4
على أيّ حال، حتى جيرالد كان بدينًا في صغره، لكنه في مرحلةٍ ما تحوّل ذلك الوزن إلى طول.
“نشأ بصحةٍ وقوة، فقط ليستخدم ذلك الجسد الضخم في مضايقتي. لقد سأمتُ منه حقًا.”
وبينما كنتُ أغوص في هذه الذكرى المزعجة على نحوٍ مفاجئ، وجدتُ نفسي جالسةً إلى جانب آيدن أراقبه وهو يتناول الخبز.
.
.
.
└ [آيدن لطيف جدًا، يَمْضَغ بظرافة]
└ [أرجوكم، نريد رسمة توضيحيةㅠ]
.
.
.
كان هذا الطفل اللطيف قادرًا على تلطيف الجو من حوله، بما في ذلك جنيّات التعليقات.
لكن لم يدم الأمر طويلًا، إذ سرعان ما ظهر مصدرُ إزعاجٍ جديد.
“ما هذا؟ آيدن، ألم تكن قد أعطيتني خبزك؟ هل سرقتَ قطعةً أخرى خفيةً من المعلم؟”
ارتجف آيدن وهو يلتهم فتاته، وأطلق شهقةً مفاجئة: “هـِك!” سماع ذلك الصوت المليء باللؤم.
‘إذن، تمت سرقة حِصّته، لكنه مع ذلك احتفظ بخبزي آمنًا؟’
لا عجب أنه كان يأكل بتلك الشهية وكأنه لم يأكل اليوم.
.
.
.
└ [المسكين الصغيرㅠㅠㅠ]
└ [لماذا تسرق طعام طفل ♬♪♪]
.
.
.
ومع هذه القصة المؤسفة، بدأت جنيّاتُ التعليقات من جديد ترفع أصواتها بـ“يويويو” وكأنهنّ ينشدن أغنيةً حزينة.
“جيف، ألم تسمع ما قاله المعلم؟ إذا واصلتَ مضايقة آيدن فستُعاقَب بزيادة وقت التنظيف.”
“المعلم لا يعطيني مهامَّ تنظيف، فأنا أساعده بمراقبة الأطفال نيابةً عنه!”
كان جيف يتلقّى بالفعل معاملةً خاصة من ذلك المعلم ذي الملامح المتعبة.
فعندما كان جيف ورفاقه يقودون الأطفال كما لو كانوا قطيعًا من الغنم، لم يجرؤ أحد على الاعتراض، وأصبحوا مطيعين على الفور.
بالنسبة للمعلم، كان من الأسهل أن يروّض بضعة مشاغبين مثل جيف على أن يضبط مجموعةً كاملة من الصغار المزعجين دفعةً واحدة، ولهذا كان من الطبيعي أن يفضّله المعلم.
.
.
.
└ [جيف؟ حتى اسمه يبدو كاسم شخصيةٍ ثانوية.]
└ [اسحقوه.]
.
.
.
يا للعجب… أين ذهبت الجنيّات اللواتي كُنّ يذبن إعجابًا بالصغار اللطيفين منذ لحظات؟
يبدو أن لقب “البطل الرئيسي” لا يُمنح إلا لمن ينجح في اجتياز نوعٍ من الاختبار الأخلاقي، فحتى جيف لم يُنعَت به رغم أنه صبي.
“ثم إني لم أضايقه، بل هو من أعطاني الخبز.”
“بل أخذته من دون رضاه، أليس كذلك؟”
“كيف تفترضين هذا وأنتِ لم تري شيئًا؟ لا تقولي لي يا روز… هل أنتِ معجبة بآيدن؟”
ماذا يقول بحقّ السماء—تبا! ما هذا التصرّف الطفولي؟ أهذا ما يُسمّى شجار الأطفال؟
لا يشبه إطلاقًا شجارات النبلاء حيث قد يتوعّد أحدهم قائلاً: “ستندم على إهانة عائلتي”، ثم يبدأ بقطع عقود أعمال خصمه واحدًا تلو الآخر، إلى أن يُجبره في النهاية على الركوع ذليلًا أمام الملأ.
“هاها، هي تحبه~ هي تحبّه~ بلي بلي بلي~”
يا لها من سخريةٍ سوقية—شيءٌ لم أعرفه حتى قبل رجوعي في الزمن—جعلني أدور للحظة عاجزةً عن الرد أمام هذا النوع الجديد من الاعتداء النفسي.
“ت-توقفوا…”
حاول آيدن أن يدافع عني بصوتٍ مرتجف، لكن ارتجافه دلّ على أن هذه أقصى درجات الدفاع التي يمكنه الوصول إليها.
‘هف! استجمعي قوتكِ. لقد اجتزتِ دهاليز المجتمع الأرستقراطي القاسي، فلا ينبغي أن تنهزمي أمام أمرٍ كهذا.’
عندها أخرجتُ ورقتي الرابحة الوحيدة التي لا يملكها سواي.
“أيّها المديـــــر!!”
.
.
.
└ [القاعدة الكلاسيكية في مشاجرات الأطفال: أول ما تفعله أن تنادي على المعلم]
└ [هيه! إنهم يتشاجرون في الصف المجاور هكذا!]
.
.
.
لم أكن أنادي المعلم، بل أطلقتُ نداءً عاليًا للمدير نفسه. ففوجئ جيف بشدة وحاول إسكاتي وهو يمدّ يده إلى فمي.
“أيّها المدير! جيف ارتكب شيئًا فظيعًا عندما زارتنا البارونة—مممف!”
“ماذا؟! ماذا لو رأت السيدة البارونة هذا؟! ستشوّه سمعة الميتم!”
ولم يتوقف جيف عن مضايقته إلا حين سُمع صوت باب مكتب المدير يُفتح في الممر.
“تبا… حسنًا، سأدعكِ تفلتين هذه المرة فقط!”
“أفلت؟! هه، خذ هذه بدلاً من ذلك—بِلِه بِلِه!”
.
.
.
└ [يا له من تصرف طفولي هههㅋㅋㅋㅋ]
.
.
.
لم أستطع كبح رغبتي في توجيه ضربةٍ أخيرة إلى جيف وهو يفرّ، فانتهى بي الأمر إلى ردٍّ طفوليٍّ انتقامي.
صحيحٌ أنني أشعر وكأنّي ربحتُ الجدال، لكن لماذا يغمرني هذا الإحساس بالهزيمة بعد أن خضتُ قتالًا جادًّا مع طفلٍ لم يتجاوز السادسة…؟
“…همم.”
تمتم المدير بتذمّرٍ وهو يغلق الباب مجددًا، فعاد الهدوء إلى الممر.
وقد تسلّل إليّ شعورٌ بالحرج، فسعلتُ متصنّعةً وعدتُ أدراجي، لأجد آيدن يحدّق بي بعينين متلألئتين.
“روز، أنتِ رائعة…”
بِلِه بِلِه… رائعة؟
أدخلتُ قطعةَ الخبز التي كان يمسكها في فمه المفتوح.
“هيا، أنهِ خبزك.”
.
.
.
└ [روز: لن أسمح بسرقة ساعي الخبز]
.
.
.
توقفوا عن إلصاق جملٍ باسمي لم أنطق بها قط.
كنتُ منشغلةً بالاستعداد للمستقبل، ولم أدرك إلا الآن أنّ الحياة في دار الأيتام ليست بالهيّنة أبدًا.
・ 。゚ ✧ : * . ☽ . * : ✧ ゚。 ・
حين حصل آيدن على “شهادة اجتياز” لدور البطل الرئيسي من بعض جنيّات التعليقات، انغمسنَ في نقاشاتٍ حاميةٍ حوله.
وفي خضمّ ذلك، طُرحت أسماء لا علاقة لها إطلاقًا بالموقف الحالي.
.
.
.
└ [إن أردنا أن نكون أكثر دقّة، فالأمير الثاني كان أول حبٍّ حقيقيٍّ لروز]
└ [لقد فكّر حتى بالزواج منكِ~ أوييي~]
.
.
.
‘ما هذا…؟ إنها تغنّي لحنًا يكاد يشبه الأغاني الحقيقية؟’
صحيحٌ أنّ اللحن لم يكن متذبذبًا مثلما يحدث حين تسيطر العاطفة، لكن لا شك أنّ نية الغناء كانت حاضرة.
نظرًا لكونهنّ من جنيّات التعليقات اللواتي اعتدن التدقيق والتفحّص، حتى في أوساط النبلاء، بدا أنهنّ ينجذبن إلى أصحاب السلطة العليا في هذه الإمبراطورية أيضًا.
.
.
.
└ [على أية حال، أليس الأمير الثاني هو البطل الحقيقي؟ عاش البطل ذو النفوذ!]
└ [هه؟ كيف لخائن أن يكون البطل؟ لا بد أنه ولي العهد. عاش البطل ذو النفوذ!]
└ [أعدتُ مشاهدة مشهد العودة في الزمن—ولم يُذكر بوضوح أنّه خانها ههاها]
└ [أرونا رسماً توضيحيًّا للأمير الثاني ووليّ العهد وسنختار بأنفسنا]
.
.
.
انقسمت أصواتُهنّ بين إدراج الأمير الثاني في قائمة المرشّحين لدور البطل أو استبعاده.
‘لا أظنّ أنني سأراه مجددًا.’
فأنا بالكاد أحاول تأمين وصيٍّ من بين نبلاء الأقاليم، أو في أفضل الأحوال من عامّةِ الميسورين… فكيف لي أن أحلم بلقاء أمير؟
وفي جسد الخامسة من عمري، وجدتني أغرق في كرهٍ متّقدٍ لا يليق بطفلة.
‘يبدو أنني لم أكن أحبّه حقًّا، وإلا لما تخلّيتُ عنه بهذه السهولة.’
لم يكن رجلًا أحببتُه من أعماق قلبي، بل مجرّد شريكٍ أنسب بين الخيارات.
وعلى أية حال، بدا أن جنيّات التعليقات قد أدركنَ بدورهنّ بُعدي التامّ عن العائلة الإمبراطورية، فحوّلن الحديث مجددًا إلى شخصيةٍ أقرب.
.
.
.
└ [أنا أستثمر رسميًّا في أسهم آيدن.]
└ [ماذا لو كان آيدن في الأصل ينتمي سرًّا إلى سلالة دوقيّة؟]
└ [ههه، من المعتاد في كلّ دار أيتام أن يكون هناك دائمًا طفلٌ مفقود من سلالةٍ نبيلة هاهاها]
.
.
.
‘حقًّا؟! هل يُعقل أن يكون في كلّ دار أيتام وريثٌ نبيل مفقود؟’
صحيحٌ أنّه سبق واعتقدن أنّني من نسل أحد النبلاء، لكن الأمر لم يكن كذلك في النهاية.
ومع ذلك، أصرت جنيّات التعليقات على أنّ هذا “كليشيه” لا بدّ من اتباعه، وبدون أدنى شك.
.
.
.
└[حسنًا، يبدو أنه بالفعل مرشّحٌ ليكون البطل. حتى لو لم تصفه البطلة بعد، فلا بدّ أن آيدن وسيم.]
.
.
.
لم يكن في مقدور جنيّات التعليقات استيعاب المعلومات عبر منظوري الخاص.
لكن بما أنهن لا يتوقّفن عن الحديث عن المظاهر، فيبدو أن لهن حسًّا جماليًّا مميّزًا.
‘ماذا لو رسمتُه وأريتُه لهن؟ هل سيتمكنَّ من رؤيته؟’
إحدى الجنيّات كانت تلحّ باستمرار على طلب الرسوم التوضيحية، فلا بدّ أنهن يحببن عادةً الاستمتاع بالصور.
لذا، وعلى سبيل التجربة، أخذتُ ورقةً ورسمتُ عليها آيدن، الذي كان يجلس أمامي يقرأ كتابًا مصوَّرًا.
‘وجهٌ مستدير، وتفاصيل مستديرة أيضًا…’
.
.
.
└[ما هذا؟ لا أرى شيئًا.]
└[لا نريد خربشاتٍ شمعيّة! نريد رسمة رقمية عالية الجودة!]
.
.
.
همم… يبدو أن ما رسمتُه لم يصل إلى جنيّات التعليقات.
كنتُ على وشك أن أدفع بالورقة الفاشلة جانبًا، حين شعرتُ بنظراتٍ براقةٍ مثبّتةٍ عليّ.
“روز، هذا… هل رسمتِني أنا؟”
“هاه؟ أجل. هل تريدها؟”
“حقًّا؟ أنا أحبها!”
ابتسم آيدن ابتسامةً خجولةً وقد غمره الفرح.
لم يكن صحيحًا أنني لم أرضِ جنيّات التعليقات، لكن على الأقل آيدن كان راضيًا، وهذا يكفي.
.
.
.
└[ألم يكن هذا اعترافًا ضمنيًّا لتوّه بأنه يحبّها! البطل مؤكد!]
.
.
.
لكن اعترافه لم يكن موجَّهًا إليّ، بل إلى الرسمة! ثم مَن يفسّر كلمة “أحبّه” على لسان طفلٍ في الخامسة بهذا العمق من الأساس؟
.
.
.
└[يبنون قصة “أصدقاء لأحبّاء” خطوة بخطوة، ألا ترون اتجاه الأحداث؟]
└[ليس عبثًا أن آيدن يظهر باستمرار.]
.
.
.
صحيحٌ أن آيدن صار يتبعني أكثر بعد حادثة “بِله بِله”، أو بالأحرى “معركة طرد جيف”، لكن…
‘أنا ألعب مع أطفالٍ آخرين أيضًا.’
بل حتى الآن، حين أدرتُ رأسي جانبًا—
“أنهيتِ كتاب الصور؟ تعالي نلعب معنا بالدمى!”
—كان هناك طفلٌ آخر قد حجزني للعب بالفعل.
فبما أنني كنتُ أستطيع مواجهة جيف دون خوف، وفضلًا عن قدرتي على استدعاء المديرة، فليس غريبًا أن يلتفّ الأطفال حولي.
‘لأكون دقيقة، لم يكن الأمر أنني ألعب مع آيدن وحده، بل إنّ جنيّات التعليقات لا يظهرن إلا حين أكون معه.’
فجنيّات التعليقات لا يلازمنني طول الوقت، بل يظهرن فقط عندما يجدن شيئًا مثيرًا للاهتمام.
ومؤخرًا كان شاغلهن الأكبر:
هل يوجد بطلٌ للقصة في هذا الميتم أم لا؟ وكيف يبدو شكله؟
.
.
.
└[رجاءً، على الأقل صِفي لنا لون شعر آيدن وعينيه، نتوسّل إليكِ!]
.
.
.
هل ذلك مهمٌّ حقًّا؟
لم أذكر ألوان شعر الأطفال فقط لأنها لم تكن تستحق الذكر، إذ لم يكن هناك ما يميّزها.
فغالبيّتهم شعرهم بدرجات البنيّ، وآيدن ليس استثناءً.
.
.
.
└[أوه… شعرٌ بنيّ…]
└[لا! لقد استثمرتُ في أسهم آيدن، واتضح الآن أنه مجرد “البطل الثاني” ㅠㅠ]
.
.
.
فجأة، غيّرت جنيّات التعليقات موقفهن، بعد أن كنّ يدفعن بآيدن نحو دور البطل الرئيسي، لمجرّد أنني وصف
تُ شعره بأنه بنيّ.
‘لكن لماذا يخيب أملُهن؟ أليست درجات البنيّ متنوّعة، ويمكن أن يكون جذّابًا وجميلًا جدًّا؟’
لا سيّما حين تتناغم مع عينَيه الخضراوين، فتمنح إحساسًا يشبه التحديق في شجرةٍ وارفةٍ خضراء.
.
.
.
└[شعرٌ بنيّ وأعينٌ خضراء؟ بيب. مئة بالمئة البطل الثاني.]
═══∘ ° ❈ ° ∘═══
ترجمة : أوهانا
الانستا : han__a505
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان! شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة. سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 4"