كانت جنيّات التعليقات يمِلن عادةً إلى المبالغة في تفسير أيّ موقف باعتباره علاقة رومانسية.
أما الأطفال، فعادةً ما يحبّون قضاء اليوم كلّه مع أصدقائهم المقربين لا أكثر.
“سيكون ذلك جميلًا، لكن لا نعرف ما الذي قد يحدث. فلنفكّر بالأمر حين يحين الوقت!”
“حسنًا.”
كانت إجابتي مبهمة، لكن بدا الارتياح واضحًا على ليون، إذ ارتخت ملامحه أخيرًا.
لم أنتبه من قبل، لأنه كان يجلس دائمًا في الزوايا المعتمة بوجهٍ كئيب، لكنه بالفعل يشبه دوق كلارك.
.
.
.
└ [إذا كان والده وسيماً، فمن الطبيعي أن يكون ليون كذلك.]
└ [لم أرتح لـ”الأمير العابث”، لكن يبدو أن ليون هو البطل الحقيقي.]
└ [إشارة مرجعية: اللحظة التي بدأ فيها ليون بالانجذاب إلى روز.]
.
.
.
لم أكن أعلم مَن المفترض أن يكون البطل الحقيقي، لكن بعد أن اكتشفت أن ليون ابن الدوق، بدأت أرى الكثير من الاحتمالات أمامي.
‘إن أعَدْتُ ابن الدوق المفقود إليه، فربما سيكافئني بطريقةٍ ما.’
.
.
.
└ [أوه، ربما تطلبين منه أن يكون وصيًّا عليك؟] . . .
لقد خطَر هذا ببالي أيضًا. وربما الارتباط بالدوق سيجعلني أقرب إلى الكونت توروتو.
‘ولِمَ كنت لأتعرّف على شعار عائلة كلارك إن لم يكن لذلك سبب؟’
في المستقبل كنت سأتبادل الرسائل مع الكونت توروتو، فلا بد أنّ لهذا علاقة.
لكن بدلًا من السعي وراء علاقة طويلة المدى، من الأكثر حكمة أن أطلب مكافأة مؤقتة فحسب؛ مثل توفير مأوى لي حتى يتغير لون شعري من جديد…
.
.
.
└ [لا، لا! يجب أن تدخلي قصر الدوق كـ”كنّة”!]
└ [الدوق يستطيع سحق الكونت توروتو بحذائه!]
└ [أبي يحب الأغاني الشعبية، لكن أمام دوق؟ لا مجال للمقارنة!]
└ [أرجوكِ اسلكي طريق “الكنّة المدلّلة”!]
.
.
.
كانت جنيّات التعليقات حازمات في آرائهن، لكن لو أبديتُ رغبة مفرطة، فسأثير الشبهات بلا داعٍ.
وبينما كنتُ أُجري الحسابات في رأسي، قادني ليون نحو غرفة الطعام حيث يجتمع بقية الأطفال.
“هل يمكنني أن آكل معكِ؟”
“همم، طبعًا… لا تحتاج إلى أن تسألني لتجلس بجانبي.”
ولأول مرة، ارتسمت ابتسامة خفيفة على وجه ليون الذي لم يفارقه الجمود من قبل.
.
.
.
└ [مجرد جملة واحدة وكسبتِ قلب البطل؟ أنا انسحب.]
.
.
.
لكنهنّ من قلن إن البطل سيفتح قلبه بعد بضع كلمات من البطلة…
‘لكن في الحقيقة، أنا الشخص الوحيد الذي يستطيع ليون الوثوق به.’
على الأرجح لا أحد من البالغين هنا يعرف حتى كيف يبدو الدوق كلارك.
وفوق ذلك، ما تزال جنيّات التعليقات يثرثرن عن بيع الأطفال، مما زاد قلقي.
وبما أنه لا يوجد بالغون يمكن الاعتماد عليهم، فأنا الوحيدة القادرة على العثور على الدوق وتسليم ابنه إليه بأمان.
‘لكن المشكلة… كيف أصل إليه أصلًا؟’
بينما كنت غارقة في التفكير، أخذت صينيتي وجلست على الطاولة.
“اجلسي بجانبي.”
“هاه؟”
دفعني ليون برفق نحو طرف الطاولة وجلس إلى جواري.
وحين رفعت رأسي، رأيت آيدن يحمل صينيته. كان واضحًا أنه نوى الجلوس إلى جانبي، لكن بما أنّ طفلًا آخر كان يشغل المقعد المقابل لي، ظلّ واقفًا مترددًا، ثم اضطر في النهاية إلى الالتفاف والجلوس بجانب ليون بدلًا مني.
.
.
.
└ [آه… هذا من نوع الأبطال المهووسين.]
└ [آيدن ㅠㅠ]
└ [أيتها الكاتبة، لقد أفسدتِ الأمر.]
.
.
.
بدأت جنيّات التعليقات اللواتي أحببن آيدن في البكاء، وقلن إن آيدن بدأ يسلك طريق “البطل الثاني” في القصة.
・ 。゚ ✧ : * . ☽ . * : ✧ ゚。 ・
‘من الجيد أنني لم أعد ڤيليتا توروتو، لكن العيش بلا مكانة نبيلة حقًّا مليء بالمصاعب.’
إن ذهبتُ لرؤية دوق كلارك بهذه الهيئة؟
لن أتمكّن حتى من الاقتراب من بوابته؛ سيطردني الحراس حالًا وهم يظنونني طفلة فقيرة جاءت تتسوّل المال.
حتى إن فكّرتُ في إرسال رسالة، فستُستبعد قبل أن تصل إليه، فالرّسائل الواردة من العامة لا تتجاوز يد كبير الخدم.
هناك من أذى والدة ليون، وربما يحاول إيذاء ليون نفسه أيضًا.
ما دمتُ لا أعرف من يكون العدو، فعليّ أن ألتقي الدوق شخصيًا… أو أوصل الرسالة إلى أحد رجاله الموثوقين.
‘لكن… كيف سأحصل على فرصةٍ للقائه؟!’
حاولت التفكير في وسيلةٍ للتواصل معه، لكن لم يخطر ببالي أي حلٍّ فعّال.
فإقليم دوق كلارك يقع في الغرب، بينما نحن هنا في أقصى شرق منطقة جيلتن. وفوق ذلك، لا أملك حتى فلسًا واحدًا لأجرة عربة.
‘لكن ربما… ربما يمكنني خلق وسيلة للاتصال بنفسي، اعتمادًا على ما لدي الآن.’
لم تكن الفكرة مستحيلة تمامًا، فلديّ صلة بسيطة بالنبلاء، ولو من بعيد—
من خلال السيدات الداعمات اللواتي يزرن الميتم بين حينٍ وآخر.
لذا عقدتُ العزم على استغلال زيارتهنّ القادمة لألتقط منهنّ خيطًا أستطيع من خلاله التواصل، وحرصت اليوم على استقبالهنّ بحفاوةٍ أكبر من المعتاد:
“كم يسعدنا أن تزورونا بهذا العدد! لقد أصبح جوّ الميتم أكثر إشراقًا بوجودكنّ!”
“أوه، ما زلتِ تتحدثين بلطف شديد كما عهدناكِ.”
“لاحقًا… سأُلقي عليكنّ إحدى قصائدي المفضلة!”
كان هذا اليوم مخصصًا لقدوم أربع سيداتٍ نبيلاتٍ إلى دار الأيتام في زيارة “تطوعية”.
وطبعًا، إن قلنا “تطوعية”، فهذا يعني أنّ معظم العمل الفعلي تقوم به الخادمات اللواتي يرافقنهنّ، بينما تكتفي السيدات بزراعة بضع زهورٍ في الحديقة ثم ينهين نشاطهن.
ولستُ أشتكي من ذلك؛ فوظيفتهن ليست بذل الجهد، بل إظهار أنّهن يبذلن الجهد.
والحقيقة أنّ مجرّد قدومهنّ بأنفسهن يستحق الشكر.
.
.
.
└ [يا له من نظام طبقي قاسٍ.]
.
.
.
تساءلت في داخلي إن كانت جنيّات التعليقات تعرف بلادًا لا طبقات فيها.
من حديثهنّ، يبدو أنّ حياتهنّ اليومية مرهقة مثل حياتي تمامًا، رغم أنني مجرد فتاة من عامة الناس…
على أي حال، لم أكن أنتظر من السيدات أن يقمن بعملٍ شاق.
‘ما أحتاجه هو المعلومات — ولهذا عليّ أن أجعلهنّ يتحدثن بينما يسترخين.’
وبعد انتهائهنّ من “زراعة الأزهار”، وزّعن بعض الوجبات الخفيفة على الأطفال، ثم نصبن طاولةً خاصة بهنّ لتناول الشاي، فتسلّلتُ بينهنّ بهدوء.
“واو… رائحته رائعة جدًا.”
“هل ترغبين بتذوقه؟”
قُدّم لي فنجان شايٍ جديد، لكنني هززت رأسي سريعًا.
“لا، شكرًا. جرّبته من قبل وكان مُرًّا جدًا… أنتنّ مدهشات حقًا، تشربن شايًا مرًّا بهذا الشكل وكأنه شيء عادي!”
ضحكت السيدات بخفة خلف مراوحهنّ وأمسكن بفناجينهنّ بأناقة.
“صحيح يا عزيزتي؛ فهناك طعم لا يفهمه إلا الكبار.”
.
.
.
└ [هل الشاي مرّ بالنسبة لكِ؟ أما أنا فأجده حلوًا…]
└ [كبرياء عشّاق الشاي الأسود! هاهاها]
└ [يجب أن نُعرّف نبلاء تلك البلاد على مشروب “ديزاX”!]
└ [[لكنه شرابي المفضل، ما مشكلتكم؟]]
.
.
.
يبدو أن جنيّات التعليقات يملكن معرفةً لا بأس بها بعالم الشاي أيضًا.
‘أنا أيضًا أعرف الكثير عن الشاي الأسود.’
فأوراق الشاي هذه، التي تُزرع في الجنوب، تمتاز بعطرٍ هادئٍ ومنعش، لكنها ذات طعمٍ مرّ واضح، مما يجعلها مثالية لتقديمها مع الحلويات السكرية.
لكن لم يكن بإمكاني التفاخر بمعرفتي تلك أمام السيدات، فاكتفيت بالضحك بخجلٍ ومجاراة ضحكاتهن.
ولمّا لاحظت الخادمة التي كانت تقف إلى جانبي أنني لا أنوي المغادرة سريعًا، سكبت لي كوبًا من الحليب بدل الشاي.
قالت إحدى السيدات وهي تشير إلى طبق الحلوى:
“انظري، هناك قطعة بسكويت تشبه اسمك تمامًا.”
“وااه!”
بدأت أتناول قطعة البسكويت على شكل وردة ببطء، كالسنجاب الصغير وهو يقضم حبة جوز.
فكلما أكلت ببطء أكثر، استطعت البقاء إلى جوارهن مدة أطول، وأتيح لي جمع المزيد من المعلومات.
.
.
.
└ [#بطلة_ماكرة]
.
.
.
وصفوني بالماكرة لمجرّد أنني أكلت قطعة بسكويت؟ يا لهنّ من ظالمات.
على أي حال، تابعت السيدات النبيلات أحاديثهنّ الخافتة وهنّ يرتشفن الشاي، دون أن يدركن أن الطفلة الجالسة بجوارهن كانت تجمع الشائعات المنتشرة في العاصمة خفية.
قالت إحداهن وهي ترتشف الشاي:
“هل تظنين أن أزياء العاصمة تختلف كثيرًا عن أزيائنا؟ ما زلت مترددة في إن كنت سأخيط فستاني هناك.”
ردّت الأخرى:
“لكن من غير اللائق أن يكون الفستان فخمًا جدًا، أليس كذلك؟ فبطلة الحفل ليست نحن في النهاية.”
“بطلة الحفل؟”
ما إن سمعت الكلمة حتى انتصبت أذناي انتباهًا؛ إذ اعتدت أن تناديني جنيّات التعليقات بـ”البطلة”، لكن بالطبع الحديث لم يكن عني.
“إنها حفلة منح ألقاب، لذلك لن تكون احتفالًا عاديًا.”
“صحيح، لكن مع حضور تلك الطبقة النبيلة، يجدر بالمرء أن يلفت الأنظار ولو قليلًا…”
اغتنمت اللحظة المناسبة، وأملتُ رأسي بتظاهرٍ بريء:
“احتفال؟ مَن الذي سيُحتفل به؟”
قالت إحداهن بلطف:
“ألا تعلمين عن الحرب الطويلة التي انتهت مؤخرًا؟ جلالة الإمبراطور سيمنح ألقابًا تكريمًا لأولئك الذين قدّموا خدمات عظيمة.”
آه… إذًا هذا هو الحدث التاريخي المقصود!
فالحرب الطويلة كانت قد أفرزت كثيرًا من الأبطال الذين تميّزوا في الخدمة،
والإمبراطور سيمنح الأراضي والألقاب لهؤلاء — وذلك الحفل تحديدًا هو ما تتحدث عنه السيدات.
“وهل ستذهبن جميعًا إلى العاصمة؟”
“بالطبع. فبما أنّ هناك دوقًا جديدًا سيُعيَّن، سيجتمع معظم نبلاء المقاطعات المجاورة للاحتفال. سيكون مهرجانًا ضخمًا.”
هذا هو المفتاح!
فمنح لقب الدوق الجديد سيجمع كبار النبلاء من كل منطقة—
ولا شك أن دوق كلارك سيُجبر على الحضور أيضًا.
‘دوق كلارك سيأتي إلى العاصمة بالتأكيد!’
حتى لو لم يستطع الحضور شخصيًا، فلا بد أن يُرسل ممثلًا عنه.
والسفر إلى العاصمة أيسر بكثير من الذهاب إلى دوقية الغرب.
كنت عاجزة عن إيجاد طريقة للقاء دوق كلارك… لكنني الآن حصلت على الخيط الأول.
.
.
.
└ [لكن… أنا أكثر فضولًا بشأن الدوق الجديد؟]
.
.
.
في ذلك الوقت، كان اللقب الجديد سيُمنح لـ«دوق فالنت»،
قائدٍ سابق لفرسان الإمبراطورية، يُعرف بأنه الذراع اليمنى للإمبراطور.
ولم يحقق أحد إنجازات عسكرية تفوق إنجازاته، لذا لم يكن مفاجئًا حصوله على هذا اللقب.
بل إنه رافق الإمبراطور شخصيًا في الحملات العسكرية.
ومع ذلك، ورغم أنني أجمع كل شائعة تقع في أذني، لم أكن أعرف عنه إلا ما يُقال علنًا.
‘فنادِرًا ما كان يظهر أمام العامة.’
وحتى حين يفعل، لا يكون إلا واقفًا إلى
جانب الإمبراطور—
إلى حد أن من لا يعرفه قد يظنه حارسًا ملكيًا.
كان بالنسبة لي رجلًا غامضًا، شبيهًا بالقديسة التي لم يعرفها أحد عن قرب.
.
.
.
└ [أيَعني أننا سنتعرّف عليه في هذه الحياة؟]
└ [أراهن أن هذا الدوق الجديد سيكون والدها.]
═══∘ ° ❈ ° ∘═══
ترجمة : أوهانا
الانستا : han__a505
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 8"