت لأُظهر الجانب الحقيقي للبطلة الماكرة.
“عذرًا، أيها المدير.”
التفت إليّ بتجهم:
“ما الأمر؟ لا تقولي إنكِ ستطلبين الدواء مجددًا بحجة أن معدتكِ تؤلمكِ أو شيئًا من هذا القبيل؟”
“لا، ليس هذا ما أقصده…”
ابتسمتُ ابتسامة خفيفة، كما كنت أفعل أمام المتبرعين، لأخفف من حذره.
“قالت السيدات إن هناك حفلاً سيقام في العاصمة.”
“وماذا في ذلك؟”
“يقولون إن السادة النبلاء من كل مكان سيجتمعون هناك… وربما يكون بينهم من يرغب في التبرع لدعم دار الأيتام.”
بالطبع، لم تقل السيدات شيئًا من هذا القبيل.
لكن قلب المدير لا يتحرك إلا بالمال.
“يقال إن هناك أناسًا أثرياء جدًا. وإذا رأوا شخصًا محتاجًا، فإنهم ينزعون أحد حُلِيِّهِم المرصعة بالجواهر ويمنحونه له فورًا. يا للعجب… كيف سيكون الحفل إذا كان مليئًا بأشخاص مثلهم؟”
.
.
.
└ [أريد الذهاب أيضًا.]
└ [سيدي، أرجوك، ارحمنا نحن الفقراء.]
└ [هذا تمامًا ما أحلم به دائمًا… أن أجد محفظة في الشارع، ويكون صاحبها رئيس شركة ضخمة، وبداخلها صورة عائلية ثمينة، فيشكرني بخمسة ملايين وون ووظيفة.]
.
.
.
لم تكن تعليقات الجنيّات مشجعة إطلاقًا!
لكن يبدو أنهنّ لم يكنّ الوحيدات اللاتي تأثرن بقصتي، إذ لاحظتُ أن عيني المدير بدأتا تضطربان أيضًا.
من المؤكد أن لديه ما يكفي من الأسباب للذهاب.
فحفل منح الألقاب في هذا العام كان حدثًا ضخمًا، ولم يكن مقتصرًا على النبلاء وحدهم.
كان هناك ماسحو الأحذية، وسائقو العربات، وحتى بائعو الزهور الذين يُعدّون للحظات رومانسية — فحيثما يزدحم الناس، يتجمع آخرون أيضًا.
وما دام الهدف ليس التسلل إلى المناطق الداخلية، فلن يثير وجود شخص أو اثنين إضافيين أي ريبة.
خصوصًا أنّ جلالة الإمبراطور كان يقدم دعمًا سخيًا لدور الأيتام مؤخرًا.
وربما يُبدي بعض النبلاء اهتمامًا بدور الأيتام فقط لاكتساب سمعة حسنة، فيقول أحدهم:
“اتباعًا لإرادة جلالته، قررت للتو دعم دار أيتام جديدة.”
ولمّا لاحظتُ أن المدير انتهى تقريبًا من حساب الاحتمالات في رأسه، دفعتُه قليلًا لأغريه أكثر:
“لو علم النبلاء كم أنت رجل طيب، لمرّ الجميع بدار الأيتام لزيارتنا أيضًا. أنا أحب عندما يأتي المتبرعون! أريد أن أُريهم كم هو رائع ميتمنا.”
“هممم…”
“قال المتبرعون إنهم يستمتعون بلقاء الأطفال شخصيًا، وأتمنى لو أُتيحت لي فرصة مثل تلك…”
وبما أنني أثنيتُ عليه مراتٍ لا تُحصى أمام المتبرعين، لم يشكّ المدير في مدحي الفاضح له.
وسرعان ما بدأت عيناه البخيلتان تتلألآن — وفي المقابل، تبادلت عيناي البريق ذاته حين أدركت أنه ابتلع الطُعم.
・ 。゚ ✧ : * . ☽ . * : ✧ ゚。 ・
المشتبه في اختلاس الأموال — أو بالأحرى “المعلّم” — مال برأسه متسائلًا حين سمع عن نية المدير زيارة العاصمة:
“هل قلت إنك ستأخذ طفلًا معك؟”
“نعم، سمعت أن دور أيتام أخرى سترسل أشخاصًا أيضًا. لا يمكنني أن أتخلف عن الحدث. يقولون إن نبلاء العاصمة أغنياء بشكل لا يُصدق.”
“لكن لا بد من أن يكون اصطحاب طفل معك أمرًا صعبًا.”
حتى تعبير المعلّم بدا وكأنه يشير إلى الفكرة نفسها.
فمدير الدار، في النهاية، من النوع الذي يجوب الميتم بعينين حادّتين فقط ليتأكد من أن الأطفال لا يكسرون الأثاث أو الألعاب، لكنه لم يعتنِ بهم فعليًا قط.
“بما أن روز تجيد التحدث مع الرعاة، فقد قررت أن آخذها معي.”
“آه، روز… حسنًا، إن كانت هي، فستتصرف جيدًا كالعادة.”
المعلّم الذي تساءل قبل قليل عن سبب سفر المدير برفقة طفل، أومأ فورًا عندما سمع اسمي.
وما معنى ذلك؟ هل أنا الممثلة الرسمية لفئة “الأطفال الذين لا يسببون المتاعب”؟
مهما بدوتُ ناضجة في نظرهم، أليس من المبالغة أن يثقوا بي بهذا الشكل؟
لسبب ما، شعرت أن الأمر ظالمًا جدًّا… فكلا الوصيّين عليّ يتصرفان بالطريقة ذاتها تجاهي.
“يُقال إن أكبر رعاة دار الأيتام، الكونت ماتيو، يقيم في العاصمة هذه الأيام. لن يضر أن نحيّيه خلال زيارتنا، لذا ستتولى أنت إدارة الأمور بدلًا مني في ذلك اليوم.”
“أفهم، أتمنى أن تسير رحلتك على ما يرام.”
وبما أن المدير نادرًا ما كان يؤدي عملًا حقيقيًا، فقد تمنّى له المعلّم — من دون أي اكتراث — رحلة سعيدة إلى العاصمة.
.
.
.
└ [هذا النوع يبدو وكأنه سيستغل غياب المدير ليفعل شيئًا مريبًا.]
.
.
.
ولأن جنيات التعليقات واصلن إطلاق الشكوك، بدأتُ أنا أيضًا أراقب المعلّم لأرى إن كان سيفعل شيئًا مشبوهًا.
من المؤكد أنه لا يعمل هنا لأنه يحب الأطفال.
فكلما خرج المدير، كان يترك “جيف” يراقب الأطفال ويتسلل هو إلى المخزن ليدخّن!
.
.
.
└ [معلّم روضة يدخّن؟ لا يُصدق.]
└ [السجائر تسبب الحرائق، أتعلم؟]
└ [هل أنت مشعل الحرائق الذي سيحرق دار الأيتام؟]
.
.
.
ولحسن الحظ، كان على الأقل يطفئ سيجارته جيدًا قبل أن يغادر، محاولًا محو أي أثر لإهماله.
لكن تلك السجائر كانت باهظة الثمن — أغلى من أن يتمكّن من شرائها براتبه. من أين حصل عليها؟
كان مشبوهًا بلا شك، لكن لم يكن أمامي خيار سوى الاستمرار في مراقبته.
على أي حال، وبما أن بقية الموظفين علموا أنني سأرافق المدير إلى العاصمة، فمن غير المرجح أن يتغيّر الموعد فجأة.
كل ما تبقّى الآن هو أن أنتظر اليوم الموعود بقلب يخفق بشدة…
لا! انتظري!
ما زال هناك أمر مهم جدًا لم أنجزه بعد.
من الرائع أنني حصلت على فرصة للذهاب إلى العاصمة، لكن هناك مشكلة كبيرة.
إن كان الحدث بهذا الحجم، فلا بد أن الكونت توروتو سيكون هناك.
لا يمكن لنبيل من مقامه أن يفوّت تجمعًا كهذا يجمع كافة النبلاء.
وسأبرز حتمًا وسطهم كطفلة، ومع شعري الأشقر فوق ذلك، سأجذب الأنظار أكثر.
وبوجود المدير إلى جانبي، لن يستغرق الأمر طويلًا قبل أن يكتشف أحدهم أنني يتيمة من دار الأيتام.
بمعنى آخر، كان عليّ أن أخفي شعري.
في دار الأيتام، الجميع يعرف أنني شقراء، لذا لم تكن هناك حاجة لإخفائه يومًا.
لكن إن كان الأمر ليوم واحد فقط، وسط أناس لا يعرفونني… فذلك شيء مختلف تمامًا.
.
.
.
└ [إذًا تلك البطلة الصلعاء التي تحدث عنها أحدهم سابقًا كانت تمهيدًا لما سيحدث الآن؟]
└ [هل ستقوم حقًا بحلق شعرها؟]
.
.
.
لن أحلقه!
صحيح أن هذا سيكون أسهل طريقة لإخفاء لون شعري، لكن لو ذهبتُ حليقة الرأس فلن يأخذني المدير معه أبدًا.
ولتنفيذ خطتي، بدأتُ أتوجه نحو التل الصغير خلف دار الأيتام في كل فترة استراحة، وذلك لأيام عدّة قبل موعد مغادرتنا.
هناك، كنتُ أجمع القليل من الأعشاب والزهور والأغصان شيئًا فشيئًا، ثم أجري تجاربي السرّية في المطبخ كل ليلة…
“وجدتُها!”
.
.
.
└ [ماذا وجدتِ؟ أعشابًا سامة لتسميم تروت؟]
.
.
.
لا! قلتُ إنني أريدها لإخفاء لون شعري!
ما وجدته كان صبغةً طبيعية تثبت جيدًا، ولا تزول بسهولة.
خطر لي الأمر لأن الأطفال كانوا يعودون من اللعب في الغابة وملابسهم وأيديهم ملوّثة بألوان النباتات والزهور.
‘أظن أنني سمعتُ من قبل أن طريقة صبغ الأقمشة مشابهة لذلك.’
بل ويقال إن بتلات الزهور يمكن أن تُستعمل لصنع ألوان زاهية في الأصباغ أو مواد التجميل.
لذا جمعتُ بعض الأقمشة القديمة المهملة وبدأتُ ليلاً بتجارب الصبغ مستخدمةً المواد التي جمعتها.
جرّبت سحقها وغليها، بل أضفتُ الملح أيضًا بعدما تذكرت أن العطّارين يستخدمونه لاستخلاص مكونات الأعشاب بشكل أفضل.
.
.
.
└ [يبدو أنها تلوّن شعرها بأزهار الخِضاب¹.]
.
.
.
[الشرح¹: أزهار الخِضاب هي زهور نبتة الحنّاء نفسها، وتكون صغيرة وعطريّة، ويُستخرج منها ومن أوراقها مواد تُستخدم في صبغ الشعر والجلد.]
يبدو أن في عالم الجنيات أيضًا زهورًا تُستخدم للغرض ذاته.
‘لو كنت أعلم أن جنيات التعليقات يعرفن طرق الصبغ، لسألتُهن منذ البداية.’
عادةً ما يثرثرن بكلام لا معنى له، ولم أكن أعلم أنهن يخفين مثل هذه المعلومات المفيدة!
.
.
.
└ [في الروايات عادة ما يغيّرون لون الشعر بالسحر، هاهاها.]
.
.
.
يوجد في هذا العالم ما يشبه السحر أيضًا، يُسمّى القوة المقدسة، لكنها تُستخدم فقط في الطقوس الدينية أو العلاج، لا لتبديل المظاهر السريعة كما في الحكايات.
على أي حال، كانت الأقمشة المصبوغة تفقد لونها سريعًا عند غسلها أو تعريضها للشمس، لكن بعد محاولات عديدة فاشلة، تمكّنتُ أخيرًا من اكتشاف طريقة لصبغ الزهور تدوم ليومٍ كامل على الأقل.
.
.
.
└ [تطوير صبغة شعر في عمر الخامسة؟ فلنبدأ مشروعًا تجاريًا!]
.
.
.
ربما هناك سبب يجعل أحدًا لا يعمل في تجارة صبغ الشعر هنا، رغم وجود تجارة صبغ الأقمشة.
وربما السبب ببساطة أن لا أحد يهتم بتغيير لون شعره من أجل الزينة.
‘ومع ذلك… أشعر بالقلق من وضع هذا على رأسي…’
في الواقع، لستُ متأكدة حتى من نوع الأزهار البرية التي جمعتها.
ماذا لو تسببت لي بحكة شديدة في فروة رأسي، أو — أسوأ من ذلك — أحرقت جلدي؟
ولو ظهر الطفح على وجهي، فبالتأكيد سيقرر المدير تركي وعدم أخذي معه.
.
.
.
└ [وهكذا أصبحت روز صل
عاء في النهاية…]
└ [#البطلة_الصلعاء]
└ [أرجوكم، من أجل الشعر، لا تدعوه يتساقط!]
.
.
.
وبينما غمرتني تلك المخاوف، بدأت جنيات التعليقات ينشدن تعاويذ غريبة يتمنين فيها أن ينمو شعري ويبقى سالمًا.
═══∘ ° ❈ ° ∘═══
ترجمة : أوهانا
الانستا : han__a505
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 9"